فورين أفيرز»: سوق أفكار الإرهاب في باكستان؟

اضيف الخبر في يوم السبت ٠١ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


فورين أفيرز»: سوق أفكار الإرهاب في باكستان؟

في تقرير لمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، استعرضت «مهوش راني»، الباحثة في مجال مكافحة الإرهاب، أسباب ظهور «تنظيم الدولة الإسلامية» في باكستان، وأسباب انضمام المقاتلين المنتمين لتنظيمات أخرى إليه، وكيف ينفذ التنظيم هجماته.

أرض خصبة للمتشددين

في صباح الثامن من أغسطس (آب) الماضي، نفذ تنظيم الدولة الإسلامية ما يمكن أن يوصف ـ بلا شك ـ بأكبر هجوم مدمر ومتقدم حتى تاريخه في باكستان. بدأت العملية حينما قامت «جماعة الأحرار» (فصيل إسلامي مسلح منشق عن حركة طالبان باكستان)، وتنظيم الدولة الإسلامية، باستهداف قسم الطوارئ في المستشفى المدني بمدينة كويتة الباكستانية، والتي كان قد تجمع فيها عشرات الأشخاص – بينهم الكثير من المحامين – حدادًا على اغتيال رئيس نقابة المحامين في إقليم بلوشستان «بلال أنور كاسي». وفجر الانتحاري الذي نفذ الهجوم قنبلة قاتلة؛ تسببت في مقتل 97 شخصًا على الأقل، من بينهم مجموعة من أبرز المحامين في إحدى المقاطعات الرئيسة في باكستان، بحسب ما أورده التقرير.

تقول الكاتبة «إن باكستان ربما تبدو للوهلة الأولى مساحة انتشار طبيعية لتنظيم الدولة الإسلامية، ليس فقط لكونها جمهورية إسلامية صريحة، وكثيرًا ما مرت بفترات متكررة من عدم الاستقرار السياسي (بداية من التشدد الديني وصولًا إلى الانقلابات العسكرية) وهي الأسباب التي مكنت تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على مساحات في دول أخرى، كأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن، ولكن السبب أيضًا يكمن في أن البلاد تمتلئ بالمنظمات الجهادية بالفعل، والتي أثبتت قوتها. أيديولوجيًا، فالتوجه السلفي لتنظيم الدولة الإسلامية واتجاههم المعادي للغرب وللشيعة، بالإضافة إلى روايتهم الداعية لتحرير أراضي المسلمين، هي بمثابة صدى للأفكار المطروحة بالفعل بين اللاعبين الأساسيين على الساحة الجهادية الباكستانية، بما فيهم المعارضين لتنظيم الدولة الإسلامية».

كيف ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في باكستان؟

 

أصبح تنظيم الدولة الإسلامية يمثل تهديدًا أمنيًا في باكستان في أواخر عام 2014، عندما وُزِّعت مطبوعات تحث على دعم تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة «بيشاور» الحدودية. بعد ذلك بفترة ليست بالطويلة، بدأت كتابات ورسوم جدارية ومطبوعات داعمة للتنظيم في الظهور في مدن باكستانية مختلفة. في يناير (كانون الثاني) عام 2015، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية عن إقامة ما أسماه المتحدث الرسمي باسم التنظيم «أبو محمد العدناني» «ولاية خراسان»، وهي منطقة ممتدة بين أفغانستان وباكستان، وتشمل أيضًا مساحات غير محددة في الدول المجاورة، كالهند وبنجلاديش وأجزاء من الصين وآسيا الوسطى. كان التأكيد على اختيار القيادات والقوات من المنطقة واضحًا منذ البداية، إذ قاموا بتعيين قيادة ذات أغلبية باكستانية، بما في ذلك تعيينهم «حافظ سعيد خان» – الناشط السابق في حركة طالبان باكستان – واليًا على خراسان. بالرغم من وجود أغلبية باكستانية في قيادة ولاية خراسان، إلا أنهم فشلوا في إقامة معقل لهم في باكستان، بحسب التقرير.

بسبب عجز «ولاية خراسان» عن استقدام مسلحين من تنظيم الدولة الإسلامية بشكل مباشر، كان أغلب المسلحين المرتبطين بالتنظيم في خراسان عبارة عن أعضاء ساخطين من جماعات محلية مسلحة. على سبيل المثال، في مايو (أيار) 2015، قام مسلحون بالهجوم على حافلة بمدينة «كراتشي» – أكبر مدن باكستان – مما أسفر عن مقتل 45 شخصًا. كان منفذو الهجوم ينتمون لتنظيم القاعدة في وقت سابق، لكنهم شعروا بالإحباط بسبب قلة نشاط التنظيم، فنسبوا أنفسهم لتنظيم داعش. بالرغم من إعلان حافظ خان مسؤوليته عن الهجوم في عدد يناير (كانون الثاني) 2016 من مجلة تنظيم الدولة الإسلامية التي تحمل اسم«دابق»، إلا أنه لم توجد أية صلة بين منفذي الهجوم والتنظيم. وقد اعتقلت مجموعة أخرى من المسلحين في مدينة «سيالكوت» في الشمال الشرقي من باكستان، وادّعوا الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية أيضًا، بالرغم من عدم وجود أية صلة واضحة لهم بالتنظيم. تكونت «خلية سيالكوت» من أفراد منفصلين عن منظمة «لشكر طيبة» وهي منظمة متشددة ومحظورة تسعى إلى إقامة دولة خلافة إسلامية، وإلى تحرير كشمير من النفوذ الهندي.

على الرغم من ذلك، تقول الكاتبة «إن هذا لا يعني أن تنظيم الدولة الإسلامية في باكستان هو مجرد فكرة أو رمز، ففي حين ادّعاء جماعات في مدينتي كراتشي وسيالكوت انتسابها للتنظيم، يوجد الكثير من الأفراد داخل باكستان ممن لديهم صلات مباشرة بتنظيم الدولة الإسلامية. في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015، اكتشفت الشرطة الباكستانية خلية تنتمي لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة لاهور، وعلى اتصال مباشر بمقاتلي التنظيم في سوريا، وضمّت رجال ونساء وأطفال. وقد أعلن أحد فصائل حزب التحرير، وهو جماعة إسلامية متطرفة تهدف إلى إعادة تأسيس الخلافة الإسلامية وإعادة حكم الشريعة، مؤخرًا ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، ثم تلقوا تعليمات من قيادة ولاية خراسان –التابعة للتنظيم- بإنشاء روابط بين مختلف أتباع التنظيم في باكستان. وعلى المستوى الفردي، انضم العديد من المتشددين الذين كانوا أعضاء في جماعات أخرى في باكستان إلى تنظيم الدولة الإسلامية بشكل مباشر، بعد فرارهم إلى أفغانستان بسبب العمليات العسكرية التي استهدفتهم في كراتشي والمناطق القبلية».

ترى الكاتبة أن انجذاب هؤلاء المقاتلين لتنظيم الدولة الإسلامية أمر بديهيّ؛ باعتبار التنظيم أكثر قوة من الجماعات الأخرى، بالإضافة إلى أن لديه تمويل أكبر، فقد ذكرت بعض التقارير أن المقاتلين الباكستانيين الذين سافروا إلى أفغانستان من أجل الانضمام إلى أحد الفصائل التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية تلقوا مبلغًا يقدر بـ500 دولار شهريًا.

هل هناك حل؟

 

على الرغم من أن العمليات العسكرية للقوات الباكستانية أثبتت نجاحها في هزيمة جماعات باكستانية مسلحة، إلا أنها أسفرت في النهاية عن زيادة أعداد المنضمين لتنظيم الدولة الإسلامية. كما هو الحال في العديد من الدول التي تحظى بقوة عسكرية وببعض الاستقرار السياسي بما يكفي لمنع تنظيم الدولة الإسلامية من التوسع داخل أراضيها، يمثل التنظيم تهديدًا فكريًا من خلال تشجيع هجمات الذئاب المنفردة. في أغلب الأحيان، تستهدف المواد البصرية والمسموعة التي ينتجها تنظيم الدولة الإسلامية الأفراد المحبطين من الوعود الفاشلة للأنظمة الديمقراطية الليبرالية، وهؤلاء ليسوا بالضرورة متشددين سابقين، بل يتضمن ذلك المراهقين والنساء والأشخاص ذوي المستويات الاقتصادية المتدنية، وفقًا لما ذكره التقرير.

وذكرت الكاتبة في نهاية المقال أن باكستان تحتاج لرؤية مستقبلية لمجتمع ديموقراطيّ ليبراليّ قوي، تتحقق فيه قيم مثل التسامح والتعددية والمساواة- لتتمكن من منع الفظائع التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية داخل حدودها بشكل نهائي، لكن إلى حين حدوث ذلك، ستستمر أعداد متزايدة من المقاتلين الباكستانيين في الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية وتحدّي النظام الحا

اجمالي القراءات 2440
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق