الدكتور ممدوح شكري رئيس جامعة يورك الكندية: حل مشاكل مصر يبدأ من التعليم الابتدائي

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٢ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشروق


الدكتور ممدوح شكري رئيس جامعة يورك الكندية: حل مشاكل مصر يبدأ من التعليم الابتدائي

ضرورة تقليل جرعة الدين فى المناهج.. وعلى الدولة ألا تتدخل فى التعليم
• الجامعات يجب أن تكون مستقلة فعلا.. ويراقبها مجلس الأمناء فقط
• مستعد لعمل أى حاجة لمصر.. لكن لا أريد مزاحمة المسئولين
• «مفيش حاجة فى كندا اسمها ابن الجامعة أو تعيين معيد عمره ٢٢ عاما»

«أنا مصرى وسأظل مصريا، ولدت فى مصر الجديدة، ولا يمكن أن أهرب من قدرى، إننى مصرى، رغم أننى أعيش فى كندا منذ عام ١٩٧١، ومازلت ادفع رسم العضوية فى نادى هليوبوليس حتى الان، لأننى فخور بكونى مصريا».
هذا ما قاله العالم الكبير الدكتور ممدوح شكرى خلال لقائه مع أربعة صحفيين مصريين فى مقر جامعة يورك التى يرأسها فى مدينة تورنتو.
هذا اللقاء تم يوم الجمعة ٢٨ مايو الماضى فى مكتب البروفيسور شكرى فى تورنتو، وكنت برفقة الزملاء محمود مسلم وعلاء ثابت ورانيا بدوى والدكتور مجدى القاضى رئيس الجامعة الكندية فى مصر «cic». وتشاء الأقدار أن تلتقى نفس المجموعة مع الدكتور شكرى مساء الأربعاء الماضى فى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة خلال زيارة سريعة له إلى القاهرة قادما من الهند.
الحديث فى تورنتو والقاهرة كان متشعبا واستغرق أكثر من ست ساعات، تنقلنا فيه بين موضوعات متنوعة. لكن الملفت للنظر أن الدكتور ممدوح لازال يتذكر معلميه المصريين فى مصر الجديدة منتصف الستينيات، والاهتمام باللغة العربية الذى تراجع الآن بصورة فادحة، ويؤثر على الانتماء بين أجيال الشباب.
وعندما تلتقى عالما كبيرا مثل شكرى فإن الجانب الأكبر من الحديث ينصرف فورا إلى السؤال التقليدى الوجودى، وهو لماذا تقدم الغرب عموما وخصوصا، فى التعليم ولماذا تأخرنا نحن فى مصر، وكيف السبيل إلى الخروج من هذه الدوامة»؟!.
قبل أن ألتقى الرجل كنت قد قرأت عنه الكثير، وتصورت أنه منعزل فى برج عاجى، ثم فوجئت بأنه يتابع شئون مصر إلى حد كبير بفضل الانترنت، ويطالع الصحف خصوصا الشروق التى أبدى إعجابه بها خلال الحديث أكثر من مرة خصوصا انها تتيح نافذة لكل الاراء والاصوات طالما انها فى اطار القانون. ويغضبه كثيرا المستوى الذى وصل إليه حال بعض وسائل الإعلام فى مصر، وهو لا ينسى أن أحد الإعلاميين برر تحرش طلاب جامعة القاهرة، بإحدى الفتيات بسبب مظهرها وطريقة ملبسها، ورأيه عن التحرش ليس له صلة بالملبس أو المظهر، بل بالعنف وأن يكون الإنسان سويا.
فى تقدير شكرى فإن إصلاح التعليم هو أحد المحاور الرئيسية لأى تقدم، وما حدث فى كندا ورآه بعينه طوال ٤٥ عاما يمكن أن يحدث فى مصر.
بداية الإصلاح من وجهة نظر د. شكرى هو الحضانة والمدارس الابتدائية، وأحد المحاور لذلك تخفيض جرعة الدين فى المناهج الدراسية، وليس إلغاءها.
يضيف: «كنا نعلم أولادنا اللغة العربية والدين الإسلامى. فى جامعات كانت تقليديا معقلا لليهود، لكن ربط التعليم بالدين، يعرقل طريقة التفكير.
الأهم فى التعليم هو نوعه، وأن يكون متاحا للجميع وبفرص متساوية، والأساس فى التعليم الجامعى هو الحرية والابتكار، ولا أعرف كيف يدخل البوليس الحرم الجامعى، هو موجود لحماية المجتمع، والجامعات تستعين بشرطة مدنية وظيفتها حماية المنشآت فقط.
لكن لو حدثت أى مخالفة فإن البوليس يدخل الجامعة، وله كل السلطة فى فض المنازعات بالطريقة العادية، لكن بالطبع ليس له علاقة بالمناهج والتفكير والحريات.
فى تقديره أن أى استثمار فى التعليم شىء جيد لأنه يساعد على التقدم والابتكار. يقول الدكتور شكرى إن نصف ميزانية الجامعة تأتى من الحكومة، والاخيرة لا تستطيع فصلى ووزير التعليم ليس له سلطة علينا، لكن من حقه أن يعرف ماذا نفعل.
لا يوجد شىء فى الجامعات الكندية اسمه «ابن الجامعة» فهى لا تعين خريجها، لسبب بسيط هو: «ما هى الفكرة أن أكرر فى الجامعة ما تعلمته فيها؟!». المطلوب أن يكون المعيد الجديد لديه أفكار جديدة. هو نفسه بعد تخرجه عمل ٧ سنوات فى الصناعة والبحث العلمى، ورئيس القسم اتصل به وقال له: عندنا وظيفة لك، بشرط أن تخبرنا ما هو الجديد الذى تعلمته وتستطيع أن تنقله للطلاب؟.
الدولة ليس لها صلة بالتعيينات الجامعية، كما لأنه لا يوجد منطق من وجهة نظره فى تعيين معيد عمره ٢٢ عاما. الأصح أن الجامعة، يترك لها حرية الاختيار. طبعا سوف يتخوف البعض من«الواسطة»، هذا أمر مفهوم وبالتالى فلابد من وجود سيستم أو نظام فعال يمنع ذلك. أحد مظاهر النظام الجيد أن يكون لديك مجلس أمناء جيد، وهو فى الجامعة يتكون من ٣٠ شخصا، ٢٥ منهم من وجهاء البلد، ويصعب أن يكون هناك ٣٠ شخصا من مشارب مختلفة فاسدين فى وقت واحد خصوصا فى ظل دولة القانون!!، كما أن نصفهم أساتذة ونصفهم مجلس أمناء يرشحون رئيسا للمجلس، والحكومة ليس لها أى دور فى تعيين الأستاذة أو رؤساء الجامعات، ونظام الإدارة مثل الجمل أبوسنامين فمجلس الأمناء مسئول عن المال والأرض، أما الرئىيس فإدارى أى يعين ويفصل، أما الأساتذة فإن مسئوليتهم هى الحياة الأكاديمية بكل تفاصيلها. ورئيس الجامعة هو حلقة الوصل بين مجلس الجامعة ومجلس الأمناء لأنه عضو فى المجلسين.
يقول د. شكرى إن عبدالناصر «خرب الدنيا» رغم أنه كان جيدا ومنحازا للفقراء. وتقديره أن المسئولين لابد أن يفتحوا صدورهم للطلاب والشباب ويسمعوهم، ويؤمنوا أنه كلما زادت المشاركة، كلما تحسن الوضع، وعلينا أن نتوقف عن مقولة «إنت زى ابنى» لان هذا ضد الحرية وضد التطور والتميز ويؤدى إلى التنميط.
إدارة الجامعة أيضا لا تستطيع أن تقول للأساتذة قوموا بتدريس هذا ولا تدرسوا ذاك. لكن هناك أيضا تقييم مستمر للأساتذة. الاستاذ حر فيما يدرسه، لكن تحت اشراف رئاسة القسم والتقييم يتم من خلال عدد الدراسات والمنشورات والانجاز، وعدد الطلاب الذين يدرسون مادته ويقبلون عليها، هناك أيضا تقييم من الطلاب للأساتذة، وهناك آلية عبر موقع مغلق على الانترنت، ولكن فى اطار مجموعة من القواعد بحيث لا يتحول الأمر إلى «سب الأستاذ بالأم»!.
وإذا كانت هناك حاجة لتعيين أستاذ جامعى بصفة دائمة يتم أخذ رأى ثلاثة من خارج الجامعة، ونسألهم كيف يخدم هذا الأستاذ الجامعة والمجتمع، والتقييم من مائة درجة، «أربعين للبحث وأربعين للتدريس وعشرين للخدمة العامة داخل الجامعة».
ولأن تخصصه هو الطاقة النووية، فقد سألناه عن مفاعل الضبعة ورغم ذلك أجاب بتواضع العلماء الحقيقى، بأنه لا يستطيع أن يبدى رأيا فى موضوع لم يدرسه جيدا.
لكنه يضيف: «أنا ابن الطاقة النووية فى كندا، فقد عينونى قبل أن أنهى دراستى». ومميزات الطاقة النووية انها توفر الانتاج الضخم، وترفع مستوى التكنولوجىا فى البلد عموما، والقصة ليست فقط فى قلب المفاعل، لكن فى «الحاجات اللى حواليه» خصوصا الصناعات الموازية، ولا يمكن بأى حال من الأحوال التهاون فى مسألة الأمان.
وإذا كان الهدف الأساسى من المفاعل هو الكهرباء، فيجب أن نفكر أيضا فى كيفية أن يفيد هذا الأمر الصناعة. فى مسألة الأمان فإن الغباء البشرى هو الذى يؤدى إلى الكوارث أحيانا، ففى اليابان لم يتصوروا حدوث تسونامى فى المنطقة، والأمر نفسه حدث بصورة مختلفة فى مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا.
عندما سألناه حول إمكانية أن يعمل فى مصر، قال: «مستعد بالطبع أعمل أى حاجة لمصر، فسوف أنهى مهمتى فى كندا بعد نحو أقل من ثلاث سنوات.
لا أريد مناصب بالطبع ولا أريد أن أزاحم الناس والمسئولين فى أى شىء، حيث لا يتصور البعض أننى أريد منصبا، لكنى مستعد لتقديم أى مشورة أو خدمة أستطيع أن أقوم بها. وبداية أى إصلاح أن يحدث حوار حقيقى يقوده ناس متفتحون وعاقلون، وأن نتوقف تماما عن حكاية المؤامرة. أعرف الصعوبات الاقتصادية التى تمر بها الحكومة، لكن عليهم أن يتحركوا والبداية هى التعليم الابتدائى، لأننى أملك خبرة مهمة فى هذا المجال، لأننى كنت طالبا وأستاذا وعميدا ونائب رئيس جامعة ثم رئيس جامعة وعملت فى الصناعة والبحث العلمى. ممكن أشارك بخبرتى مع أى شخص. الأفكار كثيرة ويمكن أن تؤدى إلى تطورات وتغييرات كثيرة شرط الجدية والتطبيق. على سبيل المثال، كندا تمكنت من محاربة التدخين بصورة فعالة وبهدوء وعلى مراحل، حينما اشترطت أن يكون التدخين بعيدا عن أى مبنى بمسافة ١٨ ياردة، وإذا تصورنا الثلج والمناخ المجمد فى كندا سنعرف كيف أقلع كثيرون عن هذه العادة الخطيرة!!.
المواطنون ينظرون هناك للمدخن باعتباره مريضا والضرائب مرتفعة جدا على السجائر وحصيلتها تذهب لمعالجة مرضى السرطان.
اجمالي القراءات 1155
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق