يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي:
يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي

رمضان عبد الرحمن Ýí 2010-08-23


يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي

 

هذا القول من الله يشعر الإنسان بالنضج في الفكر والعقل والرعب والخوف من يوم القيامة، ويشعر الإنسان أيضا أن الحياة الحقيقية هي في الآخرة وليس في الدنيا وغالباً ما تقع الناس في أثر الحياة الدنيا على حساب الآخرة، ولكن الطامة الكبرى أن الإنسان ليس له مراحل أو حياة في الدنيا غير مرة واحدة، وتمر السنين على الإنسان دون أن يحاسب نفسه، وأن  الأغلبية من الناس ترقد في الدنيا من أجل أن يؤمنوا مستقبل لهم ولأولادهم، كيف ومن أين؟!.. الكثير من الناس لا يسأل عن السبب، هل هذا المستقبل المؤقت والذي لن يستمر كان على حساب ظلم الناس أو أكل حقوق الآخرين؟!.. سواء أكان أكل حقوق الناس في المجتمع –الدولة– هو أكل حقوق، أو كان ذلك في الأسرة هو ظلم ثم ظلم، ومتى يشعر الإنسان الظالم أنه ظالم؟!.. لا يشعر بذلك إلا عند الموت فيصبح مستسلم أسير ذليل ويريد أن يتخلص من كل شيء اقترفته يداه وهو بكامل قوته ونفوذه ولكن دون جدوى، انتهى الوقت المحدد لذلك الظالم، ولا تستطيع قوة على الأرض أن تؤجل موت أي إنسان، يقول تعالى:

((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) سورة النحل آية 28.

 

في ذلك الموقف الرهيب والذي سوف يمر به كل إنسان وهو الموت ليس هناك نفوذ وليس هناك قوة غير التسليم من كل إنسان إلى ملائكة الرحمن الذين لا يعصون الله في أمر، بل أن الظالم حين يحشر عند الموت من الملائكة لا يطلب منهم السماح أو العفو وإنما يطلب أن يمدوا له الوقت فقط، وقد انتهى الوقت يا ظالم، أي ليس لك وقت أخر في الحياة الدنيا  يقول تعالى:

((حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100})) سورة المؤمنون.

 

الظالم الذي ظلم نفسه قبل الجميع والذي قضى عمره في ظلم الناس وأكل حقوقهم لم يتذكر أنه ظالم إلا عند الموت، أي ترك فعل الخير والتقرب إلى الله وهو في الحياة الدنيا من أجل أن يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده ونسي المستقبل الأهم في الحياة الأبدية، فيندم الظالم يوم القيامة، يقول تعالى:

((وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى{23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي{24} فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ{25})) سورة الفجر.

 

أن مواقف الظالمين كثيرة ومتعددة، وإن جميع مواقفهم تنحسر على الوقت الذي ذهب دون جدوى، متمنين ولو القليل من الوقت الإضافي، يقول تعالى:

((وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ{10} وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{11})) سورة المنافقون.

 

وموقف أخر يبين كيف تهدر الناس الوقت وان الشيء الوحيد الذي لا يمكن تعويضه بأي ثمن هو الوقت يقول تعالى:

((وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ)) سورة الأحقاف آية 20.

 

أي أن الوقت عند هؤلاء مضى في التكبر والظلم والفسوق في الأرض بغير الحق وأن الوقت المتبقي لهؤلاء الظالمين هو في جهنم وليس لهم حياة أخرى يحيون فيها غير النار، يقول تعالى عن الظالمين وعن أهل النار:

((إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى)) سورة طه آية 74.

 

ونأتي إلى موقف أكثر ذلاً لأهل النار، يقول تعالى:

((وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ)) سورة الأنفال آية 50.

 

أين الشافعين عن هؤلاء في تلك المواقف كما يعتقد بذلك بعض المسلمين؟!.. يقولتعالى:

((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ)) سورة الأنعام آية 94.

 

ثم أن أهل النار لم يطلبوا وهم في النار الشفاعة من أحد وكل ما يطالبون به هو التخفيف من العذاب ولو يوم وأحد أو يقضى عليهم، يقول تعالى:

((وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ)) سورة غافر آية 49.

 

أي أن المستقبل الحقيقي والحياة الحقيقية هي النجاة من النار، يقول تعالى:

((وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ{77} لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ{78})) سورة الزخرف.

 

من الذي يكره الحق غير الظالمين في كل زمان ومكان؟!..

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 13427

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   الثلاثاء ٢٤ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50660]

وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

 {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64 ...


نعم فإن الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية وما متاع الدنيا كلها شيئ بالنسبة للحظة واحدة من متاع الآخرة ، وما عذاب الدنيا كلها يساوي لحظة واحدة من عذاب الآخرة ..


أي ان الحياة الدنيا هي الحيوان  لو كنا نعلم فعلا ، ولكن معظمنا لا يعلم ويجري وراء متع زائفة وفانية .


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأربعاء ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50683]

يومئذ يود المجرم ...

 السيد الفاضل الاستاذ / رمضان عبدالرحمن .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير بمناسبة  شهر القرآن شهر رمضان 


نعم أخي رمضان هذا يوم عسير على الكافرين غير يسير الذين يجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير أي القرآن الكريم


في هذا اليوم يود المجرم لو يفتدي بنفسه من العذاب أن يقدم أهله وما له وزوجته وأصحابه وحتى من ظلمهم من المجتمع {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }المعارج11


3   تعليق بواسطة   رمضان عبد الرحمن     في   الأربعاء ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50684]

ليس مع الرسول سبيل غير القران

نعم أيها الإخوة الكرام أن الظالمين يوم الدين ليس لهم غير النار هذا وعدهم من الله وكل عام وأنتم بخير يقول تعالي {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً }الفرقان27 وليس هناك سبيل مع الرسول غير القران


 





أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-08-29
مقالات منشورة : 363
اجمالي القراءات : 5,393,282
تعليقات له : 1,031
تعليقات عليه : 565
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : الاردن