سجين تونسي يتحدث عن الأوضاع الكارثية بسجن المرناقية بالعاصمة المعروف بغوانتنامو تونس

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: وطن


سجين تونسي يتحدث عن الأوضاع الكارثية بسجن المرناقية بالعاصمة المعروف بغوانتنامو تونس

وطن (خاص)

في 5 من فبراير الجاري أطلقت سراح المدوّن وأستاذ الرياضيات عبد الفتاح سعيّد بعد أن حكمت بتبرئته من التهم الموجهة إليه بعد أن تم إيقافه يوم 17 يوليو 2015 ليحال على التحقيق من طرف وحدة التحقيق في في .

مقالات متعلقة :

وكانت المحكمة الإبتدائية بتونس قد قضت بتاريخ 30 نوفمبر 2015 في حق عبد الفتاح سعيّد بسنة سجنا مع تغريمه بألفي دينار على خلفية اتهامه بالإساءة إلى شخصيات رسمية في الدولة عبر صفحته الخاصّة على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك” وكذلك لتشكيكه في ملابسات العملية الإرهابية التي حدثت الصائفة الفارطة بنزل “إمبريال” بسوسة وأسفرت عن مقتل 39 سائحا.

المدون التونسي الذي قضّى أشهر طويلة في بالعاصمة تحدث فور خروجه عن الأجواء الكارثية داخل السجن التي تنتهك حقوق الإنسان ولا تحترم الكرامة البشرية ممّ دفع ببعض الحكومين بتشبيه هذا السجن بغوانتنامو تونس.

وقال عبد الفتاح سعيد في تدوينتين منفصلتين على صفحته الرسمية في موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”:

الحمد لله

عُدْتُ مِن السجن الأصغر إلى السجن الأكبر ،

وبحُكم نصُّه : عدم سماع الدَّعوى .

دَخَلَ الأمْنِيُّون المُتَّهمون بالوقوف وراء جريمة سوسة ، دخلوا سجن المرناقية ،

فخرجت أنا منه بعدم سماع الدعوى.

التجربة كانت قاسية جدا ، مؤلمة جدا، مريرة جدا.

المعاناة النفسية كانت لا توصَف، كان خوفي الأكبر مِن أن لا أجِد أمِّي عند خروجي،كثير من المساجين أكدوا لي أن إدارة سجن المرناقية نادرا ما تسمح لسجين بالحضور في جنازة أحَد والديه.

هذا الخوف كاد يقتُلُني،خاصة بعد أن تغيَّبَتْ أمِّي عن زيارتي، فخشيت أنَّ أمرا ما حدث لها، ويقع إخفاؤه عني.

سجن المرناقية ليس سجنا،بل هو (حسب تجربتي ) فنُّ القتْل البطيء يَقْتُلونك بدنيا وعقليا إهمال طبِّي، والكتُب العِلميَّة ممْنوعة،حَرَموني مِن كُتُب الرِّياضيات،حَرَموني مِن منجد أنجليزي أنجليزي.

3 مرات أقول للطبيب أنني أشعر بآلام في الصدر،ولا حياة لمن تنادي، أطلعتُهم منذ شهور على تقرير إي آر آم حول العمود الفقري ،فوعدوني بعرضي على طبيب عظام ،وها أنني لا أزال أنتظر.

حرموني من الدواء الذي جَلَبَتْه لي زوجتي، ما يَحدث في سجن المرناقية هو جريمة ضدّ الإنسانية.

في سجن المرناقية ،لن تخرج إلا مجنونا أو معاقا أو جثة تمشي على قَدَمَين .

أَنْقُلُ لكم صَرَخَات استغاثة مِن كثير مِن مساجين سجن المرناقية.

كثيرون استصْرخُوني ، وحَمَّلوني أمَانَةَ نقْلِ مُعُاناتِهِم للرأي العام ،

فأعينوني بقّوة على نشْرها وساعدوني على تبليغ الأمانة .

يحدُث في سجن المرناقية :

اكتظاظ شديد جدا ، 105 سجين في غرفة لا تتجاوز الـ90 متر مربع ،

أي أن السجين الواحد له أقل من متر مربع ،

وإذا حذفنا مساحات الأسِرّة ،

فإن السجين الواحد يتحرك في 0.5 متر مربع لو كنا متفائلين جدا .

في كثير مِن الأحيان ، التنقُّل داخل الغرفة شبيه بالمشي في سوق مُكتظّ جدّا في أوقات الذَّرْوة ، تمشي بسرعة 1م في دقيقة .

صعوبة في النوم ، ينام أربعة مساجين فوق فراشَين متجاورين ،

إذا حرّك أحدُهم ساقه ، أفاق الآخَر .

يشخر هذا فيمنعك من النوم ،

ينقطع شخيرُه ، فينطلق شخير سجين آخر .

تجد صعوبة في النزول من فراشك خاصة ليلا ،

وإذا نزلْتَ ، تجد صعوبة لِتَجِدَ شَحَّاطَتَكَ ( شلاكتك)

وكثيرا ما يرْتطم رأسُك بحَديد الفراش الذي فوقك

صعوبة في إيجاد مساحة صغيرة لتتناول غداءك أو عشاءك ،

في بعض الغُرَف ، الأكل يؤْكَل باردًا من الفْريقُو ولا يُسْمح لهم بتسخين الطعام ،

وفي في غرف أخرى مثل غرفتي يُسخّن بطريقة شاقة باستعمال الفتيلة ،

يُسخّن الاكل داخل بيت راحة غير مستعملة !

يُسخّن الكسكسي ، وبجوارك بيوت راحة أخرى ، وروائح الغائط ، وأصوات الضُّراط ( إطلاق الريح )

صعوبة في إيجاد مكان لتُصلي فيه ،

صعوبة في غسل الماعون ( حنفيتان فقط لـ105 سجين )

صعوبة في إيجاد بيت راحة شاغر ،

في أغلب الأحيان تنتظر دورك لتدخل بيت الراحة .

إذا دخلت بيت الراحة ، فقد تجدُها مسدودة وفاضَ ما فيها .

إذا لم تكُن مسدودة ، وأردْتَ غلْق الباب ، فقد لا ينغلق ، فتحتاج إلى قطعة قماش لإحكام غلقِه .

إذا نجحت في غلق الباب ، فسيبدأ بقية المساجين في ترديد ( ازرب روحك ياللي في التواليت )

إذا شرعت في التغوّط ( تطير ما ثقيل ) ، فقد يصيح كبران الغرفة ( اهبط حساب ) ، أي أن العون سيُحصي المساجين .

إذا لم تقطع تَغَوُّطَك وتُغادر بيت الراحة مسرعا وتأخُذَ مَكَانَكَ ليُحْصيك العون ،

فسيناديك هذا العَون لاحقا إلى غرفة مجاورة ليصفعك 5 أو 10 صفعات ، ويسمع بقية المساجين هذه الصفعات ، ويكون هذا تعذيبا نفسيا ، يكاد يكون يوميًّا .

4 بيوت راحة لـ105 سجين ، بيوت الراحة هذه تُستَعمل أيضا للاستحمام بالبارد ،

بيوت الراحة ليس فيها معاليق لتُعلّق أدباشك أثناء الاستحمام ( بالبارد طبعا).

أغلب المساجين يدخنون ، ويهددون جديا صحّة مَن لا يُدخّن .

صعوبة لتتحصَّل على الدَّواء .

الكُتُب العِلمية ممنوعة .

لا ذهاب للمطالعة في المكتبة

(سمعنا عن المكتَبَة ولم نَرَهَا ولم ندْخُلها )

لا صلاة جُمُعة ، لا صلاة عيد

الـ( آريا) بلا شجر ، بلا لون أخضر ، اسمنت وجُدران فقط

لا نرى اللون الأخضر والأشجار إلا يوم الزيارة .

المساجين يجِدون صعوبة في تجفيف ملابسهم في الآريا لأن إدارة السجن لا تُوفّر لهم ( شْريطة).

يومَيْ السبت والأحد لا تخرج إلا مرة واحدة ، وإذا كان المطر ينزل ، فإنك لا تخرج كامل اليوم .

كثيرا ما تُسْرق مأكولات المساجين قبل وصولها إليهم .

الاستحمام بالماء البارد يتواصل إلى الآن ، إلى شهر جانفي .

الماء الساخن لم يتوفر إلا في بداية شهر ديسمبر ،

ولكنه مهزلة و( تمرميد ) ،

فالمدة الزمنية قصيرة ( 15 دق تقريبا ) ، ويتم في ظل (courant d’air) ، مما يهدد صحّة السجين ،

وإذا تحصلت على الماء الساخن ، فيَلزمُك التنقل إلى الحنفية الوحيدة لتخلط بالماء البارد ،

وهذا ضياع للوقت الذي هو أصلا قصير ، وتهديد لصحتك بما أنك تتنقل في ظل تيار هوائي .

عادي أن تنسدَّ بيوت الراحة وتفيض وتبقى شهرا على تلك الحالة .

الأعوان يصفعون المساجين لأتفه الأسباب .

الأمراض الجلديّة منتشرة ، وتَطالُ الأعضاء التناسُليّة ، وفي الغالب يضطرّ السجين إلى دفع علبة أو علبَتَين من سجائر ال20 مارس (leger) لنيل الدّواء مِن سجين آخر .

الأهل عندما يأتون للزيارة يتعرضون للإهانة وأحيانا للضرب أمام السجن .

سيدي وزير العدل :

لديكم مصلحة تُسَمَّى مصلحة السجون والإصلاح ،

فهل هذا هو الإصلاح ؟؟؟

لا أراها إلا مصلحة السجون والإذلال والانتقام والتجهيل .

سيدي الوزير ،

سجن المرناقية ، يَدْخُلُه الرجل عالِما ويخرجُ منه جاهلا ،

سجن المرناقية يدخُلُه الرجُل سليما ويَخرجُ عليلا مريضا

سجن المرناقية قتْلٌ بطيء للإنسان .

سيدي الوزير :

الغرف موجودة ، والتخفيف من الاكتظاظ ممكن ، ولكن إدارة السجن تتعمَّد حشر المساجين في غرفَتَين حتى يستريح الأعوان مِن عناء غرفة جديدة ( مثلا في المُجمّع أ ، الجناح 5 كبير ومُغلَق ، وفتْحُه يخفف كثيرا مِن معاناة مساجين الجناحَين 1 و 6 .

قال تعالَى: “ولقد كرَّمنا بني آدَمَ.”

قال تعالَى :”ويُطعمون الطعامَ على حُبه مسكينًا ويتيما وأسيرًا.”

يذكر أنّ عديد الحقوقيين والمحامين كانوا قد شبّهوا سجن المرناقية بالعاصمة التونسية بـ”غوانتنامو تونس”.

اجمالي القراءات 1388
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق