حول تصريحات البابا:
حوار لدكتور منصور مع الحوار المتمدن

اضيف الخبر في يوم السبت ٣٠ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الحوار المتمدن


حوار لدكتور منصور مع الحوار المتمدن

الدكتور أحمد صبحي منصور للحوار المتمدن.. إن العصر الآن ليس عصر صراع الحضارات ، بل هو عصر القرية الكونية التى تم الغاء المكان فيها والزمان.
 
الحوار المتمدن - العدد: 1689 - 2006 / 9 / 30

حاوره : شاكر الناصري






في عالم يراد للتطرف الديني والكراهية والحقد ان تكون سماته الاساسية، فأن أصوات كثيرة تسعى لان تكون النقيض لما يراد.الدكتور الشيخ احمد صبحي منصور احد هذه الاصوات التي بدءت تحتل مكانا وحيزا لها في عملية استجلاء الحقائق.ففي الوقت الذي يسارع فيه رجال الدين والتيارات الاسلامية المتطرفة الى أشاعة الكراهية والحقد الديني والطائفي ويعملون على رفع الوية الجهاد ضد كل شيء بأسم الدين وبالاستناد الى القرآن وآياته، فأن ضيفنا وعدد من صحبه وزملاءه ينادون بالحرية المطلقة في العقيدة والانتماء وحرية التعبير عن الرأي.اعتقل لانه قال الحقيقة وعمل على كشف الزيف الذي ينخر مؤسسة دينية كالازهر.ولاننا في الحوار المتمدن نسعى لابراز الاصوات المتنورة او الاصوات التي تتصدي لحملات التكفير والارهاب السافر للتيارات الاسلامية الاصولية فقد ارتأينا ان يكون لنا حوار مع الدكتور احمد صبحي منصور لمعرفة مواقفه مما يحدث في عالمنا اليوم...

شاكر الناصري ..لننطلق من محاضرة بابا الفاتيكان وما طرحه بخصوص الاسلام ، هل ما جاء فيها كان ضمن سياقات بحثية معرفية وتاريخية في اللاهوت ، ام انها كانت مقصودة ولم تكن مجرد نتيجة او استعراض لشواهد تاريخية ولاهوتية، هل يمكن التأسيس على ما أثير حولها من ان العالم بصدد صراعات وحروب دينية؟

أحمد صبحي منصور..ليس من شأنى الكشف عن نية البابا فيما قال، ولكن كان من الواجب عليه الحذر فيما يقوله عن الاسلام ، ليس فقط لمكانته ، ولكن أيضا لوجود ارهابيين متعطشين للتحرك ضد مسيحيين أبرياء ، وتعميق العداء بين المسلمين والمسيحيين، ولوجود انظمة حكم تريد للجماهير المحبطة أن تفرّغ سخطها فى أى موضوع خارجى، بل قد تزايد على المتطرفين فى الزعم بالغيرة على الاسلام ، وهم بسلوكهم أعدى أعداء الاسلام.
أولئك المتطرفون والمستبدون من مصلحتهم إغراق العالم فى حروب دينية ، وقد إستخدموا خطأ البابا الكاثوليكى فى الترويج لهذه الحرب، ولهذا كتبت محذرا من جموح رد الفعل لدى المسلمين.

شاكر الناصري ..صراع الحضارات احدى المقولات التي أطرت الكثير من الطروحات الفكرية والمعرفية والسياسية التي انتشرت في العالم بعد نهاية الحرب الباردة، أية حضارات هي المقصودة والمؤهلة لخوض الصراعات المزعومة، هل يمكن القول ان ما يجري في عالم اليوم هو صراع حضارات ( الشرق والغرب) ام صراع اديان (المسيحية والاسلام) وان الحرب على الارهاب،تزايد حدة الارهاب والدمار الذي خلفته حروب امريكا في العراق وأفغانستان ،هي افرازات لهذه الصراعات ، الا تعتقد أن صراع الحضارات المزعوم هو محاولة لتغطية اهداف وستراتيجيات سياسية لامريكا والغرب تواجه مازقا كبيرا الان بدليل ما يحدث في العراق وعملية السلام في الشرق الاوسط؟

أحمد صبحي منصور..فى اعتقادى إن العصر الآن ليس عصر صراع الحضارات ، بل هو عصر القرية الكونية التى تم الغاء المكان فيها والزمان، وبالتالى فالتقريب والتفاهم قائم على قدم وساق بين الحضارات والثقافات. ولأن عصر القرية الكونية لا يزال فى بدايته فهناك متطرفون من الجانبين يرددون مقالات الماضى، كقول الوهابيين بانقسام العالم الى معسكرى الكفر والايمان وقول المتعصبين الغربيين بوجود صراع الحضارات . وهم يجعلون الاسلام ضد الغرب لوجود تاريخ طويل من الصراع بين العرب المسلمين والغرب ، ولأن الوهابيين السنة الحنابلة والايرانيين الشيعة الاثناعشرية قد بعثوا هذا الصراع من مرقده فى إطار صراع سياسى لا علاقة للاسلام به. وقد استخدمت أمريكا اسم الاسلام فى الحرب ضد الشيوعية حين تحالفت مع المتطرفين الوهابيين ضد الروس فى أفغانستان، ثم اكتشفوا الآن أنه عدو لهم. الاسلام مظلوم فى لعبة السياسة هذه. إنها مصالح سياسية متقلبة ومتغيرة، ومن الطبيعى أنه بعد انتهاء حرب كبرى أن تتغير التحالفات ، وقد يصبح حليف ألأمس عدو اليوم، ولذلك انقلب الحلفاء الأمريكيون الوهابيون بعد سقوط الاتحاد السوفيتى الى أعداء، ونتج عن ذلك مقولات الصراع الحربى المتطرف هذه ، ولكن المستقبل هو للتفاهم والحوار الحضارى أكثر من الصراع الحضارى العنيف، فقد وصلت البشرية الى عصر النضج .
كلامى هذا لا يعنى إنهاء الصراع فهو ملخص تاريخ البشر ، ولكن أقصد انه سيتحول الى تنافس وصراع سلمى أكثر تمدنأ وأقل عنفا.

شاكر الناصري .. ما بين أزمة الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد وأزمة محاضرة بابا الفاتيكان الاخيرة، فان الاحداث قد افرزت خطاب اسلامي يراد له أن يكون الخطاب الطاغي لمواجهة أزمات كهذه وللرد عليها. هو خطاب متشدد ، عنيف ،يحرق ،يدمر،يقاطع ويهاجم بطريقة واسلوب اشد ،لا، بل ان اصحاب هذا الخطاب يتحدثون اليوم عن ( فتح روما) كما تحدثوا بالامس عن (غزوة كوبنهاكن). الا يمكن مواجهة تجاوزات الرسوم الكاريكاتيرية ومحاضرة البابا برد عقلاني أكثر فاعلية هذا اولا، وثانيا، مالذي يدفع بالكثير من المسلمين للرد بالاساليب التي شاهدناها ، هل هو الاحساس بالظلم والضعف، أم العجز عن مواجهة ما يقوم به الغرب على الصعيد العلمي والفكري والثقافي والاجتماعي؟.

أحمد صبحي منصور..فى اعتقادى إن الرد العنيف من المسلمين يرجع الى عاملين جوهريين هما الجهل والاستبداد.
يجهل المسلمون ما تجذر فى الثقافة الغربية من حرية النقد وعلمانية التكفير التى لا تضع حدودا للنقد والتحليل ، خصوصا فى مجال الأديان، ومن هنا فقد استباح الغربيون كل ما كان فى العصور الوسطى مقدسا فى المسيحية، ليس فى المحافل العلمية والبحثية ولكن أيضا فى مجال الفنون والدراما والرسوم.وبالتالى فهم يتعرضون للاسلام بنفس المنطق المألوف لديهم. أما المسلمون فلا يزالون أسرى للتفكير العصرأوسطى، بعيدين عن الحرية المطلقة التى قررها لهم الاسلام فى مجال البحث والعلم والايمان والكفر.ولذلك يحكمون بتلك الثقافة المتعصبة على الغرب اذا تعرض أحدهم للنيل من الاسلام، متناسين أوامر القرآن بالرد بالتى هى أحسن عمن يسىء الى المسلم فى عقيدته.
وهذا يجرنا الى العامل الثانى وهو الاستبداد الذى لا يزال يرزخ تحت وطأته المسلمون حتى الان بينما تحررت منه أوربا والغرب. الاستبداد هو الذى يؤسس فكر المؤامرة ، فسقطة لسان من هنا أو هناك من جورج بوش أو بندكت يعتقدون أن وراءها خطة ما لتدمير الاسلام والمسلمين.
لا يفهم المسلمون أن ما يفعلونه بأنفسهم وما يفعله بهم الحكام المستبدون هو المسئول عن كل الكوارث التى تحدث بهم ، وأن الغرب ليس فى حاجة للتآمر عليهم لأنهم أقل من أن يشكلوا خطرا عليه.إن أمريكا تكتفى باصدار الأوامر للحكام العرب ليسارعوا بالتنفيذ ، دون الحاجة لأى مؤامرة. فى دنيا التنافس الاقتصادى والسياسى قد تتآمر أمريكا على اليابان أو أوربا المتحدة لأنها تخشى من المنافسة فى تلك السوق المفتوحة ، ولكن العرب والمسلمين أقل شأنا من أن تتآمر عليهم أمريكا أو حتى بلجيكا.
تكريس ثقافة المؤامرة تخدم الاستبداد لأنها تصرف نظر الجماهير عن العدو الأصلى ـ وهو المستبد سبب البلاء ـ وتوجهها الى عدو خارجى. وثقافة المؤامرة هى التى تعرقل الاصلاح لأنها تضع كل المساوىء على شماعة العدو الخارجى، وتبرىء الداخل من العيوب، فاذا كنا مبرئين من العيوب ، وأن السبب هو التآمر الخارجى فلا داعى للاصلاح الداخلى. ومن هنا يكون مستحبا تصيد الأخطاء القولية التى يقع فيها بعض قادة الغرب أو التى تظهر فى تحليلاتهم أو فنونهم لتغذية فكرة المؤامرة وحشد الجماهير(المحبطة اليائسة الغاضبة العاجزة) تجاه ذلك (العدو المسيحى الغربى الذى يريد تدمير الاسلام). والجماهير صرعى لآلة الاعلام لتلك النظم ، وقد تم تسميم عقلها الباطن والظاهر بما يريد الحاكم المستبد قوله.
الأسوأ أن المعارضة فى كل العالم النامى والثالث ـ خارج بلاد المسلمين ـ هى معارضة تؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان ـ ما عدا المعارضة الرئيسية فى بلاد المسلمين ، تجدها أكثر ديكتاتورية وتسلطا من النظم الحاكمة، والمستبد يسمح لهم بجزء من السيطرة على أجهزة الاعلام والتعليم ، وبالجزء الأكبر من الحياة الدينية فى المساجد والمؤسسات الدينية. وهكذا تقع الجماهير تحت ضغط ثقافى للمستبد القائم فى الحكم والمستبد المعارض الساعى للحكم،والاثنان معا يشيران الى الغرب على أنه العدو.لذا لا تعجب أن تثور المظاهرات ضد الغرب بسبب كلمة تقال ضد الاسلام بينما لايتحركون تاثرا بأنهار الدماء الجارية فى العراق .

شاكر الناصري...كيف تنظر الى الصراعات الطائفية داخل العالم الاسلامي ، طوائف وفرق ، شيعة وسنة ، اعتدال وتطرف ، الصراع السني الشيعي في العراق وباكستان والهند وأماكن اخرى كثيرة من العالم والذي يصل حد فرض المجازر ويحصد حياة مئات الابرياء كل يوم ، السعودية الوهابية وأيران الشيعية وصراعاتهما الخفية والعلنية ، المباشرة او بالنيابة. هل أن علينا الاقرار باحقية وواقعية الحديث عن اسلام شيعي وآخر سني لكل منهما فهمه وممارساته وتفاسيره للاسلام والقرآن ويمكتلكان قدرا مرعبا من الكراهية والحقد الطائفي أزاء بعضهما البعض يصل حد التكفير والالغاء وانكار الدين ،كيف يمكن للآخر الغربي او للاجيال الصاعدة من الاطفال والشباب في العالم الاسلامي ان يفهموا هذا الصراع الدامي.

أحمد صبحي منصور...هناك حل وحيد هو التوعية بالتعليم والاعلام لثقافة التسامح وحقوق الانسان والديمقراطية والحق المطلق فى الاعتقاد والتعبير بكل حرية عن المعتقد ، بمثل ما يجرى فى الغرب.هنا لا بد من كسر احتكار النظم المستبدة للآلة الاعلامية فى بلادها لتنطلق فى دنيا التعبير والتنوير، مع وضع قوانين تمنع الاحتكار أو التدخل فى حرية الرأى، وتضع فروقا بين السب العلنى للأشخاص أو الاتهام بدون دليل ، وبين الرأى والفكر والاتهام المثبت، على نسق ما هو موجود فى الغرب.هذه التوعية هى المقدمة الضرورية والحتمية لانجاح الديمقراطية. تجربة العراق تثبت أن التسرع بفرض نظام ديمقراطى دون تثبيت ثقافة الديمقراطية وقبول الاخر والتسامح كفيلة بادخال المجتمع الى حرب أهلية. لو تم تعليم العراقيين ثقافة التسامح والديمقراطية لمدة سنوات انتقالية ما حدث ما يجرى الآن.
مما يبعث على التفاؤل أن العالم يتجه الى تعميم ثورة الاتصالات وثورة المعلومات عبر الانترنت، ولن يمضى وقت طويل حتى يتحول الفضاء الى غابة من القنوات الفضائية، ويكون لكل فرد مسلم متوسط الدخل جهاز كومبيوتر صغير وموقع على الانترنت.وخلال مدة معقولة سينشأ جيل جديد أكثر تسامحا وأكثر استعداد لممارسة الديمقراطية، واكثر تمردا على النظم المستبدة .

شاكر الناصري...تجربة قوى الاسلام السياسي التي وصلت الى السلطة في عدد من البلدان تجربة مريرة وافرزت نتائج مرعبة بفعل ممارسات هذه القوى، الاستبداد واجبار الناس على التقيد بقوانينها الصارمة والقسرية التي وصلت حد التدخل في ابسط الشؤون الفردية والشخصية للانسان، فرض لباس معين ، اطالت اللحى ،أرغام الجميع على التدين واداء الطقوس والشعائر الدينية ،محاربة كل مظاهر المدنية والتحرر في المجتمع، عزل النساء عن الرجال ، حرمان النساء من العمل والدراسة، محاربة وسائل الاعلام والموسيقى وحتى وسائط النقل.....الخ كيف يمكن لهذه القوى والتيارات ان تدعي العدل وأحترام كرامة الانسان وهي تمارس كل ما يمكنه ان يسحق وينتهك كرامة الانسان ، هل ان بديلهم المعلن (الاسلام هو الحل) يصلح لان يكون الاساس لايجاد مجتمع حر ومرفه ومتحضر؟.

أحمد صبحي منصور...أولئك الناس لهم أديان أرضية تتناقض مع الاسلام مثل السنة والتشيع والتصوف السنى، ولكن هذه الأديان الأرضية تنسب نفسها لله تعالى وللنبى محمد زورا عن طريق الأحاديث الكاذبة التى نسبوها للنبى محمد بعد موته بقرنين وأكثر.ولا يزال أصحاب تلك الديانات الأرضية السنية والشيعية والصوفية ينسبون انفسهم للاسلام الذى يتناقض مع أفعالهم وتراثهم. أصحاب الطموح السياسى منهم يمتطون الاسلام وإسمه العظيم ليصلوا الى السلطة، مع أن البدهية الأولى فى الاسلام هى أن الداعية للاسلام لا يأخذ أجرا ـ من مال أو سلطة ـ ولا يشترى بآيات الله ثمنا قليلا.بمجرد أن تستخدم الدين الاسلامى فى مطمح دنيوى فقد أصبحت خصما لله تعالى حسبما أكد القرآن الكريم.
الحل هو إقامة ديمقراطية بعد التمهيد لها بثقافة التسامح وحقوق الانسان، فهذا هو الحل الاسلامى فى اعتقادى، لأن أى دولة ترعى العدل والديمقراطية وحقوق الانسان هى دولة اسلامية حقيقية ، وأن كل دولة مستبدة فرعونية هى دولة شيطانية مهما رفعت من شعارات.

شاكر الناصري...الحكومات العربية في معظمها تدعي العلمانية وانها تدافع عن مدنية الدولة والمجتمع الذي تحكمه وان بعضها يعلن عن ثوريته ودفاعه عن مصالح وآمال من يحكمهم، الا أنها سرعان ما تلبس لبوس الدين والايمان وتطلق التشريعات القانونية المستندة الى الدين والشريعة وتدعم التيارات الاسلامية المتطرفة لمواجهة أبسط المطالب الداخلية والخارجية بتحسين الوضع المعاشي واطلاق الحريات السياسية ووضع حد لسلطة الاجهزة القمعية والبوليسية ، في ظل وضع كهذا كيف ترى علاقة الدين بالدولة ، هل يمكن لنا ان نتوقع قيام دولة تقر بفصل الدين عن الدولة والسياسة بشكل عملي؟.

أحمد صبحي منصور...نظم الاستبداد العسكرية والحزبية التى تتبع النظام الجمهورى وقعت فى مأزق. بعد رحيل الآباء المؤسسين لحركة التحرر الثورية مثل عبد الناصر وبورقيبة جاء الجيش والحزب الواحد بقادة من الدرجة الثانية كانوا أكثر فسادا وأقل مكانة فى الداخل والخارج. هؤلاء الحكام الجدد بعد أن شاخوا فى السلطة وأفسدوا كل شىء ونهبوا الأخضر واليابس ، أصبحوا يخشون المستقبل ، خصوصا فى ظل المعارضة الوهابية المتنامية( الاخوان المسلمون صناعة وهابية سعودية كما كتبت فى إحدى مقالاتى ). وبسبب عجزأولئك الحكام عن تحسين أحوال المواطن العادى ، وضآلة حجمهم الاقليمى والدولى أصبحوا يعرفون أنهم وعائلاتهم سيكونون ضحية بمجرد أن يتخلوا على السلطة أو أن تتخلى عنهم السلطة، سواء كان القادم للسلطة من داخل الجيش أو من المتطرفين الوهابيين. إذن السبيل الوحيد للنجاة هوالتمسك بالسلطة مهما كلفهم الأمر. لذا تراهم يفعلون كل شىء لتوريث السلطة فى أبنائهم وتحويل الجمهورية الى ملكية ، أو (جملوكية). هنا تتناقض سياستهم من العلمانية الى مهادنة المتطرفين ، ومن مطاردة المتطرفين الى السماح بتكريس ثقافة التطرف الحنبلى الوهابى فى التعليم والاعلام والمساجد، ومن القيام باصلاحات وهمية وانتخابات مزورة وتصريحات قولية عن الاصلاح والديمقراطية الى مطاردة المصلحين ومصادرة الكتب والابداع.

شاكر الناصري...لنعود الى مصر والى الازهر ومشايخه ولجانه قراراته ، ما هو الدور الفعلي للازهر ،هل ان فتاوى الحرق والتكفير والتفريق بين الازواج ومصادرة الكتب والاراء ومنع الافلام السينمائية او السجن كما حصل معك هي مهام حقيقية للازهر، هل دوره يتلخص في حماية الدين وان يكون مرجعية رسمية وملزمة للمسلمين ، الا يشكل الازهر كمؤسسة دينية رسمية عقبة امام اي تطور اجتماعي وحضاري وعلمي وثقافي او اصلاح سياسي من اجل ترسيخ الديمقراطية والمدنية ، يمكن ان يحدث في المجتمع المصري ، الا تشكل ممارسات الازهر وتضييقه على الحريات والاراء دعما لحكومة مستبدة وظالمة واشاعة للرجعية والتزمت الديني في المجتمع المصري؟.

أحمد صبحي منصور...ليس فى الاسلام مؤسسة دينية أو كهنوتية، ولكن الأديان الأرضية تحتاج الى تلك المؤسسات وذلك الكهنوت، وهذا ما يوجد أكثر لدى الكاثوليك والارثوذكس، ولدى الشيعة الذين أنشأوا الأزهر وبنوا القاهرة حين حكموا مصر من حوالى ألف وثلاثين عاما.
بتطوير الأزهر فى عهد عبد الناصر تم إخضاعه للقانون المدنى ، وأصبح مؤسسة مدنية تتبع الحكومة وله وزير شأن أى مصلحة حكومية. قانون الأزهر رقم 103 لسنة 1960 يحوى الكثير من الايجابيات التى يمكن البناء عليها لاصلاح الأزهر ، ومنها أن دور الأزهر هو تجلية حقائق الاسلام، أى يعترف القانون بأن هناك حقائق غائبة فى الاسلام لا بد ان يجتهد الأزهر فى توضيحها ، وهناك أكاذيب ارتدث ثوب الحقائق ولا بد من كشفها. كانت الخطوة التالية فى الاصلاح فى عهد عبد الناصر بعد ادخال المواد العلمية العصرية والكليات العملية الحديثة هى تحديث المناهج التراثية للأزهر، ولو فعلها عبد الناصر لكان أكبر مشروع حضارى يكفّر به عن معظم سيئاته، ولكن إنشغل عبد الناصر عن إكمال إصلاح الأزهر ومات قبل أن يتمه. وجاء السادات ليتحالف مع السعودية والاخوان فأصدر المذكرة التفسيرية لقانون الأزهر التى كانت وبالا على القانون نفسه ، والتى جعلت للأزهر سلطة المصادرة للكتب والابداع.
فى صراعى داخل الأزهرـ بغية اصلاحه ـ فيما بين 1977 : 1987 كنت أقول : ( هذا الأزهر إما ان أغيره وإما أن أدمره )وهى كلمة صحيحة، لأن بقاء الأزهر على حاله يشكل عقبة كبيرة أمام الاصلاح الدينى والسياسى.
اصلاح الأزهر ضرورة لأن أغلبية المصلحين فى مصر أزهريون، وأعتقد انه لكى تصلح مصر لا بد من اصلاح الأزهر ، ولكى تصلح العرب لا بد من اصلاح مصر.
إلغاء الأزهرلا بد أن ينتج عنه إنشاء مؤسسة بديلة. ومن العبث أن نضحى بمؤسسة تاريخية عريقة لمجرد العجز عن اصلاحها ، فى الوقت الذى يمكن فيه اصلاح الأزهر بالاسلام بكل سهولة إذا كان هناك رغبة حقيقية فى الاصلاح.

شاكر الناصري...القرآنيون ، الذين تنتمي أليهم ، من هم ، ماذا تريدون ،كيف تنظرون الى ما يحدث في عالم اليوم ،الا تتعرضون للتكفير والاتهام بانكم ثلة من المتآمرين على الدين الاسلامي وأنكم تنفذون اجندة أمريكية وغربية تهدف للقضاء على الاسلام ومواجهة الصحوة الاسلامية المتنامية الان؟ هل تسعون لطرح تفسير للقرآن مغاير للكثير من التفاسيرالسائدة ، كيف تنظرون الى حريات وحقوق الانسان ،المرأة ،هل تقرون بأن الدين والايمان بالالهة شأن خاص للافراد....؟

أحمد صبحي منصور...أثناء صراعى داخل الأزهر وخارجه تكونت حولى ـ على اتساع مصر ـ حركة القرآنيين من مئات المثقفين المصريين منهم أساتذة جامعات ومحامين ومهنيين وطلبة جامعيين، وأدخلوا كبار القرآنيين فى السجن سنة 1987 مع ضجة اعلامية زادت من عدد القرآنيين وزادت من التعاطف معهم لأن الضجة الاعلامية تضمنت عرض ما نقوله، وكان اصلاحا من صميم القرآن والاسلام ، يقوم على اساس الاقناع المسالم بالحجة مع الصبر على الأذى.
وتكاثر القرآنيون بعدها خلال نضالى مع حركات الديمقراطية والتنوير وحقوق الانسان فى مصر منذ التسعينيات ، ثم أسهم الانترنت فى توصيل دعوة القرآنيين الى كل ما يعرف بالعالم الاسلامى ، والجاليات الاسلامية فى الغرب.
نحن نؤمن أن الاسلام هو دين الحرية المطلقة فى الفكر والعقيدة والرأى وحرية التعبير عنها بكل وسيلة، ودين الاحسان أى التسامح والعفو والمغفرة، ودين السلام حيث الصبر على المسىء ، واللجوء للدفاع عن النفس كحل أخير، ودين العدل والقسط. ودين حقوق الانسان والأقليات والطوائف والمرأة والفقراء والعدل الاجتماعى والتقدم العلمى والإخاء الانسانى.
هذا الفهم للاسلام جاء بعد قراءة موضوعية للقرآن الكريم مبنية على فهم مصطلحات القرآن من داخل القرآن نفسه. ولأننا نحتكم للقرآن فى قراءتنا النقدية للتراث فقد أطلقوا علينا لقب القرآنيين ، ولآننا نكتفى بالقرآن كتابا للاسلام ونرفض تقديس التراث وأئمة التراث فقد أطلقوا علينا أيضا لقب ( منكرو السنة).
وبسبب وقفتنا الحازمة ضد فكر الارهاب والتطرف وبسبب عجزهم عن مواجهتنا بالحجة فان المتطرفين داخل السلطة وخارجها لا يجدون سوى التكفير والاتهامات الباطلة بكل ما يتفتق عنه خيالهم، بالاضافة الى التحريض على القتل والسجن، وقد استجابت لهم السلطة الحالية فى مصر فاعتبرت استشهادنا بالقرآن الكريم وعملنا فى اصلاح المسلمين به ـ مما يدخل تحت جريمة ( إزدراء الدين). وبتهمة ازدراء الدين قبضوا على مجموعة من إخوانى القرآنيين سنة 2001 فاضطررت للجوء الى أمريكا لاواصل جهادى السلمى فى اصلاح المسلمين بالاسلام.
والان لنا موقع ( أهل القرآن )
http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
الذى إنطلق حديثا ليكون معبرا عن كل رأى مسلم حرّ. وقد أنشأنا فى واشنطن ( المركز العالمى للقرآن الكريم ) ليوثق العلاقة بين كل المسلمين الأحرار فى العالم وينظم جهودهم الاصلاحية .
والله تعالى المستعان.

اجمالي القراءات 7471
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق