210 قتلى من المدنيين يتساقطون واحدا تلو الآخر كأوراق الشجر اليابس التي هبت عليها ريحا عتية لتطرحها أرضا في مدينة واحدة تسمى حلب في بحر أسبوع واحد جراء تصعيد عسكري كبير من جانب قوات الأسد بدعم الروس، والكوميديا السوداء هنا أن هذا يحدث تحت مظلة اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته أمريكا وروسيا ليفعل 27 فبراير.

وتنهمر شلالات الدماء في حلب بقذائف الطيران السوري والروسي، في الوقت الذي يعلن فيه الروس تأييدهم لاستمرار مفاوضات "جنيف 4 " لإيجاد حل  سياسي للأزمة السورية التي أعلنت الهدنة بالأساس لتهيئة الأجواء من أجلها.

لا أجواء هيئت ولا هدنة احترمت ولا جدية لمست في "جنيف 4" فوفد بشار رفض مجرد مناقشة مصير الأسد، رغم قرار مجلس الأمن 2118 الذي يفضي لتأسيس هيئة حكم انتقالية، ولم يحترم الأسد والروس القرار 2254 الذي ينص على رفع الحصار عن المناطق المحاصرة بسوريا والإفراج عن المعتقلين.

كل ذلك ترجم في ذهن المعارضة السورية بأنهم أمام تمثيلية مكتملة الأركان ما دفع الهيئة العليا للمفاوضات أكبر ممثل للمعارضة السورية تعليق المشاركة ومغادرة سويسرا.

وقتل اليوم 11 شخصا وجرح 35 آخرين في قصف طائرات النظام السوري، جراء شن حوالي 20 غارة جوية، على أحياء القاطرجي، والمرجة، ومشهد، والسكري، ومساكن الفردوس، التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب، بحسب الأناضول.

لا صلاة جمعة 

المجلس الشرعي بمدينة حلب وريفها أعلن لأول مرة في تاريخ حلب تعليق صلاة الجمعة، وذلك بسبب "كثافة" القصف الجوي من الطائرات الحربية التابعة للنظام، والخوف من وقوع "مجازر" أثناء الصلاة.

وقرر المجلس الشرعى فى مدينة حلب السورية إقامة صلاة الظهر تعويضًا عنها بسبب الغارات التى يشنها الطيران السوري والروسى على المدينة، بحسب بيان للمجلس.

حتى المستشفيات لم تسلم من القتل العمد فنفذت قوات بشار الأسد غارات على مستشفى القدس الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود يوم الأربعاء ومناطق أخرى ما خلف 30 قتيلا.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود في تغريدة "دمر مستشفى تدعمه المنظمة في حلب" مضيفة أن المستشفى كان معروفا في المنطقة المحلية، وأنه تعرض لهجوم مباشر.

النساء والأطفال لم يكونوا أكثر حصانة من المستشفيات المحمية بقرارت دولية، فكان نصيبهم من هذه المجازر خلال الأسبوع قتل 34 طفلا و20 امرأة، بحسب المرصد السوري.

غضب أمريكي

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيان إن الأسلوب الذي ينتهجه النظام بتعمد استهداف المستشفيات والطواقم الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة سبق أن أسفر عن مقتل المئات.

وطالب كيري موسكو بالضغط على دمشق لدفعها إلى احترام وقف إطلاق النار مع المعارضة.

ووصفت الأمم المتحدة الوضع في مدينة حلب السورية بـ"الكارثي"، وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن حلب على شفا كارثة إنسانية.

وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة إن النظام والروس يقومون "بدفن اتفاق وقف العمليات العدائية بارتكابهم جرائم ومجازر في مناطق عديدة في سورية لاسيما في إدلب ومدينة حلب".

وندد ستيفن أوبراين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالقصف الذي تعرضت له مستشفيات ومنشآت صحية في سوريا، وقال في كلمة له أمام مجلس الأمن إن على جميع الأطراف المحلية والدولية العمل على استمرار تثبيت وقف الأعمال القتالية في سوريا.

وقال يان إيغلاند رئيس مجموعة العمل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إن "التدهور الكارثي في حلب خلال اليوم أو اليومين الماضيين" يعرض خط الإمداد الذي يوصل الإمدادات الإنسانية لملايين السوريين للخطر.

تنصل روسي

وحاولت روسيا التنصل من أي مسؤولية لها عن سقوط وابل المدنيين في القصف فنفت وزارة الدفاع الروسية أن سلاح الجو الروسي قصف مستشفى في حلب، مؤكدة أنه لم يقم بأي تحليق في منطقة حلب خلال الأيام الأخيرة.

وغزا هاشتاج حلب تحترق "#حلب_تحترق" مواقع التواصل الاجتماعي في تعبير من رواد هذه المواقع عن تضامنهم مع حلب وإدانتهم للمجازر التي ترتكب بحق المدنيين.

تركيع المعارضة 

زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري رأى في التصعيد العسكري "الجنوني" على حلب ضغطا سياسيا وعسكريا على المعارضة لتأتي مرة أخرى للمفاوضات ولكن مكتوفة الأيدي للقبول بالخطة الأمريكية الروسية التي تقضي بتقسيم سوريا لثلاث دويلات.

وأضاف لـ"مصر العربية" أن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي لمح للمعارضة صراحة بأنها إذا لم تحضر للمفاوضات سوف تباد في خلال 3 شهور.

وأكد أن المستهدف الأكبر في سوريا هم سكان المنطقة الشرقية لأنهم الشعب السوري العربي المسلم المناضل للاحتلال الأسدي الروسي الإيران، فإما إخضاعهم أو تهجيرهم وتشريدهم في كل الدول العربية.

ورجح أن تستمر المجازر بحق أهالي حلب وسط تنديد هش للأمم المتحدة وفرنسا، محملا المسؤولية لكل الدول العربية وتركيا.

إفشال مفاوضات جنيف

إفشال مفاوضات " جنيف 4" كلمة السر في التصعيد العسكري الكبير الذي تنتهجه قوات بشار الأسد بدعم رورسي بحسب ما رأى ميسرة بكور الناشط الحقوقي السوري.

وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن بشار الأسد يعلم علم اليقين أن أي مفاوضات حقيقية سوف تقضي بـإقصائه عن الساحة السياسية لذلك فهو لا يريد لها النجاح بأي حال من الأحوال.

وأكد أن المعارضة السورية لن تعود لجنيف من جديد إذا لم يستطع المجتمع الدولي تنفيذ قراراته سواء 2254 و 2118 ودون ذلك تكون المفاوضات غير مجدية، لأن بشار الأسد لا يريد صراحة التنازل عن السلطة.

وعلقت الهيئة العليا للمفاوضات الممثل الرئيسي للمعارضة السورية مشاركاتها في المفاوضات الأسبوع الماضي بسبب خرق قوات بشار الأسد الهدنة وارتكابها مجازر بسوق شعبي خلفت قرابة 44 قتيلا بجانب عدم التزامه بقرار مجلس الأامن 2254 .

وذكر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية رياض نعسان آغا، فيما قبل أن الجزء الأساسي من الوفد لن يعود إلى جنيف، لأنه لا يرى أفقا لتنفيذ شروطه.

وأوضح في تصريحات صحفية أنه يجب على النظام السوري الالتزام بالهدنة، وفك الحصار عن المدن المحاصرة، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، والموافقة على تشكيل جهاز لسلطة انتقالية، وإلا لن يكون لمفاوضات جنيف جدوى.