أحدهم: المسلحون يغروننا بالأموال ويهددوننا بالقتل إن خالفنا أوامرهم:
سكان القرى في ديالى يخشون عناصر «القاعدة».. ولا يثقون بالقوات الأميركية

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠٦ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشرق الأوسط


ظهروا أولا قبل حوالي 18 شهرا، وكانوا رجالا مسلحين يرتدون الأقنعة في سيارات مسرعة ودراجات «سكوتر» تشق طريقها الطيني عبر القنوات في القرى الموحشة هنا.
وكان المسلحون يعلقون بيانات على جدران الجوامع تبلغ السكان بأنهم يعيشون في دولة العراق الاسلامية.



وخلال العام الماضي لاحقت القوات التي تقودها الولايات المتحدة المتطرفين من موقع الى آخر في محافظة ديالى المعروفة بجداولها وحقولها الزراعية الوفيرة التي تمتد الى الشمال والشرق من بغداد حتى الحدود الايرانية. وقد اعتقلوا او قتلوا المئات من الناس، ويقال ان معظمهم من أفراد «القاعدة» في العراق. ودمرت القوات الأميركية مستودعات اسلحة وقواعد تدريب ومصانع لصناعة القنابل وبيوت تعذيب.

ومع ذلك فان المقاتلين العرب السنة، الذين شخصهم القادة العسكريون الأميركيون باعتبارهم العدو الأكثر فتكا والعقبة الكأداء أمام الاستقرار في العراق، يواصلون التدفق الى المحافظة والى الشمال منها في مناطق الموصل وكركوك. ويقول السكان إن أولئك الذين يعصون أوامر المتطرفين يواجهون المحاكم الشرعية. وقال علي جمعة، المزارع المسن الذي يعيش مع زوجته في بيت مقابل لجدول «اذا لم يجلبوهم خلال 10 ايام فان ذلك يعني أنهم ماتوا. انهم لا يعيدون الجثث».

وللوهلة الأولى لا تبدو المحافظة المكان الأكثر وضوحا لاقامة نظام الخلافة الاسلامية. فعلى خلاف معقل المتطرفين السابق في محافظة الأنبار السنية تعتبر ديالى مزيجا متقلبا من الطوائف والعشائر والأقليات الاثنية. ولكن المحافظة أيضا موطن للآلاف من الضباط السابقين في جيش صدام حسين الذين وجد كثير منهم نفسه عاطلا عن العمل أو بدون تقاعد أو مستقبل بعد سقوط الدكتاتور.

وتوجد إجراءات مماثلة في الموصل حيث اعلنت الحكومة العراقية اهتمامها بالقضاء على المتطرفين السنة. وارتباطا باندفاع الجيش الى ديالى يعتقد مسؤولون أميركيون وعراقيون ان كثيرا من المقاتلين فروا الى الموصل وأماكن اخرى. وقال العقيد قيس شهاب احمد، قائد وحدة الرد السريع في شرطة مدينة المقدادية، انه «عندما جاءت القاعدة الى هنا وضعوا الناس امام خيار: اما أن تكون معنا وسندفع لك المال، أو أن تكون ضدنا وعندئذ سنقتلك».

ويقول مسؤولون محليون ان المتمردين كانوا يدفعون ما يصل الى 100 دولار عن اية معلومة يتلقونها، بما في ذلك الأفكار حول اماكن الاختفاء والمعلومات حول تحركات القوات الأميركية والعراقية. وبالنسبة للعوائل التي تدعمهم هناك هبات من الرز والسكر والشوكولاتة للأطفال وفقا لما قاله القرويون. أما بالنسبة لمن يرفضون فكان الانتقام سريعا ووحشيا.

وعندما انتشرت انباء أخيرا حول توحد قوات رجال القبائل السنة والشيعة مع الجيش الأميركي للقتال ضد المتطرفين في بعقوبة والمقدادية، بدأ المسلحون بالمغادرة بعد قطع رؤوس اولئك الذين حكم عليهم بكونهم متعاونين مع العدو على امتداد الطرق الريفية كتحذير للآخرين.

وقال احمد «لو انك رأيت الأشخاص الذين قطعوا الرؤوس فلن تصدقي انهم قادرون على ذلك. فمعظمهم في عمر يقل عن 18 عاما. واذا ما سئلوا عن كيفية قيامهم بذلك لأجابوا: لا اعرف، أعطوني سلاحا وفعلت ذلك».

ويقول مسؤولون عراقيون ان المتطرفين يستغلون الفقر والجهل والسخط والخوف في هذه القرى المعزولة.

وقال الرائد فؤاد فاروق، السني الذي يقود مجموعة من الجنود العراقيين الذين يتخذون مواقع بين قرية أبو كرمة السنية وقرية ابو صيدا الشيعية، ان السكان السنة في المنطقة يشعرون بأنهم في شرك.

فالقليل من السنة هنا يثقون بقوات أمن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة والتي يقولون عنها انها تعامل السنة باعتبارهم ارهابيين ويبتزون الناس بسلب اموالهم في نقاط التفتيش. ولهذا فان السنة سرعان ما اجتذبتهم وعود «القاعدة» في العراق بحمايتهم، وفقا لما قاله فاروق.

وحتى الفترة الأخيرة كان الجنود الأميركيون يعملون مع قوات فاروق وهو يروي بفخر المعارك التي خاضوها معا ضد المتمردين المسلحين. ولكن منذ ان سلم الأميركيون الموقع الذي يقع غرب المقدادية الى العراقيين فإن جنود فاروق باتوا في وضع يائس من حيث العدد والتسليح.

وقد أسس المتطرفون سلطتهم في المنطقة عبر السيطرة على الجوامع السنية التي كانوا يصدرون اوامرهم منها.

وعندما اتجهت القوات الاميركية نحو شمال المقدادية في يناير (كانون الثاني) الماضي كجزء من هجومها أخبرهم احد الأئمة ان رجل الدين الرئيسي في القرية غادر في وقت سابق من العام الماضي بدلا من الخضوع لأوامر المتطرفين. وقال الامام عبد هاشم انه حل في محل ابن عمه، وهو رجل دين معتدل هرب عندما اشعل المتمردون بيته وكتبوا على الجدار: «تعود ملكيته الى دولة العراق الاسلامية».

وقال هاشم ان بيانات وزعت في الجوامع تحذر أن كل من يعمل لصالح الشرطة والجيش والحكومة العراقية وكذلك لصالح الاميركيين سيعرض نفسه الى القتل. وصدرت أوامر بالإغلاق الى محلات الحلاقة والموسيقى والمقاهي، وجرى منع الكحول والتدخين. وأرغمت النساء على ارتداء الحجاب الأسود والنقاب.

وصدرت اوامر للشيعة بالمغادرة أو مواجهة الذبح. واستخدم المتطرفون بعض البيوت المهجورة كبيوت آمنة وأجروا اخرى لجمع الأموال. وجرى تحويل احدها الى مستشفى وفقا للجيش الأميركي.

وقال هاشم «الناس هنا فقراء. ويعيشون حياة بسيطة. ولديهم اطفال ونساء لا بد من حمايتهم. ولهذا فانهم ينفذون ما يقوله الارهابيون». ومنذ مايو (ايار) الماضي كشفت القوات الأميركية في ديالى ما لا يقل عن ستة مراكز للتعذيب، فيها الأدوات المختلفة التي تستخدم لتعذيب الضحايا. وعثر على بقايا جثث 26 شخصا في مقابر جماعية بالقرب من مركز تعذيب شمال غربي المقدادية.

ومن أجل ضمان الهيمنة على هذه المناطق العشائرية سعى بعض المتطرفين الى الزواج من نساء من المنطقة. وعندما رفضت عشيرة آلبو عزيز الزواج حاصر مسلحو «القاعدة» القرية واخرجوا النساء من بيوتهن وقطعوا رؤوسهن بالسكاكين وفقا لمعلومات اوردتها الشرطة في ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وقامت القوات الأميركية بملاحقة المتمردين في قرى ديالى، غير انهم اختفوا تاركين وراءهم آثارهم. وأصر القرويون على انهم لم يتمكنوا من تشخيص المقاتلين لأنهم كانوا يرتدون الأقنعة دائما. وهمس البعض بأنهم سعوديون ومغاربة وجزائريون وبينهم أجانب آخرون.

وكانت علامات الترحيب بادية على وجوه معظم من ظهروا من خلف الأبواب للنظر الى القوات الأميركية، ولكنهم ظلوا مقتنعين بأن المسلحين المرتدين اقنعة سيعودون.

وابلغ معد خلف الجنود الأميركيين قائلا «عندما تهاجمون قرية ينتقلون الى اخرى. وعندما تهاجمون هذه القرية ينتقلون الى غيرها. لن تمسكوا بهم على الاطلاق».

غير ان الرائد العراقي اتخذ موقفا متفائلا، وهو في موقعه القصي في منطقة لم يستهدفها هجوم القوات الأميركية حتى الآن. وقال فاروق «اذا ما واصلنا كل هذه العمليات طيلة الوقت فانهم سيصبحون اضعف فأضعف. وسوف نتمكن من تدميرهم».

اجمالي القراءات 4019
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق