إنترسبت»: تعاون السعودية وإسرائيل غير المعلن.. مواجهة إيران ليست السبب الوحيد

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٤ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


إنترسبت»: تعاون السعودية وإسرائيل غير المعلن.. مواجهة إيران ليست السبب الوحيد

تناول تقرير مطول منشور على موقع «ذي إنترسبت» بالتحليل بوادر تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل التي بدأت تلوح في الأفق والتي يعتقد الكثيرون أن صعود إيران كقوة إقليمية كبرى وتمدد نفوذها في العراق وسوريا واليمن وسعيها الدؤوب لتطوير قوتها العسكرية – لا سيما برنامجها النووي – هو السبب الرئيس خلفها.

وأوضح التقرير أنه خلال مناقشات في لقاء سري نظمته جامعة أمريكية بارزة وعُقد في دولة أوروبية، أدلى مسؤول إسرائيلي سابق بتصريح أصاب الحاضرين بالذهول؛ إذ قال «لم يكن للأمر علاقة بتخصيب اليورانيوم قط. فما يهم إسرائيل هو أن ترى تغيرًا في سلوك إيران». مثّل هذا التصريح مفاجأة للحاضرين، الذين كان من بينهم مسئولون عسكريون ومدنيون أمريكيون وغربيون، فضلًا عن دبلوماسيين إيرانيين من الوفد الذي شارك في محادثات الاتفاق النووي.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن بلاده لا يمكنها قبول رؤية توافق بين الولايات المتحدة وإيران بدون أن تشترط أن تتقرب الأخيرة من إسرائيل. أضاف المسؤول «لسنا طرفًا في الصفقة، لذا ليس هناك ما يلزم طهران بالتطبيع». ومنذ أن كانت إيران لا تعترف بإسرائيل، فقد سعت تل أبيب إلى عرقلة الوصول إلى اتفاق مع إيران. يؤكد التقرير أن الدبلوماسيين الإيرانيين الحاضرين أصغوا باهتمام، لكن دون أن يظهر عليهم أي رد فعل. لكن الرد الإيراني جاء  مفاجئًا هو الآخر في جلسة لاحقة، حيث أشاروا إلى إمكانية الاعتراف بإسرائيل إذا تخلت الأخيرة عن سلاحها النووي ووقعت على معاهدة عدم انتشار السلاح.

كان ذلك في ربيع 2012 – يشير التقرير – حين بلغ التوتر بين أمريكا وإسرائيل أوجه. قاوم أوباما الضغط الإسرائيلي لشن عمل عسكري ضد طهران، وفي نفس الوقت مضى قدُمًا في المفاوضات حول برنامجها النووي. كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستُعقد خلال شهور. وقد خشي الكثير من الإسرائيليين من أن تتضرر العلاقات مع أوباما بما يقوض تأثير تل أبيب على أمريكا في الملف الإيراني. وقد زاد التزام أوباما الكامل بالنهج الدبلوماسي من هذه المخاوف.

لا ترى إسرائيل الدولة الإسلامية تهديدًا جديًا؛ إذ قال وزير إسرائيلي سابق
إن «مشكلة تنظيم الدولة الإسلامية قائمة منذ خمس سنوات فقط، في حين أن
الصراع ضد إيران سيستمر جيلًا آخر».

كشف المؤتمر عن الدوافع الخاصة بالصراع بشكل علني يندر رؤيته – يضيف التقرير. يخشى الإسرائيليون من قبول صعود إيران كقوة إقليمية من طرف الأمريكيين، وأن يعتبروا الإيرانيين جزءًا من النظام الإقليمي الجديد بدون أن يعترف الإيرانيون بإسرائيل. وكانت وسيلة الإسرائيليين لعرقلة أي تفاهم بين طهران وواشنطن هو الملف النووي، الذي كان يعتبر صراعًا لا حل له حتى أواخر 2013.

يقول الدبلوماسي الإسرائيلي السابق دانييل ليفي «طالما ظلت المشكلة تراوح مكانها، ستبقى العقوبات مفروضة على طهران». لقد تمتعت إسرائيل بهيمنة إقليمية منفردة طوال سنوات العقوبات، وكان لديها حرية في شن العمليات العسكرية، وغطاء دبلوماسي صلب. لكن ذلك كان مرتبطًا بالتواجد الأمريكي في المنطقة.

هنا يتأكد خطأ حسابات نتنياهو – يؤكد التقرير. فعبر وصفه البرنامج النووي الإيراني بالتهديد الوجودي لبلاده، وتصوير قادة إيران على أنهم متهورون، وتهديده بمهاجمتهم، كان نتنياهو يأمل في إجبار أوباما على شن عمل عسكري ضد طهران. بيد أن سياسة نتنياهو قوضت البديل القائم الخاص باحتواء البرنامج النووي، وفي نفس الوقت لم يجرِ حل المشكلة أو تلبية مطالب إيران النووية. وعندما رفضت أمريكا البديل العسكري، أغضب أوباما نتنياهو بالتزامه بالحل الدبلوماسي، وهو ما سيفتح الباب لرفع العقوبات عن طهران.

لم يكن العمل العسكري مشكوكًا في نتائجه فقط، وإنما كان يتعارض أيضًا مع فلسفة أوباما باستنفاد كافة البدائل الدبلوماسية قبل اللجوء إلى الحرب. فضلًا عن أن شن الحرب يعارض رغبة أوباما في تقليل حجم التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط والتحول للتركيز على شرق آسيا والصين. ويشدد التقرير على أنه مع إصرار إدارة أوباما على أن يركز الاتفاق النووي فقط على عدم نشر السلاح، فمن الأفضل فهم التزامها بالصفقة – على الرغم من المعارضة القوية من الكونجرس – ضمن الإطار الجيوسياسي الأوسع للمحادثات النووية. لكن التحدي الحقيقي لأمريكا هو ظهور منافس يمتلك القدرة والطموح على أن يكون قوة عظمى، وهو ما لا تمتلكه أي دولة في الشرق الأوسط، على عكس دولة مثل الصين مثلًا.

ويؤكد معد التقرير أن أوباما يرى أن حرب العراق والانخراط الأمريكي الزائد في الشرق الأوسط قد أضعف من قوة بلاده وحد من قدرتها على مواجهة تحدي صعود قوى منافسة. ومع تراجع أهمية الشرق الأوسط بشدة بالنسبة إلى واشنطن بسبب عوامل عدة – من بينها انخفاض الاعتماد الأمريكي على النفط – ومع ارتفاع تكلفة الهيمنة الأمريكية على المنطقة، تغيرت حسابات المكسب والخسارة بشكل جذري بالنسبة إلى أمريكا. اعتقد أوباما أن الشرق الأوسط مستنقع لا نجاة منه، وأنه كلما ازداد التدخل الأمريكي، ساءت الأوضاع أكثر وألقي باللائمة على واشنطن. فإذا كانت ليبيا قد أثبتت لأوباما أنه من الأفضل ترك المنطقة وشأنها، فإن صعود الدولة الإسلامية أثبت له أن هذه المنطقة لا أمل فيها.

وتعليقًا على ذلك، صرّح أوباما لمجلة ذي أتلانتك بالقول «قارن الوضع في الشرق الأوسط بنظيره في جنوب شرق آسيا، الذي لا يزال يعاني من فقر وفساد شديدين، لكنه مفعم بالطموح والطاقات، فترى الناس يبذلون أقصى طاقة لديهم لبناء تجارة أو للتعلم أو العثور على وظيفة. وإذا كنا قد تجاهلناهم، فهذا لأننا أهدرنا طاقاتنا في الصراع مع الجزء الصغير من المجرمين والقتلة من البشر، بدلًا من دعم ازدهار الصالحين».

لكن التقرير يشير إلى أن منتقدي أوباما يزعمون أن عدم انخراطه في الشرق الأوسط كان السبب في العديد من المشاكل، الأمر الذي أدى بدوره إلى إضعاف الولايات المتحدة. اعتقد أوباما أن انخراط أمريكا الزائد في المنطقة سيضر بقوتها ومكانتها العالمية. «إن الانخراط الزائد في الشرق الأوسط سيضر باقتصادنا وبقدرتنا على البحث عن الفرص والتعامل مع التحديات الأخرى، والأهم من ذلك، سيعرض حياة الأمريكيين للخطر» يقول نائب مستشار الأمن القومي بن رودس.

ويشدد معد التقرير على أن أوباما كانت لديه قناعة بأن عزل إيران لفترات طويلة ليس ممكنًا وليس مفيدًا بالضرورة؛ فقد ترد إيران على محاولات احتوائها بزيادة تحدي المصالح الغربية في المنطقة. وكان وزير الخارجية البريطاني آنذاك فيل هاموند قد صرح بالقول «إيران دولة كبرى ولاعب مهم جدًا في هذه المنطقة على أن يجري تركها في عزلة». كان هذا الشعور سائدًا في أوروبا؛ إذ قال سفير ألمانيا لدى الولايات المتحدة بيتر فيتيج «لا يعتقد أحد أنه من الممكن تقييد إيران».

اعتقد أوباما أن جلوس إيران على الطاولة يمكن أن يساعد على استقرار المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، حيث شارك الغرب وإيران مصلحة هزيمة الدولة الإسلامية. قال أوباما بعد بضعة أسابيع من التوصل إلى الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة «لا توجد طريقة لحل الصراع في سوريا دون تدخل إيران». وقد أثير الملف السوري على هامش المحادثات النووية، بيد أنه لم تبدأ المداولات الحقيقية إلا بعد انتهاء الصفقة. ينقل التقرير عن فيديريكا موجيريني – مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي – قوله «أعتقد أن ما يحدث الآن في الملف السوري هو إطلاق محادثات تجمع بين جميع الجهات الفاعلة المختلفة، ويعزى هذا في جانب كبير منه إلى الاتفاق النووي».

نسقت الولايات المتحدة وإيران بشكل غير مباشر جهودهما ضد الدولة الإسلامية في العراق، مما دفع وزير خارجية أوباما كيري إلى القول إن إيران كانت «مفيدة». وما كان هذا التعاون – ولا الاعتراف العلني بالمساعدة الإيرانية – ليحدث لولا الاتفاق النووي.

اقتنع أوباما بأن القادة في طهران عقلانيون وبراجماتيون. وقد صرح أوباما في أغسطس (آب) من عام 2015 قائلًا «ما رأيناه، منذ عام 1979 على الأقل، هو أن إيران تتخذ قرارات محسوبة للحفاظ على النظام، وتوسيع نفوذها حيثما أمكن، واستغلال الفرص المتاحة، والاستعداد لأي هجوم إسرائيلي محتمل بمساعدة حلفائها في المنطقة مثل حزب الله وغيره». ويؤكد التقرير أن تجنب التوترات مع طهران زادت أهميته بعد الموقف السلبي الذي اتخذه بعض حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في الشرق الأوسط وإصرارهم أن تقاتل واشنطن معاركهم نيابة عنهم.

شعر الأمريكيون بالاستياء من السعودية بشكل خاص. وقد توترت علاقة أوباما مع العائلة المالكة السعودية، وكثيرًا ما وجد نفسه متضررًا من السعوديين وفكرة اعتماد الولايات المتحدة على الرياض حليفًا بالأساس. يعتبر أوباما أكثر رؤساء أمريكا اقتناعًا بدور المملكة في تصدير الإسلام الوهابي المتطرف. فخلال شبابه في إندونيسيا، وفقًا لمجلة ذي أتلانتك، شاهد أوباما كيف ينقل الوهابيون الممولون من السعودية رؤيتهم الخاصة بالإسلام. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد واجهت مشاكل عميقة مع إيران، لكن أوباما اعتقد أن المصالح الأمريكية ليست مع الجانب السعودي دومًا.

سعت الولايات المتحدة إلى الحد من توتراتها مع إيران وتمهيد الطريق لدور محوري لها في آسيا. وعلى النقيض من ذلك، بدا أن السعودية سعت إلى العودة إلى نظام ما قبل عام 2003 وتشديد عزلة إيران واستبعادها من الشؤون الإقليمية. قال مسؤول سعودي سابق – نواف عبيد – إن من الواضح أن الرياض وواشنطن «في طريقهما للصدام». ووصف المسؤول إيران بأنها سبب الفوضى الإقليمية، في حين يرى أوباما أن التنافس بين السعودية وإيران هو مصدر لعدم الاستقرار في المنطقة.

ولكن ترى السعودية أن الحياد الأمريكي يمثّل خيانة. وقال عبيد إنه بالنسبة إلى الرياض، ظهر أوباما وكأنه يتخلى عن العالم العربي ويعمل نيابة عن طهران من خلال اتباع سياسة دعم إيران أقوى. وقد تأكد السعوديون من هذا عندما رفضوا حضور محادثات الأزمة السورية بسبب مشاركة إيران للمرة الأولى، مما حدا بتدخل أوباما شخصيًا. فوفقًا لمجلة فورين بوليسي، سعى أوباما إلى إقناع الملك السعودي بالمشاركة في المفاوضات وإسقاط طلب استبعاد إيران. وناشد أوباما السعودية أن تجد وسيلة «لتقاسم النفوذ في المنطقة مع إيران. وكان رأيه هو أن المشكلة ليست في سعي إيران للهيمنة، بل رفض الرياض لقبول إدراج إيران في المنطقة».

من وجهة النظر الأمريكية، يضيف التقرير، منع الاتفاق النووي الحرب مع إيران وامتلاكها سلاحًا نوويًا ووعد بتحسين العلاقات. وفي الوقت نفسه، يمكن للولايات المتحدة التعامل بشكل أكثر صرامة مع إسرائيل وإقامة صداقة مشروطة مع السعودية. كتب الجنرال مايك مولن في معرض تعليقه على الأمر «نحن بحاجة إلى إعادة النظر في جميع العلاقات التي نتمتع بها في المنطقة، لا سيما العلاقات مع الدول السنية. إن وجود علاقات أفضل مع إيران قد يوازن جهودنا للحد من الانقسام الطائفي».

السعوديون وحلفاؤهم طلبوا من الولايات المتحدة عدم مناقشة مخاوفهم
الإقليمية مع الإيرانيين في الاجتماعات الثنائية للولايات المتحدة مع
إيران. وقد فعلت إسرائيل نفس الشيء، فقد حصلت على وعد بـ«الفصل التام» بين الملف النووي وقضايا أخرى مثل محاربة الدولة الإسلامية.

وينوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة قد علِقت في نمط غير مثمر من العلاقات الإقليمية أجبرها على خوض حروب غير ضرورية. ولتحويل قوتها إلى آسيا، يجب كسر هذا النمط، بالبدء في علاقة جديدة مع إيران. وفي المقابل، يؤكد التقرير، فمن أجل منع الولايات المتحدة من إعادة توجيه قواتها، يجب قتل الاتفاق النووي، وبالتالي، ظهرت المعارضة السعودية والإسرائيلية القوية له.

ومع تباعد المصالح الأمريكية والسعودية، وجدت الرياض نفسها تنظر إلى المنطقة على نحو متزايد مثل الإسرائيليين. ومن الواضح أن الحديث عن التعاون مع إسرائيل يناقش بشكل متزايد في السعودية. وبالنسبة لكلا البلدين، تسبب اتفاق أوباما مع طهران في حل المسألة النووية الملحة. لكنه فعل ذلك عن طريق تقويض مصلحة بلاده المشتركة مع المملكة في استبعاد إيران من النظام الإقليمي. قضى الاتفاق على سبب قلق إسرائيل والسعودية من إيران، ولكن لم يقضِ على جذور الصراع. يقول شبلي تلحمي المحلل في معهد بروكنجز في عام 2015 «عبر توصيف القضية النووية بالتهديد الوجودي، تمكن نتنياهو من تجاوز المخاوف الأوسع نطاقًا التي يواجهها العرب والإسرائيليون حول إيران». فالتهديد الوجودي له الأولوية على جميع القضايا الأخرى.

ويؤكد التقرير على أن السعوديين وحلفاءهم طلبوا من الولايات المتحدة عدم مناقشة مخاوفهم الإقليمية مع الإيرانيين في الاجتماعات الثنائية للولايات المتحدة مع إيران. وقد فعلت إسرائيل نفس الشيء، فقد حصلت على وعد من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ«الفصل التام» بين الملف النووي وقضايا أخرى مثل محاربة الدولة الإسلامية، حسبما ذكره يوفال شتاينيتز، وزير الحكومة الإسرائيلية المسؤول عن ملف إيران في ذلك الوقت.

ترى إسرائيل أن أكبر مساوئ الاتفاق هو أنه تغاضى عن محاولة إيران الحصول على اعتراف بأنها قوة إقليمية شرعية لا يستهان بها، كما قال الباحث في جامعة هارفارد دانييل سوبيلمان. كما أدى الاتفاق إلى تعظيم قوة طهران وجعلها قوة نووية بحكم الأمر الواقع، بحسب وزير الدفاع السابق إيهود باراك. ومع حل القضية النووية، فإن الولايات المتحدة سوف تفقد الاهتمام بمكافحة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وستترك إسرائيل والعرب بمفردهم أمام طهران. ويشدد التقرير على أن التركيز الإسرائيلي على إبقاء إيران معزولة ومقيدة تسبب أيضًا في توترات مع الولايات المتحدة في ملف القضاء على الدولة الإسلامية.

كانت هناك طريقة أسهل بكثير لنتنياهو لقتل الاتفاق النووي بدلًا من مهاجمة
أوباما. كان يمكن أن يتضرر الاتفاق بشكل جدي لو أن نتنياهو قد دعم الصفقة
وقال إن إيران قد هزمت.

لا ترى إسرائيل الدولة الإسلامية تهديدًا جديًا؛ إذ قال وزير إسرائيلي سابق إن «مشكلة تنظيم الدولة الإسلامية قائمة منذ خمس سنوات فقط، في حين أن الصراع ضد إيران سيستمر جيلًا آخر». وقد نفى وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون علنًا أن تكون الدولة الإسلامية تشكل تهديدًا لإسرائيل، وذكر أنه يفضل الدولة الإسلامية على إيران. وذهب رئيس مركز أبحاث إسرائيلي إلى حد القول إن تدمير الدولة الإسلامية سيكون «خطأ استراتيجيًا لأن المجموعة يمكن أن تكون أداة مفيدة في تقويض خطة إيران الطموحة للسيطرة على الشرق الأوسط». يظهر هذا عمق التباين في المصالح والمنظور بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

أشار البعض إلى أن الاتفاق النووي تسبب في حدوث خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن المصالح الجيوسياسية للبلدين كانت متباينة بالفعل منذ فترة. فالاتفاق النووي ليس السبب في الخلاف، وإنما يعكس فجوة متزايدة موجودة فيما بينها. صرح مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية طلب عدم ذكر اسمه لمعد المقال «لا شك في أن هناك تباينًا في المصالح بين الولايات المتحدة وإسرائيل». ثمة خلافات حول عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والربيع العربي، ودور إيران في النظام الإقليمي، والتواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. كانت إسرائيل تريد من الولايات المتحدة الاحتفاظ بوجود عسكري قوي في المنطقة، لكن مسؤوليات أمريكا العالمية تمنعها من منح أهمية كبرى للشرق الأوسط.

وبينما تعتقد الولايات المتحدة أن لديها مصلحة في الحفاظ على إسرائيل آمنة وديمقراطية، فهي تشعر بقلق من أن أكبر التهديدات للديمقراطية الإسرائيلية تأتي من داخل إسرائيل نفسها – تحديدًا، احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية. حتى كبار أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يتفقون على أن التهديد الوجودي الحقيقي لإسرائيل يأتي من الداخل وليس من إيران. إذ قال رئيس الموساد السابق تامير باردو «ليس هناك تهديد وجودي خارجي لإسرائيل، فالتهديد الوجودي الحقيقي الوحيد هو الانقسام الداخلي الذي يمكن أن يقودنا إلى حرب أهلية. ونحن نسير على الطريق نحو ذلك».

يؤكد التقرير أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية انتقدت مرارًا نتنياهو بسبب إيران. فقد أعرب بعض المسؤولين الأمنيين عن قلقهم إزاء الضرر الذي لحق بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية لانتقاد نتنياهو الاتفاق النووي. قال رئيس الموساد السابق مئير داجان لصحفية إسرائيلية بارزة «بدلًا من محاربة إيران، إنه يقاتل الولايات المتحدة عوضًا عن التعاون معها وحولها إلى عدو. هل يبدو ذلك منطقيًا؟». كان بوسع نتنياهو تغيير موقفه من المفاوضات مع إيران عندما تمسك أوباما باستنفاد السبل السياسية أولًا.

اقرأ أيضًا: نزوح وحصار وقتل.. كل ما قد تريد معرفته عن معركة الرياض السرية في العوامية

فمن خلال الدبلوماسية، يمكن القول إن إسرائيل لديها قدرة أكبر على التأثير على المحادثات وتشكيل النتائج. لكن نتنياهو اختار أن يعلن الحرب على الدبلوماسية ويعارض أوباما. «بمجرد بدء المفاوضات، كان يتعين على إسرائيل أن تضع نفسها في موقف من شأنه أن يمكنها من إجراء حوار مستمر حول مواقف الولايات المتحدة في المفاوضات»، يقول شلومو بروم، مسؤول إسرائيلي متقاعد.

المفارقة الكبيرة هي أنه كانت هناك طريقة أسهل بكثير لنتنياهو لقتل الاتفاق النووي بدلًا من مهاجمة أوباما. كان يمكن أن يتضرر الاتفاق بشكل جدي لو أن نتنياهو قد دعم الصفقة وقال إن إيران قد هزمت. لم يكن لدى الإيرانيين أي مشاكل في معارضة نتنياهو للمحادثات النووية. ولكن كان من الصعب جدًا بالنسبة لهم سياسيًا، وخاصة بالنسبة للمفاوضين النوويين، لو كان نتنياهو قد أعلن أن الصفقة هزيمة لإيران. وهذا ما اعترف به وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف حين قال «كان ذلك كافيًا لقتل الاتفاق».

اجمالي القراءات 1420
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق