مدون مغربي تطاول على الملك فسجنوه :
مدون مغربي تطاول على الملك فسجنوه

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٠ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عرب تايمز


مدون مغربي تطاول على الملك فسجنوه

حكم القضاء المغربي على مدون بالسجن سنتين لاظهارة عدم الاحترام للعاهل المغربي الملك محمد السادس، حسبما ذكرت اسرة المدون. وكان المدون ويدعى محمد الراجحي، قد كتب مقالا انتقد فيه عادة الهبات الملكية التي يمنحها الملك وقال انها شجعت ثقافة الاعتماد في البلاد. ولم يتوافر تعليق من السلطات المغربية على القضية الا ان جماعات لحقوق الانسان قالت ان الراجي لم تتوافر له محاكمة عادلة ويقول مراسل بي بي سي في المغرب ان انتقاد الملك يعد جريمة وان العائلة المالكة مازالت من الموضعات المحرمة في البلاد

يذكر ان المغرب قد اثار سابقا غضبا دوليا بسبب المعاملة التي يلقاها مدونو الانترنت. وفي وقت مبكر من العام الجاري حكم بالسجن ثلاث سنوات على فؤاد مرتضى بسبب انشائه ملفا شخصيا مزيفا على موقع فيس بوك على الانترنت استخدم فيه شخصية شقيق الملك. الا انه منح عفوا ملكيا بعد احتجاجات قام بها مستخدمو الانترنت في انحاء العالم. وقال الراجي، في مقاله، ان الاحسان الملكي تجاه المغاربة ادى الى خنق التطور لانه شجع الناس على الكسل. وقال " ان هذا جعل الشعب المغربي بدون هوية، حيث يعيش على الهبات والمنح ( الخالق الناطق الشعب الاردني )

ويقول جميس كوبنال مراسل بي بي سي في العاصمة الرباط، ان الراجي انتقد بشكل خاص ممارسة معروفة في المغرب وهي منح تراخيص مربحة لقيادة سيارة اجرة ووسائل نقل اخرى مقابل خطابات استجداء. وقال الراجي ان هذه الممارسات لا تحدث في الدول المتقدمة حيث ان العمل الجاد هو الذي يكفأ وليس الاستجداء. وقبضت السلطات على الراجي الجمعة الماضي ووجهت اليه اتهاما بـ" عدم احترام الملك". وحكمت عليه المحكمة الاثنين بالحبس سنتين وغرامة 5 الف درهم مغربي او ما يوازي 630 دولار امريكي. وذكر احد اقرباء الراجي، والذي قال انه كان موجودا في المحكمة، ان المدون لم يعين له محامي وان المحاكمة استغرقت عشر دقائق فقط. وذكر شقيق الراجي لبي بي سي ان الحكم بمثابة كارثة للاسرة لان الراجي هو عائها الوحيد.

فيما يلي مقال الراجحي الذي سجن بسببه

خرج الملك كما يفعل عادة للتجول بسيارته في شوارع المدينة ، وكان معه داخل السيارة ابنه البكر ، الذي هو ولي العهد . في ملتقى الطرق سيتوقف الملك أمام شرطي المرور الذي ينظم حركة السير ، والتفت إلى ابنه الصغير ذو الخمس سنوات يسأله إن كان يرغب أن يصبح شرطيا عندما يكبر ، وعوض أن يجيب الصغير أخذ الشرطي المبادرة وأجاب الملك بأنه يتمنى أن يرى ولي العهد الصغير جالسا على عرش أسلافه في أحد الأيام ، وأضاف كلمات يثني فيها على الملك . الملك بطبيعة الحال أعجبه ما سمع من فم الشرطي ، وقبل أن ينصرف كافأه على الفور ب "كريما" ! للإشارة فالملك الذي كان بطلا لهذه الواقعة ليس ملكا آخر غير محمد السادس

إذا صح هذا الخبر الذي أوردته "الجريدة الأولى" في عددها التسعين ، فعلى المغاربة أن يقتنعوا بأن المغرب لن يتغير كما نتمنى حتى في عهد الحسن الثالث

يجب علينا أن نعترف بأن الذي أهلك بلدنا وأوصله إلى هذه الرتبة المخجلة التي يحتلها على الصعيد العالمي في كل المجالات هو اقتصاد الريع ، الذي ينتفع به المحظوظون دون غيرهم من أبناء وبنات الشعب ، وطبعا فلسنا بحاجة إلى استعمال المصطلحات الكبيرة التي يستعملها السياسيون كي نفهم ما هو "الريع" ، فمعناه بكل بساطة هو أن تأخذ حق الآخرين بدون وجه حق ! ورخص النقل أو "الكريمات" التي يوزعها الملك على المواطنين الذين يمدون إليه رسائل الاستعطاف التي يكتبونها بنفس العبارات التي ينطق بها المتسولون عندما يمدون أيديهم إلى الناس على أرصفة الشوارع تدخل بدورها في إطار الريع . فالدول التي تحترم مواطنيها لا تجعل منهم شحاذين يتسولون الأعتاب الشريفة ، بل تصنع لهم المعامل والمصانع كي يشتغلوا ويكسبوا لقمة عيشهم بعزة وكرامة ، وحتى لو افترضنا أن هذه الكريمات لا يتم إعطاؤها إلا لمن يستحقها من ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمعوزين ، وهذا أمر مستبعد بطبيعة الحال ، فهذا لا يشرف المواطن المغربي على الاطلاق ، فالشغل والتطبيب والتعليم حق يمنحه لنا الدستور ، لذلك يجب على الدولة أن توفر لمواطنيها سبل العيش الكريم عوض إهانتهم بهذه الطريقة المذلة

ثم إن هذه "الكريمات" لا يجوز للملك أن يتصرف فيها كيفما شاء بدون حسيب ولا رقيب ، ويمنحها لكل من يلقي عبارة مدح في أذنه ، لأن ذلك أولا يساهم في خلق جيوش من المتملقين الذين عوض أن يسعوا إلى كسب معيشتهم بعرق جبينهم يكسبونها بكلمات المدح والإطراء التي تكون في الغالب بلا مصداقية ! ويكون الملك بذلك يشجع شعبه على الاتكال

ولأن ذلك أيضا يجعل منا نحن المغاربة شعبا بلا كرامة ، ما دمنا نعيش على الهبات والاكراميات ، والحال أننا لا نحتاج إلى من يشفق علينا ، بل إلى من يوزع بيننا ثروات الوطن بالتساوي . ألا يكفيكم ما قاله الرئيس الجزائري في حقنا عندما صرح بأن الجزائر لا توزع على مواطنيها الحريرة ، بل تمنح لهم مفاتيح الشقق السكنية المفروشة . ورغم أننا نعرف أننا والجزائريون في الهم سواء ، إلا أن ما قاله بوتفليقة يجدر بالمسؤولين المغاربة أن يضعوه نصب أعينهم ، ويكفوا عن التعامل معنا كمتسولين حقيرين ، يضحك علينا الأصدقاء والأعداء على حد سواء

في نهاية كأس العرش لكرة القدم بين المغرب الفاسي والجيش الملكي ، تسلح المدرب رشيد الطاوسي بصنطيحة من حديد ، وقدم للأمير رشيد الذي ترأس المباراة "هدية" عبارة عن قميص رياضي . القميص تم لفه بعناية داخل كيس بلاستيكي ، وبين ثناياه تم وضع رسائل استعطاف تقدم بها لاعبو الفريق الفاسي إلى سمو الأمير

ومع ذلك يتساءلون عن سبب كل هذه النكسات المتلاحقة التي تحصدها الرياضة المغربية في كل أنواعها . فحتى الرياضيون الذين يعرفون أن رزقهم رهين بكمية العرق التي تتصبب من جباههم يرون ألا جدوى من تعذيب أنفسهم في كسب كسرة الخبز بطريقة شريفة ، ما دام أن استعطاف أحد أفراد الأسرة الملكية يمكن أن يأتي برزق يدوم طيلة الحياة . وبلا عذاب ولا تمارة

وعلى ذكر الرياضيين لابد من الإشارة إلى أن عددا من اللاعبين القدامى المحظوظين يملكون رخصا للنقل يكترونها بالملاين ، رغم أن أغلبهم لا يستحقونها ، وهناك من حصل على هكتارات من الأراضي الفلاحية هدية له على "تشريف"  المغرب في الملتقيات الرياضية ، كهشام الكروج الذي حصل على مساحات من الأراضي الفلاحية الخصبة بمدينته بركان

هذه السياسة التي تتعامل بها الدولة مع أبنائها مريضة للغاية وتحتاج إلى علاج مستعجل ، فأي رياضي عندما يدخل إلى ميدان المنافسة يكون هدفه الأول والأخير هو الربح الشخصي قبل أن يفكر في تشريف الوطن ، والدليل هو أن ما يقارب 300 رياضي مغربي تجنسوا بجنسيات بلدان أخرى ، وأصبحوا يخوضون المنافسات الرياضية تحت راياتها ، ليس لأنهم أقل وطنية منا ، بل لأنهم اكتشفوا ذات لحظة أن مستقبلهم سيكون مبنيا للمجهول إذا قرروا التنافس تحت ظل العلم المغربي الأحمر

لذلك فالأراضي التي منحتها الدولة لهشام الكروج مثلا لا يستحقها ، فالرجل جمع مئات الملايين من كل الميداليات التي فاز بها ، ويحصل على راتب شهري من الجامعة حيث يشتغل ، ومن فوق هادشي كامل يبقى ما قام به في حق المغرب واجبا ، ما دام أن المغرب هو الذي وفر له ملاعب التداريب والأكل والمأوى وأشياء أخرى ، ودفع ثمن تذاكر السفر والفندق ... فخدمة الوطن كما قلنا مرارا تبقى واجبا على الجميع ، واللي ما عجبوش الحال يمشي يقلب على شي جنسية أخرى عوض الاستيلاء على أراضي الدولة بدون وجه حق

بالمناسبة ، هل تعرفون مثلا أن سويسرا التي تعتبر واحدة من أغنى دول العالم عندما كافأت بطلها الكبير روجي فيديرير الذي رفع العلم السويسري عشرات المرات في المحافل الدولية الكبرى لم تقدم له هكتارات من الأراضي ، أو رخصة نقل أو حتى بقعة أرضية ، بل اكتفت بمنحه هدية رمزية عبارة عن بقرة من النوع الكروازي ! والعلف ديالها طبعا على حسابو

فالبلدان المتقدمة وصلت إلى ما هي عليه لأنها لا تجامل أبناءها ، بل تتعامل معهم في إطار القانون الذي يجعل الجميع سواسية ، ولأنها لا توزع ثرواتها على المحظوظين كما يحدث عندنا ، بل يستفيد منها الجميع على قدم المساواة ، وهذا ما ينقصنا في المغرب حتى يتخلص بلدنا من هذا الاعوجاج المزمن الذي تعاني منه سياسته العرجاء

وعندما يرى ولي العهد الصغير الذي سيتولى الحكم في يوم من الأيام كيف أن والده يوزع الهبات والاكراميات والكريمات على الناس بمجرد سماع كلمة إطراء أو مدح ، فلا شك أنه سيتصرف بنفس "المنطق" عندما يحكم ، لذلك فما علينا سوى أن نؤجل أحلامنا بمغرب المساواة وتكافؤ الفرص لغاية حكم الملك محمد السابع الذي سيأتي بعد الحسن الثالث اللي هو ولي العهد حاليا

اجمالي القراءات 2470
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق