تماهي الحكومة والبرلمان يحرج النظام المصري دوليا

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٦ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


تماهي الحكومة والبرلمان يحرج النظام المصري دوليا

تماهي الحكومة والبرلمان يحرج النظام المصري دوليا

 
البرلمان المصري لم يعمل على استغلال صلاحياته الدستورية لتأكيد حضوره وتأثيره في الساحة السياسية.
العرب أحمد جمال [نُشر في 27/07/2016، العدد: 10347، ص(2)]
 
من مهام البرلمان امتصاص الغضب الشعبي على الحكومة
 
القاهرة - التناغم الكبير بين البرلمان والحكومة في مصر طرح مجموعة من التساؤلات حول مستقبل النظام السياسي ككل، بعدما تخلى المجلس التشريعي عن أهم مهامه في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية وتقويمها ليصبح برلمانا “تمريريا”، الأمر الذي يضع رأس السلطة المصرية في حرج بالغ أمام المجتمع الدولي ويؤكد الإشارات المتفرقة حول هشاشة الديمقراطية في مصر.

تناغم الأخطاء ظهر واضحا خلال تمرير البرلمان للموازنة العامة الشهر الماضي، بعد أن تمت مناقشتها والموافقة عليها في جلستين فقط، رغم ما نسبه البعض لها من خروقات دستورية.

وقتها قال علي عبدالعال رئيس مجلس النواب إن مجلسه اضطر إلى تسريع تمرير الموازنة بعدما وجد نفسه أمام مأزق دستوري آخر يتعلق بموعد انتهائه من مناقشتها.

ومع تكرار وقوف الوزراء أمام نواب الشعب تحولت المسألة إلى مشاهد تمثيلية محفوظة، وكأنها توزيع أدوار مرسومة بمجرد أن تطرأ أزمة يستدعى الوزير إلى المجلس ويواجه انتقادات دون أي إجراء عملي.

وتكرر الأمر مع العديد من الوزراء، بداية من وزير التموين في أزمة فساد توريد القمح، ثم وزير الصحة في أزمة ارتفاع أسعار الأدوية، ووزير التربية والتعليم في تسريب الامتحانات. كما تكرر لاحقا مع وزير الإدارة المحلية في مشكلة النظافة وسوء الإدارة.

وبالرغم من علامات رضاء الرئيس عبدالفتاح السيسي على التوافق بين الطرفين، إلا أن ذلك يسبب له في بعض الأحيان حرجا ويرسخ لمفهوم تشكيل مجلس النواب عن طريق أجهزة الأمن.

وحسب الدستور الحالي تحولت إدارة مصر من النظام الرئاسي إلى آخر نصف رئاسي يتمتع فيه البرلمان بصلاحيات كبيرة واختصاصات واسعة في ما يخص تكليف الحكومة ومراقبتها، إضافة إلى إقرار الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

لكن البرلمان الحالي لم يعمل على استغلال هذه الصلاحيات الدستورية لتأكيد حضوره وتأثيره في الساحة السياسية، فلم يتدخل في تشكيل الحكومة، ولا يقوم بمحاسبتها بشكل دائم، كما لم يتخذ حتى الآن إجراءات حاسمة أمام فشل إدارة العديد من الأزمات. ويؤكد مراقبون لـ“العرب” أن أعضاء البرلمان أصبحوا كـ“آلات” تحركها السلطة التنفيذية كما تشاء، فيقومون بالتصعيد وقت الطلب.

وفي أوقات أخرى يلتزمون الهدوء التام والعقلانية رغم غليان الشارع في البعض من القضايا، وآخرها ما حدث خلال امتحانات الثانوية العامة الشهر الماضي وإلغاء بعض الامتحانات، بعد أن أداها الطلاب وإلزامهم بإعادتها مرة أخرى في عبث بمصير الناشئة.

ويقول عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن العلاقة بين الطرفين لا تحمل أي قدر من الندية، ما يوضح الهدف من الإصرار على تشكيل أغلبية موالية للحكومة.

ويضيف في تصريحات لـ”العرب”، أنه بالرغم من سير تحالف الأغلبية “دعم مصر”، للحصول على إطار قانوني لتشكيله، إلا أنه يقوم الآن بالأدوار المطلوبة منه على أكمل وجه، تفوق في بعض الأحيان ما كان يتخيله النظام نفسه.

ويرى أن رفض أغلبية البرلمان لقانون الخدمة المدنية كان مجرد كبوة أفادت الحكومة كثيرا، أكثر من كونها أوقعت ضررا عليها، فقد كانت تريد إيصال رسالة مفادها أن الأغلبية لا تقف في صفها في كل الأحيان. والدليل على صحة هذا الاعتقاد تمرير نفس القانون (الخدمة المدنية) من البرلمان ذاته مؤخرا بعد إدخال تعديلات بسيطة عليه.

ومنذ انعقاد مجلس النواب في العاشر من يناير الماضي، لم يشتبك مع الحكومة بشكل مباشر لا بسبب مشكلات طارئة أو قضايا عاجلة وشكاوى تخص جانبا كبيرا من القطاعات التنفيذية بينما شهدت بعض الأزمات تعاملا طارئا وحادّا من بعض اللجان النوعية، والبعض من النواب.

ويشير مراقبون إلى إنه لم يكن اصطداما أو محاسبة حقيقية كما تشي الصورة، فسرعان ما تخفت حدّة الانتقادات ويعود الاستقرار وأجواء السلام بين الطرفين.

ويلفت حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن العلاقة بين الحكومة والبرلمان تعكسها البيئة السياسية المحيطة، فالبرلمان يتخذ مواقف مغايرة للحكومة في الأزمات التي تثير قلقا في الشارع المصري، وقد تؤدي إلى انفجاره في أي لحظة.

ويضيف لـ “العرب” أن البرلمان يعدّ حاليا تقارير عن أداء الوزراء، وقد تكون هناك تغييرات وزارية لامتصاص الغضب الشعبي تحديدا مع موجة زيادة الأسعار المقبلة نتيجة لانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، وفي تلك الحالة يكون البرلمان قد أدّى دوره وساهم بامتصاص غضب الشارع.

وتعتمد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على استجابة الوزراء لطلبات النواب “الجانبية” التي تتعلق بخدمات ومطالب لمؤيديه ترفع من شعبيتهم في دوائرهم الانتخابية.

وتجيد الحكومة مراوغة النواب بتلك الخدمات لكسب رضاهم، بالرغم من أن الممارسة الديمقراطية السليمة تتطلب أن تتجمع تلك الخدمات في سياسات عامة لحلها بشكل جذري.

ويعيش الشارع المصري في الوقت الحالي حالة من الهدوء والاستقرار يخشاه البعض من أن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، وهو ما قد يظهر من خلال تذمر المواطنين بعيدا عن أطر المؤسسات الموجودة.

ولقد وصف البعض البرلمان الحالي بأنه بطيء الحركة، لا يستعجل حتى في الأمور الدستورية التي كان يجب عليه الانتهاء منها قبل نهاية دورته الأولى، كقانون العدالة الانتقالية وبناء دور العبادة الموحد، ودائما ما يعلق فشله على شماعة عدم جاهزية الحكومة، أو مجلس الدولة، أو الأوضاع السياسية.

ويقول محمد سامي رئيس حزب الكرامة (المعارض) لـ”العرب” إن الأشهر الستة التي انقضت من عمر البرلمان كشفت عن أنه برلمان مهتز لا تتضح فيه الأغلبية من الأقلية، ويعاني من تشرذم القوى داخله، وهو ما قد يهدد بقاءه.

ويضيف أن البرلمان يتقدم كثيرا بطلبات إحاطة، لكنه مقل في الاستجوابات، ما يعكس رغبته في إظهار أنه موجود ويمارس أدواره، وهو ما يعكس أيضا عدم خبرة نوابه، الذين تدخل نسبة كبيرة منهم المجلس للمرة الأولى.


اجمالي القراءات 1150
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق