جون برادلي: مشكلة الأقباط ظهرت بعد عودة المصريين من السعودية وهم مشبعون بالفكر الوهابي المتشدد

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠١ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: آفاق


قال المؤرخ البريطاني جون برادلي أن مشكلة الأقباط في مصر ظهرت عندما بدأ المسلمون من أبناء مصر السفر إلى السعودية للعمل بحقول النفط، حيث عادوا متشبعين بالفكر الوهابي المتشدد، الغريب كلياً عن المذهب الديني المعتدل في مصر. جاء ذلك في كتاب له بعنوان "داخل مصر.. أرض الفراعنة على حافة ثورة" والتي قررت السلطات المصرية حظر دخوله وتوزيعه داخل مصر.



وأضاف برادلي في كتابه الذي قامت صحيفة "المصري اليوم" بعرض تفصيلي له، أن العلاقة بين المسلمين والأقباط في مصر تكون ودية طالما تقبل المسيحيون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، لافتاً إلى أن هذا الوضع يستمر من جانب المسلمين المعتدلين، لكن المتشددين، ومعظمهم قادم من السعودية ويعيش في الصعيد - على حد قوله - لا يقبلون حتى بذلك.


وتطرق برادلي في الفصل الثالث إلى طائفة الصوفيين المستهدفة من النظام المصري وجماعة الإخوان، والتي قُدر أفرادها بحوالي ستة ملايين رجل، بالإضافة إلى ملايين من النساء والأطفال الذين يحجون إلى الموالد، مشيراً إلى أن الشرطة بدأت تتعامل بقسوة مع التجمعات الصوفية لأسباب أبعد من مجرد سعيها لمنع تجمع الحشود في الشوارع.


وأرجع برادلي هذا التعامل الشرس مع الجماعات الصوفية إلى طغيان الفكر الوهابي الرافض لهذه الطقوس على العقيدة الدينية والسياسية في البلاد.


وأعرب عن اعتقاده بأن ثمة فائدة كبيرة كانت ستعم على الجميع لو صدّرت مصر فكرها الصوفي المعتدل إلى السعودية بدلاً من استيراد الأيديولوجية الوهابية التي عادت إلى مصر مع عناصر الإخوان الذين فروا في عهد عبدالناصر وعادوا في عهد السادات وأيضا مع ملايين العمال ذوي الثقافة المحدودة الذين أشربوا هذه العقيدة.


وقال الكاتب "إن الصراع بين الوهابية والصوفية جزء من الحرب الفكرية والسياسية ذات الأصول التاريخية بين مصر والسعودية، معتبرا أن انتصار الوهابية مؤشر لغياب الزعامة عن القاهرة في جميع المجالات لصالح الرياض.


وفي الفصل الخامس تناول برادلي قضية التعذيب في السجون المصرية، وقال "إن جميع التقارير الدولية المتعلقة بهذه المسألة أفادت بأن التعذيب يتم بشكل منهجي بأقسام الشرطة والمعتقلات في مصر، لافتاً إلى أن هناك أدوات رهيبة تستخدم في ذلك ويتعرض المعتقلون للصعق الكهربائي بأماكن حساسة بأجسادهم فضلا عن الاغتصاب من جانب مجرمين يتم استخدامهم في السجون لهذا الغرض.


وأشار إلى أن مثل هذه الممارسات تعكس قسوة النظام الحاكم في مصر وتكشف الدور الحقيقي للأجهزة الأمنية وهو حماية القادة من الناس بدلا من حماية الناس من المجرمين. وقال "إن كثيراً من المعتقلين أخبروا منظمة العفو الدولية أنه كان يتم استجوابهم بينما يتعرض زملاؤهم للتعذيب في زنزانات مجاورة، حيث كانوا يسمعون صوت صراخهم ويرون بعد ذلك جروحا متفرقة في أجسادهم". وأضاف "هناك أطباء يفحصون الضحايا يومياً للتأكد من قدرتهم على الاستمرار في التعرض للتعذيب لافتا إلى أن البعض يتم القبض عليه لتشابهه في أسماء مع مطلوبين".


وذكر برادلي أن تلك الممارسات تشبه إلى حد كبير ما كان يحدث في أحد معتقلات ألمانيا النازية، وكان يعرف باسم "سيبن هافت" مستدلا بقصة شاب جامعي في الثانية والعشرين من عمره تم اعتقاله دون أي تهم أثناء وقوفه أمام منزله في الساعة الثالثة صباحا واقتاده معتقلوه معصوب العينين إلى أحد مقار أمن الدولة في العريش حيث طلب منه التعرف على بعض الأشخاص وحين قال إنه لا يعرفهم تعرض للإهانة والضرب بقسوة في وجهه ثم خلعوا عنه ملابسه وقيدوا يديه وقدميه إلى الخلف ثم أوصلوا سلكاً كهربائياً إلى أصابعه من طرف والطرف الآخر إلى مكان حساس في جسده وتم صعقه عدة مرات واستمر على هذا النحو أربعين يوماً ثم نقل إلى السجن المركزي.


وتناول كذلك موقف القانون المصري من التعذيب، موضحاً أنه لا يجرمه إلا إذا وقع نتيجة اعتقال غير قانوني من جانب الشرطة، لكنه لا يتطرق إلى التعذيب في الحالات الأخرى للحصول على معلومات من شخص ما، كما تطرق كذلك إلى الأدوات التي يتم استخدامها في التعذيب.


وبدأ برادلي الفصل السادس من الكتاب الذي تناول الفساد في مصر بأسلوب ساخر للغاية قائلاً "إن الحكومة المصرية، تحرص كل الحرص على حماية السمعة الجيدة لمصر والمصريين مشيرا إلى أنها غضبت بشدة حينما طرحت مؤسسة غير معروفة سبع عجائب في الدنيا للتصويت ليس منها أهرام الجيزة، مستدركاً أن هذا الأثر الخالد بلا شك يستحق تصدر عجائب الدنيا لكن يمكن أن يكون هذا مقبولاً، لو أن وزارة الثقافة التي قادت الحملة أو النظام المصري بشكل عام يحافظ على السمعة التي طالما تمتعت بها مصر كأرض للبسمة والضيافة والآثار العظيمة، ولم يحولها إلى وطن للفوضى والاستبداد والقمع والفقر.


وأشار إلى أن النظام المصري يستخدم دائما تهمة "تشويه سمعة البلاد ضد أي صحفي أو حقوقي أو إصلاحي يوجه انتقادا للأسرة الحاكمة أو لمؤسسات النظام"، مشيراً إلى أن أي زائر للأهرامات العظيمة الآن يكتشف بسهولة أنها تقع تحت سيطرة عدد من المنتفعين وكثيراً ما شكا علماء مصريات وآثار من أن الأهرام عانت خلال الفترة القصيرة الماضية مع انتعاش صناعة السياحة أكثر مما عانته خلال أربعة ألاف عام.


وأشار الكاتب إلى أن الفساد أصبح متأصلاً في كل القطاعات الإدارية للبلاد، فلا يمكن إنجاز أي مصلحة دون الواسطة، موضحاً أنه جرب ذلك بنفسه حيث استعان بخدمات ابن مسؤول كبير لتجديد تأشيرة الإقامة الخاصة به، وحينما تعرض للسرقة في الأقصر وتعاملت شرطة السياحة بنوع من اللامبالاة معه لجأ إلى المسؤول نفسه فتغير موقفهم كليا وعاملوه بمنتهي الود واللطف وأعادوا محفظته المسروقة.


وأوضح أن الفساد في مصر لا يقتصر فقط علي النهب والسرقة بل يمتد إلي الصحة والغذاء، مشيراً إلى أن الصحفيين في الجرائد المستقلة والمعارضة بذلوا جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة للكشف عن كثير من مواقع الفساد في حين يتأصل النقيض في الصحف القومية التي يعين غالبية محرريها بالواسطة، مما أدى إلى تراجع هذه الصحف وانتشار الفساد فيها.


وتطرق الكاتب أيضا بالتفصيل إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مشيرا إلى أن الأجندة السياسية المفصلة الأولى التي نشرت في أواخر 2007 تكشف الألوان الحقيقية للإخوان، حيث تُحرّم الجماعة تعيين النساء أو الأقباط في منصب الرئاسة، وتمنح الشيوخ دوراً رقابياً على الحكومة وهو ما أعاد إلى أذهان الكثير من المراقبين الواقع المرعب لدولة المرجعية الإسلامية في إيران.


وأوضح برادلي أن الغرب يراقب الصعود التدريجي السياسي للإخوان، مشيراً إلى أن أداءهم الجيد في انتخابات 2005 دفع كثيراً من المحللين إلى مطالبة واشنطن بتغيير سياستها تجاه الجماعة، باعتبارها أقل الشريرين مقارنة بالنظام الحاكم.


واستدرك برادلي في كتابه قائلاً "بالرغم مما سبق ربما ننظر بشيء من السطحية إلى نتائج العملية الانتخابية، والإخوان، برغم أدائهم، لم يفوزوا سوى بـ 20% من المقاعد، والأهم من ذلك أن 25% فقط من المصريين قاموا بالتصويت، وهذا يعني أن الغالبية العظمى من الشعب لم تصوت سواء للإخوان أو لحزب مبارك الذي يستخدم نجاح الجماعة في حصد عدد كبير من المقاعد خلال الانتخابات كفزاعة لتخويف واشنطن من صعود الإسلاميين، لكن هذا في حد ذاته لعبة خطرة من جانب نظام يستخدم أدوات متطرفة للحفاظ علي عمره القصير.


وأعرب الكاتب عن اعتقاده أن جماعة الإخوان ربما تكمن في الظل انتظاراً للحظة المناسبة التي تنقض فيها على الحكم، وهي تنظم وتدرب نفسها لتكون في أفضل المواقف التي تمكنها من ملء الفراغ بسرعة عند حدوثه.

اجمالي القراءات 4452
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق