تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة للاشتعال:
تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة للاشتعال

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العراق الآن


تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة للاشتعال

 

رحمن غريب/ نيوزماتيك/ السليمانية

"على الحكومة أن ترى أين يعمل الشباب!"، صاح ريبن أنور، 16 سنة،  بعد أن رمى إحدى الحاويات البلاستيكية الفارغة في سيارة الشحن، والتفت مشيرا "أنظر، هناك الألغام، أما هنا فسيجارة واحدة وستتحول المنطقة الى جحيم، أجسادنا أصبحت أشبه بمحطة تعبئة الوقود عندما يقترب منا الناس يطفئون سجائرهم"، وتابع مستهزئا "لكن كلام الصحف هذا لا يعني المسؤولين وهذا شيء مؤسف".

 ريبن ومعه العشرات من العمال يأتون كل يوم من الصباح الباكر من أقضية "سيد صادق" و "بنجوين" والقرى التابعة لها الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية، من اجل تجميع حاويات البنزين الفارغة ونقلها الى سيارات الشحن لكي يتم طحنها ومن ثم تصديرها عبر طرق غير رسمية من منطقة قريبة من نقطة "باشماخ" الحدودية في قضاء بنجوين، 105 كم شرق السليمانية، الى إيران لإعادة تصنيعها.

تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة الاشتعال
 

وتعتبر منقطة باشماخ الحدودية في قضاء بنجوين، اليوم احد المنافذ الرئيسية لتجارة إقليم كردستان مع إيران فضلا عن عبور المسافرين خلالها، كانت شهدت اعنف المعارك في تشرين الأول 1983 بين العراق وإيران.

ويشير نامق عبد الله، 55 سنة، إلى مئات الحاويات البلاستيكية التي جمعها مع رفاقه من العمال لنقلها الى سيارة الشحن ويقول في حديث لـ"نيوزماتيك"، إن "الحاويات التي تستعمل لشهور في المعاملات، تتأثر عند النقل، ويتمدد حجمها وتصبح معوجة وغير صالحة لاستخدام ونقل المحروقات، فيتم هنا تصغيرها بالأرجل والأيادي ثم تنقل إلى السيارات لتستقر في معمل طحن البلاستيك المحلي الموجود في قضاء سيد صادق"، 40 كم جنوب شرق السليمانية.

ويضيف عبد الله "نأتي من الفجر وننتهي بعد الظهر والعمل هو يومي ومتعب"، ثم يواصل عبد الله الضغط برجليه وبكل قوة على الحاويات البلاستيكية كي تصبح اصغر حجما، كي لا تأخذ مكانا في سيارة الحمل القديمة التي تنقلها الى معامل طحن البلاستيك.

 

عملية لا تخلو من المخاطر

تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة الاشتعال-3
 

جمع الحاويات البلاستيكية التي تنقل فيها المحروقات من إيران الى نقطة باشماخ الحدودية، أصبح نشاطا تجاريا عند شريحة واسعة من الموطنين الإيرانيين والعراقيين على حد سواء.

ويقول سيروان إبراهيم، 33 سنة، إن "الحاويات الصالحة يشتريها الإيرانيون بمبلغ 100 دينار للعبوة، وتّحمل من قبل المهربين، وتَعبُر الى الطرف الإيراني لاستخدامها من جديد في تجارة المحروقات".

ويؤكد الموطن الإيراني محمد خانم كوني الذي عبر الحدود وهو يحمل حاويات ممتلئة بزيت الغاز، واشترى العشرات من الحاويات الصالحة لأعادتها الى وطنه، في حديث لـ"نيوزماتيك" أن "العملية لا تخلو من المخاطر"، ويقول "الرزق أصبح في فم الأسد، ويجب أن نخطفه وإلا سنبقى دون عمل".

رحمن غريب/ نيوزماتيك/ السليمانية
 

ويضيف كوني "نحن نعبر طريقا خطرا مسافة 2-3 كم يوميا من اجل لقمة العيش، فإن تم اعتقالنا سنسجن ونقدم للمحاكمة، ويتم فرض غرامة مالية علينا".

 

تجارة الوقود وحاوياته شراكة بين مواطنين إيرانيين وعراقيين

وتنشط تجارة حاويات الوقود البلاستيكية في الوادي الفاصل بين الحدود العراقية الإيرانية. فحاوية الوقود الإيراني عبوة 20 ليترا من زيت الغاز تباع بعشرة آلاف و250 دينارا، وعبوة 20 لترا من البنزين تباع بعشرة آلاف دينار، أما الحاوية ذاتها من النفط الأبيض فتباع بثمانية آلاف دينار.

تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة الاشتعال-4
 

ويقول سالار صابر، 19 سنة، وهو من سكنة قضاء "سيد صادق"، انه "ما كان ليختار هذا العمل لولا البطالة وانعدام فرص العمل في القضاء"، ويضيف أن "الحكومة لا تفتح لنا فرص عمل جدية، فكل فرص العمل المتاحة هي في سلك الجيش والشرطة، ويظل العمل الشاق وسط البنزين والكاز أهون من متاعب العمل في الشرطة والبيشمركة".

ويوضح أكرم مجيد الذي  يعمل منذ خمس سنوات في الوادي المذكور، أن "تجارة المحروقات وحاوياته البلاستيكية، هي شراكة بين مواطنين إيرانيين وعراقيين"، موضحا أن "هناك اتصالات يومية بيننا من اجل معرفة الأسعار وسلامة الطريق والمخاطر التي تلحق بشركائنا من الإيرانيين، فعندما يتم اعتقال شريكنا أو تصادر منه البضاعة سنكون شركاء في ذلك مثلما نحن شركاء في الربح".

 

تصدير الحاويات إلى إيران سينقذ البيئة المحلية

تجارة الوقود وحاوياته الفارغة ..شراكة عراقية إيرانية على أجساد قابلة الاشتعال-5
 

 ويرى أستاذ كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة السليمانية الدكتور محمد رؤوف سعيد، أن "من الأفضل للمواد البلاستيكية بان تعاد صناعتها عبر إنشاء معامل خاصة كي نحصل على منتوج جديد هذا فضلا عن توفير فرص العمل للسكان المحليين"، ويضيف "ما دامت تلك المعامل غائبة في الإقليم فإن تصديرها الى إيران سينقذ البيئة وبالتالي الإنسان من تلك المواد". 

وادي بيع المحروقات الواقع في المنطقة المحاذية للحدود الإيرانية العراقية والقريب من "بناوة سوتة"، ليس السوق الوحيدة لتبادل البضائع بين إيران وإقليم كردستان، بل هناك العشرات من المنافذ الأخرى للمهربين الذين ينقلون مختلف البضائع، وللعراق وبضمنه إقليم كردستان، حدود بطول 1458 كم تمر في بعض المناطق عبر جبال وعرة يصعب السيطرة عليها.

اجمالي القراءات 4045
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق