المؤسسة الدينية في مصر تهدد الإسلام

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٣ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: البديل


حولت النيابة القرآنيين إلي المحاكمة بتهمة ازدراء الأديان. وهي تهمة تدخرها الدولة للمواطنين الذين يختلفون مع تفسيرها السني للإسلام فإذا وجدت مجموعة من الناس مثلا تلتف حول شخص له بعض القدرات، وأحاطوه ببعض الاحترام المفرط، كأن يعتقدون في ولايته أو قدراته الروحية، علي نحو ما يحدث مع كثيرين من شيوخ الطرق الصوفية، ألقي القبض عليه وعلي مريديه، ووجهت إليهم تهمة ازدراء الأديان. وقد وجهت التهمة هذه المرة إلي «أهل القرآن» كما يطيب لهم أن يسيموا أنفسهم أو «القرآنيين» كما درجت الصحف علي الإشارة إليهم.

مقالات متعلقة :


قرآنيون؟ وهل تحبس الدولة الذين يحبون القرآن. نعم حين يعلنون أنهم لا يعتدون بالحديث. أي ينكرون السنة.
والأمر ببساطة أن ظروف تدوين الحديث في أواخر حياة النبي، تجعل بعض الباحثين في شؤون الدين وحقوله، لا يطمأنون إلي كثير مما يطلق عليه الحديث بسبب كثرة الوضع. هناك أحاديث وضعت لأسباب قبلية ومذهبية وسياسية. وهناك رواة صحبوا الرسول زمناً قصيراً ولكنهم أسرفوا في الرواية، فيما يوجد صحابة عاشوا معه أزمنة أطول، وكانت روايتهم محدودة، وهناك رواة أقيم عليهم الحد مثل أبي بكرة، وبالمناسبة هو راوي الحديث المرفوع إلي النبي «ما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة».

وهناك أحاديث كثيرة عن فضل سور القرآن وبعض صحابة الرسول يشك الثقاة في صحة نسبها إلي النبي. أما ما يسمي بعلم الجرح والتعديل الذي صاغته مؤسسة الحفاظ فلم يستطع أن يقوم بعملية ضبط ناجعة للمسألة. فقد اقتصر علي فحص سلسلة السند، ومدي انطباق الشروط التي وضعت لتحديد الرواة.
وقد دعم الشك في كثير من الأحاديث اتساع الامبراطورية ودخول كثرة هائلة من أبناء البلاد الأخري في الإسلام. ومن ثم راجت «الإسرائيليات»، وكثر الوضع، ومنهم قاتل عمر بن الخطاب، أبولؤلؤة.
لكن بوسع أي نظرة نقدية أن تكتشف أن مؤسسة الحفاظ كانت ضرورية لصياغة الإسلام السني كما حدث في التاريخ. فلكي تجد هذه المؤسسة ما تستند إليه في أخبارها وفتاواها كان لابد من كتب الصحاح التي تمد الفقيه والشارع بنصوص تحظي بالهيبة والقداسة، لكي تحلل وتحرم. أي أن السنة بصورتها تلك كانت ومازالت إحدي آليات السيطرة علي الحيز الاجتماعي.

لكن الزمن يتغير ونصوص الأحاديث المرفوعة إلي النبي ظلت كما هي ومن ثم أصبح المسلمون الأتقياء الذين يقرأون بعض كتب التراث يصطدمون بأحاديث أقل ما توصف به أنها «غريبة»، وقد صار مشهوراً منها في هذه الأيام حديث الذبابة وإرضاع الكبير وشرب بول الرسول.. إلخ. كل ما جرؤ عليه بعض المستنيرين أن قاموا بتغييبها أي الصمت عنها. محمد عبده تجرأ وفند الحديث الذي أصبح مشهوراً أيضا الذي يزعم فيه أن يهوديا نجح في سحر الرسول ثلاثة أيام. وقد قرأت منذ سنوات بحثاً مستفيضاً لفقيه سوريا ومفتيها يدحض فيه رأي العلماني محمد عبده.

الحقيقة أن المؤسسة السنية، وفي مصر بخاصة تعاني مصاعب جمة، فهي في مآزق متعددة. مأزق مع العصر الذي لم يعد يقبل بكثير من صياغاتها. ومأزق مع الإسلام السياسي الذي يتهمها بأنها تمثل فقه السلطان. ومأزق مع الناس الذين قامت بصياغة عقولهم، فيأتي بعضهم ليسأل هل الشيعة هم الشيوعيون، هل يقولون أن جبريل أخطأ في الرسالة.. الخ.

وقد شعرت الدولة ببعض ما في الأمر من قلق بعد 11 سبتمبر حتي وجدت أن المتطرفين يملأون جنبات الأزهر، فحاولت أن تحسن الشروط قليلا، فأتت بالمفتي ذي الميول الصوفية.

وبعض الصوفية يبالغون في حب الرسول، فكانت فتوي شرب البول الشهيرة. أما شيخ الجامع فقد هاجم الذين يدعون إلي التعامل النقدي مع الصحابة، واعتبر أن حب الصحابة هو الفريضة السادسة. وكانت بعض عناصر الإسلام السياسي التي حولت الحجاب إلي شعار سياسي، قد ملأت جوانب القاهرة، حوائط الشوارع والمدارس والجامعات والمترو، بشعار آخر هو «الحجاب فريضة كالصلاة» فإذا تذكرنا أن محمد عبدالسلام منظر جامعة الجهاد كان قد اعتبر الجهاد «الفريضة الغائبة» أصبحنا مع تضخم في عدد الفرائض.
كان من المفهوم إذن أن تحول النيابة القرآنيين إلي المحكمة بتهمة ازدراء الأديان، وخصوصا أن شيخهم المفصول من الأزهر أحمد صبحي منصور قد صدرت عنه آراء وفتاوي - فهو أيضا فقيه رسمي - ضد شرعية حكم الردة وغيرها من القضايا. أما الآن فهو لاجيء سياسي في أمريكا، ومن مؤيدي المواطنة والديمقراطية.

 

اجمالي القراءات 3888
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق