ابنة السعودية بالتبني: ماذا تعرف عن «البحرين» أصغر ممالك الخليج؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٥ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


ابنة السعودية بالتبني: ماذا تعرف عن «البحرين» أصغر ممالك الخليج؟

صبيحة الخامس من يونيو (حزيران) الماضي، استيقظ العالم على زلزال سياسي هزّ الشرق الأوسط، أربع دول عربية تقطع علاقاتها مع قطر، التحالف الرباعي الذي ضم كلًا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بدأ تدشينًا لحلف جديد قديم، وبدا أن دوله عازمة على الذهاب إلى أبعد مدى في سبيل تحجيم الطموحات القطرية، إن لم يكن إنهائها تمامًا.

مقالات متعلقة :

كانت المفارقة في ذلك الإعلان أن الدولة الأولى التي أعلنت قطع علاقاتها مع الدوحة كانت أصغر الدول الأربع نفوذًا وأقلّها شهرة، مملكة البحرين، قبل أن تليها الإمارات فالسعودية فمصر، وعلى مدى أسابيع طويلة، كان التركيز الإعلامي والسياسي يتمحور حول الدول الثلاث الأخيرة متجاهلًا المملكة الصغيرة بشكل كبير.

ستحاول السطور الآتية التعرف أكثر على مملكة البحرين؛ المملكة التي لا يعلم الكثيرون عنها سوى اسمها، سنلقى نظرة على معلوماتها الأساسية، تاريخها، وطبيعة بيئتها السياسية، فضلًا عن المبادئ التي تحكم علاقاتها الخارجية.

الشقيق الأصغر «جدًا»

بمساحتها التي تبلغ نحو 765 كيلومترًا مربعًا، تعد البحرين أصغر الممالك الخليجية، بل أصغر الدول العربية على الإطلاق من حيث المساحة، بالكاد تظهر البحرين كنقطة صغيرة في خرائط شبه الجزيرة العربية، ولمزيد من التقريب، يكفي القول إن مساحة السعودية مثلًا تبلغ نحو ألفي ضعف مساحة البحرين، لندرك مدى صغر مساحة البلاد، وهو ما يلعب دورًا بالتأكيد في محدودية دورها الجيوسياسي.

تقع البحرين كأرخبيل من الجزر في منطقة الخليج العربي، وتتصل بالأراضي السعودية عبر «جسر الملك فهد»، وتعد مدينة «المنامة» التي تقع في شمال شرق الجزيرة عاصمة البلاد وحاضرتها، تأسست قبل سبعة قرون، وظلت منذ ذلك الحين مركزًا حيويًا للتجارة في منطقة الخليج، وأُعلنت عاصمة للثقافة العربية عام 2012.

«بطاقة هوية»: أبرز المعلومات الأساسية عن البحرين

يعتمد الاقتصاد البحريني بصورة كبيرة على عائدات النفط، وقد استفادت المملكة بشكل كبير من الازدهار الذي شهدته أسعار النفط بداية من عام 2001، ورغم ذلك لا تمثل المحروقات مصدر قوة البلاد الوحيد، حيث تتميز البحرين بتاريخ طويل من الاعتماد على التجارة، وفيها أنشئت أول غرفة
تجارة في منطقة الخليج العربي عام 1939.

وبحسب «مجلس التنمية الاقتصادية» فإن هناك العديد من المؤشرات تعكس ثقافة الانفتاح الاقتصادي التي تتمتع بها البلاد، كعدم وجود رقابة على الصرف أو أرباح رأس المال، والعدد القليل نسبيًا من الحواجز غير الجمركية، فضلًا عن النظام التشريعي والقطاع المالي الذي يزيد من جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين.

اتجهت البحرين إلى سياسة التنويع الاقتصادي، إذ يوجد في البلاد أكبر مصهر للألومونيوم في العالم، فضلًا عن العديد من الشركات والقطاعات الصناعية المرتبطة به، هذا إلى جانب تطوير القطاع السياحي، إذ تتمتع البحرين بالعديد من المعالم السياحية التي يعود أصلها للحضارات القديمة، وقد زار المملكة خلال عام 2016 حوالي 12.6 مليون زائر، لتساهم السياحة بذلك بنسبة 37% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للبلاد.

سياسيًّا، تعد البحرين ذات مناخ سياسي أكثر انفتاحًا مقارنة بغيرها من الممالك المجاورة، وقد شهد المجال السياسي انفتاحًا ملحوظًا منذ بدايات الألفية، مع تحول النظام السياسي إلى الملكية، وانتهاج سلسلة من الإصلاحات السياسية تحت قيادة ملك البلاد «حمد بن عيسى آل خليفة» وعلى عكس الكثير من الدول التي يلعب فيها الإخوان المسلمون دور المعارضة، تتمتع الجماعة بتمثيل سياسي هو «المنبر الوطني الإسلامي» وقبول يرقى أحيانًا إلى درجة التحالف مع الأسرة الحاكمة، كما تعد جمعية الوفاق هي أبرز الجمعيات السياسية المعبرة عن الطائفة الشيعية في البلاد.

فيديو توضيحي للنظام السياسي في البحرين.

لكن «شهر العسل» السياسي في البلاد لم يدم طويلًا، فقد امتدت شرارة الربيع العربي إلى المملكة عام 2011، فاندفع آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، أغلبهم من الطائفة الشيعية، مطالبين بتوسيع الإصلاح السياسي في البلاد لتتحول إلى ملكية دستورية بحق، قبل أن تتسع دائرة المطالب لتنادي بإسقاط حكم آل خليفة، وكان «دوار اللؤلؤة» وسط العاصمة مركزًا للتجمع ورمزًا للانتفاضة الناشئة.

جعلت استجابة السلطات السريعة والحاسمة من تلك الانتفاضة «أول الانتفاضات العربية الموءودة»، ففرقت الاحتجاجات بالقوة، وشنت حملة اعتقالات واسعة، وهدمت دوار اللؤلؤة نفسه، لتسقط بذلك رمزية الاحتجاج ذاتها، كما استجلبت دعمًا خليجيًا تمثل في مئات الجنود السعوديين المندرجين في قوات «درع الخليج» التابعة لمجلس التعاون الخليجي، وهو ما قاد في النهاية إلى قمع الاحتجاجات، وأثار موجة غضب حقوقية ضد السلطات البحرينية التي اتهمت بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

وتعد «قوة دفاع البحرين» هي القوة العسكرية النظامية في البلاد، وتضم حوالي 13 ألف فرد، وتتكون من القوات الجوية والبحرية والجوية الملكية، وسلاح الجو البحريني، ورغم أن إمكانات قوة دفاع البحرين تعد إمكانات متواضعة، ولا يعول عليها إلا في مواجهة الاضطرابات الداخلية، إلا أنه لا يمكن اعتبار أن ذلك قد يمكن أن يشكل «صداعًا» في رأس حكام البلاد، بالنظر إلى وقوع المملكة ضمن منظومة «الحماية الأمريكية»، كما سنوضح لاحقًا.

فيديو ترويجي لقوة دفاع البحرين نقلًا عن وكالة الأنباء الرسمية.

أما فيما يتعلق بسكان البلاد، فيقدر عددهم بنحو مليون وأربعمائة ألف نسمة، نصفهم تقريبًا من البحرينيين والعرب، فيما النسبة الأخرى من الوافدين والعمال الأجانب – وذلك وفقًا لإحصاء العام 2010 – ويتركز أغلب سكان البلاد في محافظة العاصمة.

ينقسم مواطنو البحرين بين سنة وشيعة، وتعد مسألة «التوزيع المذهبي» من أكثر القضايا إثارة للخلاف في البحرين، ولا يمكن الوصول فيها إلى إحصاءات موثوقة ودقيقة، ونظرًا إلى أن حكام البلاد والوظائف السيادية فيها هي من نصيب أسرة «آل خليفة» وأنصارهم من السنة حصرًا، فإن الكثير من الأصوات الشيعية تقول إن نسبة الشيعة تفوق نسبة السنة في البلاد، وتتهم السلطات باتباع سياسة التجنيس للسنة لقلب الحقائق الديمغرافية في البلاد، وإن كانت كلها اتهامات يصعب التيقن منها.

صفحات من تاريخ البحرين

بحسب ما ترويه «موسوعة الجزيرة»، فإن حضارة البحرين تعد ضاربة بجذورها في القدم، إذ كانت موطن حضارة «دلمون» المفقودة التي يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وقد دخلت البحرين في دين الإسلام سلمًا بعدما وصلها مبعوث من النبي في العام السابع من الهجرة.

تنقلت السيادة على البحرين، من القرامطة، إلى المغول، ونزل بها البرتغاليون قبل أن يحتلها الفرس الذين تصدت لهم القبائل العربية لاحقًا بزعامة «آل خليفة» أواخر القرن الثامن عشر، لتظل تلك الأسرة تملك زمام الحكم في البلاد حتى يومنا هذا.

كان آل خليفة يخشون تهديدات الجيران كما تخوفوا من الإيرانيين والأتراك، وهو ما حدا بأمير البحرين عام 1861 إلى التعهد للبريطانيين بالتوقف عن القرصنة وتجارة العبيد في الخليج العربي في مقابل الحماية البريطانية لإمارته، وقد ظلت البحرين تحت الحماية البريطانية حتى الاستقلال في أغسطس (آب) عام 1971.

مع أفول نجم الإمبراطورية البريطانية، كان على آل خليفة أن يبحثوا عن حاكمٍ جديد، فالدويلة الصغيرة بمواردها المحدودة ليست بقادرة على مجابهة مطامع الأعداء أو تحجيم طموحات الأصدقاء، وقد كان واجب الحماية هذه المرة من نصيب الولايات المتحدة الوريث الشرعي للدور البريطاني في المنطقة، تتمتع المملكة الصغيرة بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وتستضيف سواحلها القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية والأسطول الخامس الأمريكي، وقد تم تصنيف البحرين حليفًا رئيسيًا لواشنطن من خارج حلف الناتو «Non NATO Ally» عام 2002، كما كانت المملكة أول البلدان الخليجية التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع واشنطن في العام 2005.

العاهل البحريني كان من أوائل الزعماء الذين حرصوا على لقاء دونالد ترامب.

ابنة السعودية بالتبني

إقليميًا، تعد السعودية هي الحامي الأول لحكم آل خليفة في البحرين، وتعود جذور العلاقات بين البلدين إلى عقود طويلة ماضية، إذ استضافت البحرين عبد الرحمن بن الفيصل وولده عبد العزيز – مؤسس الدولة السعودية – برهة من الزمن قبل أن ينطلق باحثًا عن استرداد ملكه، وبالنظر إلى حساسية موقعها وأهميته بالنسبة لطرق التجارة في الخليج، وبسبب التداخل الثقافي والاجتماعي بين شيعة البحرين وشيعة المنطقة الشرقية في المملكة، فقد مثلت البحرين دومًا عمقًا استراتيجيًا للرياض حرصت على كسبه دومًا في صفها، سيما مع تمتع حكام المنامة بحماية القوى العالمية الكبرى.

وقد سارعت الرياض لمد يد العون إلى حكام المنامة حين تعرضوا لخطر الثورة إبان الربيع العربي في 2011، ويُمكن وصف البحرين إذًا في نظر البعض بـ«محمية سعودية» خالصة، تقيها تهديدات الداخل الشيعي – أو الثوري بشكل عام – والمطامع الإيرانية في الخارج، حيث لا تزال بعض الأصوات الإيرانية تنادي بعودة البحرين إلى السيادة الإيرانية كما كانت قبل قرون.

وفضلًا عن الدعم السياسي والعسكري، فقد مدت الرياض يد العون اقتصاديًا إلى آل خليفة، فقرر مجلس التعاون الخليجي دعم الاقتصاد البحريني بمليارات الدولارات، كما قدمت السعودية تسهيلات إلى «طيران الخليج» البحرينية لا تتوفر عادة للشركات الأجنبية.

 

وفي المقابل، فإن المواقف الخارجية للبحرين لا تخرج إطلاقًا عن الفلك السعودية، وتميل المواقف البحرية مع الرياض حيث مالت، وليس أدل على ذلك من أزمة قطر الأخيرة التي تماهت فيها الدبلوماسية البحرينية بالمطلق مع الموقف السعودي، إلى حد خروج وزير الخارجية بتصريحات يهاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين برغم كون فرع الجماعة في البحرين هو أبرز حلفاء آل خليفة في مواجهة المعسكر الشيعي.

اجمالي القراءات 2003
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق