واشنطن بوست»: يمارسه الأسد والسيسي.. لماذا ينتهج الديكتاتور الإخفاء القسري؟

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٠ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


واشنطن بوست»: يمارسه الأسد والسيسي.. لماذا ينتهج الديكتاتور الإخفاء القسري؟

تناول جيسون شيدمان في مقال له في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية حوادث الاختفاء القسري التي ازدادت وتيرتها بشدة مؤخرًا في كل من سوريا ومصر.

وأوضح جيسون أنّ منظمات حقوق الإنسان في مصر أكدت اختفاء العديد من النشطاء، بعد توقيفهم على نقاط التفتيش. والأمر نفسه يحدث في سوريا، إذ اختطف النظام عشرات الآلاف في ظل الحرب الأهلية المستعرة. ويؤكد جيسون أن الإخفاء القسري أصبح أداة رئيسة لدى الأنظمة القمعية.

تلجأ الدول إلى الإخفاء القسري حين ترفض الاعتراف باعتقالها شخصًا ما أو الكشف عن مصيره. وكانت الأمم المتحدة قد وثّقت اختفاء 55 ألف شخص في 107 دولة حول العالم منذ عام 1980.

يقول جيسون: إنّ إخفاء المعارضين قد يبدو وسيلة فعالة لسحق أي تهديد يحيط بنظام الحكم، الذي قد يلجأ إلى هذه الحيلة لإخفاء قمعه. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ إنّ أنظمة الحكم التي عُرف عنها استخدام هذا الأسلوب – مثل جواتيمالا والسلفادور – استخدمت العنف علنيًا في نفس الوقت.

يتباين استخدام الدول لهذا الأسلوب – يشير جيسون – فعلى الرغم من مواجهة الأنظمة العسكرية في كل من الأرجنتين والأوروجواي معارضة قوية في السبعينات، إلا أنّ عدد المختفين قسريًا في الأخيرة كان قليلًا جدًا بالمقارنة بالأولى، فلماذا هذا التباين الشديد في استخدام هذا الأسلوب؟ يتساءل جيسون.

اقرأ أيضًا: الاختفاء القسري في مصر: جريمة الدولة تجاه مواطنيها

يقول جيسون: إنّه قد أجرى بحثًا حول الدول التي تستخدم الإخفاء القسري – وقارن بينها وبين الدول التي تستخدم أشكالًا أخرى من القمع – فوجد أنها تستخدم هذا الأسلوب عندما تفشل في فهم طبيعة المعارضة التي تواجهها. وقد استنتج أنّ أنظمة الحكم تلجأ إلى هذا التكتيك عندما تتأكد من ضعف القاعدة الشعبية للمعارضة، فيصبح من الصعب معرفة من يدعم أو قد ينضم إلى المعارضة. والهدف من ذلك هو تفتيت المعارضة.

كما أنّ الهدف من ذلك أيضًا هو سحب الدعم من المعارضة وترهيب المجتمع. وفي سبيل ذلك، تعمل الدول على تطبيق مبدأ الإخفاء القسري لقمع المعارضين. وتسعى الدول من إخفاء المواطنين إلى إجبار عائلاتهم ومعارفهم على الانصياع لمطالب الدولة. وتقوم الدولة بضمان وجود نفوذ لها عبر اعتقال الضحية، وقطع كافة السبل لتحريره باستثناء الانصياع.

غالبًا ما ترفض العائلات فكرة موت الضحية من دون وجود دليل – يضيف جيسون. وتظل العائلة متمسكة بأمل أن يكون المختطف حيًا. وبسبب عدم معرفة العائلة بمصير الضحية، فإنها تميل إلى الاعتقاد أنّ الضحية ما تزال حية، فتتردد في مقاومة الدولة.

يقول جيسون: إنّ الخوف يظل مسيطرًا على عائلة الضحية مما يجعلها تتحاشى الانخراط في السياسة. كما أنّ هذا الأسلوب سيرهب العديد من المعارضين. ويظل الوضع مستمرًا؛ لأنّ العائلة تبقى خائفة طالما أنّ قدر الضحية يظل مجهولًا.

توضح الحالة التركية آليات أسلوب الإخفاء القسري. عندما وقع انقلاب عام 1980 – يستطرد جيسون – قمع الجيش التركي المعارضة بعنف، ولكن لم ينتهج أسلوب الخطف، لكن الدولة اختطفت على الأقل 850 شخص في أوج صراعها مع «حزب العمال الكردستاني» (بي كي كي) بين عامي 1992 و1995.

قام الجيش بالانقلاب على الحكومة في عام 1980 بسبب تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وشن اليساريون المتطرفون والقوميون والانفصاليون حربًا شعواء ضد الدولة. تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 5000 شخص بين عامي 1976 و1980 بسبب هذه الحرب. وقد ازداد تردي الأوضاع في السنوات التي تلت الانقلاب.

اقرأ أيضًا: خريطة «الاختفاء القسري» في الوطن العربي

يقول جيسون: إنّ قمع الدولة للأكراد شهد تصاعدًا في التسعينات، مع سعي الدولة للقضاء على بي كي كي. بدأ البي كي كي شن حربه في عام 1984، وفرضت الدولة قانون الطوارئ في عام 1987 في المحافظات الكردية. وقد شهدت أوائل التسعينات 2241 عملية قتل غير معروف منفذها، و1373 عملية قتل خارج إطار القانون، ووفاة 403 معتقل.

يشير جيسون إلى أنّ الاختلاف بين الفترتين هو وضوح المعارضة بالنسبة للنظام. كان من السهل تحديد المعارضة إبان انقلاب 1980، إذ كانت تتركز بين مجموعات طلاب الجامعات من الماركسيين والقوميين واليساريين، ولم تمتد قاعدة الدعم إلى أبعد من ذلك. اعتمد الجيش التركي على قوائم من القوميين لاستهداف المعارضة. وهكذا كانت المعارضة واضحة للحكومة، لذا لم تلجأ إلى ترهيب مجموعات الطلاب.

يتبين لنا من الحالة التركية أنّ الدول تلجأ إلى الإخفاء القسري عندما تعجز
عن قمع المعارضة. وإذا ما أسقطنا ذلك على الوضع في الشرق الأوسط حاليًا،
يمكننا أن نرى أنّ تزايد تلك الحوادث يشير إلى استمرار أزمة الانتفاضات
العربية وضعف الدول في مواجهة المعارضة.

بيد أنّ التمرد الكردي كان مختلفًا – يواصل جيسون – فقد واجه الجيش التركي حركة لها دعم شعبي واسع، غير واضحة الملامح، حيث دعم العديد من الأكراد البي كي كي دون الانخراط في الحرب. وقد تجلى هذا الدعم في الاحتجاجات الكبرى لدعم الحزب، وقد شمل ذلك إغلاق المدن مما سمح للبي كي كي بسط نفوذه في العديد من البلدات. كانت الدولة غير قادرة على تحديد هوية المعارضة، لذا اتجهت نحو أسلوب الإخفاء القسري.

يتبين لنا من الحالة التركية أنّ الدول تلجأ إلى الإخفاء القسري عندما تعجز عن قمع المعارضة. وإذا ما أسقطنا ذلك على الوضع في الشرق الأوسط حاليًا، يمكننا أن نرى أنّ تزايد تلك الحوادث يشير إلى استمرار أزمة الانتفاضات العربية وضعف الدول في مواجهة المعارضة.

لكن هذا الأسلوب قد يأتي بنتائج عكسية – يختتم جيسون بالقول – فقد يزيد من حدة المقاومة ويجذب الانتباه نحو عنف الدولة. وعبر استهداف عائلات النشطاء بغية الترهيب، يمكن للدولة تقوية المعارضة بسبب الآثار الصادمة للعنف على العائلات؛ مما سيغير حسابات السلطة التي تمارس القمع.

اجمالي القراءات 1721
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق