حلال على إيران حرام على تركيا!

د. شاكر النابلسي Ýí 2012-02-01


حلال على إيران حرام على تركيا!

-1-

أصبح واضحاً الآن، أن المستفيد الأول والأخير من "الحرب على صدام حسين" عام 2003 هو إيران. ولا أحد غير إيران.

فإيران، قد جَنَتْ ثمار مقتل أكثر 4000 جندي أمريكي، وثأرت لقتلاها في حرب الخليج الأولى 1980-1988، خاصة وأن أمريكا في تلك الحرب المجانية المأساوية، كانت إلى صف صدام حسين.

وإيران، قد جَنَتْ ثمار جَرحِ وتشوه أكثر من ثلاثين ألف جندي أمريكي، وثأرت كذلك لقتلاها في حرب الخليج الأولى مع العراق.

وإيران، قد جَنَتْ ثمار خسارة أمريكا أكثر من 500 مليار دولار، دفعتها أمريكا من جيوب دافعي الضريبة الأمريكيين في غزوها للعراق، ومكوث قواتها فيه، لمدة تزيد على سبع سنوات.

وإيران، قد جَنَتْ ثمار الفوضى والإرهاب، الذي نشره الإرهابيون، الذين تدفقوا على العراق من الحدود السورية، والإيرانية. وسرقوا، ونهبوا، وقتلوا، بحجة مقاومة الاحتلال الأمريكي الكافر!

-2-

 

ولهذا، استطاعت إيران أن تُحقق ميزاناً تجارياً لصالحها بلغ عام 2009 ستة مليارات دولار. وهو يساوي حجم التجارة الإيرانية مع العراق منذ الأزل حتى ذلك التاريخ. وكان من المنتظر أن يصل في عام 2010 إلى تسعة مليارات دولار، كما أعلن الملحق التجاري في السفارة الإيرانية في بغداد.

ولهذا، استطاعت إيران أن تضع نوري المالكي، وحزبه الحاكم (حزب الدعوة) خاتماً - بفص فيروزي- في (خنصرها)، وتديره كما تشاء!

فتقول له: أيّد، وادعم نظام الحكم الدكتاتوري القروسطي في سوريا، فيقوم بذلك.

وتقول له: إياك أن تدعم الثورة السورية الشعبية، وتقدم لها أي عون، أو نجدة، فيقوم بذلك.

وتقول له: إسمح بتمرير السلاح الإيراني إلى سوريا، والمُرسل لـ "حزب الله"، فيقوم بذلك.

وتقول له: غُضَّ النظر عن سارقين وناهبين للمال العام العراقي، حتى "أصبح الفساد المالي في العراق لا مثيل له في التاريخ." كما قالت "منظمة الشفافية العالمية"،  فيفعل ذلك.

وتقول له: نريد من البنوك العراقية غسل الأموال الإيرانية، نتيجة إغلاق المصارف الغربية في وجه المال الإيراني (الحلال)، فيقوم بذلك.

وأخيراً، تتدخل إيران في السياسة الخارجية العراقية.

فيشير خامنئي إلى المالكي، ويرشده إلى ما يجب أن يرفضه، ويقبله. وكان رفض المالكي الأخير لموقف تركيا وتصريحات أوردغان ، إحدى هذه الإشارات الخامنئية!

 

-3-

فقد اتهم نوري المالكي نظيره التركي أردوغان "بإثارة غضب العراقيين جميعاً، بعد إعلانه أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي، إذا انجرَّ العراق إلى نزاع طائفي." وكان أردوغان قد قال، أمام إحدى اللجان البرلمانية العراقية: "إن على المالكي أن يدرك، أن تركيا لن تصمت في مواجهة أية مصادمات طائفية. لأن من يقف دون حراك، ليشهد الأشقاء وهم يقتلون بعضهم بعضاً، يصبح متواطئاً في قتلهم."
فهل سكتّت سوريا من قبل؟

وهل سكتّت إيران من قبل؟

وهل سكت باقي جيران العراق، عندما أشرف العراق في السنوات الماضية، على نزاع طائفي بين السُنَّة والشيعة، وبين العرب والأكراد، وبين باقي مكونات الشعب العراقي الدينية، والعرقية المختلفة؟

فلماذا حلال على إيران وباقي (المتداخلين) في الماضي، وحرام على تركيا الآن؟

هل لأن إيران لا تريد لاعباً سياسياً ايجابياً أو سلبياً الآن غيرها في العراق، بعد أن أصبح العراق ملعباً تجارياً، وسياسياً، ودينياً، لها ولعملائها وحدهم، كما تقول كل التقارير من الشرق والغرب. وبذا سقطت نظرية الاستعمار الأمريكي للعراق، وقام الاستعمار الإيراني الحقيقي للعراق كما نرى الآن؟

وهل لأن إيران استثمرت أموالاً طائلة في العراق، لإيصال من تريد، إلى مجلس النواب العراقي، لضمان التجديد لخلافة المُلاّ نوري المالكي (المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية العراقية)، الذي أصبح يحكم العراق لمدة عشر سنوات (2005-2010، والفترة الحالية 2010-2015). ومن الممكن أن يحكم العراق فترة خمس سنوات أخرى (2015-2020) لو أمتد به العمر، وكانت (المناخات) الإقليمية والدولية على ما يرام، ومواتية له، ولإيران؟

-4-

يا لهذا العراق الحزين المنكوب بأبنائه الأشرار.. ويا لهفي عليه؟

كيف تم بيعه لإيران وشراؤه من قبل إيران؟

وكيف عادت إليه الدكتاتورية الدينية الإيرانية، بعد أن حكمته الدكتاتورية القروسطية المملوكية، والعثمانية، والهاشمية، والبعثية العَلْمانية الكاذبة؟

فقد أعلنت منظمة "هيومان رايتس" أن العراقَ مرشحٌ، لأن يكون دولة ديكتاتورية، وأن المنظمة قد تعلن ذلك قريباً. والمتابع لمجريات الأمور فى العراق، لن يُدهش من إعلان المنظمة الدولية هذا. فنورى المالكي فى طريقه لأن يكون صدام حسين آخر، كما قال الكاتب المصري حلمي النمنم في مقاله: "مشاهد حولنا" (جريدة "المصري اليوم"، 25/1/2012).

(الجديدة)

 

اجمالي القراءات 10852

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-16
مقالات منشورة : 334
اجمالي القراءات : 3,450,538
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 361
بلد الميلاد : الاردن
بلد الاقامة : الولايات المتحدة