حقيقة مُرعبة لازال هناك عبيد وإماء فى مصر !!!!!!!!!!

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الوطن


حقيقة مُرعبة لازال هناك عبيد وإماء فى مصر !!!!!!!!!!

«العبيد».. فى صعيد مصر: أمرك يا «سيدى»

يعملون فى الزراعة وخدمة المنازل ورعاية الماشية والحراسة.. وتستخدمهم العائلات كـ«وقود للمعارك»

كتب : إسلام زكريا الإثنين 08-12-2014 09:05
فى صعيد مصر فى صعيد مصر

تتعطل السيارة على مزلقان السكة الحديد بقرية الحمادية، محافظة سوهاج، فإذا بشباب من القرية يهبون لإنقاذها، يشكرهم السائق بالكثير من العرفان لأنهم أنقذوا حياته وسيارته، وقبل أن يعود إلى المقود ليواصل طريقه، يسألهم: «انتم تبع عائلة مين؟»، فيرد أحدهم: «إحنا عبيد عائلة أبوالسنون»، لتغمر الدهشة وجه السائق، لكنه لا يضيف كلمة واحدة، وفى عقله يلح السؤال: «إحنا فى 2014 ولسه فيه عبيد؟»، لكنها الحقيقة.

ينتشر العبيد فى محافظات سوهاج وأسيوط وقنا وأسوان، وكذلك فى محافظة الشرقية بالوجه البحرى، وإن بدأت الظاهرة فى الانحسار فى باقى محافظات الصعيد، بسبب قسوة بعض العائلات وهروب بعض العبيد نتيجة ذلك إلى العاصمة، أما فى محافظة سوهاج فلا تخلو عائلة ذات نفوذ أو ثراء من وجود العبيد.

«الوطن» جابت قرية الحمادية بحثاً عن عبيد عائلة «أبوالسنون»، التى يتوارث أبناؤها موقع «العمدة» أباً عن جد، منذ خمسينات القرن الماضى.

 

«راضية» و«سعد»

على أطراف قرية الحمادية، يقع منزل يرجع تاريخه إلى أكثر من 50 عاماً، مكون من أربعة حوائط مبنية بالطين، وسقف من الخوص، ومدخل صغير، وباب خشبى قديم، تلمح عيناك بيوتاً متراصة على صف واحد، تشبه عنابر الخيول أو الماشية، وهى ما يسمونها «بيوت العبيد».

تخرج «راضية»، السيدة الخمسينية، التى تعتبر أصغر عواجيز العبيد سناً، وتتميز هى وزوجها «سعد» بقوتهما الجسمانية وقدرتهما على العمل الشاق لساعات متواصلة، وهى سمات يتمتع بها أبناء المناطق البعيدة فى الحبشة، التى ينتميان إليها.

الحاجة مسعدة

«أنا عبدة عند عائلة أبوالسنون، وهما مش مخليينا عايزين أى حاجة، بيراعونا أنا وعيالى، وجوزى بيشتغل عندهم، وإحنا بنعملهم كل طالبتهم ونحميهم»، قالتها «راضية» التى لا تتذكر نشأتها، ولا تعلم كيف أتت إلى الصعيد، لكنها سمعت بعض الروايات عن نساء القرية المعمرات، تشير إلى أن معظم العبيد جاءوا إلى مصر عن طريق حملات محمد على باشا فى جنوب السودان، وكانت تجارة العبيد هى الأشهر حينها.

تعوّدت «راضية» أن تبدأ عملها صباح كل يوم فى خدمة عائلة «أبوالسنون»، تذهب لتنظيف منازلهم وتملأ الجرار بالمياه وتغسل الأوانى، وتقوم بكل أعمال المنزل والحراسة وأعمال الزراعة وخدمة المواشى حتى المساء: «اتعودنا إننا نخدم أسيادنا، لأنهم أصحاب فضل علينا فى تربيتنا وجوازنا ومصاريفنا، وواجبنا نحميهم»، مشيرة إلى أن معاملة العبد الآن تختلف عن الماضى؛ فالعمل بالسخرة والجلد عند الخطأ إلى غير ذلك لم يعد موجوداً، بحسب قولها.

«سيدى محمد أبوالسنون تكفل بزواج ابنتى، وكان وكيلها فى عقد الزواج، واتجوزت حر»، تتذكر «راضية» أنها واجهت صعوبة، عندما كانت شابة، فى الزواج، نتيجة تمسك بعض العائلات ببعض العادات والتقاليد التى تقول إن الحر لا يتزوج الأمة؛ لأنهم يعتقدون أنها تجلب العار للعائلة، مشيرة إلى أن وضع الأَمَة ليس متدنياً أخلاقياً كما تصوره الأفلام والروايات؛ فكل العائلة تحترمهم وتقدرهم وتعطيهم كل حقوقهم كانهم أحرار.

أغلب العائلات الثرية فى سوهاج تستعين بالعبيد.. والظاهرة تمتد لتشمل أسيوط وقنا وأسوان وحتى الشرقية.. يتميزون بقوة أجسامهم وقدرتهم على العمل الشاق لساعات متواصلة.. وهى سمات يتمتع بها معظم أبناء الحبشة

أما عن زوج «راضية»، الذى يصغرها بـ10 سنوات، فأكدت أنه لا يوجد ما يمنع زواج الأَمة من عبد أصغر منها، ما دام ينتمى إلى نفس القبيلة، «سعد» يحرص على أن يكون عبداً مطيعاً لسيده؛ فهو يحرس المنازل والمواشى ويدين بالولاء والطاعة للعائلة، ويُظهر لهم الاحترام والتقدير، خصوصاً أمام العائلات الأخرى بالقرية، فى المناسبات والأفراح والمآتم، يقول: «عندى استعداد أضحى بروحى فداء لعائلة أبوالسنون، هم أصحاب فضل علىّ». ويفضل «سعد»، الذى ينتمى لأصول حبشية، أن يموت ولا يُمس سيده سوء؛ فهو يرى أن من الشرف الموت من أجل الدفاع عن السادة وصد العدوان عليهم.

تبدأ النزاعات والخلافات بين العائلات إذا تعرَّض أحد أفراد عائلة أو أحد عبيدها لسوء، حينها يشترك العبيد مع سادتهم فى المعارك، لتثبت كل عائلة قدرتها على القتال وتظهر قوتها أمام العائلة الأخرى. ويشير «سعد»، فى هذا الصدد، إلى أن لديه القدرة على القتال بجميع الأسلحة، بدءاً من الأسلحة البيضاء وحتى الأسلحة الحديثة: «أسيادنا بيحمسونا، وما بنخافش من أى مخاطرة؛ لأننا عارفين إنهم هيعوضوا عائلاتنا، ومش هيسيبوهم يتلطموا بعدنا».

«لا يمكن للعائلات الكبيرة أن تتخلى عن عبيدها»، الأمر الذى يجعل ثقته فى أسياده بلا حدود: «ما ينفعش أشرب سجاير قدام سيدى، أو أقعد وهو واقف، إلا إذا أذن لى». ويحرص «سعد» على أن يكون فى طوع سيده، وهو من الأعراف الاجتماعية السائدة فى سوهاج، مشيراً إلى أنهم يقومون بالخدمة فى المآتم والأفراح ولا يشتركون فيها: «ما ينفعش أقف مع سيدى كتف فى كتف، يا إما أقعد فى السرادق أو فى الدار وأخدمهم بس، لأن من العرف ألا يتساوى العبد بسيده».

 

«مسعدة» و«ريحانة»

تشتهر «مسعدة»، السيدة التسعينية، بأنها أكثر نساء العبيد حناناً على الأبناء والبنات، الذين ربتهم على مدار عقود؛ فقد قدمت، كما يروى أهل القرية، الكثير للأطفال، ومنهم من وُلد ودُفن على يديها، ومنذ نشأتها وهى تشارك العائلة أفراحها وأحزانها. «سوهاج دى حتة منى، لو خرجت منها أموت، وكل عيال القرية أنا اللى ربيتهم». «مسعدة» تمتلك ذاكرة قوية وتسترسل فى رواية الأحداث القديمة كما لو أنها ما زالت تراها، تقول: «فيه عادات مستحدَثة على الصعيد وأهلها، منها: السرقة والقتل، زمان ما كناش نسمع عن الحاجات دى، الخطف والقتل والسرقة، إلا فى الحق».

تتذكر «مسعدة» الصعيد فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى، تقول: إن معاملة العبيد وقتها كانت أشد قسوة من الآن «العبد زمان اللى كان يبص أو يدخل على سيدته كان بيتقتل فى لحظتها، والعبدة اللى كانت ترفع عينها فى وش سيدها كانت بتتجلد»، مشيرة إلى أن الأوضاع تحسنت حالياً؛ لأن العائلات الكبيرة ترعى عبيدها، والفقراء منهم يحسنون إليهم، ويوفرون لهم فرص عمل فى القرى والنجوع، حتى لا يهرب بعضهم خارج البلد، على حد قولها.

«ريحانة» فقدت زوجها فى إحدى المعارك وتلجأ إليها فتيات القرية ليتعلمن الطهى

أما «ريحانة»، التى فقدت زوجها فى إحدى المعارك عندما كانت عروساً، فتمتلك خبرة كبيرة فى الطهى، ويقصدها كل بنات القرية للتعلم، وعندما تذهب إحدى بنات العائلة للدراسة فى القاهرة أو الإسكندرية، تسافر معها لترعاها. «ما كملتش أسبوع متجوزة، وجوزى مات فى معركة بين عائلتين، لكنى من ساعتها وأنا حاسة إنى واحدة منهم»، تقول «ريحانة» وعلى وجهها أمارات الألم، وتتذكر زوجها الذى لم تتزوج بعده، رغم تقدم الكثير من الأسياد حينها للزواج منها، وتضيف: «رفضت إن حد يتجوزنى عشان يعطف علىّ بعد ما جوزى مات، طالما كده كده هيحمونى ويراعونى أتجوز ليه؟». ورفضت «ريحانة» الزواج خشية معايرة أحد من رجال العائلة لزوجها بأنه متزوج من أمة.

تشارك «ريحانة»، كغيرها من العبيد، فى تزيين العروس ليلة الزفاف، والندب والعويل وإظهار الحزن فى المآتم، وتغنى الأغانى الحزينة كنوع من الإشادة بفضائل الميت يوم وفاته.

 

بيت العمدة

يتولى العُمُدية الآن محمد أبوالسنون، وأخوه محمود أبوالسنون، وكان أحد أعضاء الحزب الوطنى، والعائلة الكبيرة تملك من الثروة والنفوذ ما لا يملكه الكثيرون بالصعيد؛ فهى تشتهر بتجارة الرخام والصناعات الثقيلة، يقول «محمد»: «لم تعد للعمدية شنَّة ورنَّة زى زمان، ومعاملة العبيد تختلف عمَّا كان عليه الوضع فى زمن فات؛ لأنهم يرعون عبيدهم ويوفرون لهم فرص عمل فى القرى والنجوع وحتى فى العاصمة».

«راضية»: «أسيادى مش مخليينا عايزين حاجة..وبيراعونى أنا وعيالى.. وجوزى بيشتغل عندهم.. وبنعمل لهم كل طلباتهم ونحميهم»

«العبيد منتشرون فى معظم قرى ومراكز سوهاج، فى مناطق العسيرات والعرابة وجرجا والبلينا وطما»، يقول العمدة، الذى يعرف عائلات عريقة فى سوهاج تمتد أصولها لقرون من الزمان، حسب قوله، مشيراً إلى أن من بين تلك العائلات: «أبوستيت وأبوكردوس ودنقل وأولاد سلامة»، وتجمعهم نفس الصفات.

ويضيف «أبوالسنون» أنه رجل يعرف القانون جيداً، بحكم تخرجه فى كلية الحقوق؛ فمنذ أن ظهرت القوانين الدولية التى حرَّمت تجارة الرقيق، وبعض التشريعات والقوانين الأخرى، وهم يعاملون العبيد كأحرار لديهم الحق فى تحديد مصيرهم، عكس الزمن البائد، الذى كانوا فيه يعامَلون بالسخرة والجلد.

«معظم أولادهم شغّلتهم معايا فى الرخام فى القاهرة، وكل لما برجع البلد باخد معايا 3 أو 4 منهم»، ويشير «أبوالسنون» إلى أنه بقدر الإمكان يحاول توفير فرص عمل للعبيد، سواء فى مصنعه أو فى أحد المصانع الأخرى، لضمان حصولهم على عائد مادى منتظم: «زمان، وصل التحكم فى العبيد إلى أن الأسياد كانوا بيتحكموا حتى فى أساميهم، فكانوا يسمونهم بأسماء مفزعة، ليرعبوا بها أعداءهم، مثل عبدالجبار وفزاع وهريدى، وكان من قبيل الخروج عن العرف والتقاليد تسمية العبيد بأسماء كبار العائلات».

أما عن زواج السيد من أَمَته فيقول «أبوالسنون»: «فى الستينات كان من العار والخروج عن التقاليد أن يتزوج السيد من أمة، فيكون جزاؤه منعه من الميراث، ويظل موضع استهزاء وسخرية العائلة، وكان الزواج حينها يتم فى حدود، إذا مات زوجها مثلاً ولديها أطفال، أما غير ذلك فيعتبر مخالفاً للتقاليد والعرف الاجتماعى».

ويؤكد «أبوالسنون» أنهم يحسنون لعبيدهم؛ لأنهم يؤمنون بالمساواة بين البشر، واتباعاً للحديث النبوى «كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى». لكنه يضيف: «رغم ذلك، ما زالت بعض العائلات تعامل العبيد بنفس طريقة أجدادهم، ويعتبرون أن ما نفعله خروج عن العرف والتقاليد»، مشيراً إلى أن العبيد سيصبح وجودهم نادراً فى المستقبل: «العبيد دلوقتى منهم المتعلم واللى سافر خارج القرى، ومنهم من يعمل فى وظائف حكومية كفرَّاش أو ساعٍ».

«سعد»: «ما ينفعش أشرب سجاير قدام أسيادى.. وبنحارب معاهم فى المعارك لأننا عارفين إنهم هيعوضوا ولادنا ومش هيسيبوهم يتلطّموا بعدنا»

لكن محمد عبدالجواد، أحد أبناء القرية، يرى أن هناك سبباً آخر لخروج العبيد عن سيطرة أسيادهم: «بعض العائلات لا يعلمون عبيدهم حتى لا يخرجوا عن سيطرتهم، وبعضهم ليس لديه أوراق رسمية تثبت وجوده من الأصل»، لهذه الأسباب، وأسباب أخرى، يخرج العبد عن طوع سيده، ومنها أنهم يكونون فى الصفوف الأولى فى المعارك، وغالباً ما يسقط منهم قتلى كثيرون، حسب قوله.

ويشير «عبدالجواد» إلى أن عائلة «أبوالسنون»، وغيرها من العائلات، يعتبرون أن العبيد مسئوليتهم الأولى؛ لأنهم مسئولون عن تعليمهم ومصاريفهم، ويدبرون لهم مسكناً وملابس حتى يتزوجوا: «العبيد فى عائلة أبوالسنون عندهم استعداد يضحوا بأرواحهم عشان أسيادهم، لأنهم بيلاقوا اللى مش موجود فى باقى عائلات الصعيد»

اجمالي القراءات 2590
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق