10 أيام مجنونة.. طبول الحرب النووية تدق أبواب واشنطن وبيونج يانج

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٤ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


10 أيام مجنونة.. طبول الحرب النووية تدق أبواب واشنطن وبيونج يانج

يبدو أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الجديد عديم الخبرة في نظر الكثير من المراقبين، لم ولن يتوقف عن قراراته المفاجئة، والتي تصدر في معظم الوقت في لحظات تسرع، ودون تخطيط في نظر البعض، أو استشارة لجميع مستشاريه، والناتجة معظم الوقت ربما عن أسباب ودوافع شخصية بحتة، أو عن عدم خوض ترامب في أي وقتٍ سابق في السياسة الأمريكية قبل حملته الرئاسية التي بدأت عام 2015، وهو ما يجعل البعض يرى أن كل قراراته نابعة بالأساس من كونه رجل أعمال، يعتمد على مصلحته وأمواله في المقام الأول.

في الأيام العشرة، الأيام القليلة، اتخذ ترامب عددًا من القرارات العسكرية الخطيرة، في الحقيقة هي عدد من التحركات أيضًا، فهي ليست مجرد قرارات لم تُنفَّذ، وإنما نُفذت على الواقع، وكان لها تأثيرها في الساحة الدولية، وبالطبع ستظل تداعياتها مستمرة لفترة طويلة.

وفي هذا التقرير، نقدم لكم وجبةً تلخص التحركات العسكرية الأمريكية خلال الأيام العشرة السابقة، مع التركيز على الأزمة الكورية الشمالية، وبحث وتحليل إمكانية نشوب حرب نووية، أو ذات أسلحة دمار شامل في العالم خلال الفترة المقبلة.

التحركات العسكرية الأمريكية الثلاثة في عشرة أيام

1. سوريا

أول هذه التحركات بالطبع كان شن هجوم صاروخي من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية على أماكن تخص نظام بشَّار الأسد، في منطقة مطار الشعيرات العسكري، والذي يبعد 31 كيلومترًا عن جنوب شرق مدينة حمص، وسط سوريا، والذي يضم عددًا كبيرًا من الطائرات العسكرية الخاصة بنظام الأسد، بالإضافة إلى عدد من صواريخ أرض- جو، وذلك في الساعات الأولى من صباح الجمعة 7 أبريل (نيسان) 2017.

اقرأ أيضًا: ترامب يضرب الأسد على خطى «فرانك أندروود».. 5 أسئلة تشرح لك كل شيء

هذه الخطوة التي جاءت نتيجة ما عُرف إعلاميًّا باسم مجزرة خان شيخون، في ريف إدلب الجنوبي بشمال سوريا، والتي أطلق فيها النظام السوري غازات السارين السامة على المنطقة، والتي راح ضحيتها 100 مواطن، بجانب إصابة 350 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال.

2. كوريا الشمالية

التحرك الثاني الأهم، وبالترتيب الزمني، هو نشر الولايات المتحدة الأمريكية للمجموعة البحرية كارل فينسن الضاربة في شبه الجزيرة الكورية، والتي تتكون من حاملة طائرات، وسفن حربية، وذلك في 11 أبريل (نيسان) 2017.

وجاءت هذه الخطوة ردًّا على التهديدات النووية من كوريا الشمالية؛ إذ أشار الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة على استعداد كامل للتصرف بمفردها مع تهديد كوريا الشمالية.

اقرأ أيضًا: ترامب في حيرة.. والمدنيون دائمًا هم الضحية

3. أفغانستان

أمَّا التحرك الثالث والأخير، وهو الأحدث، هو هجوم الولايات المتحدة الأمريكية، أمس، بأكبر قنبلة غير نووية، وذلك على سلسلة كهوف في أفغانستان، زعمت الولايات المتحدة أنها ملاجئ لأعضاء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ولاية ننجرهار الأفغانية، وذلك بحسب بيان وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون.

وبحسب البيان، فقد استخدمت الولايات المتحدة القنبلة غير النووية الأضخم في العالم، والتي تُعرف باسم (أم القنابل)، والتي يصل وزنها إلى حوالي عشرة أطنان، وهي من نوع (GBU43). والتي أدت إلى مقتل 36 شخصًا من المسلحين، ولا توجد أي أضرار لحقت بالمدنيين، وفق البيان.

تحليل هذا التحرك الأخير في أفغانستان له عدة اتجاهات ودوافع؛ فيرى عدد من المحللين أن مثل هذا التحرك يخدم الولايات المتحدة من عدة أوجه؛ إذ كان هدف التحرك الظاهر أمام الكل هو محاربة أعضاء «تنظيم الدولة الإسلامية»، وقد حدث بالفعل، وأدى إلى مقتل 36 من مسلحي التنظيم، وبالتالي فهذا هو المكسب الأول.

أمَّا المكسب الثاني فيعتبر وجود فرصة للولايات المتحدة لاستخدام قنبلة (أم القنابل) بطريقة مباشرة، ولمعرفة مدة نطاقها، وحدوده، وكيفية تأثيرها في أرض الواقع. قد يسأل البعض، لماذا لم تجربها في سوريا، خاصةً في ظل الهجوم الصاروخي الأخير؟ الإجابة بسيطة جدًّا؛ لأن الولايات المتحدة لم تختبر مداها الحقيقي من قبل، وبالتالي لا يمكنها استخدام أو تجربة هذه القنابل لأول مرة على سوريا، خوفًا من أن تصاب إسرائيل بسوء، والتي تعتبر الحليف التاريخي الأبرز والأهم للولايات المتحدة.

المكسب الثالث بالتحرك العسكري على أفغانستان هو نشر البروباجندا الإعلامية حول قدرة الولايات المتحدة العسكرية في الوقت الحالي، والتي لم يظهرها ترامب صراحةً، أو بهذه الطريقة منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتوليه مقاليد الحكم منذ 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. فضلًا عن اعتبارها تهديدات صريحة موجهة لسوريا، وكوريا الشمالية، بإمكانية تقدم الأمريكيين في كلتيهما.

ترامب يستعرض قوته العسكرية

في عام 1968، خرج علينا المخرج المصري فطين عبد الوهاب بفيلمه (أرض النفاق)، من تأليف يوسف السباعي، والذي حاز على بطولته الفنَّان القدير المصري فؤاد المهندس، إذ اكتشف الموظف مسعود أبو السعد دكانًا صغيرًا لبيع حبوب لعلاج أشياء معنوية مثل الأخلاق، والصراحة، والخير، والقوة، والشجاعة. الأمر يبدو غريبًا هذه الأيام مع ترامب؛ إذ يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تناول عددًا من حبوب الشجاعة في الأيام السابقة؛ ليقوم بكل هذه التحركات العسكرية ضد هذه الدول، وخاصةً تلك الضربة التي وُجهت لنظام بشَّار الأسد، الذي كان ترامب من أكبر وأهم مؤيديه وداعميه خلال الفترة السابقة.

ففي الحقيقة، كل ضربةٍ من هذه التحركات الثلاثة بها شيء مميز؛ فالمميز في الضربة السورية أنها كانت مفاجأة تمامًا، ولحليف للولايات المتحدة الأمريكية (النظام السوري)، بينما كان المميز في التحركات تجاه كوريا الشمالية هو اقتصار الأوضاع على مدار وقتٍ طويل على المناوشات الكلامية، والتحذيرات، والتهديدات الشفهية، والعقوبات، دون تحرك عسكري حقيقي، وأمَّا الجديد فيما حدث في أفغانستان هو استخدام القنبلة غير النووية الأضخم في التاريخ، وهي قنبلة (أم القنابل).

كيف تبدو العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية؟

تأسست العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الموحدة بموجب معاهدة السلام والصداقة والملاحة عام 1882؛ إذ وصل المبعوث الدبلوماسي لأول مرة إلى كوريا عام 1883، لتستمر العلاقات بينهما في ود وسلام حتى عام 1905، وذلك عندما بدأت اليابان في التدخل والتحكم في السياسة الخارجية لكوريا، أعقبتها باستعمار كوريا بدايةً من عام 1910، وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ليستمر الاحتلال الياباني لكوريا لمدة 35 عامًا كاملة. نهاية الحرب العالمية الثانية شكَّلت تاريخًا محوريًّا لشبه الجزيرة الكورية؛ فقد انقسمت إلى منطقتين، منطقة جنوبية تابعة للولايات المتحدة، ومنطقة شمالية مؤيدة وتابعة للاتحاد السوفيتي، غير أن هذا الانقسام دام ليتحول إلى دولتين مختلفتين منفصلتين تمامًا عام 1948، هما جمهورية كوريا الجنوبية، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في الشمال.

وفي عام 1950، قامت القوات الكورية الشمالية بغزو كوريا الجنوبية، ليقوم تحالف مكون من 16 دولة تابعة للأمم المتحدة بالدفاع عن كوريا الجنوبية، التابعة للولايات المتحدة في هذا الوقت، إلى أن أنهي هذا الصراع بالهدنة عام 1953.

ومنذ عام 1994، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية على خارطة طريق لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، مجرية محادثات من أطراف عديدة حول الأمر، كانت آخرها في عام 2009، ولكن لم يفلح الأمر في أي مرة. وعلى الرغم من إعلان كوريا الشمالية في عدد من الأحيان أنها ستبدأ في نزع السلاح النووري، إلا أنها في عام 2016 فقط، قامت بإطلاق أكثر من 20 قذيقة تسيارية لاختبارها، وذلك في انتهاكات صريحة، وواضحة للقانون الدولي.

العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية متوترة بشدة بسبب تنمية البرنامج النووي الكوري؛ إذ تفرض الولايات المتحدة حظرًا اقتصاديًّا شبه شامل على كوريا الشمالية منذ عام 1950؛ بسبب غزوها لكوريا الجنوبية، غير أن هذا الحظر تخفف مع الوقت، ولكنه صدر بشكل كامل بسبب حادثتين؛ الأولى في الثاني من يناير (كانون الثاني) 2015، وذلك في أعقاب الهجوم الإلكتروني لكوريا الشمالية على شركة المنتجات الإلكترونية، والإنتاج الفني (سوني)، بسبب الفيلم الأمريكي (The Interview) الذي سخر من رئيس كوريا الشمالية، وانتهاكاته للقانون الدولي بطريقة كوميدية، ببطولة الممثل جيمس فرانكو.

والحادثة الثانية في يناير (كانون الثاني) 2016، وهي واقعة إطلاق صواريخ واختبارات نووية كورية. ولا تقيم الولايات المتحدة أي علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية على الإطلاق في الوقت الحالي، وتعتبرها دولة عدوة لها.

كيف تجددت الأزمة الكورية الشمالية في عهد ترامب؟

في هذه المرة لم تكن البداية من ترامب، وإنما من كوريا الشمالية، إذ أجرت كوريا الشمالية في 22 مارس (آذار) 2017 الماضي تجربة صاروخية جديدة مُنيت بالفشل، في الوقت الذي أعلنت فيه بيونج يانج أن هذه التجربة كانت تمرينًا لقصف القواعد الأمريكية في اليابان.

وبالرغم من فشل هذه التجربة، وبرغم التقارب بين الصين وكوريا الشمالية، إلا أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون، أعلن خلال زيارته للصين، المجاورة لكوريا، أن التحالف مع الصين ضد كوريا سيصل لأقصى درجاته، في مواجهة كوريا الشمالية؛ محاولًا إقناع الصينيين بتعزيز الضغط على كوريا الشمالية، ومشيرًا إلى أن الخيار العسكري مطروح دائمًا في مواجهة عائلة كيم يونج أون، الرئيس الكوري الشمالي.

المشهد الثاني يأتي بإعلان الولايات المتحدة الأمريكية في العاشر من أبريل (نيسان) الجاري عن توجه حاملة طائراتها كارل فينسن مع سربها الجوي إلى المنطقة، والتهديد بضربة عسكرية أحادية الجانب ضد كوريا الشمالية.

هذا الإعلان دفع الصين، المقربة من كوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، المقربة من الولايات المتحدة، لإجراء محادثات عاجلة لمناقشة هذا التحرك، ومناقشة برنامج التسلح النووي لبيونج يانج، والذي يشكل مصدر قلق لجميع الأطراف في المنطقة؛ إذ اتفقوا في الأخير على فرض عقوبات أكثر صرامة على كوريا الشمالية في حال أجرت تجارب نووية، أو بالستية جديدة.

وكانت بيونغيانغ قد نفذت عدة اختبارات نووية، ويتوقع خبراء أن تكون هناك اختبارات أخرى في مراحلها الأخيرة، في الوقت الذي تطور كوريا الشمالية رأسًا نوويًّا يمكنه بلوغ الولايات المتحدة.

وهناك إشارات من كوريا الشمالية إلى أنها قد تجري اختبارًا لصاروخ عابر للقارات، بالرغم من الحظر الذي فرضته قرارات الأمم المتحدة على إجراء أي اختبار.

وتقول كوريا الشمالية إن المناورات العسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية تستفزها، وترى فيها إعدادًا للغزو.

كيف ردت كوريا الشمالية؟

الرد الكوري الشمالي جاء سريعًا؛ إذ أعلنت بيونج يانج أنها ستدافع عن نفسها بقوة شديدة من الأسلحة؛ ردًّا على نشر الولايات المتحدة الأمريكية لمجموعتها البحرية في شبه الجزيرة الكورية.

كما أعلنت وزارة الخارجية الكورية الشمالية أن نشر السفن الحربية الأمريكية يظهر نواياها المتهورة نحو الغزو، مشيرةً إلى أن الأوضاع وصلت إلى مرحلة خطيرة. وأكد بيان الخارجية أن بيونج يانج ستحمل الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن التبعات الفادحة المترتبة على أفعالها الصادمة، بحسب البيان.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركات عسكرية كورية شمالية واسعة، فإن بيونج يانج أكدت أنها مستعدة للرد على أي شكل من أشكال الحرب التي ترغب فيها الولايات المتحدة، مبررةً لنفسها أن نشر القطع البحرية الأمريكية أظهر أن كوريا الشمالية كانت محقة في تطوير قدراتها النووية لاستخدامها في الدفاع عن النفس، أو في أي ضربة وقائية.

هل نتوقع نشوب حرب بين الطرفين في الفترة المقبلة؟

في حالة إقامة حرب بين كوريا الشمالية، والولايات المتحدة ستكون بالطبع حربًا فظيعة، لها عواقب وخيمة على العالم أجمع، وهذا بسبب كونها في الأساس حربًا ذات أسلحة دمار شامل، بالإضافة إلى الكم الكبير من الشحن، والغضب، والمناوشات بين الطرفين، التي ستؤدي إلى انفجار عظيم في حالة نشوبها.

وتمتلك كل من الدوليتن أسلحة للدمار الشامل؛ تتكون من ثلاثة أنواع رئيسية هي: الأسلحة النووية، والأسلحة البيولوجية، والأسلحة الكيميائية، وكل سلاح من هذه الأسلحة قادر على أن يسبب العديد والعديد من الخسائر المادية، والبشرية للطرف الآخر.

وشهدت الساعات الأخيرة تصاعدًا في حدة التوتر بين الولايات المتحدة، وكوريا الشمالية؛ ففي ظل تهديد بيونج يانج بالرد على أي اعتداء من الولايات المتحدة، عقب إرسال الأخيرة لحاملة الطائرات الأمريكية مع مجموعة من الطائرات البحرية، نجد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجري عددًا من المحادثات والتحالفات تحسبًا لأي عدوان من كوريا الشمالية.

أجرى اتصالًا مع الرئيس الصيني مؤكدًا له أن العلاقات الصينية الأمريكية، والمعاهدات التجارية بينهما ستصبح بأفضل حال في حالة تعاونهما معًا لحل أزمة كوريا الشمالية، مؤكدًا ثقته بأن الصين قادرة على التعامل مع كوريا الشمالية، وإن لم تفعل ذلك، فإن الولايات المتحدة قادرة على التعامل مع كوريا وحدها.

من جانبه، نفى وزير خارجية كوريا الشمالية في تصريحاته، كون كوريا الشمالية هي التي تعقد الأمور مثلما قال ترامب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تخلق المشكلات، مشيرًا إلى أن إجراء تجربة نووية شيء تقرره كوريا الشمالية وحدها.

بينما رد المتحدث باسم البيت الأبيض، مارك تونير، أن الولايات المتحدة قلقة بشأن مواصلة كوريا الشمالية تطوير أسلحتها النووية، وإمكانيتها ضرب المنطقة بهذه الأسلحة، مؤكدًا أن وقت الرد حان، وأن الولايات المتحدة بصدد دراسة وسائل الرد من أجل ممارسة الضغط على كوريا الشمالية.

اجمالي القراءات 1924
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق