هل تغمط محاكم الشريعة حقوق المرأة الأساسية؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٩ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إيلاف


هل تغمط محاكم الشريعة حقوق المرأة الأساسية؟

مشروع قانون بريطاني يجدّد الجدل حول محاكم الجالية الإسلامية
هل تغمط محاكم الشريعة حقوق المرأة الأساسية؟

صلاح أحمد


يجادل مسلمون بريطانيون بأن من حقهم إقامة محاكمهم العاملة بأحكام الشريعة لحل شؤونهم «الداخلية». لكن بارونة بمجلس اللوردات تتصدى الآن لهذا عبر مشروع قانون جديد، وتقول إن هذه المحاكم غير قانونية وتتجاوز حدود العدالة خاصة في ما يتعلق بحقوق النساء.


لندن: هل تعمل «محاكم الشريعة البريطانية»، كما تسمى، بشكل مواز لمحاكم الدولة؟ البارونة (كارولاين) كوكس - وهي عضو مستقلة بمجلس اللوردات - تعتقد ذلك ولا شك.

فقد صرحت بقولها: «ثمة قلق واسع النطاق إزاء أن بعض «المحاكم» التي تطبق أحكام الشريعة «تمضي الى ما هو أبعد من صبغتها القضائية وأن بعض أحكامها يُفسّر خطأً باعتباره متمتعا بقوة القانون البريطاني».

بريطانيا تخشى أحكام الشريعة على النساء

مشروع القانون

جاء حديث البارونة في معرض طرحها، بشكل شخصي، مشروع «قانون خدمات الوساطة والمساواة» الذي يهدف لضمان أن تعمل محاكم الشريعة داخل إطار قانون البلاد الوضعي. وقالت: «المشروع لن يشكّل الحل بأكمله، لكنه يسعى لكبح جماح تجاوز العدالة السافر، خاصة بضمان حق المسلمات في حمايتهن من التمييز والتخويف، وأن يحاكم القضاء البريطاني أي جهات تحاول إقامة نظام قضائي موازٍ باعتيار هذا نفسه انتهاكا لقوانين البلاد».

وتعتقد صحيفة «تايمز» إن المشروع لن يرى النور كقانون على الأرجح رغم أن له عددا من المؤيدين من سائر التوجهات السياسية. والسبب في هذا هو أن من العسير على الأعضاء المستقلين تمرير مشاريعهم لأن التصويت يتم عادة بناء على التعليمات الحزبية. ومع ذلك فإن أهميته تنبع من أنه سيسلط الضوء على مسألة منسيّة إعلاميا على الأقل ويجدد الجدل حولها، وهي أن محاكم الشريعة تعمل بشكل مواز لقانون البلاد وهذا بحد نفسه انتهاك لهذا الأخير.

تمييز بين الجنسين

يذكر أن أحكام الشريعة تطبقها مجالس ومحاكم غير رسمية انبثقت بعد تشكيل «هيئة فض نزاعات المسلمين» في 2007 وتتخذ مقارا لها في كل من لندن وبرادفورد ومانشيستر وبيرمنغهام ونانيتون بمقاطعة واريكشاير. وتصدر هذه أحكامها داخل إطار «قانون الوساطة البريطاني لعام 1996» وتفصل بشكل رئيسي في المسائل المالية وتدعم أحكامها الهيئة القضائية البريطانية.

لكن ثمة قلقا إزاء أن بعض أحكامها قد لا تأتي خالية من شوائب التمييز، إذ أن شهادة الرجل - كما تنص أحكام الشريعة - تعتبر في مقام شهادتي امرأتين، وأن الأنثى ترث فقط نصف ما يرثه الذكر. واستشهدت البارونة كوكس بأن محكمة في مانشيستر قضت لأخويْن بوراثة ضعف ما ترثه كل من إخواتهما الثلاث. وقالت إن هذا «غير منصف». ومضت لتقول إن تلك المحاكم تتجاوز مسرحها الرئيسي، وهو الشؤون المالية، الى الشؤون العائلية المستندة الى ثقافة تميّز عموما ضد المرأة.

المحاكم الفضفاضة

ثم تأتي محاكم الشريعة «الفضفاضة» التي تقول كوكس إن القائمين على أمورها قد يعتقدون أن لها قوة القانون البريطاني. وتبعا لأحد التقديرات فإن عدد هذه يتراوح حول 85 محكمة. وتقول كوكس: «يمكن أن تُجبر النساء على المثول أمام هذه المحاكم والإدلاء بشهاداتهن. ويقول المسلمون إن هذا يحدث باختيارهن، لكن هذا غير صحيح في العديد من الحالات».

وتتفق دايانا نَمّي، من «منظمة حقوق النسوة الإيرانيات والكرديات» بالقول إن المسلمات «لا يبدين رضاءهن انطلاقا من الإرادة الحرة». ويقول آخرون إنه حتى لو كن يفعلن هذا باختيارهن، فليس مشروعا لهن التخلي عن حقوقهن النسوية بموجب القانون البريطاني.

وتقول نمّي: «لدينا عددا لا حد له من الأدلة على أن النساء لا يجدن خيارا سوى القبول بما تصدره تلك المحاكم». وفي هذا الصدد تقول كوكس إن هذه المحاكم «تعتبر أن لأحكامها نفاذ القانون، وإن العديد من المسلمات لا يحطن علما بحقوقهن الحقيقية بموجب القوانين الانكليزية والبريطانية».

انتهاك لحقوق الإنسان؟

 

بالبارونة كوكس
من جهته صؤر كيث بورتيوس، المدير التنفيذي للجمعية العلمانية، الأمر بقوله إن المجتمع البريطاني «يسير في منامه نحو قبول قانون الشريعة باعتباره موازيا لقانون البلاد، وهذا أمر مقلق لأنه يؤذي الضعفاء قبل غيرهم. من الناحية التقنية البحت فإن الشريعة لا يمكن أن تُطبق في بريطانيا، لكن الواقع يقول إنها تصدر أحكامها التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية».

ويمضي برتيوس قائلا إن كبار القضاة وقادة الكنيسة «نجحوا فقط في تعكير المياه. وعلى سبيل المثال فقد أحدث كبير أساقفة كانتبري ورئيس الهيئة القضائية السابق، اللورد فيليبس، ضررا هائلا بنا عبر إغداقهما قدرا كبيرا ومدهشا من التغاضي عن عمل محاكم الشريعة».

ويضيف قوله إن المشرّعين في استراليا وكندا «أقل خوفا من نظرائهم في بريطانيا إذ نجحوا في تأمين قانون واحد للجميع. وقد حظرت كندا النشاط القضائي الديني كنتيجة مياشرة للتصدي لمحاكم الشريعة، وتسير استراليا على هذا الطريق نفسه».

عناصر أساسية

 يتألف «نص» مشروع القانون المقدم من البارونة كوكس من عناصر أساسية يمكن تلخيصها على النحو التالي:

- ألا يكون بوسع المحاكم والمجالس المعنيّة بفض النزاعات المالية التدخل في الشؤون الأسرية.

- يمكن وصف العديد من أحكام محاكم الجاليات بأنها «تمييزية».

- أن تُلقى على كاهل المؤسسات البريطانية العامة مهمة توعية النساء في انكلترا الى أنهن يحصلن على حقوق أقل في حال كانت زيجاتهم غير معترف بها تبعا لتفاسير القانون الانكليزي.

- أن تُمنح الشرطة مزيدا من الصلاحيات لحماية النساء من القهر والإجبار والتخويف ومنع محاكم الجاليات من إصدار أحكام تمييزية بحقهن.

-

الغرب يقول إن النقاب يتعدى على حرية المرأة..

أن تُعتبر محاكم الجاليات، التي تدعي لنفسها التمتع بقوة قانون البلاد في ما يتعلق بالشؤون التي يجب أن تفصل فيها محاكم الدولة البريطانية، خارجة على القانون هي نفسها.

تسمية بلا تسمية

مع أن مشروع القانون لا يسمّي محاكم الشريعة بالاسم ولا يورد وصف «إسلامي» أو «إسلامية» ويتحدث عن «محاكم الجاليات» بدلا عن «محاكم الشريعة» وعن «النساء» بدلا عن «المسلمات»، فلا أحد يشك في المقصود منه.

لكن البارونة تصر على أن الهدف من مشروعها هو «أي جهة متطرفة تمارس التمييز بحق أي شخص والمرأة بشكل خاص». وتقول: «هذا ليس هجوما على الإسلام. وكل ما يعنينا هو سيادة قانون هذه البلاد وحماية اولئك الذين يعانون من تعرضهم لأحكام غيره وخاصة النساء».

وتضيف كوكس أن محاكم «بيت دين» اليهودية لن تتأثر بمشروعها في حال اعتُمد قانوناً لأن هذه المحاكم تعترف بأن القانون الأعلى هو القانون البريطاني وتنصاع له بالكامل. وتمضي قائلة: «يمكنني أن أقف متفرجة على ما يحدث في بلادنا، لكن هذا عسير وغير أخلاقي. لقد جلست الى تلك النسوة (المسلمات) وذرفت الدمع معهن في محنتهن. ولهذا فإنني أتمنى من كل قلبي أن يُجاز هذا المشروع فيسود بيننا قانون واحد يشمل الجميع تحت مظلته». 
 

اجمالي القراءات 2252
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق