منصور حسن في حديث مُبهر لـ«العاشرة مساء»: الحزب الوطني «اتولد ومات» في نصف ساعة:
الحزب الوطني «اتولد ومات» في نصف ساعة

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٣ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


منصور حسن في حديث مُبهر لـ«العاشرة مساء»: الحزب الوطني «اتولد ومات» في نصف ساعة


«الحزب الوطني ولد وتوفي خلال نصف ساعة».. هكذا تحدث منصور حسن، وزير الثقافة والإعلام الأسبق في حديث مبهر، للإعلامية مني الشاذلي في برنامج «العاشرة مساء» بقناة «دريم»، عن نشأة الحزب الوطني، وصولا إلي اللحظة الحالية، فالسياسي المثقف المقرب من الرئيس الراحل السادات، قص حكايته التي بدأت في أبوكبير بمحافظة الشرقية، وصولا إلي موقع السلطة، وركز في حديثه علي فضل والده، الذي منحه الكثير، بدءاً من التعليم في «فيكتوريا كوليدج»، مدرسة الرؤساء والملوك، رغم أنه تاجر «مانيفاتورة» بسيط، حتي دفعه إلي خوض الانتخابات ليبدأ صعوده السياسي.

مقالات متعلقة :


«منصور حسن» ابن «أبوكبير»، رسم صورة في اللقاء لعلاقته بالسادات، والتي نسج أول خيوطها في اجتماع الأمانة المركزية للحزب الوطني في أواخر السبعينيات بالإسكندرية لتنتهي بعلاقة مودة واحترام وإكبار، ترجمتها كلماته في حق السادات، ورغم ذلك لم ينكر أخطاءه سواء في اعتقالات سبتمبر أو غيرها.

وانتقل بين الشخصي والعام، ليرسم صورة وملامح للوضع الحالي في مصر، ووصف الخمسة والعشرين عاما الأخيرة، بأنها مرحلة محلك سر، مؤكدا أن النظام المصري فردي شمولي، يحتاج إلي الإصلاح من الداخل، وإلا وقعت سيناريوهات لا تحمد عقباها، مثل الثورة الشعبية التي ستؤدي إلي الفوضي أو الانقلاب، الذي لن يتوقع أي شخص نتائجه.. وأمور أخري ذكرها بعين السياسي الثاقبة، ليضع يده على علل وجراح الوطن.. فإلى التفاصيل،

* قراءة تاريخك ما قبل السياسي، قراءة دسمة، خاصة إذا علمنا منها أنك من أبناء قرية «أبوكبير»، وعلي الرغم من أن والدك كان تاجراً «علي قده»، إلا أنه صمم أن يلحقك بمدرسة «فيكتوريا كوليدج» فكيف ذلك؟

- هذا يعتبر لغزا بالنسبة لي، فوالدي كان ميسور الحال بالنسبة للمقاييس الريفية، لكنه لم يكن غنيا بالنسبة لأهالي المدن، وكانت عائلتنا مرموقة في هذا المجتمع الريفي الصغير، وهذا أضاف إلي مكانتنا هناك، ولكن كان أقصي ما يطلب من والدي وقتها تجاه ابنه، هو أن يلحقه بمدرسة الزقازيق الثانوية، ولكنه أراد أن يعطي ابنه أحسن فرصة في الحياة.. وعندما سمع أن هناك مدرسة في الإسكندرية، يتوافد عليها أبناء الباشوات والأمراء وأبناء العائلات الكبيرة، قرر إرسالي إليها.

* هل تعتقد أن شخصيتك التي يشيد الكل بتميزها كانت جزءاً أساسياً في صناعتها هي فترة الطفولة؟

- بالطبع لأن جذوري نشأت في هذه البيئة، وبالتالي أثرت علي شخصيتي كثيرا.

* يعني إنت جواك فلاح؟

- أنا جوايا فلاح ابن أبوكبير، وعلي الرغم من أنه وقتها لم تكن هناك طرق معبدة وكهرباء أو مياه، إلا عن طريق الطلمبات، لكن هناك حنانا وارتباطاً بينك وبين المجتمع، يعني إحنا كمجتمع لو حافظنا علي حقوق المواطن، وشعر بأننا ندافع عنه، يبقي لازم ينتمي، لكن إذا شعر أن حقوقه مش محفوظة، وأن محدش بيسأل عنه هينتمي إزاي، وأكبر مثال علي ذلك، اعتصام موظفي الضرائب العقارية، الذي بدأ منذ أيام، والناس قاعدين في الشارع وماحدش بيسأل عنهم، نرجع نطالبهم بالانتماء لمين وليه.

* البعض يقول إن موظفي الضرائب العقارية ليس لهم الحق في اعتصامهم هذا؟

- سواء لهم حق أم لا، مش هي دي المشكلة، لكن المفروض فيه حنان وإنسانية وإنهم يحسوا إن فيه ناس مهتمة بيهم.

* كسياسي هل تري أنه مهما كانت مطالبهم فمن الخطأ عدم الالتفات إليهم؟

- حتي لو كانوا يطالبون بمطالب خاطئة، فهذا لا يعفي الحكومة من أن تعاملهم معاملة إنسانية، وهنا آخذ هذا الموقف علي الحزب الوطني، وهو أكبر الأحزاب. فأين أعضاء وكوادر الحزب؟، حيث من المفترض أن مهمة الحزب ألا يترك المشاكل بين الجماهير تتعاظم إلي هذه الدرجة.

* هل تقصد أن هناك غباء سياسياً في التعامل مع مشكلة موظفي الضرائب العقارية؟

- أنا أري أن هناك عدم اهتمام أو أن هناك «عدم سياسة» من الأساس، يعني لا ذكاء ولا غباء.

* من المؤكد أن وجودك في مدرسة «فيكتوريا كوليدج»،مرحلة مهمة في حياتك، خاصة أن جميع المترددين عليها من الأجانب.. فكيف تعامل ابن «أبوكبير» معهم؟

- في هذا الوقت كان معظم الطلبة يميلون - نظرا لبيئتهم - إلي أن يصبحوا أشبه بالإنجليز، والبعض الآخر من الطلبة لا يصلون لهذه الدرجة لكن «كانوا بيمشوا أمورهم»، أما الباقي فكان يحدث لهم صدمة ثقافية، تجعلهم أكثر تمسكا بجذورهم، وظهر هذا في تمسكهم بدينهم وباللغة العربية، وفي تمسكهم بالعادات والتقاليد، وبالتالي يؤدي هذا إلي إحداث صدام بينه وبين المدرسة، وهذا ما حدث معي.

* لماذا كنت طالباً صدامياً في مدرسة «فيكتوريا كوليدج»؟

- عندما وجدتني المدرسة من المتمسكين بجذوري، وأرفض تغيير عاداتي وتقاليدي، بدأ يحدث الصدام، وقد كنت من الشخصيات القيادية في المدرسة، حتي إنني أردت أنا وزملائي أن نصلي «الجمعة»، فرفضت المدرسة ذلك، فخرجت أنا وزملائي لنصلي «الجمعة» معا، وتحدينا المدرسة، وبالفعل رضخوا للأمر الواقع، وكان وقتها الاستعمار الإنجليزي موجوداً علي أرض مصر، ولكن كان الشعب واقفاً علي رجليه، يشعر أنه يستطيع أن يفعل شيئا ويغير الأوضاع، هي دي خامة الشعب المصري، لكن وعلي الرغم من إعجابي بكثير من إنجازات الرئيس عبدالناصر إلا أن أم السلبيات في عصره، هي عدم تطبيق العودة للنظام الديمقراطي في الوقت المناسب، وكنت أري أن الوقت المناسب كان بعد عدوان ١٩٥٦، وبدأ بعدها الشعب يشعر أنه قليل الحيلة.

* ٥٠ سنة أو أكثر من الشعور بقلة الحيلة وأن شخصاً واحداً أو قيادة واحدة هي التي بيدها التغيير.. فما رأيك في هذا؟

- النظام اللي إحنا فيه حاليا، هو استمرار لما بعد الثورة إلي الآن، وقد تكون حدثت تعديلات، وإحنا ماشيين في السكة، لكنها لم تمس جوهر النظام، فهو نظام شمولي فردي، ونظام بهذا الشكل تخلق له نظريات تجعل وجوده بهذا الشكل المهيمن وضع طبيعي.

* ولكنك كنت أحد المشاركين في تأسيس الحزب الوطني.. فلما الانتقاد الآن؟

- لقد انتقدته من أول يوم.

* لك مقولة إن مصر بقالها ٢٤ سنة محلك سر فما قصدك من هذا؟

- قد تكون هذه الجملة صادمة، وقد يظن البعض أن هذا دليل علي الاستقرار، لكن أنا أقصد أنه يجب أن يكون هناك فكر متطور، فعلي سبيل المثال من الأعمال العظيمة، التي قام بها الرئيس السادات، إنه بعد حرب أكتوبر أصدر ورقة أكتوبر لإنشاء المنابر، حيث أكد فيها أنه لا توجد حاجه اسمها فكر واحد ورأي واحد، ويجب أن تكون هناك منابر تسمح بتداول تلك الأفكار ومناقشتها.

* ولكنك اعترضت علي كلمة «منابر»؟

- قلت لهم مفيش حاجه اسمها منابر في السياسة اللي إنتوا بتقولوا عليه ده اسمها «أحزاب»، فقال لي حافظ بدوي، رئيس المجلس في ذلك الوقت: «هو الريس قال أحزاب؟»، قلت له: لا قال (منابر)، فرد بدوي: «تبقي (منابر)»، ومنذ هذه اللحظه وأنا أيقنت أن إحدي المشاكل، أن الناس عندها إحساس أنها لازم تبقي خلف الرئيس بخطوة.

* ما معني ذلك؟

- يعني ما يقولوش للريس اعمل كذا أو يقترحوا عليه، علي سبيل المثال الريس وقتها قال (منابر)، يبقي مش لازم نقحم عليه فكرة الأحزاب.

* أنت تقول إن دائما من يحيطون بأي رئيس مصري يكونون خلفه دائما بخطوة.. فهل تري أنهم يجب أن يكونوا معه علي نفس الخط المستقيم؟

- طبعا فأنا دائما أري أن من يحيطون به شركاء في المسؤولية، وليسوا تابعين، وهذا كان يحدث مع الرئيس السادات، حيث كان يطلب الرأي دائما.

* احتجبت فترة طويلة فهل تفكر في تأسيس حزب؟

- طلب مني كثيرون تأسيس حزب أو الانضمام إلي أحد الأحزاب، ولكنني أشعر أن التواجد في حد ذاته، ليس الهدف، لكن المهم هو ما السبب الذي أتواجد من أجله، وما الظروف المحيطة وهل تساعدني أم لا؟

* هل تعني بذلك أن الرئيس السادات لم يحتد عليك خلال فترة توليك الوزارة؟

- لا لم يفعل ذلك نهائيا، إلا في المرحلة الأخيره، والتي اسميها مرحلة الحسم، حيث كان يشعر السادات، أن الأمور بدأت تفلت منه، وأن عليه أن يحسمها بنفسه.

* أراك قسمت فترة تولي السادات إلي مراحل.. فما هي تلك المراحل من وجهة نظرك؟

- بالفعل فأنا أري أنه مر بثلاث مراحل تدريجيا: الأولي تمتد من عام ١٩٧٠ وتنتهي في يناير ١٩٧٧، وهي فترة الانتفاضة.

* أنت مصّر أن تطلق عليها اسم انتفاضة.. ولكن هل تري أنها كانت انتفاضة شعبية أم انتفاضة حرامية، كما أطلق عليها السادات؟

- لا طبعا أنا أري أنها انتفاضة شعبية، لأن الشعب كان غلبان، وهو لازم كان يقول عنها إنها انتفاضة حرامية، لأنها كانت ضده، ولكن معقول كل دول هيبقوا حرامية، ولكنني أري أن السادات في هذه الفترة، كان منطلق في طريق الديمقراطية بلا ضغوط، فقد كنا نعيش علي الاتحاد الاشتراكي، وكانت الناس ما تقدرش تقول للريس ما يريدونه، لكن علي الرغم من ذلك هو كان منطلقا علي طريق الديمقراطية، والدليل علي ذلك أنه بادر بإلغاء الحراسات وعمل دستور ١٩٧١، وبعدها أعطته حرب أكتوبر فرصة أكبر، عندما أعلن ورقة أكتوبر ١٩٧٤، حيث أكدت أن الاتحاد الاشتراكي مالوش معني، وأسست ما أطلق عليه حينها (المنابر)، وفي انتخابات ١٩٧٦ ذهب السادات لمجلسي الشعب والشوري، وقال لهم «إنتوا بتسموا نفسكم تنظيمات لا إنتم أحزاب».

* وماذا عن المرحلة الثانية؟

- عندما حدثت الانتفاضة عام ١٩٧٧، كانت هذه فترة حادة جدا علي الرئيس السادات، لدرجة أنها أثرت عليه، وتصور أن جزءا كبيراً من اللي حصل، كان نتيجة للانفتاح السياسي، وبالتالي دخلنا في المرحلة الثانية التي أستطيع أن أطلق عليها مرحلة التردد، حيث أبقي السادات علي خطابه السياسي، ولكن الإجراءات الفعلية أخذت وضعاً معادياً، فيما سمي بعد ذلك قوانين «العيب» أو قوانين «سيئة السمعة»، كما أطلق عليها بعض المعارضين وقتها.

حيث بدأت وهذه القوانين تتخذ إجراءات مخالفة للتطور الديمقراطي، وتلك المرحلة كانت فترة وجودي في الوزارة، وكنت مقتنعا أن الرئيس يريد إقامة حياة ديمقراطية سليمة، ربما لأنه رأي أن «أم السلبيات» في عهد الرئيس «عبد الناصر»، كان نقص النظام الديمقراطي، والبعض الآخر يري أنه كان يريد أن يعمل «شو»، علشان يقنع أمريكا، ولكن حتي لو كان هذا صحيح، المهم النتيجة، وهي أنه كان يرغب في إقامة نظام ديمقراطي.

* وماذا أطلقت علي المرحلة الثالثة من عهد السادات؟

- أنا أسميها مرحلة الحسم، حيث رأي السادات أنه لابد من الحزم، لأن «المسائل بدأت تفلت»، ولكنني لم أكن أري الأمور بتفلت زي ما هو شايف، لكن التقارير التي كانت تصله كانت بتقول حاجات تانية.

* هل كانت مشكلة السادات أنه يعتقد أيضا أن نقابة الصحفيين في يد الناصريين؟

- كان يعتقد أنه في يد المعادين له، ومن أول يوم دخلت فيه الوزارة كنت وزير دولة لشؤون الإعلام والثقافة، حيث إن تشكيل وزارة الدكتور مصطفي خليل - الذي أعتبره من أفضل رؤساء الوزارة في تاريخ مصر كله - رأي إلغاء وزارة الإعلام والثقافة، لأن النظم الديمقراطية لا تضم إعلاما موجها، ولكن بعد عدة شهور وجدوا أن القوانين مازالت تفرض أن وزير الإعلام يجب أن يعتمد الكثير من الإجراءات، فقرروا تعيين وزير دولة برئاسة الجمهورية يتولي وزارة الثقافة والإعلام.

* عندما تراجع نفسك هل تعتقد أنك مدين لأي شخص بأنك تقول «إحنا أخطأنا في تأسيس الحزب الوطني»، أو أن أي جهة أخري هي التي أخطأت؟

- عندما بدأ التفكير في تأسيس الحزب، قيل وقتها إن الرئيس السادات بعد زيارته لإسرائيل يحتاج لحزب يرأسه هو شخصيا، ليدعم مسيرة السلام، ولكنني كنت علي خلاف مع هذا الرأي، خاصة أن حزب مصر وقتها لم يخرج عن طوع الرئيس، وبالتالي لا يحتاج لحزب جديد، ولكنني كنت أري أن هناك سببين رئيسيين وراء رغبته في تأسيس حزب جديد، الأول هو انتفاضة يناير، التي جعلته يشعر أن الجماهير مش ممسوكة كويس من حزب مصر، وأن التيار اليساري متحكم فيها بصورة أكبر.

أما السبب الثاني فكان ظهور حزب الوفد عام ١٩٧٨، والذي ظهر من خارج إطار الاتحاد الاشتراكي، أي أنه خرج من الشارع، بالإضافة إلي الماضي العريق لحزب الوفد، لذلك أري أن السادات وقتها، قرر أن ينسي حزب مصر ويفكر في حزب جديد، وقال أريد وجوه جديدة لأن الناس كانوا بيشتكوا من الزعماء القدامي، وهذا يذكرني بما تردد الفترة الماضية عن الحرس القديم والجديد، وأنا أشهد بأن السادات كان يريد في هذه الفترة، أن يكون الحزب الذي يسعي لتأسيسه حقيقيا ومثاليا.

* هل تقصد أن النوايا كانت صادقة؟

- نعم

* ما الاختلاف بين تلك النوايا وما يحدث حاليا؟

- إبتدي الحزب ما يبقاش حقيقي، ونعود مرة أخري لأساليب الاتحاد الاشتراكي وما أراه الآن، جعلني أسعي وراء تحليل الأوضاع، وخرجت بنتيجة، هي أن الأحزاب التي تتكون من موضع السلطة تولد وبها عيوب خلقية، فهو بلاهيكل عظمي، ويكاد يكون من المستحيل إصلاحها، لأنها تكون مختلفة عن الحزب الطبيعي، الذي ينمو بطريقة تراكمية سليمة.

* هل تعتقد أن أي محاولات لإصلاحه لن تسفر عن نتائج؟

- أري أن هذا صعب، وقد يكون مستحيلا، لأن نموه مرتبط بالسلطة، فهي تريده ليتولي القضايا الشعبية، وبالتالي لا يكون حزبا، إنما أستطيع أن أطلق عليه جناح الحكومة المختص بالعمل الشعبي، وهذا لا يقتصر علي الحزب الوطني فقط، لكن أيضاً علي كل الأحزاب التي تتكون من موقع السلطة سواء في مصر أو في الخارج.

* بالطريقة التي تصف بها الحزب الوطني حاليا.. هل نفهم من كلامك أنك تري أنه يجب أن يحل الحزب الوطني؟

- إذا ما كانش يصلح يبقي يحل، فمثلا في الانتخابات نجد أن هناك تضاربا في المصالح بين الحزب والسلطة، وهذا ما حدث في الانتخابات الأخيرة، حينما تصارع أعضاء الحزب، فالمفروض أن الحزب الحقيقي عندما يختار عددا من الأعضاء ينصاع الباقي لاختيارات الحزب ويؤيدونهم، لكن ما يحدث علي أرض الواقع، أنهم يخرجون عن الحزب ويمشون مع المنافسين ضد أعضاء الحزب، والمأساة التي تحدث بعد ذلك، عندما ينجح الذين خرجوا عن الحزب، فنجده يعود ليطلب ضمهم إليه مرة أخري.

* كانت هناك محاولات من أحزاب أخري في الفترة الأخيرة لعمل حركة حزبية مختلفة، لكن علي الرغم من ذلك لا نستطيع أن نحدد من حقق بوادر نجاح.. فما رأيك؟

- وجود حزب السلطة بهذه الطريقة يجعل السلطة، لكي تحمي حزبها، تغلق علي الأحزاب الأخري، وذلك لأن ماعندهاش حزب يستطيع أن ينافس الأحزاب الأخري منافسة حقيقية، وبالتالي الحل يكون في إضعاف باقي الأحزاب.

* هل تعتقد أن الحركات والأحزاب المصرية تمتلك الحماس والرغبة لبذل ما هو مطلوب قبل الوصول لمرحلة الانتخابات؟

- من مصلحة السلطة دفاعا عن الحزب الوطني، أن تغلق الأبواب أمام الأحزاب الأخري، ولا تفتح لهم المجال ليعملوا، يعني علي سبيل المثال ما يقدروش يعملوا مؤتمرات خارج المقار أو أي اتصالات جماهيرية خارج المقر، كما أنهم ممنوعون من التليفزيون الوطني، هما يجيبوا المعارضة يناقشوا موضوع زي «أنفلونزا الطيور»، لكن ما يناقشوش النظام السياسي.. فالحزب الوطني خطط ملعبا جعل فيه مرمي المعارضة ٤٠ مترا، وجعل مرماه مترين فقط، بل وضع عليه جنودا للأمن المركزي.

* هناك محاولات تحدث حاليا للبحث عن وجوه جديدة وفكر جديد.. فما تقييمك لهذه المحاولات وما قدرتها علي الإصلاح من وجهة نظرك؟

- أريد ان أقول لك شيئا، الحزب قام في ١٩٧٨، وقد طلبني الرئيس السادات في سبتمبر ١٩٧٩ - أي بعد سنة من تأسيسه - وقال لي: «أنا جايبك علشان أقولك وضع الحزب سيئ جدا، وعاوزين نصلحه»، وطلب منا أن نجهز بعد العيد لانتخابات من القاعدة للقمة، علشان الناس يختاروا اللي هما عاوزينهم»، فقلت له: «يا فندم الحزب أسوأ مما سيادتك تتصور»، وقلت له: الحزب ولد وتوفي في نصف ساعة، حيث إن دخول أعضاء مجلس الشعب بهذا الكم في الحزب، أدي إلي فوضي عارمة،

وقد حدث الآن قدر من الاختلاف بين الحزب في الماضي والحزب الآن، وإن كان اختلافاً بسيطاً، وقد حدث نتيجة تكوين لجنة السياسات كلجنة دراسات تخدم مصالح الحكومة، لأن الحكومة ماكانش، عندها وقت تدرس بتمعن لكنهم أتوا بخبراء، وبالتالي فإن السياسات التي تعد للحكومة سياسات مدروسة بشكل جيد، وهذا ظهر من خلال نجاح بسيط في الناحية الاقتصادية، ولكن في رأيي أن هذا النجاح ينقصه السياسات التي تحقق العدالة الاجتماعية، حيث كان يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

* أري أنك لم تكن مختلفا مع السادات بقدر ما كنت مختلفا مع من حوله؟

- أنا كنت مختلفاً مع من كنت أراه ضد المصلحة العامة، فقد كنت أري أن الرئيس عندما قال أريد وجوها جديدة، كان يريد بذلك ممارسة جديدة، فما مصلحته في أن نتبع أساليب القدامي، وإلا كان استبقي عليهم فهم أكثر خبرة؟!

* بشكل أو بآخر، لك الآن علاقة بالحزب الوطني والحكومة، خاصة أنك والد زوجة المهندس محمد لطفي منصور، وزير النقل، فكيف يدور الحوار بينكما؟

- أولا وزير النقل يعتبر وزيرا فنيا، لكن مصلحة إصلاح الحزب مش شغلته، لكنني أري أنه كان سيئ الحظ في بداية توليه الوزارة، بسبب الانهيارات التي حدثت بشكل متتال مثل غرق العبارة والقطارات، لكن هذا كان انهيارا بسبب تراكمات ضخمة، ولكن عندي يقينا بأنه سينجح في مهمته لأنه اقدر عليها.

* ما رأيك في «الدعم» وهو موضوع الساعة؟

- لجنة السياسات قامت بتقديم اقتراحات اقتصادية في ناحية التنمية ونجحت فيها، إلي حد ما، وأعتقد أن العالم شايف نتائجها.

* لكن الناس مش شايفة ده؟

- لأنه كان لازم العدالة الاجتماعية تكون مرافقة لسياسة التنمية الجديدة، حتي لو أدي ذلك إلي ابطائنا بعض الشيء، حتي نحافظ علي سلامة المجتمع، الحكومة اكتشفت هذا مؤخرا، والدكتور نظيف صرح بأن ارتفاع مؤشرات التنمية لم يصل للناس، لذلك يجب أن يعملوا في الفترة القادمة، علي أن تصل إليهم، ولكن من غير المعقول أن يسعوا لذلك، وفي الوقت نفسه يفكرون في إلغاء الدعم أو ترشيده.

* من ينظر لمصر من خلال شاشات التليفزيون، يشعر أنها في حالة احتقان، وقد قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في إحدي الندوات، إن هذا طبيعي، لأن مصر تتقدم للأمام.. فما تقييمك للصورة التي عليها مصر حاليا؟

- هيكل محلل ممتاز وقراءاته واسعة، وأنا لا أختلف معه، لكن الكلام ده يبقي صحيح لو العوامل الأخري كلها سليمة، ومع ذلك تحدث مشاكل، لكن لو كان جزء كبير من التوتر الذي يحدث، نتيجة لعوامل أخري لم تؤخذ في الاعتبار، فهنا تكون المشكلة. فمصر أمام ثلاثة سيناريوهات، هي: إصلاح النظام السياسي من الداخل، أو الثورة الشعبية التي ستؤدي إلي الفوضي، أو الانقلاب غير محمود العواقب.
* أنت حريص علي متابعة الحاضر، وعندك رؤي وأفكار قيمة.. هل تري أنك متفائل أم متشائم بمستقبل مصر؟

- لا أريد أن أكون نذير شؤم، ولكنني أري أن مصر بها عوامل كثيرة تدعو للتفاؤل، وفي الوقت نفسه لن أشعر بهذا التفاؤل، وأن هذه العوامل ستعمل لمصلحة المجتمع، إلا إذا كان هناك جدية في تعديل النظام السياسي، وليس خطوة خطوة، لأن مصر تستحق أكثر من ذلك، وأكبر مثال علي ذلك التجربة الموريتانية، وكذلك التجربة السنغالية.

اجمالي القراءات 3421
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق