جمعة الشريعة الإسلامية

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٤ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


جمعة الشريعة الإسلامية

جمعة الشريعة الإسلامية

  بقلم   د. محمد السعيد مشتهرى    ٤/ ٨/ ٢٠١١

مقالات متعلقة :

إن ما حدث يوم الجمعة [٢٩-٧-٢٠١١] من رفع التيارات «الدينية المذهبية» شعار مليونية المطالبة بتطبيق «الشريعة الإسلامية» ينذر بخطر عظيم، يهدد مستقبل المسلمين، ويشوه صورة «الإسلام» أمام العالمين. ذلك أن كل من خرجوا إلى هذه «المليونية»، استجابة لدعوة أئمتهم، لا يعلمون شيئا عن حقيقة هذا الشعار الذى يرفعونه!!

لقد انقسم المسلمون، بعد وفاة النبى، عليه الصلاة والسلام، إلى فرق ومذاهب عقدية مختلفة، يعلمها جيدا أئمة وعلماء هذه التيارات «الدينية المذهبية»، وفى مقدمة هذه الفرق الإسلامية: أهل السنة، والشيعة، والمعتزلة، والخوارج.. وكلها مصنّفة فى أمهات كتب الملل والنحل تحت اسم «الفرق الإسلامية»، لم تخرج واحدة منها من الإسلام. فهل أجمعت هذه الفرق الإسلامية، فى يوم من الأيام، على أحكام «الشريعة الإسلامية» المراد تطبيقها؟!! فليخرج أئمة وعلماء هذه الفرق إلى الناس، ويبيّنوا لهم أين ومتى حدث هذا الإجماع!!

وأيضا، انقسمت كل فرقة من هذه الفرق الإسلامية إلى «مذاهب دينية» مختلفة. فعلى سبيل المثال، انقسم «أهل السنة» إلى مذاهب مشهورة هى: المذهب الحنفى، والمالكى، والشافعى، والحنبلى، فهل أجمعت هذه «المذاهب الفقهية المختلفة» على أحكام «الشريعة الإسلامية» المراد تطبيقها؟!! فليخرج أئمة وعلماء هذه «المذاهب المختلفة» إلى الناس، ويبيّنوا لهم أين ومتى حدث هذا الإجماع!!

لذلك كان أكرم لهؤلاء المتظاهرين، وأعدل عند الله، أن يرفع كلٌّ منهم شعار تطبيق «مذهبه الدينى» الذى ينتمى إليه، وليس «الشريعة الإسلامية»، حتى لا ينخدع ملايين المسلمين، الذين لم يشاركوا فى هذه «المليونية»، ولم يطلقوا اللحى، ولم تلبس نساؤهم الخُمُر.. ولكن حبهم للإسلام قد دفعهم إلى التعاطف مع هذه التيارات «الدينية المذهبية»، ظنا منهم أنها «الأمة الواحدة»، التى خاطبها الله تعالى بشريعته الإسلامية، المجمعة للناس لا المفرقة.

كان أكرم لهذه التيارات «الدينية المذهبية»، وأعدل عند الله تعالى، أن يحدّثوا الناس أولا عن تاريخ مذاهبهم، وعن مرجعياتهم وأئمتهم، من السلف والخلف، حتى يعلم الناس الجذور التى أنبتت هذه التيارات «المذهبية المختلفة»، ومدى قربها أو بعدها عن حقيقة «الشريعة الإسلامية».

واللافت للنظر أن يستند هؤلاء إلى رواية منسوبة إلى النبى، عليه الصلاة والسلام، وُضعت خصيصا لتقال فى مثل هذه الظروف، لتبرير تفرقهم وتخاصمهم على مر العصور، تقول: «اختلاف أمتى رحمة»!! وعلى الرغم من قول الشيخ الألبانى فى [الأحاديث الضعيفة] إن هذا الحديث لا أصل له، إلا أنهم لا يزالون يرفعون رايته!!!

فكيف يكون تفرق المسلمين وتخاصمهم رحمة، وقد قاتل [الشافعية – الحنابلة] ببغداد عام [٤٧٥هـ]، ونفس الفتنة وقعت بينهما عام [٧١٦هـ] حيث كثر ‏القتل، وحرق المساكن والأسواق فى أصبهان. وقاتل [الحنفية – الشافعية] فى نيسابور عام [٥٥٤هـ] وأحرقت الأسواق والمدارس، وقُتل من «الشافعية» الكثير، مما جعلهم يسرفون بعد ذلك فى الأخذ بالثأر؟!! إن هذه الأحداث ما هى إلا مجرد مثال.

إذن فعلى أى أساس شرعى رضى أصحاب هذه التيارات الدينية أن يكونوا أحزابا، لكل منهم مذهبه، ومرجعيته الدينية، ومنبره الدعوى، ومنصته الخاصة به فى ميدان التحرير؟!!

وعلى أى أساس شرعى انقسمت المساجد [التى هى لله] إلى مساجد «أنصار سنة محمدية»، لها إمامها وعقيدتها الخاصة بها، ومساجد «جمعية شرعية، لتعاون العاملين بالكتاب والسنة»، لها إمامها، وعقيدتها الخاصة بها، ومساجد «أوقاف»، ومساجد «أزهر»...؟!!

ألم يشهد تاريخ الجامع الأزهر أن فريضة الصلاة كانت تقام أربع جماعات، لكل جماعة إمامها، حسب ترتيب أئمة المذاهب الفقهية؟! فأتباع المذهب الحنفى يصلون أولاً، يليهم المالكية، يليهم الشافعية، ثم الحنابلة، فلما تولى الشيخ المراغى مشيخة الأزهر أوقف هذه المأساة.

وإذا كانت الحركات و«التيارات الدينية» قد شهدت قبل ثورة ٢٥ يناير «تفرقا وتشرذما واختلافا» كما صرح بذلك الدكتور محمد يسرى، أمين عام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فى حواره مع جريدة الأخبار [٢٩-٧-٢٠١١] فكيف ستجمع هذه الهيئة كل هذه التيارات «الدينية المذهبية» المختلفة بعد الثورة تحت مظلة واحدة، وتاريخها السياسى المذهبى، منذ عصر «الفتن الكبرى» وإلى يومنا هذا، يشهد باستحالة ذلك.

ثم عندما يتحدث د. محمد يسرى عن القضاء، فى ظل حكم الإسلاميين، ويقول: «إن القضاء يحكم بين الناس وفقاً للشريعة الإسلامية، وتكفل الدولة استقلاله، وتوقع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم الزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة، وتصدر الأحكام وتنفذ (باسم الله الرحمن الرحيم)، ولا يخضع القاضى فى قضائه لغير الشريعة»... إلى آخره، إذن فأى مذهب دينى سينفذ القاضى شريعته.

لقد سُـئل ابن تيمية [باب الصلاة]: عن أقوام يؤخرون صلاة الليل إلى النهار لأشغال لهم من زرع، إلى آخره، فأجاب:

«ومن آخرها لصناعة أو صيد أو خدمة أستاذ، أو غير ذلك حتى تغيب الشمس، وجبت عقوبته، بل يجب قتله عند جمهور العلماء، بعد أن يستتاب، فإن تاب والتزم أن يصلى فى الوقت ألزم ذلك. وإن قال لا أصلى إلا بعد غروب الشمس، لاشتغاله بالصناعة أو الصيد أو غير ذلك، فإنه يقتل».

وسُئل: عن رجل جار للمسجد، ولم يحضر مع الجماعة الصلاة، ويحتج بدكانه.

فأجاب: «الحمد لله، يؤمر بالصلاة مع المسلمين، فإن كان لا يصلى فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل».

وقال فى صلاة السفر: «ومن قال إنه يجب على كل مسافر أن يصلى أربعاً فهو بمنزلة من قال: إنه يجب على المسافر أن يصوم شهر رمضان، وكلاهما ضلال مخالف لإجماع المسلمين، يستتاب قائله، فإن تاب وإلا قتل».

وغير ذلك الكثير.. فهل هناك نص قطعى الثبوت عن الله تعالى يأمر بقتل تارك الصلاة كعقوبة دنيوية؟!

لقد أباح ابن تيمية دم المخالفين له فى المذهب، بدعوى قتل الداعى إلى البدع فى الدين، لقد رفض الشيخ محمد أبوزهرة، وهو عالم أزهرى، وإمام وصاحب مدرسة لها وزنها فى عالم الفكر الإسلامى - رفض أن تكون عقوبة «الرجم» من الشريعة الإسلامية، وقال فى مؤتمر «ندوة التشريع الإسلامى»، المنعقدة فى مدينة البيضاء، ليبيا عام «١٩٧٢». (راجع: مذكرات الدكتور يوسف القرضاوى، دار الشروق، تحت عنوان: «أبوزهرة يفجر قنبلة»)!!

فهل ختم الشيخ أبوزهرة حياته بإنكار معلوم من الدين بالضرورة، وهو عقوبة «الرجم»، خاصة وقد توفى ولم يرجع عن رأيه؟!! أم الحقيقة أنه لم يكن يرى أصلا أن هذه العقوبة من الشريعة الإسلامية، وقد كتم هذا فى نفسه «من عشرين سنة»، كما ذكر ذلك فى هذا المؤتمر؟!

إن التاريخ السياسى يشهد باستحالة التحالف بين التيارات والحركات الإسلامية المختلفة، إلا فى حالة واحدة، وهى وجود عدو مشترك أمامهم. فإذا ظهرت بوادر النصر على هذا العدو، وتمكن تيار من هذه التيارات من الأرض، فإنه سيبدأ فى تصفية باقى الفصائل!! لماذا؟!! لأنه يرى أن «مرجعيته الدينية» هى المرجعية الحقة.

إن التيارات الدينية، بمختلف مذاهبها، تحتاج إلى سنوات، تتعلم خلالها كيف تتفاعل مع مستجدات العصر، وكيف تهتدى بـنور «الآية القرآنية» لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. أما إن أصرت على تدعيم أزمة التفرق والتخاصم بين المسلمين فإن الناس جميعا، بكل طوائفهم وعقائدهم، سيكونون أمام خطر محقق، سيقضى على أمنهم، وحريتهم، وتقدمهم.. وسيعود بهم إلى عصور «الفتن الكبرى»، ليعيشوا ما بقى من عمرهم فى تقاتل وتناحر، فى عالم غريب عن واقعهم المعاصر، وعن إمكاناتهم العلمية، والتقنية، والثقافية.. التى هى محور وجوهر حياتهم اليوم.

اللهم إنى بلغت، اللهم فاشهد.

* مدير مركز دراسات القرآن الكريم

اجمالي القراءات 5447
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   رمضان عبد الرحمن     في   الخميس ٠٤ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[59337]

جمعة الشريعة العربية

جمعة الشريعة العربية وليست الشريعة الإسلامية علا شن الناس تفهم


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more