جدل ديني سياسي في اليمن بشأن إحياء المطربة أصالة لحفل فني

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١١ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: Aafaq


جدل ديني سياسي في اليمن بشأن إحياء المطربة أصالة لحفل فني

أثارت إعلانات دعائية مدفوعة الثمن نشرتها وسائل الاعلام اليمنية في هذه الايام عن إحياء المطربة السورية أصالة لحفلة غنائية هي الاولى من نوعها لمطرب عربي في مدينة عدن يوم الخميس موجة من الجدل الكبير بين اعتراضات متشددين اسلاميين ضد اقامة الحفل ومؤيدين له من قبل تيار اسلامي معتدل.

مقالات متعلقة :


فقد أطلق عضو البرلمان اليمني فؤاد دحابة الذي ينتمي لحزب الاصلاح المعارض ذي التوجه الاسلامي تصريحات نارية متشددة تحرم مهرجان عدن الفني الاول المزمع إقامته يوم الخميس بعدن وتحييه الفنانة السورية أصالة وفرقتها الموسيقية.

وقال في رسالة وزعها عبر هاتفه المحمول الى مجموعة كبيرة من الناس " ان اقامة هذا الحفل الفني بمثابة دعوة للمجون... لذلك علينا أن نقوم بدور بارز لايقاف الحفل الفني الذي تحييه الفنانة
أصالة في مدينة عدن لانه مخالفة شرعية ودستورية".

لكن تلك الدعوة قابلها معارضون ومثقفون بأنها أشبه "برسالة تهديد مبكرة" من المتشددين الاسلاميين في اليمن. كما اعتبرتها صحف محلية مؤشرا "لرغبة الجناح المتشدد" في حزب الاصلاح لتطبيق شريعة امارة طالبان التي تحرم الغناء والموسيقى والفنون.

وشنت صحيفة "14 أكتوبر" اليومية شبه الرسمية الصادرة في عدن يوم الأحد هجوما شديدا على من يعترضون على مجيء المطربة السورية لاحياء حفلتها بعدن. وجاء في مقال افتتاحي تحت عنوان "(لا تصدقوهم)..يا أبناء وبنات مدينة عدن..لا تصدقوا أعداء مدينتكم الذين يريدون تغيير معالمها وعزلها عن دول الجوار والعالم مثلما فعلت"طالبان" بأفغانستان".

وأضافت "لا تصدقوا أعداء الحياة الذين يحرضون على تكفير الفنون والموسيقى والسينما والمسرح والرياضة النسوية ويعتبرون كل من يمارسها ويتفاعل معها فاسقا وماجنا واثما".

وانتقد محتجون دعوة النائب دحابة وهو رجل دين وخطيب جامع وبرلماني عن حزب الاصلاح في البرلمان لا يتجاوز عمره الثلاثين عاماً. وقالوا أن جميع المدن والعواصم العربية تقيم مهرجانات فنية دورية وموسمية وفي مقدمتها دول الجوار حيث تقام فصلياً وسنوياً مهرجانات فنية للاغنية والموسيقى في مسقط وصلالة وجدة والدوحة والمنامة والكويت ودبي ودمشق والقاهرة وعمان.

وأضافوا "ليس كثيراً على مدينة عدن التي كانت رائدة في رعاية ونشر الفن والموسيقى منذ الاربعينات إقامة أول مهرجان فني يحمل اسمها كخطوة على طريق إعادة الاعتبار لها واستعادة مكانتها الريادية كعاصمة اقتصادية وتجارية لليمن".

وتناولت الصحيفة الى جانب المقال المنشور على صدر صفحتها الاولى ردود الفعل المختلفة إزاء هذا الحدث حيث انتقدت الناشطة اليمنية توكل كرمان رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود التصريحات قائلة "أمام هذا التوجه الجديد للاسلاميين الذين يحاولون تقديم أنفسهم للعالم كمعتدلين يظهر تفكير التكفيريين الجدد في اليمن نقيضا حادا للخطاب الاعلامي المطروح في وسائل اعلامهم ويضع في حال السكوت عنه مستقبل البلد برمته تحت رحمة عصا شيخ متزمت أو لحية خطيب مراهق".

وحطم مجهولون خلال اليومين الماضيين اللوحات الدعائية والملصقات الاعلانية للحفل في بعض المحافظات اليمنية. وقام أئمة مساجد في العاصمة صنعاء أثناء خطبهم يوم الجمعة بالتحريض ضد الفن والموسيقى والرياضة النسوية ووغيرها من الأعمال الابداعية التي يدعون تحريمها.

وطالب منظمو الحفل من السلطات المحلية بضبط من يقومون بالاعتداء على ممتلكات الاخرين وتحطيمها مؤكدين أن تلك الاعمال تعد استهدافا لمدينة عدن وضمن برنامج منظم للاساءة لسمعة اليمن واليمنيين.

وقال المنشد الديني اليمني علي المقري ردا على الحملة التي تبناها البرلماني الاصلاحي ومؤيدوه "ان تجريم المهرجان يشير للحال الذي بلغه المسلمون من الانحطاط الفكري الذي أوصلهم الى ما هم عليه ومن ذلك تكفير بعض الشيوخ للموسيقى والغناء والرسم".

وأضاف ان "العرب والمسلمين لم يطوروا فنون الامويين والعباسيين.. ولم يواصلوا زخارف وتشكيلات (سمرقند واصفهان واسطنبول وبغداد وصنعاء ودمشق).. وأنهم (المسلمون العرب) يقومون حالياً ببناء مساجد عمادها الاسمنت وروحها الاسمنت".

وقال "حين تدخل الى أحد المساجد التي بنيت في أزمنة الانحطاط هذه لن تجد الا خطيبا مكشرا لا يمكن له أن يبتسم أو يخاطب الحضور بمحبة وسط جدران من الاسمنت".

وأشار المقري الى أنهم "حينما يقولون ان الغناء حرام والموسيقى والرسم حرام فأنهم ينطلقون من هذه الروح الاسمنتية التي لا تعرف الجمال ولم تتبع صوت الله وهو يتهجد بصوت صاف ينبعث من ثنايا الطيبين وهم يرددون "يا الله .. يا الله" مع كل خفقة روح منتشية لطرب أو نغم أو لون بهيج".

ورحب المنشد المقري بالفنانة أصالة وقال "أهلا بها في قلوبنا قبل منازلنا ووطننا.. كما ألف أهلا بفيروز وماجدة الرومي ومارسيل خليفة ونصير شمة ونانسي عجرم وكل صوت جميل أهلا بهن وبهم ليعيدوا لنا طمأنة الصفاء ونشوة البهجة في زمن ليس فيه ما يبهج".

أما مجيب الحميدي وهو عضو في الدائرة الاعلامية لحزب التجمع اليمني للاصلاح المعارض والصحفي أيضا في صحيفة "الصحوة" الناطقة باسم الحزب فقد انتقد بدوره الهجمة ضد الحفل الفني عندما ذكر بكتابه (الغناء والمعازف عند الشوكاني) والذي كان أصدره بعد منع صحيفته من نشر أخبار مهرجان صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004. ومع ذلك توقع المنظمون أن يشهد المهرجان الفني اقبالا مميزا نتيجة لما تتمتع به الفنانة أصالة من شعبية في أوساط اليمنيين والشعوب العربية.

وعرفت مدينة عدن التي حكمها البريطانيون 140 عاما منذ ثلاثينيات القرن الماضي بتسجيل وطباعة الاسطوانات الحجرية والسمعية اضافة الى احتضان مهرجانات فنية وحفلات غنائية أحياها مطربون عرب مشهورون أمثال فريد الاطرش وطلال مداح ونجاح سلام ومحرم فؤاد وفهد بلان ومحمود شكوكو والمطرب الشعبي شفيق جلال الى جانب المطربين المحليين

اجمالي القراءات 5072
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق