بعد ظهور الرئيس.. الجزائريون في رحلة بحث عن ألف مليار دولار صرفها بوتفليقة

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


بعد ظهور الرئيس.. الجزائريون في رحلة بحث عن ألف مليار دولار صرفها بوتفليقة

نتشر منذ قرابة السنتين سؤالٌ في الجزائر عن ألف مليار دولار هي حجم مصروفات الحكومات الجزائرية في عُهدات الرئيس الجزائري «عبد العزيز بوتفليقة»، وتداول الحديث عن ألف مليار دولار في الجزائر على نطاقٍ واسعٍ، وبات حديث العامة في الجزائر، ليجد آذانًا صاغية من الوزير الأول أحمد أويحيى الذي طاله السؤال في البرلمان الجزائري في إحدى جلساته، ليجيب بكلّ برودة أعصاب «اسألوا الشعب أين هي الألف مليار؟»، في هذا التقرير نحاول الإجابة عن تساؤل الجزائريين.

ألف مليار مداخيل الجزائر خلال حكم بوتفليقة

بلغت مداخيل الجزائر منذ عام 1999 تاريخ بداية أوّل عهدة لبوتفليقة في حكم الجزائر مبلغ ألف مليار دولار، تبلغ حصة مداخيل الغاز منها 40%، فيما يستحوذ النفط على 35% من المداخيل، ويمثل قطاع المحروقات ما نسبته 98% من إجمالي صادرات البلاد، بينما تشكّل الصناعة النفطية ما نسبته 50% من الناتج الإجمالي للجزائر، في وقتٍ بلغت فيه مداخيل الجزائر من صادرات المحروقات منذ إقرار قانون تأميم المحروقات في عهد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في فبراير (شباط) ما يعادل مبلغ 1145.7 مليار دولار، ألف مليار دولار منها فقط في عهد بوتفليقة، وأبرز ما تضمنه قانون تأمين المحروقات ذاك، هو تأميم الشركات الفرنسية، بحيث يسمح للدولة الجزائرية بالحصول على 51% من الأموال، وضمان المراقبة التامة على الشركات الأجنبية المنتجة للنفط.

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

وبمقتضى القانون، تحولت حقوق ومصالح الشركات الأجنبية إلى شركة «سوناطراك» الجزائرية، وكان لارتفاع أسعار النفط في الفترة ما بين 2005 حتى 2009، وبلوغها أرقامًا قياسيةً لحدّ وصولها عتبة 150 دولارًا للبرميل الفضلُ الكبيرُ في ارتفاع مداخيل الجزائر، بيد أن الارتفاع لم يدم طويلًا لتبدأ سلسلة سقوطٍ حرٍّ للأسعار جعلت الاقتصاد الجزائري -المبني أصلًا على قطاع المحروقات- على حافة الخطر، إلى درجة هبوط السعر المرجعي للحكومة التي قدرته سنة 2016 بـ 45 دولارًا، لكنّ الأسعار تهاوت لتصل دون 28 دولارًا، لتضطر الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ إجراءات تقشفية مستعجلة.

استنكر رئيس حركة مجتمع السلم السابق «عبد الرزاق مقري»، سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة الجزائرية رغم المداخيل التي ناهزت ألف مليار دولار منذ بداية هذه الألفية، ووصفها بأنها «إعلان فشل مرحلة تمتد طيلة أربع عهدات لبوتفليقة». وأرجع ما تمرّ به الجزائر إلى «سياسات النظام الذي لا يملك رؤية سياسية ولا اقتصادية». وشدد مقري على ضرورة أن تلجأ الحكومة إلى الاقتراض؛ لأن المفاوضات ستكون سهلة ما دامت البلاد تتوفر على رصيد مالي، وقال: «إذا تأخرنا بعد تراجع المداخيل أكثر فستكون المديونية مكلفة جدًّا»، أما القيادي في حركة النهضة الجزائرية «محمد حديبي» فأكد أن سياسة التقشف دليل على فشل الحكومة في إدارة مبلغ ألف مليار، التي ضاعت في اختلاسات وقضايا فساد، وأكد بعض الاقتصاديين أن الجزائر مطالبةً بتغيير سياستها الاقتصادية، وخلق بدائل أخرى، وإلا تعرضت إلى أزمة اقتصادية أكثر خطورةً على المواطن الجزائري بحلول عام 2018.

أين الألف مليار دولار؟!

انتشر سؤال «أين ألف مليار؟» في الجزائر كالنار في الهشيم للتعبير عن حجم الفساد، الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الجزائر، بعد أن كانت البلاد في وقتٍ قريبٍ تعيش أزهى أيامها، ووفق الأرقام تكون الجزائر قد تعاقب على تسييرها 15 حكومة منذ عام 1999، أنفقت تلك الحكومات المتعاقبة أكثر من ألف مليار دولار، ومع ذلك لم تتمكن البلاد بفعل الفساد وغياب المحاسبة، من تحقيق أي إنجاز اقتصادي واجتماعي جدّي. وظلّت نسبة البطالة مرتفعة في حدود 17% سنة 2017، غالبية العاطلين عن العمل من صنف الشباب الجامعي، في حين قدرت الأرقام الرسمية نسبة البطالة بـ12.3% بعد أن كانت قبل سنتين في حدود 9.4%.

كما احتلت الجزائر مرتبة ثالثة في العالم من ناحية الدول الأكثراستيرادًا للقمح، بحجم استيراد فاق 7 ملايين طنّ في السنة، على الرغم من الأراضي الزراعية الشاسعة التي تملكها على الساحل، كما بقيت البلاد قيد تبعية استيراد الأدوية بقيمة ملياري دولار سنويًّا، ناهيك عن أن الجزائر تعتمد في عائداتها بنسبة 98.3% على مبيعات المحروقات، علمًا بأن النسبة كانت 92.1% في عام 1992.

وفي معرض تفصيله مخطط عمل حكومته أمام البرلمان، قال الوزير الأوّل «أحمد أويحيى» إن الجزائر على حافة الإفلاس نتيجة للانخفاض المريب لأسعار النفط، مضيفًا أن الحكومة لن تكون قادرة على صرف أجور الموظفين والعمال بعد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إن لم تلجأ لبعض الإجراءات الاقتصادية، ومن بين الإجراءات التي عرضها أويحي على البرلمان الجزائري، قانون النقد والقرض الذي يسمح للبنك الجزائري بطبع النقود، وهذا ما اعتبره الكثيرون بمثابة إعلان الإفلاس للخزينة العمومية التي كانت تحتوي على 200 مليار دولار سنة 2014.

يرى الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم (حمس) عبد الرزاق مقري، أن «طبع العملة دون تغطية من إنتاج، لا بد أن يسبب من خلال طباعة الأوراق النقدية توافر كمية كبيرة من النقود الوهمية، تؤدي إلى طلبٍ كبيرٍ على السلع يؤدي إلى تضخُّم أسعار البضائع فتنهار قيمة الدينار»، ويرى مراقبون أنّ الجزائر ستشهد التهابًا كبيرًا في الأسعار نتيجة هذا الإجراء الحكومي، فيما يرى آخرون أنّ السبب الحقيقي لإعلان الإفلاس هو نيّة الحكومة في التخلي عن دعم المواد الأساسية التي كانت تنتهجه منذ الاستقلال، أمّا رئيس الحكومة الأسبق «أحمد بن بيتور» فيرى أنّ الجزائر تعيش «عصر تراجع إنتاج النفط» الذي يمثل المورد الوحيد بالعملة الصعبة، وعلى هذا الأساس فإن احتياطاتها من العملة الصعبة «لن تتجدد ولن يكون بإمكانها الاستيراد في 2019». وفي ضوء قرار الحكومة، يتوقع بن بيتور «موجات تضخمية بـ4 أرقام مثل ما هو واقع في فنزويلا»، ويعود السبب الرئيس حسب بن بيتور إلى فشل الحكومة في استغلال مداخيلها التي ناهزت ألف مليار دولار.

الجزائريون يبحثون عن أموالهم!

في جلسة علنية للبرلمان الجزائري، أقدمت نائبة حزب عن جبهة القوى الاشتراكية على سؤال الوزير الأوّل «أحمد أويحيى» حينما هاجمته خلال رده على تدخلات النواب، حول مصير وطرق صرف مبلغ ألف مليار دولار من عائدات البترول منذ تولي الرئيس الحالي «عبد العزيز بوتفليقة» الحكم.

الوزير الاوّل الجزائري أحمد أويحيى

ليردّ أويحيى بنبرة الغضب: «اسألوا الشعب أين ذهب ألف مليار دولار»، لتبدأ بعدها رحلة الجزائريين في البحث عن أموالهم، وفي ردّه على أويحيى قال مؤسس حزب جيل جديد المعارض «جيلالي سفيان» إن الشعب يعلم أنّ هذه الأموال لم يستفد منها شيئًا، وأنّ تلك الأموال لم تذهب لتنمية البلد، وإنّما ذهبت إلى بطون المسؤولين، وأردف سفيان قائلًا إنّه من غير العقلاني أن تنتظر الجزائر أن تفلس حتى تبدأ الحكومة في التفكير في حلول، وامتدّ تساؤل الجزائريين عن أموالهم ليصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليتحول إلى موجة سخرية، دفعت الجزائريين إلى سؤال حسابات شخصيات عالمية عن أين صرف مبلغ ألف مليار دولار، وكان الوزير الجزائري الأسبق «عبد العزيز رحابي» قد أكّد أن «الجزائر أنفقت في ظلّ حكم بوتفليقة فقط، أكثر مما أنفقته منذ الاستقلال عام 1962». جدير بالذكر أن «المعارضة السياسية» في الجزائر توظف مبلغ الألف مليار دولار الذي صرف في عهد بوتفليقة، لإقامة الحجة على السلطة، بالفشل في إرساء دعائم اقتصاد قوي زمن البحبوحة المالية الناجمة عن ارتفاع سعر برميل نفط إلى سقف 140 دولارًا، وتتهمها بالسكوت عن الفساد ونهب المال العام.

الحكومة.. الشعب يعرف أين ذهبت مليارات الجزائر!

في ردّها على التساؤل المريب، حول مصير وطرق صرف ألف مليار دولار من عائدات البترول منذ وصول الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» إلى الحكم عام 1999، أجابت الحكومة على لسان وزير المالية الأسبق «حاجي بابا عمي»، الذي قال إنّ «ميزانية الدولة تموّل كل الاستثمارات العمومية بدءًا من أصغر بنية تحتية جوارية في أقصى بلدية، إلى المشاريع الكبرى المهيكلة، والتي لها تأثير أكيد على المدى البعيد في صورة البنى التحتية والإقليمية للبلد»، كما تم وفق الوزير اعتماد برنامج استدراكي مهم، مسّ جميع ربوع الوطن للاستجابة لتطلعات الشعب الجزائري، وإيجاد ظروف مناسبة لتنمية الاستثمار، كما تم أيضًا وضع «خمسة برامج كبيرة» لدعم النمو الاقتصادي تمتد حتى 2019، والتي تهدف حسبه إلى مكافحة الفقر وخلق مناصب الشغل، إضافة إلى خلق التوازن الجهوي، وتحسين ظروف المعيشة، وتطوير البنى التحتية، وكشف الوزير أن المبلغ الإجمالي لهذه البرامج بين 2001 و2016 بلغ 461 مليار دولار، مقسمة بين البنى التحتية بنسبة قاربت 60%، وتحسين مستوى المعيشة بنسبة 14.8%، ودعم الاستثمار بنسبة 1.5%.

وأنهى الوزير ردّه بالتأكيد أنّ هناك خمس مدن كبرى بمواصفات عالمية حاليًا هي في طور الإنجاز، ويذكر أن الجزائر عرفت في الفترة الأخيرة تدشين عدّة مشاريع كان أبرزها مشروع الطريق السيار شرق غرب على مسافة 1720 كم، بتكلفة ناهزت أكثر من 20 مليار دولار ليصبح من أغلى الطرق في العالم، إضافة إلى مشاريع أخرى التهمت مئات المليارات، كما شهدت الجزائر فضائح فسادٍ من العيار الثقيل أثقلت كاهل الاقتصاد الجزائري، أبرز تلك الفضائح كانت فضيحة فساد سوناطراكالتي تورط فيها الوزير الأسبق شكيب خليل.

اجمالي القراءات 1191
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق