هجمات سيناء.. تطور نوعي يحتاج إلى استراتيجية جديدة

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٢ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


هجمات سيناء.. تطور نوعي يحتاج إلى استراتيجية جديدة

هجمات سيناء.. تطور نوعي يحتاج إلى استراتيجية جديدة
  • يجمع الخبراء على أن العملية الإرهابية التي هزّت سيناء أمس وتبنّاها تنظيم ولاية سيناء، التابع لداعش، عملية غير مسبوقة بالنسبة لعدد الإرهابيين ونوعية الأسلحة المستخدمة، الأمر الذي يكشف أن سيناء أصبحت معقلا جهاديا خطيرا سيعمل تنظيم داعش على الانطلاق منه للتمدّد وتحقيق سيناريو العراق. ولمنع هذا الخطر يؤكد الخبراء أن القوات المصرية في حاجة لتطوير استراتيجيتها وخططها في الحرب ضدّ الإرهاب بما يتلاءم وطبيعة المرحلة وخصوصية الخطر.
العرب أيمن عبدالمجيد ومحسن عوض الله [نُشر في 02/07/2015، العدد: 9966، ص(6)]
 
حرب مصر ضد الجماعات الإرهابية تحتاج إلى استراتيجية متطورة
 
كشف مصدر أمني مصري رفيع لـ”العرب” أن العملية، التي قام بها نحو 70 متشددا في شمال سيناء أمس، تعدّ من أخطر العلميات التي واجهتها أجهزة الأمن المصرية في صراعها الممتد مع الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة.

وتريد هذه الجماعات السيطرة على منطقة رفح والشيخ زويد وشرق العريش، وإبعاد أي وجود رسمي، في محاولة لتكرار سيناريو داعش في كل من العراق وسوريا وليبيا، أي الاستحواذ على قطعة من الأرض والتمدد طوليا وعرضيا.

وأكّد المصدر أن العملية كانت مجهزة بمعدات عسكرية متطورة لشل حركة القوات المصرية على الأرض، حيث كانت بحوزة الإرهابيين مدافع مضادة للطائرات وكميات كبيرة من العبوات الناسفة تم زرعها على مسافة طويلة لمنع تحرك الآليات العسكرية وعدم وصول تعزيزات إلى نقاط التفتيش المتعددة التي جرى استهدافها.

ومن المنتظر أن تصدر قرارات حاسمة جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب وآليات متنوعة لفرض السيطرة الأمنية تماما على مدن شمال سيناء ومواجهة الأساليب المتطورة التي تمتلكها الجماعات التكفيرية، وظهرت في هجوم أمس على وحدات الجيش والشرطة.

وأضاف المصدر أن الهجوم الإرهابي على شمال سيناء، الذي أعلن تنظيم “ولاية سيناء” التابع لداعش مسؤوليته عنه، يفرض على الحكومة التسريع بتوسيع المساحة الفاصلة بين رفح الفلسطينية والمصرية إلى نحو 2800 متر، أي نحو ضعفي المساحة التي أعلن عنها من قبل (ألف متر)، في محاولة للقضاء على ظاهرة الأنفاق، حيث اكتشفت أجهزة الأمن المصرية قبل أيام قليلة نفقا يمتد لنحو ثلاثة كيلومترات في شمال سيناء تسربت منه بعض العناصر التكفيرية من غزة إلى سيناء.

عدم اعتراف أجهزة الأمن بخطورة المشكلة والترويج دائما أن الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة يزيد من صعوبة الوضع

وصرحت مصادر قبلية بسيناء لـ”العرب” أن استهداف عدة أكمنة للشرطة والجيش في وقت متزامن من قبل الإرهابيين، جاء محاولة منهم لفك القبضة الأمنية التي أحكمها الجيش عليهم في الآونة الأخيرة، حيث كانت كل الأماكن المستهدفة، من الأكمنة الجديدة المستحدثة من قبل الجيش، فلم تكن في السابق بهذه المناطق أكمنة عسكرية ولا نقاط تفتيش.

وعقب حملات التمشيط الواسعة التي قام بها الجيش مؤخرا، وضبط عدد كبير منهم، قام بإقامة نقاط جديدة على أبعاد متقاربة لقطع طرق التنقل والإمداد بين خلايا التنظيمات الإرهابية، لذلك قاموا باستهداف المواقع الجديدة مثل كمين أبورفاعي والسدرة.

يذكر أن تلك الأكمنة كانت تحكم السيطرة على مناطق الجورة والمهدية وجنوب الشيخ زويد، وهي الناطق التي تمثل نقاط تمركز للعدد الأكبر من الإرهابيين.

 
تنظيم ولاية سيناء
تبنى تنظيم “ولاية سيناء” الهجوم على 15 موقعا للجيش المصري بسيناء في عملية وصفت بأنها غير مسبوقة في شبه جزيرة سيناء. وكان تنظيم “ولاية سيناء” يعرف باسم “أنصار بيت المقدس” قبل أن يعلن انضمامه رسميا أوائل العام الجاري إلى تنظيم داعش.

وجاء أول ظهور لجماعة بيت المقدس إعلاميا بعد ثورة 25 يناير 2011 عبر مجموعة من التفجيرات لخط أنابيب الغاز في سيناء، الذي كانت تقوم مصر من خلاله بتصدير كميات كبيرة من غازها إلى إسرائيل.

كانت بداية التنظيم في مصر مع دخول عناصر تكفيرية من قطاع غزة عبر الأنفاق إلى سيناء، تسمي نفسها “أنصار بيت المقدس” وتعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد حوار مع تنظيم “التوحيد والجهاد” الذي تبنى التفجيرات الإرهابية في منتجعات شرم الشيخ ودهب وطابا في جنوب سيناء، بين أعوام 2004 – 2006 ضد سائحين أجانب، قرر التنظيمان الاندماج معا تحت لواء “أنصار بيت المقدس”، وكانت عملياته طفيفة ومحدودة، وهدفها مضايقة إسرائيل من بوابة سيناء.

وبعد سقوط نظام الإخوان في 3 يوليو 2013، تحول التنظيم إلى العمل داخل مصر بتنسيق غير معلن مع الإخوان، وبدأ استهداف أكمنة أمنية ومؤسسات شرطية مختلفة، وتحول إلى استخدام السيارات المفخخة وإطلاق الصواريخ، وقيل أن أعضاءه تدربوا عليها في غزة، كما استقبل واستوعب عناصر من جنسيات مختلفة، كانت ذروة تدفقها من ليبيا إلى مصر.

لم تعد عمليات أنصار بيت المقدس، أو ما يعرف بولاية سيناء، قاصرة على شبه جزيرة سيناء، بل تعدتها إلى مدن مصرية أخرى، حيث تبنى التنظيم عملية محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، ومصرع المقدم محمد مبروك، ومديرية أمن كل من القاهرة والدقهلية، علاوة على تفجير مديرية الأمن بجنوب سيناء، وكمين الجيش بمنطقة كرم القواديس بشمال سيناء، واستهداف مبنى المخابرات العسكرية بالإسماعيلية، وغيرها من العمليات النوعية.

بعد ذلك تحول التعامل مع تنظيم ولاية سيناء، على أنه أمر واقع، يدور في فلك الجماعات التابعة لداعش.

 

رد فعل

قال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، لـ”العرب”، إن ما حدث من علميات إرهابية كبيرة في سيناء، ينبع مما أسماه “حالة السعار” التي تعيشها التنظيمات المتطرفة، وهي تشاهد قوات الجيش تنجح يوميا في الوصول لمخابئها عبر عملية تمشيط واسعة ومعلومات دقيقة، ما أسفر عن مقتل وضبط المئات من عناصرها في الأشهر الأخيرة.

وثمّن المقرحي تعاون القبائل مع الجيش والشرطة، الذي حقق نجاحات كبيرة، وأجبر الجهاديين على الدخول بكل قواهم البشرية وما لديهم من سلاح وعتاد في معركتهم الأخيرة، التي توصف بالانتحار.

لكن، اللواء صالح المصري، مدير أمن شمال سيناء الأسبق، قال لـ”العرب” إن العملية هي تكتيك من التنظيمات الإرهابية، يستهدف “الضغط المتواصل”، لاستغلال نجاحهم في اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، حيث أعقبت عملية الاغتيال محاولة في اليوم التالي لتفجير قسم شرطة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) مساء الثلاثاء، إلا أن خطأ تسبب في انفجار السيارة ومقتل الإرهابيين الثلاثة، قبل بلوغ هدفهم، ثم تأتي العمليات في سيناء لتوحي بالانفلات، وكل ذلك الضغط يستهدف توصيل رسائل وتحقيق أهداف على المستويين المحلي والدولي.

واستطرد المصري قائلا: على المستوى الداخلي تستهدف هذه الجماعات ترويع الشعب وخلخلة ثقته في قدرة النظام الحاكم وأجهزة الأمن على توفير الحماية وهز ثقة الجنود، وخارجيا تحاول تصدير صورة للرأي العام الدولي أن مصر ليست آمنة.

كما أن الهدف المحوري من الهجوم بأعداد كبيرة على الأكمنة، تصوير المشهد لقوات الأمن على أن الحرب هي مع ميليشيا منظمة تشبه التي تدور في الدول المجاورة وليس مع خلايا محدودة العدد والقدرات، لإضعاف الروح المعنوية والتشكيك في القدرة على إنهاء المعركة معهم في وقت قريب. علاوة على محاولة تصوير المشهد برمته على أن مصر دولة تواجه ميلشيات لا تقل خطورة عما هو موجود في كل من العراق وسوريا وليبيا.

لكن هذا كله (حسب كلام المصري) لا يعكس الواقع، فالوضع في مصر مختلف والشعب لديه دراية بالأخطار، ويدرك أنهم يستهدفون الدولة المصرية، مشيرا إلى أن محاولاتهم سوف تنتهي بالفشل.

الهجوم على شمال سيناء يفرض على الحكومة التسريع بتوسيع المساحة الفاصلة بين رفح الفلسطينية والمصرية

إعلان حرب

على وقع العمليات الإرهابية الأخيرة التي هزّت مصر وأيضا أماكن عديدة من العالم، حذّر جهاديون سابقون من وقوع عمليات جديدة في أماكن متفرقة خلال شهر رمضان، مشيرين إلى أن رسالة “أبو محمد العدناني” التي أطلقها منذ أيام تحت عنوان “يا قومنا أجيبوا داعي الله” تعتبر إعلان حرب على العالم بأسره.

واعتبر خبراء في شؤون الحركات الجهادية والمتطرفة الهجوم الذي شنته عناصر داعش على مقار عسكرية بشمال سيناء، نقطة تحول في الصراع الضاري بين أجهزة الأمن المصرية والإرهابيين، نتيجة قوة الهجوم وعدد المشاركين ومستوى التدريب العسكري والإمكانيات العالية.

وأرجع صبرة القاسمي، الخبير في شؤون الحركات الجهادية، قوة الهجوم، إلى زيادة عدد الشباب المصري الذي بايع داعش خلال الفترة الماضية، فضلا عن وصول عشرات المقاتلين من جنسيات أخرى إلى سيناء.

 
طائرات اف 16 مصرية تقصف مواقع لتنظيم داعش في سيناء
سيناء - قال مسؤولون أمنيون إن طائرات اف 16 مصرية قصفت مواقع لمسلحين في تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء، حيث قتل العشرات في هجمات واشتباكات مستمرة بين قوات الأمن والمسلحين المتطرفين.

وقصفت الطائرات مواقع لمقاتلي الفرع المصري لتنظيم داعش في مدينة الشيخ زويد حيث اعتلى مسلحون أسطح البنايات ولغموا الشوارع المؤدية إلى قسم الشرطة في المدينة.

ووضع الناطق باسم الجيش المصري على صفحته على فيسبوك صورا جوية “لإستهداف عدد من عربات العناصر الإرهابية أثناء محاولتهم الهرب”.

ويشن جهاديو تنظيم داعش هجمات على حواجز للجيش ومنشآت أمنية أخرى في عدد من المناطق في شبه جزيرة سيناء.

وتعتبر شمال سيناء الواقعة شرق البلاد معقلا لتنظيم انصار بيت المقدس الجهادي الذي بات يطلق على نفسه اسم “ولاية سيناء” منذ ان بايع تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال مسؤول كبير في الجيش “إنها حرب. المعارك لا تزال جارية”. وأضاف أن “الأمر غير مسبوق بالنسبة لعدد الإرهابيين ونوعية الأسلحة المستخدمة”.

 

وكانت “العرب” حصلت على معلومات من مصادر أمنية قالت إن عمليات تهريب البشر عبر البر والبحر لم تتوقف، وتتم عبر الأنفاق التي تربط بين غزة ورفح، ومراكب الصيد التي تحول بعضها إلى تهريب إرهابيين بدلا من تهريب راغبي الهجرة غير الشرعية لأوروبا.

وكشف الجهادي السابق ومؤسس ما يسمى بـ”الجبهة الوسطية” في تصريحات لـ”العرب” أن عناصر عسكرية من قيادات داعش في العراق وصلت سيناء مؤخرا، منها قيادة خطيرة (لم يفصح عن اسمها)، تقود العمليات ضد الجيش المصري.

وأشار القاسمي إلى أن الرسالة الأخيرة للقيادي “أبومحمد العدناني”، المتحدث باسم داعش، والتي وصف فيها أنصار تنظيمه حول العالم بـ”جنود الخلافة”، كانت بمثابة دعوة رسمية لنشر الفوضى في العالم، لافتا إلى أن التنظيم له مناصرون ومؤيدون في عشرات الدول حول العالم، ولا توجد دولة غير مستهدفة من عملياته الإرهابية.

وأوضح منير أديب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية لـ”العرب”، أن أي مناسبة مصرية دائما تسبقها أو تليها عملية إرهابية كبيرة، مشيرا إلى حادث اغتيال النائب العام يوم الاثنين الماضي عشية الذكرى الثانية لهذه الثورة.

وأشار أديب إلى أن “مصر تعيش أسوأ فتراتها والقادم ربما يكون أسوأ، في ظل توحد معظم التيارات والتنظيمات الجهادية تحت لواء داعش، ما زاد من قوة التنظيم”، متوقعا أن تستمر فترة عدم الاستقرار الحالية لمدة غير معلوم نهايتها بالضبط.

وما يزيد من صعوبة الأمر، حسب كلام أديب، عدم اعتراف أجهزة الأمن بخطورة المشكلة، والترويج دائما أن الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو أمر غير صحيح بالمرة، ويدحضه حادث أمس، الذي يعد بداية لعمليات نوعية ونقطة تحوّل كبيرة.يجمع مختلف الخبراء على أن العملية الأخيرة في سيناء كشفت عن تطور كبير في استراتيجية التنظيمات الجهادية.

وكما أشار منير أديب تتحمل السلطات المصرية تتحمّل جانبا هاما من المسؤولية، فرغم المجهود الكبير الذي تبذله، والذي أعطى أكله، في حالات كثيرة، ما تزال القوات المصرية تتعامل بعقلية أمنية “غير محيّنة” مع تهديدات تنظيم متطوّر كالدولة الإسلامية ولديه قدرات فائقة على اختراق شبكة الإنترنت والترويج بجسارة لأفكار التنظيم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وإصدار الأوامر لأتباع التنظيم بطرق مختلفة.

 
 

والإرهاب ليس بأمر جديد على الخبرة المصرية، لكن الجديد هو طبيعة استدامته بشكل شبه يومي وديناميكية تطورّه المتسارعة؛ ما حوَّله من مجرد ظاهرة عابرة نتجت عن تطورات سياسية معينة، إلى كيان مادي ومعنوي حاضر بقوة في المجال العام ولا يمكن تجاهله.

والحرب التي تخضوها مصر ضدّ الجماعات الإرهابية تحتاج إلى استراتيجية متطوّرة، يتداخل فيها الأمني بالفكري والتنموي والاقتصادي والاجتماعي، وأيضا تستدعي خططا حربيّة جديدة تتناسب وطبيعة المخاطر الجديدة وغير التقليدية الناجمة عن التنظيمات الإرهابية.

كما تحتاج مصر إلى تعديل وضعها الأمني وأن تصبح قواتها الضخمة أكثر مهارة في التعامل مع الأنشطة الإرهابية.

ويشدّد عمرو عبدالمنعم، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريحات لـ”العرب”، على أن المواجهة العسكرية مع هذه التنظيمات لن تقضي عليها، بل سوف تفتح الباب لمزيد من الدم المتبادل، مشيرا إلى أن المواجهة الفكرية يجب أن تسبق المواجهة العسكرية لوقف هذه العمليات.

ونوّه إلى أن تنظيم داعش يمتلك نحو 170 ألف موقع على شبكة الإنترنت، منهم 100 ألف على شبكة تويتر وحدها، ويصدر كل يوم ما يزيد عن 300 إصدار مقروء ومصور، نجح من خلالها في استقطاب آلاف الشباب.

اجمالي القراءات 2384
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق