مى عزام تكتب -ثورة يناير: انتصار الحالمين وخداع الحملان-- استعيدوا حلم يناير.. فهو يأتى كل عام...

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٦ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


مى عزام تكتب -ثورة يناير: انتصار الحالمين وخداع الحملان-- استعيدوا حلم يناير.. فهو يأتى كل عام...

يناير أول شهور العام الميلادى، يحمل دائما عبء البدايات، والأمل والحلم والأمنيات في أن يكون ما هو آت أفضل مما مضى.

يناير يمثل للمصريين معنى الثورة، والتمرد وكسر حاجز الخوف، يأتينا كل عام مع أمل يراودنا أن نستعيد أجواء أيام الميدان الأولى، حين كنا جميعا مواطنين مصريين وفقط، لا فرق بين مسلم ومسيحى، إخوانى وليبرالى، سلفى وعلمانى، كانت أحلامنا جماعية: عيش حرية كرامة إنسانية، لا أحد يبحث عن منصب ولا زيادة راتب ولا مزايا خاصة، الشعارات كانت تخص الجميع ويرددها الجميع.

(2)

من أحلام الميدان الباطنية أن يستطيع ابن الزبال المؤهل أن يدخل سلك القضاء، وأن يكون امتحان وزارة الخارجية عادلا، وأن يكون القبول في كلية الشرطة منصفا للجميع، من أحلام الميدان أن يكون المصريون كأسنان المشط أمام القانون والدولة، لا فرق بين غنى وفقير، ابن الناس وابن بائعة الفجل، الكفاءة والقدرة هما المعيار الوحيد للقبول والترقى، وأن يكفيك أن تجرى وراء حلمك بالعمل لتصل إليه لا بالوساطة أو الرشوة.

(3)

فيلم «زوتوبيا» فيلم كرتون من إنتاج والت ديزنى، العام الماضى، يتحدث عن المدينة الفاضلة عند الحيوانات، وبالطبع كلها إسقاطات على عالم البشر وما يحدث فيه. في زوتوبيا تتشارك الحيوانات جميعا الحياة دون خوف، فالحيوانات المفترسة تعيش في وئام مع الطرائد بعد سنوات من التطور والتدريب والتأهيل، هناك ضواحى للحيوانات الصغيرة حتى لا تدهسها أقدام الحيوانات الضخمة دون قصد، المساواة والعدل هو شعار المدينة الفاضلة.. وأيضا كيفما تريد تكون في زوتبيا.

بطلة الفيلم «جودى هوبس» أرنبة صغيرة، حلمها أن تغير العالم للأفضل، منذ طفولتها وهى تحلم بأن تكون ضابطة شرطة، وهو ما لم يحدث من قبل، فهو حلم أكبر من إمكانيات الأرانب البيولوجية، وهو ما يكرره والداها، ناصحين بأنه ليس كل الأحلام ممكنة، ويكفيها الحلم دون السعى لتحقيقه في الواقع. لكنها ترفض النصيحة وتصر على دخول أكاديمية الشرطة، لتنافس زملائها من الحيوانات الضخمة والقوية بالفطرة، تستخدم مهارات الأرنب في التغلب على العوائق. وفى النهاية تخرجت، بل كانت من أوائل الدفعة، وقرر المحافظ لينهارت، وهو أسد أن يتم تعينها في أحد أقسام البوليس في زوتوبيا.

(3)

ترحل جودى عن مدينتها الصغيرة، وتسافر لحلمها، وهناك تكتشف أن شعار «زوتوبيا كون ما تشاء» لا يطبق بسهولة على أرض الواقع، رئيسها في العمل «شيف بوجو» جاموس ضخم، يسخر من وجودها ويرفض أن يكلفها بالتحقيق في قضية أختفاء 13 حيوانًا من الثديات، ويكلفها بمهمة دون دراستها وهى كتابة مخالفات مرور.

أول خيبة أمل كبيرة لجودى في زوتوبيا، أما الثانية فتتلقاها من الثعلب نيك وايلد (العدو التاريخى للأرانب) الذي احتال عليها بالخديعة وجعلها تدفع له ثمن المثلجات بسبب تمثيله البارع، وحين تصر على ملاحقته، بعد أن تكتشف خداعه، يصفها بالأرنبة الحمقاء، فزوتوبيا مثل أي مدينة أخرى، الشعارات الملتصقة على زجاج السيارات بعيدة تماما عن الواقع.

(4)

لكن جودى لا تستسلم لهذا الواقع وتقرر أن تغيره، تتغلب على خوفها الفطرى من الثعالب، وتتخذ من «وايلد» صديقا يعاونها في كشف غموض اختفاء الحيوانات المفترسة، التي فجأة أصبحت عدوانية وشرسة، اكتشفت جودى ووايلد أن وراء المؤامرة آخر حيوان يمكن توقعه، وهى النعجة الوديعة بيل ويذر التي كانت تعمل مساعدة لمحافظ زوتوبيا لينهارت، فلقد أرادت الانتقام منه بسبب معاملته الفظة لها، ودبرت الأمر بأن تثير الذعر بين الحيوانات الأليفة (والذين يمثلون 90% من سكان زوتوبيا) حتى يعزلوا الحيوانات المفترسة ويبعدوهم عن المناصب الكبرى، بحقن عدد من هذه الحيوانات بمواد مستخلصة من زهرة «عواء الذئب»، هذه المادة تحولهم لعدوانيين وشرسين.

(5)

فيلم زوتوبيا بسيط جدًا ورائع للغاية، استحق عن جدارة الحصول على جائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم كرتون لعام 2016، رسائله مهمة للكبار والصغار:

* اجرى وراء حلمك ولا تتخل عنه حتى لوكان الواقع ضدك.

* آمن بالتغيير.. وهو يبدأ منك أولا.

* ليس بالضرورة أن يكون المتآمر قويا وضخما، لكن قد يكون وديعا مسالما، لكنه صاحب دهاء ومكر. مظهر براءة الحملان يمكن أن يخفى خبث النوايا، وربما يكون الضخم المفترس هو الضحية.

* إثارة الخوف في النفوس هي وسيلة السيطرة الأولى والأهم والتى يمارسها أي شخص يسعى للسلطة.

(6)

هل يمكن أن نتعلم شيئًا صغيرًا من فيلم مثل زوتوبيا ؟.. نعم ، أن نواصل الحلم حتى يتحقق بأن نغير الواقع.

لقد كفرنا بأحلامنا بعد سنوات قليلة من الثورة، الواقع كأن أكبر من الحلم وأقوى، ما حدث خلال السنوات التالية لثورة يناير كان محبطا وقاتلا للتفاؤل، لكن «إحنا الشعب»، علينا أن نثق بأنفسنا، مهما تكتل علينا قتلة الأحلام ومجرمو الفساد. لا تفقد ثقتك في نفسك، وكن أنت التغيير، ولا تقل أبدا «مفيش فايدة»، وتأكد أن من يزرع الخوف في النفوس لا يسعى سوى للسيطرة عليك بالمكيدة.

استعيدوا حلم يناير.. فهو يأتى كل عام...

اجمالي القراءات 960
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق