..:
مستنقع الدولة الدينية

نبيل هلال Ýí 2012-05-05


الله يفضح التآمر الأزلي - الأبدي للكاهن والملأ في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة ,    فيقول :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } التوبة 34 .


والأحبار هنا إشارة إلى الصفوة من رجال الدين - أي دين- والرهبان إشارة إلى من يُظن بهم الصلاح والتقوى من المنقطعين لعبادة الله أو المغالين فيها فلا يرتاب فيهم المرتابون , وهم يستولون على أموال الناس بالباطل والخديعة والتدليس , ويصدون الناس عن سبيل الله في حين أنه من المفترض بحكم أنهم رجال الدين ! أن يكونوا في خدمة الدين , ولكنه الاستتار وراء الحق طلبا للباطل , والله يتوعد أمثال "رجال الدين" هؤلاء بالعذاب الأليم , وصدق الله وكذب من سواه .
والذين يكنزون الذهب والفضة هم الملأ من أرباب المال والإقطاع ممن يجمعون الأموال ولا ينفقونها في سبيل الله - وهو كل سبيل للخير- ويحبسونها عن أصحابها , وليس المقصود من لا يؤدي زكاة ماله فقط . ولاحظ استهلال الآية الكريمة بالقول :" إن كثيرا من الأحبار والرهبان ....." حتى لا يزعم مضلل أن المقصود بالتآمر قلة يمكن استثناؤها .
وفصْم عُرا التعاون وتبادل المصالح بين المؤسستين السياسية والدينية هو الخطوة الأساسية للصلاح والفلاح , فقد جر هذا التعاون النكِد أعظم النكبات التي حاقت بالإنسان منذ فجر التاريخ , وليس أقلها شن الحروب الدينية , كالحروب الصليبية وغيرها , وهي من أقسى الحروب الدينية في التاريخ وكانت من جراء تسييس الدين وقد استمرت زهاء القرنين وراح ضحيتها مئات الألوف من الضحايا .
ولأول مرة حدث الفصل بين المؤسستين العسكرية والدينية " منذ خمسة قرون عندما ظهرت صيغة الإدارة الجماعية القائمة على تبادل المصلحة ديموقراطيا , بين الأغنياء أصحاب رأس المال , وبين الفقراء أصحاب اليد العاملة , وهي صيغة قامت على استبعاد الجيش والمؤسسة الدينية من حلبة الصراع على السلطة , لأول مرة في تاريخ الدولة , لأنها وُلدت أصلا بعد هزيمة الجيوش المأجورة في إقطاعيات غرب أوروبا على أيدي شعوبها المسلحة وبعد سقوط سلطة الكنيسة على أيدي البروتستانت , إنها صيغة شرعية كسبها الأوروبيون الغربيون بعرق جبينهم مثل الرزق الحلال . أما في العالم القديم فقد بقي الأمر على حاله كما تركه فرعون , وظل جهاز الإدارة على طول المناطق الممتدة شرقا وجنوبا من وسط أوروبا إلى اليابان , في يد الائتلاف الأزلي بين الجيش وبين المؤسسة الدينية , ورغم أن الأوروبيين الغربيين ما لبثوا أن هاجموا هذه المناطق وشلوا قواتها المسلحة منذ مطلع عصر الاستعمار , فإن الجيوش لم تخسر مواقعها في جهاز الإدارة, ولم تتمكن شعوب العالم القديم من إيجاد صيغة عملية لإبعاد الجيوش والمؤسسات الدينية عن السلطة , سوى صيغة الحزب الواحد الذي ابتكره لينين , وهو ابتكار لم يحل المشكلة , ولكنه استبدلها بمشكلة أخرى " .
وقيل إن الإسلام دين ودولة , وليس الأمر مقصورا على الإسلام , فالأديان السماوية كلها كذلك . فما دام الدين يضبط حركة حياة الناس وينظمها يكون دينا في دولة . وإن قيل بأن الإسلام دين وأمة , نقول إن الأديان كلها كذلك فالأمم هي التي تدين بالأديان . والمرجح عندنا هو أن كل دين سماوي دين ودنيا : دين ينظم دنيا الناس وآخرتهم بحسب مراد الله وعدله. فالله الذي يقول عن القرآن في سورة الأنعام :{ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } 157, قال قبلها وفي نفس السورة في الآية 154: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } ".
فالكتابان - القرآن والتوراة المنزَّلة - سواء , فكلاهما من الله , وكلاهما هدى ورحمة وتفصيلا لكل شيء . فلماذا يظن فقهاء المسلمين أن الإسلام وحده دين ودولة دون اليهودية بما في ذلك من إغفال أو تغافل عن آيات الله ؟
والفرق بيِّن بين القول بأن الإسلام دين ودنيا وبين القول " بالإسلام السياسي " الذي يؤدي لا محالة إلى الدولة الثيوقراطية إذ يفتح الباب أمام رجال الدين ممن يرون حقهم في الحكم بصفتهم ممثلي الدين والنواب عن الله , وإذا حَكم رجالُ الدين استبدوا واستعلوا واستحوذوا على الدين وطرحوا قداسته عليهم . والإسلام - وهو دين ودنيا - يمارس فعالياته من خلال مؤسسات مدنية وليس عن طريق المشايخ , فنكون قد استبدلنا قداسة "الشيخ" بقداسة "السلطان" , ونكون قد استبدلنا استبداد العمائم باستبداد التيجان والقبعات العسكرية ( المقال له بقية)-نبيل هلال هلال 

اجمالي القراءات 8917

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأحد ٠٦ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[66349]

الديمقراطية رزق اكتسبه الاوربيون بعرق جبينهم .

أكرمك الله أستاذ نبيل هلال على هذا الجهد الذي تساعد من خلاله على نشر الوعي بين أبناء مصر .


وكما تفضلت وأشرت في مقالك هذا أن الديمقراطية وهى صنيعة غربية ورزق قد اكتسبه الاوربيون بعرق جبينهم وبالعمل الدؤب والاصرار على مواجهة المستبدين وطبقة النبلاء.


وإن كنت أحب أن أضيف أن هناك دماء يجب أن تبذل قربانا للوصول إلى تحقيق الديمقراطية والحريات ، فما بذل من دماء لا يكفي حتى الآن لآن جموع العرب والمصريين لا يتغيرون إلى الأفضل إلا ببذل الدماء - وهذا مع الاسف الشديد .


شكرا لك والسلام عليكم ورحمة الله .


2   تعليق بواسطة   احمد العربى     في   الإثنين ٠٧ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[66357]

الديموقراطية هي السقف القوي والمتين للدولة المدنية

وهذا السقف لا يستطيع احد ان يبنيه سوى اهل المستقبل بعد ان يبنوا دولتهم المدنية العلمانية ويرفعون اعمدة المستقبل وهي



الاقليات وحقوق الاقليات


المراة الواعية المتعلمة


القوى اليدوية المنتجة العاملة من عمال وفلاحين



وعندما تشتد وتقوى هذه الاعمدة ستصبح قادرة على ان تحمل سقف الديموقراطية


اما الدولة التاريخية والدولة المدنية بمرجعية تاريخية فهي كالخيمة او كبيت الصفيح لن يستطيع ان يحمل سقف الديموقراطية





3   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الثلاثاء ٠٨ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[66375]

ويفضح من يشتري بأيات الله ثمنا قليلاً

الأستاذ الفاضل / نبيل هلال السلام عليكم ورحمة الله ، كما فضح الله سبحانه وتعالى الآحبار والرهبان وأكلهم أموال الناس بالباطل وتآمرهم فإن القرآن الكريم المنزل من عند الله تعالى قد فضح الذين يكتمون الحق الذي جاء في آيات القرآن الكريم وما أٌنزل فيه من خير ورحمة للبشر . ويشترون به ثمنا قليلا وهو لا يسلوي شيء بما يلاقونه من عذاب في الآخرة ، وهم رجال الدين الذين يكتسبون من الاتجار بالدين ويفتون ويسوغون للحاكم ما يشاء مقابل منصب دنيوي لا يدوم .


{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }البقرة174وفي المقابل نجد الله تبارك وتعالى يٌبشر من يؤمن بالله ويؤمن بما أنزل على جميع الرسل ويمتنع عن أن يشتري بآيات الله ثمنا قليلا يبشره بأجره يوم القامة عند ربهم .


{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-01-12
مقالات منشورة : 123
اجمالي القراءات : 1,421,100
تعليقات له : 109
تعليقات عليه : 282
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt