مصدر أمني: الإخوان يعملون من أجل السيطرة على مسلمي كاتالونيا

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٠ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


مصدر أمني: الإخوان يعملون من أجل السيطرة على مسلمي كاتالونيا

مصدر أمني: الإخوان يعملون من أجل السيطرة على مسلمي كاتالونيا

 

  • بعد أن بات الإخوان المسلمون محاصرين في ملاجئهم الأوروبية التقليدية ومحاربين في البلدان العربية ومحظورين في مسقط رأسهم، حولوا وجهتهم نحو أراض جديدة يستثمرون فيها أموالهم وينشرون أيديولوجيتهم ويستقطبون أنصارا جدادا. ومن بين هذه الوجهات التي يجري التركيز عليها بعض المناطق في إسبانيا، التي ترتبط عن العرب والمسلمين بذكرى الأندلس، وتعتبر أحد المواضيع المفضلة في أدبيات الإسلاميين، بمختلف تنظيماتهم وأطيافهم. كانت البكائيات على أطلال الفردوس المفقود أحد الأبواب لاستمالة الشباب المسلمين، في إسبانيا وغيرها. لكن، اليوم لم يعد ذلك الحديث يؤت أكله ولم يعد هناك من سينطلي عليه أو يصدقه كما أن حاجة الإخوان أكبر من أن يستقطبوا بضعة عناصر من خلال هذا الخطاب. المطلوب اليوم بالنسبة إليهم أجيال جديدة يتم استقطابها من خلال الحديث بلغتهم وعبر المدارس. المسلمون اليوم قلقون من تداعيات الهجمات الإرهابية، وهم يحتاجون خطابا يهدئهم لا أدبيات واهية تزيد من حالة التشنج. توجه الإخوان في بحثهم عن أرضهم الجديدة إلى إقليم كاتالونيا حيث الحكومة منشغلة في قصة الانفصال.

الحضور الإسلامي في برشلونة لا يستهان به

برشلونة – يرفع تنظيم الإخوان المسلمين من حضوره تدريجيا في إقليم كاتالونيا الإسباني، ضمن إستراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى التوسع على حساب بيئة إسلامية ظلت محافظة على تقاليدها السلفية منذ عقود.

لكن هذا التوسع بدأ مؤخرا يلفت انتباه رجال الأمن، الذين رصدوا تكثيفا مريبا لأنشطة وتجمعات تهدف إلى اختراق الجالية المسلمة أيديولوجيا، وتقوم على تدفق كبير لأموال يكون مصدرها خارجيا في الغالب.

وقال مسؤول كبير في وحدة الإستخبارات المسؤولة عن مكافحة الإرهاب في الشرطة الكاتالونية لـ”العرب” إن “السلفيين ظلوا محافظين على سيطرتهم على الجالية المسلمة طويلا، لكن نفوذ الإخوان المسلمين بدأ يتنامى مؤخرا".

وأضاف المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن هويته، “رصدنا جمعيات ومنظمات دولية ترسل أموالا لكيانات تابعة للإخوان. من هذه المنظمات الدولية “هيئة الإغاثة الإسلامية”، التي بدأت مؤخرا في التكثيف من فعالياتها من أجل جمع التبرعات". وأكد أن “جهات أخرى ترسل دعما للإخوان في برشلونة”، لكنه رفض الإفصاح عن هوية هذه الجهات، أو وجهتها.

وقال مصدر دبلوماسي في مدريد لـ”العرب” إن “التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يحاول بهدوء نقل الكثير من الأصول التي يملكها، في فرنسا خصوصا، إلى إقليم كاتالونيا، بعد ممارسة الحكومة الفرنسية ضغوطا كبيرة على قادة التنظيم، وعلى الحكومة القطرية، من أجل خفض مستوى الدعم المالي والاستثمارات في أنشطة التنظيم في أحياء باريس المهمشة“.

وأكد المصدر الدبلوماسي أن “الحكومة الفرنسية أرسلت تحذيرا إلى السفارة القطرية في باريس من تمادي الاستثمار في الشريحة الفقيرة من الجالية المسلمة لأهداف أيديولوجية”.

الإخوان المسلمون في كاتالونيا يعتمدون على مقاربات فكرية تثير الجدل أحيانا في المجتمع الإسباني، من أجل إقناع أكبر عدد من الشباب للانضمام إليهم.

ويعتمد الإخوان المسلمون في كاتالونيا على مقاربات فكرية تثير الجدل أحيانا في المجتمع الإسباني، من أجل إقناع أكبر عدد من الشباب للانضمام إليهم. ومن بين هذه المقاربات دعاوى “استعادة الأندلس من المحتلين الإسبان” التي يتبناها قادة كبار في التنظيم على شاشات التلفزيون دون مواربة.

وتقول لورديس فيدال، رئيسة وحدة دراسات الشرق الأوسط في المعهد الأوروبي للبحر المتوسط، “عندما يتحدث الإخوان عن تحرير الأندلس، فهنا علينا أن نتوقف قليلا، لأن هذه لهجة مقلقة للغاية. هذه رسالة موجهة إلى أناس ليست لديهم معرفة كافية، لكنها بالنسبة لأي عاقل هرطقة وجنون".

وأضافت لـ”العرب" أن "مشكلتنا مع الإخوان المسلمين لا تكمن في ممارسة العنف، فهم لا يفعلون ذلك في أوروبا مثلما يحدث في بعض دول الشرق الأوسط، لكن خطورتهم هنا تكمن في عملهم الدائم على خلق بيئة أيديولوجية ودينية تتبنى مثل هذه الأفكار المتشددة".

لكن بعض الأعمدة الفكرية التي يأمل الإخوان في تحويلها إلى مدخل لهم، تكمن في غياب حقوق أساسية يكافح المسلمون من أجل نيلها. فمازال من الصعوبة الحصول على ترخيص بناء مسجد في إقليم كاتالونيا، كما ينظر المجتمع للمسلمين بكثير من الريبة والحذر وفقا لأبعاد علاقة يحكمها غياب الثقة.

ولا تكمن المشكلة في تشدد الحكومة وحدها إزاء معضلة بناء المساجد، بل تمتد أيضا إلى المجتمع، الذي لا يبدو أنه مستعد بعد لقبول هذا الواقع، رغم بلوغ عدد المسلمين في الإقليم نحو نصف مليون مسلم.

ومع كثرة الضغوط، تضطر الحكومة المحلية أحيانا إلى منح تراخيص أماكن صغيرة وغير مجهزة للصلاة كي يتم تحويلها إلى مسجد. وغالبا ما تقع هذه الأماكن في مناطق صناعية مهمشة، تحيط بأطراف برشلونة، وتبعد كثيرا عن مركز المدينة. ويهدد ذلك بعزل المسلمين في "غيتوهات" بعيدة تسمح للمتطرفين بالتحرك بحرية، وتضاعف من مصاعب الاندماج التي يعاني المسلمون منها بالفعل.

لورديس فيدال: خطورة الإخوان المسلمين هنا تكمن في عملهم الدائم على خلق بيئة أيديولوجية ودينية تتبنى الأفكار المتشددة

تسرب هادئ

قال المسؤول في وحدة الاستخبارات التابعة للشرطة الكاتالونية لـ”العرب” إن “القاعدة الأساسية للإخوان في كاتالونيا تتمثل في ‘المركز الثقافي الإسلامي’ الواقع في حي ‘كلوت’ ببرشلونة. نحن نعلم أن سالم بن عامر، مدير المركز، ينتمي للإخوان المسلمين، وكذلك إمام المسجد“.

وأكد “الإخوان يعملون الآن على التوسع من خلال هذا المركز، ويحاولون بسط سيطرتهم على مراكز ومساجد أخرى، من خلال دعم سخي مقدم من ‘هيئة الإغاثة الإسلامية’ وجمعية ‘نداء مسلم’ (Muslim Appeal)”. وأضاف “لدينا إدراك جيد بالوجه الحقيقي للإخوان، والرؤى الظلامية التي يمثلونها“.

وحاولت “العرب” لقاء سالم بن عامر مدير المركز، أو الشيخ محمود إمام المسجد، لكنهما تهربا من اللقاء.

ويقود المركز حملة علاقات عامة موسعة لدعوة باحثين وخبراء ونشطاء في المجتمع المدني الإسباني لسماع وجهة نظر قادة التنظيم وترويجها. ويركز الإخوان على النشطاء من النساء، كخطوة تميزهم عن السلفيين، الذين غالبا ما يدخلون في مواجهات معهن، حتى لو لم يكن معاديات لهم أو للدين الإسلامي.

وبالطبع تمتد حملة العلاقات العامة على نطاق واسع وسط الجالية المسلمة. ويقول إبراهيم (45 عاما)، وهو عامل بناء، كان يقف عند باب “المركز الثقافي الإسلامي" بانتظار موعد الصلاة، إن "المركز يشهد الكثير من المحاضرات والندوات، وبعض منها يحضره شيوخ كبار".

وكان إبراهيم يشير إلى دعاة من المشاهير الذين يتصدرون شاشات الفضائيات العربية، ويحظون بمعدلات مشاهدة عالية. ومن بين هؤلاء المصري عمر عبدالكافي، والسعودي صالح المغامسي، وآخرون. وعبدالكافي أحد المتعاطفين مع الرئيس المصري الإخواني السابق محمد مرسي، والمغامسي أحد الداعمين للمؤسس والزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وينظم المركز ندوات وحلقات نقاش تضم رجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود تحت شعار "التقريب بين المذاهب"، عبر نقاش، يفتح الباب أمام الإخوان للحصول على شرعية في أرض جديدة عليهم نسبيا.

لكن هذا ليس كل شيء، بحسب مصدر أمني آخر، تحدث لـ”العرب” شريطة عدم ذكر اسمه، وقال إن محللين استخباراتيين يعكفون الآن على ظاهرة رصدتها أجهزة الأمن تتمثل في تشكيل شباب ومراهقين لمجموعات تعمل على تقديم دعم مالي للفقراء من المسلمين، عبر تغطية المصاريف المدرسية لأبنائهم، وتخصيص أموال يحصلون عليها من جمعيات إسلامية.

وعرضت “العرب” هذه المعلومات على المسؤول الإستخباراتي الأول، الذي أكد صحتها. وقال المسؤول “نحن نعلم أن هؤلاء هم شباب الإخوان، لكن لا نستطيع القيام بشيء حيال ذلك".

من أكبر الداعمين للجماعات السلفية في كاتالونيا ما يعرف بـ'جمعية إحياء التراث الإسلامي' الكويتية الداعمة لمشاريع سلفية كبناء المساجد والمدارس والجمعيات

وتقول لورديس فيدال “هذه هي الإستراتيجية التقليدية التي يتبعها الإخوان من أجل مد جذور لهم في عمق المجتمعات التي ينشطون فيها عبر توظيف الخدمات الإجتماعية سياسيا. هذا حدث غير مسبوق في برشلونة، ومؤشر سيء للغاية“.

وكانت لورديس أحد من اصطدموا بإصرار الإخوان على تنفيذ مشروع “المدارس الإسلامية”، الذي يتلخص في استغلال خلل في نظام التعليم الإسباني، يسمح بتسرب أطفال الأسر الفقيرة للعمل في سن مبكرة.

وأغلب أسر المسلمين، الذين يبلغ عددهم قرابة 2.5 مليون في إسبانيا، يصنفون كفقراء. وكانت نتيجة ذلك تسرب عدد كبير من أبناء المسلمين للعمل في مرائب تصليح السيارات أو توصيل الطلبات للمنازل أو أعمال البناء.

ويريد الإخوان إنشاء مدارس لها طابع إسلامي. لكن لورديس، ومعها ناشطون آخرون، يخشون من تحول هذه المدارس إلى قوة محركة تقف وراء تفاقم عزلة المسلمين وتحولهم إلى التطرف. وتقول “إذا سمحت الحكومة لهم ببناء هذه المدارس، فأعتقد أن ذلك سيكون خطأ فادحا“.

مملكة السلفيين

تقلق تحركات الإخوان المسلمين زعماء السلفيين بعض الشيء، لكن لا يعتقد كثيرون من بينهم أنها تشكل بعد أي خطورة على نفوذ يتمتعون به منذ زمن بعيد.

ولم يأت الإخوان المسلمون إلى إقليم كاتالونيا إلا بعد اقتحام نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لمدينة حماة، معقل التنظيم في سوريا آنذاك. وظل الفرع السوري للتنظيم مهيمنا على المجال الإخواني العام في برشلونة ومحيطها، ومازال قادته، خصوصا في منظمة “الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش”، يلعبون دورا محوريا في بقائه ونموه.

الإخوان يبدأون باستهداف النساء والأطفال

لكن السلفيين أيضا لديهم بنية تحتية راسخة، قائمة على عقود من تدفق الأموال من قبل جمعيات إسلامية ذائعة الصيت، خصوصا في منطقة الخليج.

وقال المسؤول الإستخباراتي لـ”العرب” إن “من أكبر الداعمين للجماعات السلفية في كاتالونيا ما يعرف بـ’جمعية إحياء التراث الإسلامي’ الكويتية. هذه الجمعية تدعم مشاريع سلفية كبناء المساجد والمدارس والجمعيات“.

وأكد أن القائمين على الجمعية “غالبا ما يدعون أنه لا توجد صلة بينهم وبين الحكومة الكويتية، لكن نحن نعلم أن هناك صلات وثيقة لهم بالحكومة، أو بمسؤولين فيها“.

ومن بين أكبر الداعمين الآخرين مؤسسة سعودية تدعى “رابطة العالم الإسلامي”، ومقرها الرئيسي في مكة المكرمة. وتدعم هذه المؤسسة تجمعات سلفية في برشلونة، وتسهم في نفقات رحلات شيوخ متشددين، مثل المغامسي. وأدى التساهل مع مثل هذه السياسة على المدى الطويل إلى تحول إقليم كاتالونيا إلى “معبر” للجهاديين من وإلى أوروبا، وفقا لتقارير حكومية.

ولم تتخيل السلطات المحلية أن يصل الأمر إلى مذبحة “لارامبلا”، التي دهس خلالها متطرف العشرات بسيارة، وأوقع 14 قتيلا وأكثر من 120 جريحا، بالتوازي مع هجوم فاشل بالمتفجرات وقع في منتجع “كامبرليس“ القريب.

وبعد الحادث عانت الجالية المغربية، التي ينحدر منها غالبية المسلمين في الإقليم، من حالة “انكماش معنوي” ناتج عن تنامي عدم الثقة المجتمعية بكل من ينتمي إلى شمال أفريقيا خصوصا.

ويطلق على المغاربة في صفوف اليمينيين الإسبان “موروز“. وظل هذا اللقب يحمل إشارات سيئة بضرورة عدم الثقة في المغاربة خصوصا، والمسلمين بشكل عام، “لأنهم سيغدرون بك في أي لحظة. هذه هي العنصرية في أوجها”، كما تقول فيدال.

وهذا بالضبط ما يشجع على انتشار الشعور بالظلم لدى الكثير من المسلمين في إقليم كاتالونيا. وتقول فيدال إن “المجتمع الإسباني ليست لديه مشكلة مع المسلم في أن يمارس طقوسه أو يرتدي أو يأكل ما يحب، طالما أنه لن يمارس كل ذلك في الأماكن العامة. لسان حال المجتمع يقول: لا تكن مسلما في الشارع“.

لكن، على الجانب الآخر، يكون مسموحا للمسيحيين بالاحتفال بطقوسهم وأعيادهم في الشوارع والميادين بحرية، وهو ما يعطي مؤشرا على أن الوجود المسيحي في الشارع مسموح به مجتمعيا، لكن الحضور الإسلامي في المجال العام مازال يثير الجدل.

ويدفع ذلك السلفيين إلى الانحسار داخل مجتمعهم الخاص، والتمسك به. ويخشى مسؤولون أمنيون ونشطاء من أن تحول هذه المشاعر الانعزالية السلفيين إلى تهديد اجتماعي، وليس إلى تهديد أمني فقط.

ووصل عدد الإسبان الذين سافروا للقتال في صفوف تنظيمات جهادية في سوريا والعراق إلى 200 شخص. وقال المسؤول الاستخباراتي لـ”العرب” إن “أجهزة الاستخبارات الخارجية الإسبانية تحاول مراقبة هؤلاء المقاتلين في مناطق الصراع قبل أن يعودوا إلى هنا، إن سمحت لها الظروف بذلك، أما نحن فنراقبهم بعد عودتهم“.

وأكد أن العدد المعلن للمقاتلين لا يشمل كل من قاتلوا في الخارج. وقال “هؤلاء هم من نعرفهم فقط، هناك أشخاص آخرون عادوا من تركيا ولم نتمكن من اعتقالهم، رغم أننا متأكدون بنسبة 90 بالمئة أنهم كانوا يقاتلون في سوريا، لكن عدم كفاية الأدلة تمنعنا من اعتقالهم“.

اجمالي القراءات 1837
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق