باقية وتتمدد”.. امبراطورية الجيش الاقتصادية تلتهم قطاع الأدوية

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٣٠ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: بوابة يناير


باقية وتتمدد”.. امبراطورية الجيش الاقتصادية تلتهم قطاع الأدوية

باقية وتتمدد”.. امبراطورية الجيش الاقتصادية تلتهم قطاع الأدوية

5726896e22aee
 

*المبيعات السنوية للأدوية في مصر بلغت 40 مليار جنيه خلال 2015.. سبوبة جديدة للقوات المسلحة

*الحكومة قررت رفع أسعار الدواء أولاً.. ثم قررت إشراك الجيش في صناعة الأدوية

كتب: عبدالرحمن كمال

يتفق الكثيرون على أنه من أخطر عيوب كامب ديفيد هو تحويل القوات المسلحة المصرية من مؤسسة عسكرية مهمتها الوحيدة حماية حدود مصر والحفاظ على سيادتها وإرهاب عدوها الصهيوني، إلى اخطبوط اقتصادي وامبراطورية عملاقة وشركة رأسمالية بغيضة مهمتها الأولى شفط ونهب مقدرات وثروات البلاد وإفقار وإذلال العباد.

“باقية وتمدد”.. كلمتان اتخذ منهما تنظيم الدولة الإسلامية شعاراً له، غير ان تغول سيطرة القوات المسلحة على الاقتصاد المصري أرغمنا على استخدام الشع في محاولة لوصف الحالة والطريقة التي تهيمن بها القوات المسلحة على ثروات مصر.

آخر القطاعات التي استعدت امبراطورية الجيش لالتهامها كان قطاع الأدوية، أحد اهم القطاعات في مصر، نظرا لكون مصر الولى عالميا في مجموعة كبيرة من المراض على رأسها الفيروسات الكبدية والفشل الكلوي والأورام السرطانية، بفضل سياسات حكم العسكر التي تفرغت في العقود الأخيرة لتخريب صحة المصريين وشفط جيوبهم.

لكن، هذا الالتهام مجرد خطوة على طريق احتكار الاقتصاد بعد الانتهاء من تثبيت أركان الاستبداد السياسي وتأميم وتكميم الإعلام، وهذه الخطوة كان لها ما ينذر بها.

التهام قطاع الدواء

قبل أيام قليلة، وتحديداً في يوم الخميس، وافق مجلس الوزراء على مشاركة هيئة الإنتاج الحربي مع الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات “فاكسيرا” في إنشاء شركة جديدة لصناعة الدواء.

وقال بيان صادر من المجلس إن الشركة ستعمل في صناعة أدوية، لعلاج مرض السرطان، وكذلك الأدوية الاستراتيجية.

جدير بالذكر أن عدد مصانع الأدوية العاملة في مصر 154 مصنعا، بالإضافة إلى 50 مصنعا تحت الإنشاء. ويبلغ حجم الاستثمار في القطاع ما يقارب 45 مليار جنيه.

ووصلت المبيعات السنوية للأدوية في مصر إلى نحو 40 مليار جنيه خلال عام 2015، بحسب بيانات الغرفة، ما يعني ان القطاع “سبوبة ضخمة” ولا يجوز ان تتركها امبراطورية الجيش الاقتصادية.

ما هو التمهيد؟

لكن قرار رئيس الوزراء كان مسبوقا بقرار أهم، يمهد لإطلاق يد القوات المسلحة في مجال صناعة الأدوية.

ففي يوم الاثنين 16 مايو الجاري، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهاً بنسبة 20%.

قرار مجلس الوزراء كان ينطلي على خدعة كبرى دفع ثمنها كالعادة المواطن المصري، فقد فوجئ مواطنون بزيادة في أسعار أدوية يتجاوز سعرها 30 جنيهاً بالرغم من أن قرار الحكومة، الصادر نص على زيادة فقط بنسبة 20 في المئة في أسعار الأدوية التي لا يتجاوز سعرها هذا السقف.

وقال أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن هذا الأمر سببه اختلاف وحدات تسعير الأدوية المسجلة بوزارة الصحة، حيث يسعر بعضها بالعلبة وبعضها بالشريط والبعض الآخر بالقرص، بحسب تصريح لـ”أصوات مصرية”.

فيما قال صيدلي يمتلك 4 صيدليات، وطلب عدم الكشف عن اسمه إن بعض الأدوية تم تسعيرها بالشريط عند ترخيصها في وزارة الصحة، وبالتالي إذا كان سعر علبة الدواء كاملة 60 جنيها، ولكن نظام تسعيرها بالشريط، فإن سعر الشريط سيزيد وبالتالي سعر العلبة.

الواضح ان الحكومة كانت تخطط لمنح الجيش قطاع الأدوية، لكنها مهدت لذلك جيدا، حيث قامت برفع أسعار الدواء قبل ان يدخل الجيش على خط إنتاجه، لتزداد المبيعات السنوية من 40 مليار جنيه إلى حوالي 50 مليار جنيا، لتعوض بعض خسائر شركات الدوية من التهام الجيش للقطاع بأكلمه، او ربما لتضمن تحقيق الجيش أرباحا لا بأس بها.

كان من الصعب ان ترفع الحكومة اسعار الدوا عقب دخول الجيش للحلبة، على الأقل حفاظا على صورة الجيش، وحتى لا يقول بعض الخونة ان الجيش دخل قطاع الأدوية ورفع الأسعار ليتمكن من تحقيق أكبر قدر من الربح، فكان الحل ان ترتفع الأسعار قبل دخول الجيش للمجال.

لماذا يضحى السيسي بالشعب؟

قد يتساءل البعض عن سر تغول امبراطورية الجيش الاقتصادية، وسر سماح عبدالفتاح السيسي لهذه الامبراطورية بالتهام كل ما يدر أموالاً، حتى لو كانت بعض الأدوية التي يلجا إليها الشعب لمعالجة آثار ونتائج حكم العسكر.

لكن الإجابة معروفة، ووردت في مقال بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قالت الكاتبة والمحللة إميلي كرين لين إن نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي تنازل عن الاقتصاد المصري للجيش؛ حتى تظل هذه المؤسسة راضية عنه.

وتضيف الكاتبة أن “السيسي لا يزال يتمتع بشعبية منذ توليه السلطة قبل عامين؛ وهذا راجع لسياسته المتشددة مع الإسلاميين، ووعوده بإنشاء مشاريع ضخمة، وسيطرته على الآلة الإعلامية وخطابها في البلاد. لكن الدعم الشعبي عادة ما يتسم بالتقلب، وعلى خلاف نظام حسني مبارك الشمولي ومن سبقوه، فإن السيسي ليس لديه نظام سياسي لتعبئة الجماهير نيابة عنه، وفي الحقيقة فلا يوجد للسيسي أي مؤسسة سياسية تقف وراءه، فصعوده على ظهر انقلاب شعبي لم يعطه الفرصة لإنشاء حزب سياسي”.

ويستدرك التقرير بأنه رغم أن البرلمان الجديد يمتلئ بالمؤيدين للسيسي، إلا أن أيا منهم لم يرشح نفسه من خلال حزب، ولم يتجمعوا بعد في تحالف يحظى بمصداقية، بطريقة تشبه الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان يترأسه مبارك من قبل.

وتشير المجلة إلى أن السيسي ليس لديه حلفاء سياسيون يمكنه الاعتماد عليهم عندما تزداد الأمور شدة، ولا يستطيع التعويل على برلمانه، مبينة أن السيسي ليس لديه سوى مؤسسة قادرة على حمايته وتأمين مستقبله، وهي القوات المصرية المسلحة.

وتنقل كرين لين عن المحاضر في جامعة القاهرة أحمد عبد ربه، قوله: “سياسيا، يحتاج السيسي إلى الجيش”، ويضيف أن الرئيس “ليست لديه مؤسسة سياسية، والجيش هو المؤسسة الوحيدة التي تمنحه الشرعية، وأصبح الجيش مؤسسة سياسية بحد ذاتها”، وهو ما يريده الجيش في الوقت الحالي.

ويلفت التقرير إلى أنه من بين الـ 263 قرارا التي أصدرها السيسي منذ وصوله إلى الرئاسة، كان هناك 32 قرارا تتعلق بالجيش والقطاع الأمني، بحسب دراسة لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأدنى، مشيرا إلى أن هذه القرارات تضم رفع رواتب التقاعد لأفراد القوات المسلحة بنسبة 10%، بالإضافة إلى قرار يوسع سلطات المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين، وقرار يمنح الجيش السلطة لإنشاء الشركات الأمنية الربحية، وتعلق الكاتبة بالقول: “تخيل شركة (بلاك ووتر) أن تكون مصدر ربح للجيش الأمريكي”.

ويجد التقرير أنه من الصعب تحديد حجم ما يسيطر عليه الجيش من الاقتصاد المصري، ولا يطلب من الشركات التابعة للجيش الكشف عن أرصدتها، ولهذا تتراوح التقديرات من 50 إلى 60% من مجمل الدخل القومي العام، مستدركا بأن تنوع مجالات إمبراطورية الجيش الاقتصادية ليس سرا، فجهاز مشروع الخدمة الوطنية يبيع كل شيء من الإسمنت إلى الوقود والمعكرونة والمياه المعلبة، وهناك الهيئة العربية للتصنيع، التي تقوم بصناعة سيارات “جيب” فخمة وهواتف ذكية وألواح شمسية وكلها موجه للسوق المدنية. وتملك شركات الجيش عددا واسعا من الأرصدة، مثل أراض في مناطق رئيسة، وشركات للنقل، ومنشآت للتخزين، وسفن نقل تجاري.

اجمالي القراءات 1677
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق