الضياء والنور

الأربعاء ١٢ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
بالنسبة لموضوع الضوء والنور في القرآن الكريم، أؤكد لكم أنني قرأت لكم الجزء الأعظم من مقالاتكم وأبحاثكم وكتبكم وكامل باب القاموس القرآني. وأنا واثق أن رجلا مفكرا وحصيفا مثل حضرتكم لا يفوته إدراك المستوى الفكري والثقافي لسائليه، فأنا أعي تماما أن كلمة نور استعملت مجازا في وصف رب العزة جل وعلا وأنها تعني الهداية ولم تأت بالمعنى الفيزيائي للنور، لأن الله سبحانه وتعالى ليس بشيء وأنه عز وجل ليس كمثله شيء، فهو ليس بجسم سبحانه. هذا أمر مفروغ منه ويسير إدراكه على كل ذي عقل. لكن هذا أيضا لا يحل الإشكال في المعنى، إذ أننا إن أقررنا بالمعنى السائد للضياء والنور، بكون الضياء مصدر الضوء والنور انعكاس له، يكون الله قد وصف نفسه بالأدنى دون الأعلى وبالانعكاس دون الأصل وكنى بالأقل دون الأكثر وهذا غريب ومما لا يليق بجلاله. فحتى لو كان المعنى بالنور هو الهداية (ونحن متفقان في هذا تماما) فلماذا الكناية بالنتيجة دون المصدر وبالأصغر دون الأكبر؟ والله سبحانه وتعالى هو الخالق والواجد والفاطر والمفيض، أي أنه عز وجل مصدر كل شيء؟ ودعنا لا ننسى المثل في سورة النور " للَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " أي أنه الله تعالى ضرب مثلا في هذه الآية الكريمة عبر التمثيل الفيزيائي للنور لتقريب معنى الهداية لأذهان الناس، أي أن المجاز (الهداية) لا ينسلخ تماما عن المعنى الواقعي للنور بل هما من سنخ واحد مع الفارق بين الفيزيائي وهو أصل الكلمة وبين المعنوي (الهداية) وهو المجاز والمقصود في الآية الكريمة. والله تعالى له المثل الأعلى دائما وأبدا وهو القائل في كتابه المجيد " وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " و " وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ". فلا يتصور والحال هذه، أن يسمي الله تعالى نفسه بالنور الذي هو بحسب المتعارف عليه الأقل والأدنى من الضياء، وبهذا لا يكون المثل الأعلى لله عز وجل بل الأدنى (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا). " أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا " عزيزي الدكتور منصور، أنت صاحب مدرسة التدبر في القرآن الكريم، أي السير في دبر الآيات الكريمة وخلفها، والنظر حيث تقودنا، فتكون الآيات الكريمة أمامنا وإمامنا، فنفهم القرآن بالقرآن دون إسقاط موروثنا أو مفهومنا أو حتى آمالنا وطموحاتنا على التنزيل الحكيم (كفكرة الإعجاز العلمي وغيرها). فيا حبذا لو تمعنت أكثر وغصت أعمق في معنى الضياء والنور في كتاب الله، عسى أن تخرج لنا بمعنى جديد من وحي الآيات الكريمة بما يجعل المعنى متسقا لا تفاوت فيه ولا اختلاف، وإنك على هذا لقدير. آمل ألا أكون قد أثقلت عليك بأسئلتي وأدعو الله جل وعلا لي ولكم بالصحة والسلامة والعافية والخير وكل ما يسر ويسعد القلب وينير العقل. فائق إحترامي وتقديري ومحبتي، مسلم مؤمن
آحمد صبحي منصور :

شكرا أخى العزيز أكرمك الله جل وعلا . 

يشرفنا أن تنضم الى أهل القرآن كاتبا ومعلقا تلتزم مثلنا بشروط النشر . 

وتعرف أننا نكتب وجهات نظر تقبل التصحيح والنقد . 

وسأكتب بعون الله جل وعلا مقالا عن النور والضياء .

والله جل وعلا هو المستعان .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 5597
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   هشام سعيدي     في   الأربعاء ١٢ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86604]

الظلمات و النور


يبدو أن الظلمات يبددها النورالذي هو الضد للظلمة وفقا لسياق الآيات القرأنية. و في كلامنا نقول أضاء النور و انقشع الظلام. و لا نقول أنار الضياء فالنور في لسان العرب هو أصل الضياء. فالظلمة تقتضي نورا لتنقشع. و من المحتمل أن يكون النور للهداية و الاهتداء اما الضياء فللاهتداء فقط فالنور يكون حسي و معنوي و الضياء حسي فقط. و نحن في انتظار مقال الدكتور أحمد لينير لنا المعنى و ليبين من مهما الآصل من وحي القرآن.



 أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4984
اجمالي القراءات : 53,460,518
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,630
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


عبادة التفاهات: وقعت ضجة إعلام ية في وساءل التوا صل ...

تشريع خاص بالرسول: لقد دأب أهل السنة على القول بوجود أحكام خاصة...

مشكلة فى الموقع.!!: سلام من الله عليك يادكت ور أحمد صبحي اتمنى...

أهل مصر والقرآنيون: ما حكم القرا نين على اهل مصر ؟...

مساواة الرجل والمرأه: كنت قد ارسلت سؤالا عن موقف الاسل ام من...

الأبناء والبنات: استمع ت لكلام الدكت ور احمد صبحي عن نفي دخول...

الجنتان : ( وَمِن ْ دُونِ هِمَا جَنَّ تَانِ (62)...

تمنى الموت: هناك من يتمنى الموت ، هل هذا حرام ؟...

الشيعة وعائشة : هل يصح استدل ال الشيع ه بكفر عائشه وحفصه...

حجرا محجورا: ما معنى ( حجرا محجور ا ) فى قول الله جل وعلا :...

المساواة: المسا واه بين الرجل و المرأ ه ما معناه ا فى...

الشيطان والخشوع: عندما أحاول الخشو ع فى الصلا ة يراود نى ...

الحق والباطل: يقولو ن فى مصر عن الذين ماتوا : ( هم فى دار الحق...

نصيبك من الدنيا : أنا عاوز أبقي غني جدا ومعاي ا فلوس كتير أوي...

ألم الدنيا والآخرة: هناك فى الآية 74 من سورة التوب ة إشارة الى...

more