هيلتون ثاني إثنين

أحمد أحمد Ýí 2006-11-12


للمرة الثانية يفسد آل سعود في الأرض، فدخلوا المدينة الحرام، مكة، ليفسدوا فيها كما أفسدوا أول مرة. فها هم يرتكبون مجزرة نكراء بحق ما تبقى من أثار العصر النبوي، تلك الأثار التي تعد بكل المقاييس العالمية تراث إنسانيا هاما، كان يمكن أن تدخل به الإقطاعية العربية السعودية قائمة اليونيسكو للتراث العالمي للبشرية. لكن ماذا تقول و هم أصحاب عقيدة الإفساد في الأرض، عقيدة الدم الدم الهدم الهدم، التي علمها إياهم إمامهم إلى الدم و الهدم محمد بن عبد الوهاب. و حافظ آل سعود على تلك العقيدة الدموية الهدامة إلى يومنا هذا.
المزيد مثل هذا المقال :



اليوم حديثي عن أفعال بدعة الدم الدم ، الهدم الهدم، حديث عن سادة تلك العقيدة و أصحابها الأصليين الذين وفروا لها الظروف المناسبة لتنمو فكانوا العائل و الوسيط الناقل لها. فحديثي ليس عن أفعال إفرازات الوهابية، في البلدان الأخرى و منها مصر، التي قد يقول آل سعود و غيرهم من وهابية نجد إنه قد أسيئ فهم عقيدتهم على يد تلك الإفرازات التي لوثت عقيدة الدم و الهدم السمحة.

حديثي هو عن أفعال آل سعود و اليوم، في هذا العصر و في تلك السنوات التي عاشها معظمنا، فليس الحديث حديث عن فترة سحيقة ولت، قد يقول قائل: إن آل سعود و الوهابية اليوم هم غير ما كانوا عليه بالأمس. فالأيام تأتي لتؤكد لنا إن آل سعود هم كما هم لم يتغيروا أبدا. و أن الدم و الهدم عقيدة راسخة في أعماقهم.

جريمة اليوم هي نسخة مطابقة لما فعلوا سابقا في كربلاء و الحجاز، في عهد دولتهم الأولى التي إنتهت على يد محمد علي الكبير و جيشه المصري. ففي العراق وصل جيشهم إلى مدينة كربلاء مثوى الإمام الحسين الشهيد، فهدموا مسجده و دمروا ضريح الإمام الحسين الشهيد سبط الرسول، صلعم. وفي الحجاز هاجموا الطائف فحاربوها حتى إستسلمت بعد ثلاثة أيام من القتال، فقتلوا الرجال و سبوا النساء و الأطفال، كما ذكر الجبرتي في كتابه عجائب الأثار في التراجم و الأخبار. و لا ننسى أن نذكر كيف لم ينجو من أيديهم مفتي الشافعية بمكة الشيخ عبد الله الزواوي الذي قتل على أيديهم بعد أن أخذ الأمان على باب بيته بالطائف. فلم يراعوا ذمة و لم يحفظوا عهدا كما فعلوا مع غيره من المشايخ و العلماء الحجازيين، لأنهم كانوا، كما لازالوا، يعتقدون أن أهل المذاهب الأخرى مرقة خارجين و لو كانوا سنة شوافع مثل أهل الحجاز، ذلك المذهب الذي يعتنقه أغلب أهل بحري مصر فإبشروا يا أهل بحري و إستعدوا. أما في مكة فقد حاصروها في عام 1803 حتى أجبروا أهلها على أكل الجيف و الكلاب و الحمير، لتستسلم لهم فإستباحوها ثلاثا، و ليحرقوا معها مكتبتها العربية الإسلامية التي لم تحوي إلا خلاصات علوم الفقه و عيون الأدب، و لم يكن بها ما يخدش الحياء أو يروج للإلحاد، لكن هذا فعلهم مع كل المذاهب الإسلامية المخالفة لهم، منذ يومهم الأول و إلى الأن. أما في المدينة فقد قاموا بهدم قبر الحسن المجتبى بن علي، و قبر أمه السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قبور أمهات المؤمنين و كبار الصحابة، و قتلوا الكثير و إستبحوا الدور بحثا عن الذهب و المال.

هذا ما تم على يد آل سعود في دولتهم الأولى منذ قرنين من الزمان تقريبا، فهل تغيروا الأن؟ هل هذبتهم الحضارة و أموال النفط؟ هل شذبهم التعليم الحديث و الإختلاط بالعالم الرحب المتمدن، ذلك الإختلاط الذي جاء نتيجة التطور التقني الرهيب في العقود الأخيرة و الذي جعل بإمكان أي نجدي أن يرى العالم و يحتك به دون أن يغادر نجده؟

الإجابة: حاشا وكلا أن يكونوا قد حادوا عن صراط الدم الدم، الهدم الهدم، حاشا و كلا أن تكون الحضارة و رقيها قد مست شغاف قلوبهم فألانتها بعد قساوة، أو أن تكون شذبت بواطن عقولهم. هم كما هم منذ قرنين، لم يفلح فيهما العلم و المال و الإختلاط بالغير أن يغير ما فيهم من قساوة و حدة طبع، أو أن يصلح من عقيدتهم فيطرح عنها ما فيها من دما و هدم.

منذ سنوات قلائل و في عام 1998 تحديدا، تم إكتشاف قبر السيدة آمنة أم الرسول، صلعم، فعمت الفرحة الكثير من المسلمين. فهل ترك آل سعود المسلمين على فرحتهم؟ بالطبع تستطيع أن تقول لا دون أن تعرف ما حدث، ذلك لو عرفت طبعهم و أدركت أنها فرصة جاءت ليمارسوا عقيدة الهدم و إن كانت بلا دم، لكن لا بأس لديهم فالهدم نصف الدين لديهم، و الدم النصف الأخر، فليمارسوا نصف دينهم. فأحضروا الجرافات و جعلوها تمر فوق القبر جيئة و ذهابا حتى هدم تماما و ليمعنوا في إزالة معالم قبر أم الرسول، صلعم، قاموا بإلقاء البنزين عليه ليحرق، و لم تفلح المناشدات العالمية الرسمية و الشعبية و الإلتماسات الشخصية من العديد من الشخصيات العالمية المهتمة بالثقافة، في وقف الجريمة النكراء، التي يكفي أن تقول إنها إنتهاك لحرمة الموتى، فمن يرضى منا في مصر أن يسمح بمرور بلدوزرات جيئة و ذهابا فوق أي قبر و لأي شخص حتى لو إختلف الجميع معه ثم إلقاء البنزين عليه ليحرق. هذا هو الفارق بيننا و بينهم، نحن، كباقي العالم، عرفنا أن للموتى حرمة، أما هم فلم يرعوا تلك الحرمة.

الجريمة السعودية، بحق قبر أم الرسول، صلعم، لم تكن الوحيدة في العقد الأخير، الذي عاشه معظمنا، و إن كانت أشنعها، فقد قاموا بهدم مسجد أبا قبيس، نعم قاموا بهدم واحد من أقدم مساجد العالم، و هدموا أيضا منزل علي العريض، و أما الأشنع بعد إنتهاك حرمة الموتى و هدم المساجد فكان هدم منزل السيدة خديجة زوجة الرسول، صلعم، المنزل الذي عاش به الرسول منذ كان عمرة 25 عاما و حتى هاجر من مكة إلى المدينة و هو إبن 53 عاما تقريبا. المنزل الذي ولد به أبنائه القاسم و عبد الله و زينب و أم كلثوم و رقية و فاطمة. المنزل الذي كان مهبط الوحي، المنزل الذي سار و عاش فيه الرسول، صلعم، و زوجته و أولاده و علي بن أبي طالب ربيبه و زيد بن حارثة مولاه. و فيه و لا شك قابل و تحادث الرسول، صلعم، مع كبار الصحابة من أبو بكر لعثمان لعمر لأبو عبيدة لحمزة و غيرهم، رضي الله عنهم. المنزل الذي حاصره القرشيين ليلة الهجرة. هدمه آل سعود بقلب بارد ليقيموا مكانه مراحيض و مغاسل عامة، نعم دورات مياه أقيمت على أنقاض منزل الرسول بمكة. و الفضل في ذلك لآل سعود و عقيدة الوهابية التي قامت على أكتاف جيش الإخوان المسلمين السعودي الذي مكنهم من الإستيلاء على مكة و المدينة و سائر الحجاز. أما منزل ثاني إثنين، أبو بكر الصديق، المنزل الذي درجت فيه السيدة عائشة و ولدت به ذات النطاقين أسماء، رضي الله عنهما، فقد قام مكانه فندق هيلتون مكة، الذي كان أحق أن يسمى هيلتون أبو بكر أو هيلتون الصديق أو هيلتون ثاني إثنين. أما نطاق الحرم الذي كان من المفترض أن يترك ليظهر بهاء الكعبة ، فقد بدأت ناطحات السحاب من أملاك آل سعود و كبار المقربين منهم من رجال أعمال الإقطاعية السعودية تملء هذا الفراغ الضروري. فمس ذلك جلال الحرم المكي حين حرص آل سعود على أن يجعلوه يبدو صغير حين شادوا ناطحات سحابهم المكية.

إن ما يزيد الأسف أن تمر تلك الجرائم الشنعاء بلا حس أو خبر في مصرنا الواقعة في يد تحالف الفساد مع التطرف، فبينما هزت تلك الجرائم المسلمين في العالم أجمع، و حركت المؤسسات الدولية الثقافية المهتمة بالتراث و الأثار في العالم، سكت الجميع بمصر. إن هذا السكوت لدليل جديد دامغ على مدى سيطرة آل سعود على الإعلام المصري، الحكومي و الحزبي و الخاص، و على المؤسسة الدينية الرسمية الممثلة في الأزهر، و مدى سيطرتهم على المؤسسات الدينية الأهلية، بشيوخها و منابرها. لقد اخرس البترودولار السعودي كل الأصوات في مصر. إنها فرصة للجميع ليعلم من يسير على صراط الحق فلا تغرينه البترودولارات و من تعمى بصيرته و يربط لسانه و تغلق شفتيه بالبترودولار، فلا يتكلم عن جرائم آل سعود، و التي أصبح بفضل بترودولاراتها منها.

إن ما حدث بمكة و أيضا المدينة، و التي هدم بها دار الصحابي الجليل أيوب الأنصاري، و التي نزل بها الرسول، صلعم، حين هاجر للمدينة و قبل أن يبني حجراته، لأفضل مؤشر ينبئنا بما سيكون عليه مصير مقامات آل البيت و أضرحة الصالحين و كنائس المسيحيين و أثار الفراعنة حين يتمكن من مصرنا أتباع آل سعود، لا قدر الله. فمن يتجرأ على إنتهاك حرمة الموتي، فينتهك قبر السيدة آمنة أم الرسول، صلعم، و يهدم من قبل قبر الحسين و الحسن و السيدة فاطمة الزهراء، و يهدم أقدم مساجد مكة، و يزيل منزل السيدة خديجة ليقيم على بقعته الطاهرة مراحيض و مغاسل عمومية، و ينقض من الأساس بيت الصديق ليقيم فندق لهيلتون، بقادر على أن يهدم المشهد الحسيني بالحسين و مقام السيد البدوي بطنطا، و أن يحرق قبر السيدة نفسية و السيدة عائشة النبوية و السيدة رقية النبوية و الحسن الأنور، و أن يدمر مقام الشاذلي بالصحراء الشرقية و الدسوقي بدسوق و الحجاج بالأقصر، و أن يزيل من الوجود الكنيسة المعلقة، و كنيسة مار جرجس. و أن يدمر أثار العائلة المقدسة و أن يهدم الدير المحرق الذي آوت إليه العائلة المقدسة لستة أشهر، ذلك الدير الذي ورد ذكر بقعته بالقرآن، في سورة المؤمنين 50، حسب بعض المفسرين. وهو بالحري قادر على أن يدمر أثار الفراعنة، و قد بدأت بوادر ذلك بالفتوى التي أصدرها مفتي آل سعود بمصر علي جمعة، حين قال بتدمير التماثيل الفرعونية. تلك التماثيل التي تواجدت بمصر منذ ما قبل دخول الإسلام أرض الكنانة، و كانت تقف منتصبة أمام أعين الصحابة الذين جاؤوا مصر، فلم يعيرها تلامذة الرسول الخاتم، صلى الله عليه و سلم، إهتمامهم، ذلك إنهم وجدواالمصريين يتبعون الإنجيل، و لا يعيرون تلك التماثيل أية قداسة، فكان أن تم إرساء مبدأ تدمير التماثيل أو تركها على حالها تبعا لمدى قداستها عند الشعب.

إنني لا أستبعد أن نرى يوما إنفجارا يدمر أبو الهول أو الأهرام أو معابد اسوان و النوبة، أو المتاحف المصرية، أو مقامات آل البيت و كبار الصالحين أو كنائس مصر الأثرية و الحديثة، ثم تلصق تلك الأعمال لمعتوهين أو متخلفين أو لأيدي إرهابية آثمة يدينها أتباع آل سعود، بينما هم في حقيقة الأمر يسجدون سرا شكرا لله على نعمائه أن كللت جرائمهم بالنجاح، و الإسلام الحق من أعمالهم و نواياهم براء.

إبن مصر إنتبه و إستيقظ، فمهما كانت عقيدتك و مهما كان أصلك، فإنه لا يسرك أن يدمر جزء من تراث أجدادك، و تراث البشرية، البشرية التي هزها إغراق النوبة فتحركت في الستينات لتنقذ أثارها . ذلك إنها نظرت لتلك الأثار على إنها إرث بشري لا يخص شعب بعينه، ذلك إن الحضارة علمتهم إن كل الأثار ملك لكل البشرية. فمهما كانت عقيدتك و مهما كان أصلك، فإن تراث مصر وطنك هو تراثك كبشر، فحافظ عليه معنا، و إنضم لنا في حربنا ضد آل سعود الذين يريدون تدمير تراثنا الفرعوني المسيحي الإسلامي. إنه تراثنا و علينا أن نحارب بشراسة لأجل الحفاظ عليه، و أن ننتبه من الأن قبل أن يصبح في خبر كان، و قبل أن نقول كما قال أحد المهندسين المكيين من المهتمين بالتراث المكي و المدني، إن الوداع الأخير لمكة قد أزف. أو أن نقول مثله أيضا: إن ما نشهده اليوم هو الأيام الأخيرة لمكة و المدينة.

نحن لا نريد أن نقول بالمثل: إن ما نشهده اليوم هو الأيام الأخيرة لأبو الهول و الأهرام و الكرنك و أبو سمبل و المسرح الهلينيستي بالأسكندرية و الكنيسة المعلقة و كنيسة مار جرجس و الدير المحرق و أديرة النطرون و البحر الأحمر و أضرحة السيدة نفسية و السيدة زينب و الحسين و السيد البدوي و الدسوقي و الشاذلي و القناوي. أو أن نهاية التراث الفرعوني المسيحي الإسلامي لمصر قد أزفت.

علينا بالإستيقاظ، و علينا الإنتباه جيدا لكل فتوى تصدر عن العلماء من أتباع آل سعود، و أن نقارنها بأراء ائمة الإسلام الحقيقيين، و أن نتكاتف جميعا للحفاظ على تراثنا الغني العزيز علينا، فلا نترك وكلاء آل سعود يعبثون به و يضيعونه كما فعلوا من قبل في كربلاء و الجزيرة العربية و أفغانستان و كما يفعلون اليوم بأثار العراق.

شعب مصرإستيقظ و إستعيد مصر ثم حافظ عليها فهي بلدك لا بلدهم، و هذا تراثك لا تراثهم. شعب مصر لا تعتمد على السلطات المباركية الحاكمة، فما هم إلا حفنة من اللصوص المتواطئين مع آل سعود، لا يهمهم إلا كم سيجمعوا قبل زوال سلطانهم.


أحمد حسنين الحسنية

الثالث من يونيو 2006
اجمالي القراءات 5519

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   خالد صالح     في   الإثنين ١٣ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[640]

التأريخ والتقديس

مثلى كمثل كثيرون احمل ال سعود جزء كبير جدا من النكبة الروحية والدينية التى نعيشها,لكن للاسف الطبيعة البشرية ميالة للشرك,ربما يحمل قبر السيد امنة قيمة تاريخية ولكنه لن يتحول الى مزار تاريخى بل سيتحول الى هيكل لعبادة غير الله,كما تحولات كل المزارات الدينية الى هياكل شبه وثنية يعبد فيها الموتى من الصالحين والاولياء والانبياء...لا اقر تصرف ال سعود وكنت احبذ ان يتم حفظ المكان كقيمة تاريخية..لكنه لن يكون كذلك بل سيتحول الى مركز للشرك واليعاذ بالله فغالبية المسلمين العظمى للاسف الشديد لايعبدون الله كبقية بنى البشر الا وهم مشركون...

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-11-02
مقالات منشورة : 0
اجمالي القراءات : 0
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 15
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : EGYPT

احدث مقالات أحمد أحمد
more