المرض:
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ

زهير قوطرش Ýí 2010-10-23


وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" " 

مقدمة لا بد منها.

 

كيف ننظر إلى المرض؟ لا بل كيف علينا النظر إليه؟ أهو خطر دائم تجب محاربته أم عدو يجب القضاء عليه واستئصال شأفته من هذا العالم؟أم هو على العكس ,رفيق دربنا,الذي ينبغي علينا فهمه والاستفادة منه على طريق السلامة والكمال؟ خطر دائم أم رفيق درب؟

"color: blue"> لا شك في أن هذه الأسئلة تفرض نفسها بقوة في معرض الحديث عن المرض وموقف الإنسان منه,فالمرض والشفاء هما الشغل الشاغل للإنسان منذ بداياته,أي منذ أن بدأ يدرك أنه كائن ناقص غير سليم ..كائن عرضة للمرض في كل لحظة ,كما هو عرضة للموت في كل لحظة. لا بل المرض رفيق دربه على طول العمر,والموت منتهاه مهما طال الزمن ,لذلك شرع الإنسان منذ البداية بمحاربة المرض ومكافحته,تحقيقاً لحلم وهمي طالما راوده ,في الوصول إلى عالمً سليم معافى ,ينتفي فيه المرض والألم.

صحيح أن الطب تمكن من الإجهاز على العديد من الأمراض الإنتانية منها والوبائية ,إلا أن ثمة أمراض كثيرة لا يزال الطب ,بمنهجه العلمي ,يقف عاجزاً أمامها,فضلاً عن ظهور أمراض جديدة لم تكن معروفة من قبل.

لهذا علينا أن لا ننظر إلى المرض على أنه صدفة أو حدث طارئ,أو أنه في أفضل الأحوال يخضع لمبدأ السببية الذي يفيد بأن العرض المرضي ليس سوى نتيجة لسبب ما ,يكفي كشفه وإزالته للقضاء على المرض ,ولينتهي الأمر عند هذا الحد.أبدأً ليس العرض المرضي مجرد صدفة أو حدث طارئ ,إنه يحمل لنا رسالة تتوجب قراءتها وفهمها وتفسيرها ,ليصبح المرض بمثابة رسول فقد مبرر وجوده ,بعد أن فهمنا فحوى الرسالة.

المرض يجعل الإنسان صادقاً رغماً عنه ...لأنه يصدقنا القول دائماً,ويعرينا أمام أنفسنا دون مواربة أو رياء,إنه رسالة إلى وعينا تمر عبر جسدنا.

المرض في النهاية ليس خطراً داهماً بل رفيق درب ,علينا الإستفادة منه على طريق السلامة.

القرآن الكريم ومسألة المرض.

 

نحن نعيش في تناوب حالتي  الوعي, أو الثنائية  أو الزوجية الغير متاضدة ومتناقضة , التي بُني عليها الكون من قبل الله عز وجل مثل ,النور والظلام , الفقر والغنى , الصحة والمرض .كل عنصر من هذه الزوجية  يدل على الأخر ...فلولا المرض لما عرفنا الصحة.ولولا الظلام ما عرفنا النور .

المرض ,إذن الله عز وجل أوجد المرض ,

قد يكون ابتلاء

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

والخوف في هذه الآية الكريمة أسبابه متعددة ,وأهمها الخوف من المرض ,لما يصاحبه من ألام,التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى الموت.

 

ً,وقد يكون من نتائج سلوك الإنسان المعيشية والنفسية, نتيجة الإسراف  في الأكل والمشرب (الإسراف في الملذات)

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

وقد يكون  لفتة من الله لمن يحب ليزيح عنه الغفلة والغرور والتكبر!!!!!

 

والإنسان بطبعه ,وفي غفلة الحياة ,يأتيه الغرور   ,عندما يكون لديه الصحة والمال والولد.

 لقوله عز من قائل

" كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"

و نستنتج مما ذكرنا بأن الله عز وجل ,هو الذي أوجد الصحة والمرض ,كذلك أوجد المرض وأوجد الدواء الذي فيه شفاء الإنسان من عوارض المرض

يقول عز من قائل:

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا

 

لو تدبرنا هذه الآية الكريمة  ,في قوله عز وجل ,وننزل من القرآن ,أي هناك آيات قرآنية ,آيات تهدي الإنسان إلى الطريق الصحيح ,الذي يجب عليه أن يسلكه ,ليتجنب الأعراض المرضية أو يخفف من شدتها , بحيث لو قرأها يعيد التوازن للجسد الذي أنهكته متطلبات الحياة المادية ,لأن المرض في مجمله ما هو إلا ثورة داخلية يعبر فيها الجسد  عن رفضه لسلوك الإنسان الذي يغفل عن أن للجسد حق ,في الهدوء والراحة ,والتأمل ....كل ذلك يزيد من مقاومة الجسد اتجاه الأمراض .و لا ننسى دور الإيمان  والتوكل على الله  اللذان هما أساس التوازن الجسدي مابين المادي والروحي  ....

 ولشفاء الإنسان من بعض أمراضه العضوية ,عليه أن يتحرى بعد معرفة الأسباب ,طرق العلاج التي  أوجدها رب الكون في الكون ,لخدمة الإنسان وشفائه , يقول الله تعالى

ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

لو أمعنا التدبر في معاني هذه الآية ,لوجدنا أن الخالق أراد أن ينبهنا إلى حقيقة علمية قرآنية ,وهي بحد ذاتها دعوة من أجل الأخذ بالأسباب لإيجاد  , العلاج الناجع للأمراض الجسدية ,فالآية تشير إلى العسل الذي يخرج من بطون النحل ,وهو شفاء للناس ,لكن الأهم من ذلك ,هناك إشارة إلى أن هذا العسل المختلف ألوانه ,ما هو إلا من خلاصة أزهار الثمرات أي النباتات ...أليس هذا مؤشر هداية ,لصناعة الدواء من النباتات والثمر. والتي قد تعالج كيمائياً,ولكن الأصل يبقى فيما وضعه الخالق في تك العناصر الطبيعية’

.

وفي الختام نجد أن الذي خلق المرض ,خلق معه الشفاء.

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" "

اجمالي القراءات 14750

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   السبت ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[52269]

المرض تنبيه وتذكره وموعظة للإنسان

أستاذي الفاضل / زهير قوطرش


أعتقد أيضا أن المرض قد يكون فيه تنبيه للإنسان الغافل عن السير فى الطريق المستقيم مغرورا بماله وصحته وقوته ، والمرض قد يكون تذكرة لكل عاص لكي يرجع إلى ر به ذليلا خاضعا خاشعا لأننا جمميعا نعلم كيف يكون الإنسان في مرضه ضعيفا ، ويبادر باللجوء لخالقه جل وعلا قائلا يا رب مهما كان عاصيا فهى فرصة لكل إنسان أن يجدد علاقته وصلته بالله جل وعلا ، فهو ابتلاء نعم لكن فيه فوائد كثيرة لمن يعقل او يتدبر ، وقد يكون المرض موعظة أيضا لكل الناس موعظة ودليل على قدرة الله جل وعلا وتجديد الإيمان بهذه القدرة الربانية على جعل فلان مريض وفلان سليم ، وشفاء فلان من مرضه وعدوته للدنيا بكامل صحتة وموت فلان بسبب مرضه فهي مواعظ امام أعيينا ونشاهدها كل يوم لنا قريب او حبيب أو جار أو صاحب يعاني من مرض ما ويشفى هذا من مرضه ويموت ذاك ، وكل شيء بأمره جل وعلا ، ولكن فى النهاية لابد لنا من موعظة من هذا المرض الذي نخافه جميعا ونخشاه ، ولكنه يحل علينا مهما كنا محصنين محافظين ، فكل جسد لابد له من لحظات ضعف لكي يلجأ صاحبه لربه جل وعلا صاغرا خاشعا متضرعاًً ...


وأخيراً أشكرك حضرتك على هذا المقال


ودمت بألف خير وأدام الله عليك وعلى كل احبابك نعمة الصحة والعافية


2   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   السبت ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[52275]

اعتذار

أعتذر للأخوة ,كوني نشرت المقالة بدون مراجعة دقيقة,لهذا كانت فيها بعض الأخطاء في الصياغة...تم تداركها ....وأعذروني على هذا التسرع.


3   تعليق بواسطة   اسامة يس     في   الأحد ٢٤ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[52291]


الاستاذ الكريم/ زهير قوطرش


الملاحظة الأخيرة خصوصًا... غاية الروعة والدقة... فهي أتت في سياق عن النحل وطعامه وما ينتج عنه من شفاء...


لكنها تعرج على نحو خفي كما جاء في مقالتكم الجميلة تعرج على استرشاد الانسان بهذا الطريق نحو اكتشاف طرق العلاج الناجعة...


بقيى أن أقول ( واذا مرضت فهو يشفين )...


ألا يدعو ذلك إلى القول ايضا أن الاسباب العلاج وان كانت تربط بين العلل ونتائجها ... الا ان مردها الى الله الشافي المعافي...


دمتم بكل ود...


خالص تحياتي


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-02-25
مقالات منشورة : 275
اجمالي القراءات : 5,717,701
تعليقات له : 1,199
تعليقات عليه : 1,466
بلد الميلاد : syria
بلد الاقامة : slovakia