التشيع في نيجيريا: حرب الوكالة تستعر بين السعودية وإيران

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٢ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


التشيع في نيجيريا: حرب الوكالة تستعر بين السعودية وإيران

واحدة من أكبر دول الغرب الإفريقي عددًا للسكان، وضعتها إيران ضمن خطة التوسع الشيعي في إفريقيا، فقد أيقنت أهمية جعل الأقلية الشيعية في نيجيريا جزًء من خزانها البشري في الصراعات والحروب التي تخوضها من أجل «الدفاع عن أهل البيت وعتباتهم المقدسة».

مقالات متعلقة :

منذ عشرات السنوات تعمل طهران على تشيع العديد من النيجيريين ذات الغالبية السنية، وعلى صعيد آخر، كانت نيجيريا جبهة أخرى بين الخصمين السعودية وإيران، فهناك تخوض الدولتان حربًا باردة بالوكالة، فإيران تغدق بالمال والسلاح على أنصارها الشيعة، والسعودية تحاول صد النيجيريين السنة عن التشيع.

التشيع في نيجيريا بعد العام 1980

يقول مدير مجموعة «أفريكا سانتر البحثية»، بيتر فام «إن إيران لا تكتفي بمعاركها المكشوفة في الشرق الأوسط لتقوية تمددها في المنطقة، بل وضعت خططًا منفصلة لتثبيت هذا التمدد في إفريقيا ذات الثقل الاستراتيجي والجغرافي والكثافة السكانية العالية، والتي يمثّل فيها المسلمون ثقلًا كبيرًا».

تاريخيًا لم يكن يعرف التشيع في نيجيريا حتى العام 1980، عندما نشط «إبراهيم زكزاكي» لإقناع النيجيريين بالمذهب الشيعي، وبدأت الأقلية الشيعية تمارس الطقوس والعادات والتقاليد المعمول بها في المناسبات المذهبية، حاملين صور المرشد المؤسس «آية الله خميني»، والمرشد الحالي «علي خامنئي»، فقد عجلت إيران بنشر التشيع في نيجيريا، خصوصًا في منطقتي كانو وسوكوتو، وبنت المساجد والمدارس
الدينية، بينما أخذت الحركة الإسلامية النيجيرية التي يقودها النيجيري إبراهيم يعقوب زكزاكي تستقطب النيجيريين نحو هذا المذهب، حتى أصبح عدد الشيعة 3 ملايين شيعي وفق بعض الأرقام يتوسطون 200 مليون نسمة هم عدد سكان نيجيريا.

تلك الأرقام
تخالف ما ذكره «نائب زعيم المسلمين في نيجيريا»، «إسماعيل شعيب» الذي قال «إن اعتناق أكثر من 20 مليون شخص في نيجيريا لمذهب أهل البيت جاء نتيجة لجهود الشيخ الزكزاكي».

شهدت نيجيريا عدة حوادث بين الشيعة وقوات الأمن النيجيري، في مناسبات خاصة بالشيعة كذكرى عاشوراء، ويوم القدس، والتجمّعات الحسينية أيضًا لم تخل من صدامات أوقعت ضحايا من الطرفين.

في العام 2014، وخلال الاحتفال بمناسبة يوم القدس العالمي، قتل عشرات من أتباع زعيم الشيعة النيجيري الزكزكي، مع ثلاثة من أبنائه، ويعد العام 2015 هو الأكثر دموية على شيعة نيجيريا، ففي 27 نوفمبر (تشرين الثاني) قــُتل 21 شخصًا على الأقل في تفجير انتحاري استهدف موكب ديني في قرية داكاسوي، وتبنت جماعة «بوكو حرام» التفجير، أما في ديسمبر (كانون الأول) العام 2015، فقد وقع صدام كبير بين الجيش النيجيري والشيعة قتل فيه نحو 350 في زاريا، وقد أكدت منظمة العفو الدولية أن ضحايا الصدام دفنوا في مقبرة جماعية، وتبع ذلك هجوم من قبل الجيش النيجيري على منزل الزکزكي بهدف اعتقاله.

أسفرت عملية الجيش عن مقتل وإصابة أكثر من (35) من أتباع الرجل، كما قتل خلال موكب ذكرى أربعينية الحسين بن علي، في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عشرة شيعة في اشتباكات مع الشرطة بمنطقة كانو.

الزكزكي و«المنظمة الإسلامية في نيجيريا»

يراه أنصاره «عَلم من أعلام ولاية الفقيه«، ويراه الإيرانيون «زعيم شيعة نيجيريا»، كما يكنّى بـ«نصر الله الإفريقي»، إنه «إبراهيم يعقوب الزكزكي» المولود في الخامس من مايو (أيار) العام 1953 في مدينة زاريا بولاية كادونا الواقعة شمالي نيجيريا.

ينتمي الرجل إلى أسرة مسلمة سُنية تتبع المذهب الفقهي المالكي، وقد حصل الزكزكي على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة أحمد بن بللو، ثم تولى الأمانة العامة لجمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا خلال 1977-1978، وكان نائب الرئيس للشؤون الدولية للهيئة الوطنية بنفس الجمعية عام 1979.

أرجع اعتناقه للمذهب الشيعي لتأثره بالترجمات الإنجليزية للكتب الشيعية التي كانت توزعها سفارة إيران في نيجيريا، وقد تبني أيديولوجيا الثورة الإيرانية المؤسسة على نظرية «ولاية الفقيه»، وفعليًا جاهر في العام 1995 بتشيعه لأول مرة، إذ لم يتردد في انتقاد بعض صحابة الرسول محمد، خلال حوار صحافي.

وفي إطار العمل بالمنهج الفكري للمذهب الشيعي وأيديولوجيا الثورة الإيرانية في نيجيريا، اتخذ الزكزكي خطوة تأسيسه «المنظمة الإسلامية في نيجيريا» في أوائل ثمانينات القرن العشرين، وعملت المنظمة عبر نشاطاتها المتعددة على نشر التشيع، خاصة في زاريا عاصمة ولاية كادونا (شمالي نيجيريا)، وتعمل المؤسسة على نشر المذهب الشيعي مع مؤسسات إيرانية مثل «منظمة آل البيت» و«منظمة حيدر».

وتصدر المنظمة صحيفة «الميزان» بلغة «الهَوْسا» المنتشرة في نيجيريا، ولها إذاعة ناطقة لها من طهران، وهي مسئولة عن شبكة كبيرة من المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والاجتماعية في شمالي نيجيريا وجنوبيها، كما تقوم على مؤسسات اقتصادية مثل «منتدى التجارة»، وتنظم مظاهرات حاشدة في المناسبات الشيعية المختلفة، مثل يوم عاشوراء، ويوم القدس العالمي.

يذكر أن الزكزكي معتقل مع زوجته منذ 13 ديسمبر (كانون الأول) العام 2015، وذلك إثر اشتباكات دامية مع الجيش النيجيري، أصيب فيها الرجل بشلل جزئي كما فقد إحدى عينيه، كما أن السلطات النيجيرية حلت في ذات العام «الحركة الإسلامية في نيجيريا «(IMN) واعتبرتها «تنظيمًا غير قانوني».

«حزب الله النيجيري»

بينما تمكنت إيران من استنساخ نموذج «حسن نصر الله» كشخصية متمثلة في «إبراهيم يعقوب الزكزكي»، سارعت على نحو آخر لإمداد الرجل بالمال والسلاح؛ بهدف تكوين «مليشيات» مسلحة، كان قد شكل وقودها البشرى بوجود ما يقارب من ثلاثة مليون شيعي نيجيري، لذلك عرفت هذه الميليشيا باسم «حزب الله النيجيري».

وقد اعتبر العام 2011، نقطة تحول أحدثها الزكزاكي، وظهرت فيها بوادر حقيقية لتشكل جناح عسكري شيعي موالٍ لإيران داخل نيجيريا، إذ خضع شيعة نيجيريا لسلسلة من التدريبات، وفتحت مناطق سرية لصناعة السلاح الخفيف، إلا أن الأهم هو ما قالته وكالة الاستخبارات والجيش النيجيري عام 2013، عن وجود مستودع أسلحة هربها «حزب الله» اللبناني إلى شمال نيجيريا في مركز حركة الزكزاكي، كما تبين أن المجموعة التي خزنت السلاح تضم شيعة لبنانيين لهم علاقة بالزكزاكي، وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان العملية التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2010، عندما اكتشفت السلطات النيجيرية عملية نقل أسلحة من إيران في طريقها إلى غامبيا.

وقد دللت المواجهة التي وقعت بين هذه الميليشيا والجيش النيجيري عام 2014 على مدى القوة العسكرية التي يملكها شيعة نيجيريا، كما تحمل الجهات الرسمية النيجيرية هذا التنظيم مسؤولية التحريض على الاضطرابات والمواجهات المسلحة الواقعة بشمال نيجيريا عام 2015، إضافة لتحميله من جهتها مسؤولية اغتيال بعض علماء السنة بشمال نيجيريا.

يقول المحلل السياسي النيجيري محمد كبير عيسي: إن «الحركة الشيعية باتت دولة داخل الدولة، وإنها تقوم بإجراء تدريبات عسكرية لأعضائها؛ ممّا يكشف عن تدبير الشيعة لعمل ما في المستقبل»، ويقول أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة محمد السادس» خالد ياقوت «يبدو أن العلاقة بين التنظيم الشيعي النيجيري وإيران لم تعد علاقة ولاء وارتباط بولاية الفقيه والمذهب الجعفري فحسب، بل باتت تتعدى الجانب العقدي المعنوي، لترتبط بالرؤية الإيرانية الجديدة القائمة على الدخول إلى مناطق الصراع الدولي عبر وكلاء – أو عملاء – ترتبط مصالحهم الوجودية بالسياسة الخارجية وبالمصالح الاستراتيجية الإيرانية.

إيران والسعودية.. حرب الوكالة في نيجيريا

حظيت نيجيريا باهتمام دول الخليج، وخاصة السعودية، إلا أن انشغال السعودية بالحرب على ما أطلقت عليه الإرهاب في السنوات الأخيرة فتح المجال أمام إيران للاستفادة من تراجع دور الجمعيات المدعومة من السعودية في المجتمع النيجيري.

 

انتبهت السعودية مؤخرًا لما أنتجه الجهد الإيراني في نيجيريا من تهديد للوجود السني، وقد شكلت عمليات التشيع الإيرانية الواسعة حافز كبير لدي السعودية لمواجهة الخصم الإيراني والتحرك بإسناد سنة نيجيريا ذات الغالبية لمواجهة النفوذ الإيراني، ولذلك حفزت حركة «إزالة البدعة وإقامة السنة» السلفية التي تأسست في العام 1978 وتحظى بدعم سعودي لبحث «الأيديولوجيات الإسلامية المنحرفة«، من وجهة نظر المملكة، في نيجيريا وكثفت جهدها للتنبيه على خطر الحركة الإسلامية النيجيرية والمذهب الشيعي.

قامت المملكة إضافًة إلى ذلك ببناء مساجد ومدارس سنية، كما كثف الدعاة السعوديين نشاطهم لدعم سنة نيجيريا، وأصبحت مهمة الحركة مواجهة الشيعة في شمال نيجيريا وخصوصًا في كادونا التي يهيمن عليها السلفيون، وتشير المصادر النيجيرية إلى أن «إزالة» أيدت علنًا قمع الجيش لعناصر الحركة الإسلامية، كما أتُهم قائد الحركة «عبد الله بالا لو» بالتحريض على شيعة نيجيريا.

وبحسب المحلل السياسي أبو بكر الصديق محمد، فإن «السعودية مولت في الواقع الحملات ضد الشيعة في العديد من مناطق العالم»، مضيفًا «إذا تكثفت الهجمات على الشيعة، فمن البديهي أن تهب إيران لمساعدتهم، وأن تدعم السعودية الهجمات عليهم«، وقد عنيت إيران بالرد على جهود حركة «إزالة»، فقال الرئيس الإيراني حسن روحاني قاصدًا السعودية «هناك جماعة تعمل على زرع بذور الشقاق بين المسلمين في بلدان إسلامية».

بينما علق الشيعي النيجيري محمد إبراهيم في صحيفة «أهل البيت» الشيعية «هذا يثير قلقنا؛ لأننا نرى كيف أن المتعاطفين مع (إزالة) يبثون أخبارًا، تقول: إن الحكومة تريد حظر التشيع، والناس بدأت تصدق ذلك.

اجمالي القراءات 2655
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more