مفاجأة للعلماء.. جزء الدماغ المتعقب للأحداث السلبية يعمل بشكل عكسي لدى المكتئبين!

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٦ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


مفاجأة للعلماء.. جزء الدماغ المتعقب للأحداث السلبية يعمل بشكل عكسي لدى المكتئبين!

2016

المنطقة في الدماغ التي تستجيب للتجارب السيئة، تعطي رد فعل معاكس للتوقعات الخاصة بالأحداث، لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، مقارنة مع البالغين الأصحاء، هذا ما وجدته دراسة جديدة بتمويل من مجلس البحوث الطبية.

الدراسة، التي نشرت في مجلة الطب النفسي الجزيئي، وجدت أن «العنان» أو «habenula»، وهي منطقة بحجم حبة البازلاء في الدماغ، تقوم بأداء وظيفتها لكن بشكل غير طبيعي في حالات الاكتئاب. وكان نفس فريق الباحثين هذا قد أظهر في وقتٍ سابقٍ أن العنان يجري تفعيله على المتطوعين الأصحاء، عندما كانوا يتوقعون تلقي صدمة كهربائية.

ما هو العنان؟

في علم التشريح العصبي، العنان (habenula هو تصغير للكلمة اللاتينية habena، والتي تعني عنان أو زمام أو كبح)، يقصد بها منطقة الساق الخاصة بالغدة الصنوبرية، (وهي غدة صغيرة توجد في تجويف الدماغ، وهي المسؤولة عن إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن ضبط عمل جسم الإنسان ومساعدته على النوم). وتدريجيًّا أصبح يقصد بالعنان المناطق المجاورة أيضًا من الخلايا العصبية التي يعتقد العلماء أنها مرتبطة بعمل الغدة الصنوبرية.

ويتلقى العنان المدخلات العصبية من الدماغ عبر مهاد النخاع (stria medullaris thalami)، ويقوم بإخراج هذه السيالات العصبية باتجاه العديد من المناطق في منطقة الدماغ الوسطى، وهو ما يؤدي إلى إفراز الناقلات العصبية مثل الدوبامين، والنورأدرينالين، والسيروتونين.

وتشارك نواة منطقة العنان في عملية الإحساس بالألم، والسلوك الإنجابي، والتغذية، ودورات النوم واليقظة، والاستجابات للتوتر، والتعلم. كما أن ملاحظات العلماء في الآونة الأخيرة باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي، أظهرت وجود ارتباط وثيق بين وظائف منطقة العنان الجانبية، وبين عملية المكافأة، ولا سيما فيما يتعلق بعملية ترميز ردود الفعل السلبية أو المكافآت السلبية. الباحثان اليابانيان ماتسوموتو وهيكوساكا اقترحا عام 2007 أن المعلومات الخاصة بعمليات المكافأة والمكافأة السلبية في الدماغ تجري من خلال التفاعل بين العنان الجانبي، والعقد القاعدية، ونظام الناقلات العصبية المونوأمينيرجي (الدوبامين والسيروتونين). وأضافا أن العنان الجانبي قد يلعب دورًا محوريًّا في هذه الوظيفة التكاملية.

الأهم هنا، هو ما أشارت إليه الأدلة العلمية الحديثة من أن الخلايا العصبية في منطقة العنان الجانبية، ترسل إشارات عصبية خاطئة ومضللة تتعلق بالتنبؤ، بالإضافة إلى التنبؤ بالمكافأة.

 

 

 

 

 

الدراسة

ويقول كبير الباحثين في هذه الدراسة، البروفيسور جوناثان رويسر، من معهد علم الأعصاب الإدراكي (UCL)، إن هناك نظريةً بارزةً اقترحت أن منطقة العنان ذات النشاط المفرط، هي التي تدفع الأعراض في الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، وبالتالي «شرعنا في اختبار تلك الفرضية».

ويضيف: «المثير للدهشة، أننا رأينا عكس ما كنا نتوقعه. فالأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، نشاط منطقة العنان عندهم قد انخفض، عندما كانوا يعتقدون أنهم سيحصلون على الصدمة الكهربائية»، وذلك عكس ما يحدث عند الأشخاص الأصحاء الذين يزداد عندهم نشاط منطقة العنان عند توقع تلقي الصدمة (المكافأة السلبية). هذه النتائج تدل على أن الناس الذين يعانون من الاكتئاب، يتفاعل العنان عندهم بطريقة مختلفة جذريًّا عما يتوقع منه.

يقول رويسر، إنه «وعلى الرغم من أننا ما نزال لا نعرف كيف أو لماذا يحدث هذا الأمر غير المتوقع، فإنه من الواضح أن النظرية الشهيرة تحتاج إلى إعادة نظر».

وقام الباحثون بإجراء فحوصات لأدمغة 25 شخصًا يعانون من الاكتئاب، و25 فردًا آخر لم يسبق لهم مطلقًا الإصابة بالاكتئاب، وذلك باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عالية الدقة (fMRI). وعرضت على المشاركين سلسلة من الصور المجردة، وذلك أثناء وجودهم داخل جهاز الماسح الضوئي. وبمرور الوقت، تعلم هؤلاء الأشخاص أن هذه الصور المختلفة ارتبطت بأنها تمنح انطباعًا بنتائج مختلفة، إما أن تكون انطباعات جيدة أو سيئة. الصور التي تعطي انطباعًا بتوقع الحصول على صدمة كهربائية، لوحظ أنها تسبب زيادة تنشيط منطقة العنان على المتطوعين الأصحاء، ولكنها في المقابل تؤدي إلى نقص نشاط نفس المنطقة في الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.

ولاحظ العلماء عدم وجود فروق في متوسط حجم منطقة العنان بين المصابين بالاكتئاب، والمتطوعين الأصحاء. ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين يملكون منطقة عنان ذات حجم أقل في كلا المجموعتين، وجد أن لديهم أعراضًا أكبر تتعلق بانعدام التلذذ، وفقدان الاهتمام أو المتعة في الحياة.

وتقول الطبيبة ريبيكا لوسون، من مركز ويلكام تراست للتصوير العصبي التابع لمركز علم الأعصاب الإدراكي، إنه من الواضح أن دور العنان في الاكتئاب هو أمر أكثر تعقيدًا بكثير مما كنا نعتقد سابقًا. وأضافت: «من هذه دراسة الرنين المغناطيسي الوظيفي التجريبية هذه، يمكننا استخلاص استنتاجات حول آثار الصدمات المتوقعة على تفعيل العنان في الأفراد المصابين بالاكتئاب، مقارنة مع المتطوعين الأصحاء».

وأوضحت أنه يمكننا التكهن فقط بكيفية ارتباط هذا التعطيل في النشاط مع الأعراض الخاصة بالاكتئاب، ولكن قد يكون هذا الجزء القديم من الدماغ يلعب دورًا وقائيًّا ضد الاكتئاب. وقد أظهرت التجارب على الحيوانات أن تحفيز العنان يؤدي إلى التجنب والتهرب، وأنه من الممكن أن يحدث هذا الأمر لكل من الأحداث السلبية، سواء البدنية أو العقلية. لذلك فإن أحد التفسيرات المحتملة هو أن العنان قد تساعدنا على تجنب الخوض في الأفكار غير السارة أو الذكريات، وعندما تتعطل هذه، فإنك تحصل على تركيز سلبي بشكل مفرط، وهو العرض الشائع حدوثه في الاكتئاب.

 

 

 

 

 

كيف كان العلماء يرون العنان سابقًا؟

وطبقًا للنظرية البارزة الخاصة بالعلاقة بين العنان والاكتئاب، والتي أثبت هذا البحث خطأها، كان هذا نموذج لما يعتقده العلماء في السابق عن العنان.

وجد العلماء أن العنان يتم تنشيطه كرد فعل أو استجابة للإجهاد والتوتر، ولذا فإنه قد لا يكون من المستغرب -نظرًا للعلاقة القوية بين التوتر المزمن والاكتئاب- أن العنان يمكن أن يكون مشاركًا في الفيزيولوجيا المرضية للاكتئاب. الخلايا العصبية العنانية تنشط بشكل كبير ومفرط في الاكتئاب (الدراسة وجدت عكس هذا الكلام تمامًا).

وقد اقترح البعض أن هذا النشاط قد يتوافق مع زيادة الميل نحو التشاؤم. وتم العثور على تشوهات هيكلية لمنطقة العنان في أدمغة المرضى الذين يعانون من اضطراب اكتئابي، وفي حالة واحدة لمريض لم يكن يستجيب للعلاجات التقليدية للاكتئاب، فقد استجاب لتحفيز أعماق الدماغ، وتحديدًا منطقة العنان الجانبي. بغض النظر، وإن كانت هناك بعض المؤشرات على تورط العنان في الاكتئاب، فإن هذه الرابطة بين العنان والاكتئاب ما تزال غير واضحة. وستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لتحديد ما إذا كان هناك رابطة سببية، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي طبيعة هذا الارتباط.

اجمالي القراءات 2866
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق