فتاوي الطعمية

محمود حامد المري Ýí 2009-05-26


كل يوم يمر تصيبنا فتنة جديدة وما أن تنتهي إلا وتطل علينا أخري ومن المفروض أن هذه الفتن يساهم في تبديدها والقضاء عليها علماء الدين ، ولكن من يبددها إذا كانت الفتنة من صنع أيديهم وممن يستفيدون من رواجها ، فمنذ مدة ليست بالقصيرة وأنا أتابع البرامج الدينية علي مختلف المحطات والإذاعات الفضائية والأرضية، ليس عشقا في تلك البرامج ومقدميها وضيوفها ، بقدر ما هو محاولة تبين وجه الحقيقة في فوضي الفتاوى الفضائية والأرضية ، وتنقلت بالريموت كنترول بين تلك المحطات الم&Olde;سموعة منها والمرئية ، فوجدت البرامج الدينية التي من المفترض أنها تبث بغرض تقوية الوازع الديني وبث روح الفضيلة وصفات الدين الإسلامي السمح وجدتها وقد أصبحت برامج تشبه أكلات التيكا واوا سريعة الطهي أو تشبه مسدس بمب الأطفال تحدث دويا بدون طلقات ،فتاوى سريعة الإعداد سريعة الإطلاق ، وفي برامج الفتوى تجد مقدم البرنامج يلتقط السؤال من السائل وقبل أن ينتهي من كلامه تنقطع المكالمة بفعل فاعل بغرض الانتقال إلي سائل أخر وأخر ،وهكذا يجمع مقدم البرنامج ما أستطاع أن يجمع من أسئلة السائلين عشرة عشرين أويزيد يلقي بها دفعة واحدة أمام النجم المجيب أقصد المفتي الأمين والذي عليه أن يجيب عليهم في دقائق معدودة وخلال الإجابة يتلقي مقدم البرنامج مجموعة من رسائل اس ام اس وشوية فاكسات علي تحبيشة ايميلات وشوية علي التليفون الساخن وحبة أسئلة علي التليفون البارد وحبة مستعجل علي الموبايل المخصوص وحبة أسئلة علي العادي من ولاد الفرتوس الكل عنده أسئلة ويعاني والكل مستني الجواب الشافي من الشيخ الغالي والمذيع اللامع يتنقل بين السائلين والنجم المجيب وكأنه راقص أكروبات من بتوع أبو قرشين إلي عاوز يتفرج يتصل والي يلحق ياخد فتوي بس الحق واتصل وكأنك في برنامج الواد ميشو بتاع التفاتيشو وناقص الدربكة ونجيب للبنات والصبيان كام دكه ودكه وشوية بالونات، فيه سؤال حلو من أبو خمسة دراهم ممكن نرد عليه ، وواحد بدرهم كلمة وبس عشان ده بدرهم يعني علي قد ما يدفع ، ده وحش نقفل الخط في وشه وده حلو نفرفشه ونفشه ، وما أن يبدأ الشيخ المفتي في إطلاق صواريخ الفتوى سريعا سريعا قبل أن ينقضي الوقت المحدد له من قبل مخرج البرنامج الذي ما عليه إلا أن يمسك بمؤشر الوقت وواقف علي رأسهم كل همه ويفكرك بمراقب لجنة إمتحان الثانوية العامة (باقي من الزمن) و ينبه كل شويه بان الوقت بيفوت ولي ما يلحق هيموت وتجده وقبل أن يفتح الشيخ فمه ويتم كلامه يقلب البرنامج علي فاصل عشان فيه إعلان عن سلعة ناقصة وممكن بت مايصه ترقص كام رقصة المهم دي حاجه ودي حاجه وتلك نقرة وهذه نقرة أخري ،وبعد الرقصة في الفاصل وعد من المذيع المتلمع انه بعد شويه هيطل تاني و يواصل ، وبعد أن ينسي المشاهدين إنهم كانوا في حضرة الدين والشيخ الأمين ، يعود البرنامج مرة أخري يفكر المشاهدين والسائلين إلي من الرقصة دايخين بأنهم ما زالوا مواصلين و أن الفاصل والإعلان الخارج دي سياسة من المديرين الحلوين وإن الناس الحلوة المؤدبة ما تتكلمش في السياسة وعليهم فقط مشاهدة ما يقدم لهم، ولو مشاهد مش عاجبه يدور وشه والي هيتلامض بس يبعت اسمه ويبقي يورينا إزاي هيشوف ولا يسمع بعد كده !!!!!!!! وتتوالي الأسئلة وتنطلق الفتاوى ليس عليها حسيب ولا رقيب الكل يفتي وفق رأيه وقدر علمه لا يهم ما أفتي به أساتذته من العلماء ولا ما انتهي رأيه المجامع الإسلامية ومؤسسات الفتوى الرسمية ، وقد جلست استمع للأسئلة والإجابات والعجب العجاب من المعروض من الأسئلة والإجابات واختلاف الشيوخ المفتين من برنامج وأخر للإجابة علي نفس السؤال، فعظم الأسئلة متشابه ومتكرر ويدور جول أسئلة أشبعت فثوي وأشبعت إجابات ولا يحتاج الأمر هنا إلي سردها فمعظمها يدور حول أمور يجب أن تكون معلومة من الدين بالضرورة وعلي أشياء يعلمها الطفل في المرحلة الابتدائية ، وتجد خلاف حادا حولها ، فموضوع كالقروض البنكية تجد العجب العجاب في الإجابة والجواب فقد قسم أصحاب الفضيلة البنوك بين إسلامية وربوية!!!!!!! ، وقد شاهدت خلال ساعة واحدة علي احد القنوات برنامج يستضيف أحد المشايخ وسئل سؤال عن شرعية القرض فأنبري مجيبا بكل ثقة بحرمة ذلك العمل وتوعد فاعله بغضب من الله وطرد من رحمته ، وفتوى علي قناة أخري في نفس التوقيت يفتي المفتي بكل ثقة إنه حلال كامل الحل لا إثم فيه ولا حرمة وان ليس في الأمر ربا ولا يحزنون ناعيا علي من يفتي بغير ذلك بأنه من الجاهلين غير العارف بأحكام ومقاصد الشريعة والدين ،وفتوى ثالثة عن نفس الموضوع من مفتى أخر اكتفي بعرض مواقف المشايخ ما بين حل وحرمة وترك السائل يختار أي من فتاوى الفريقين يتبع ، ثم تجد من أجل التشويق وضمان أكثر نسبة من المشاهدين والمستمعين ما بات يعرف بالفتاوى الجهنمية الساخنة إلي تولع القعدة وتعمل أضواء للشيخ والمذيع فيتعمدون الولوج إلي غريب الموضوعات وطرق أبواب غريب الحديث والمنسوخ منه والضعيف ، ليس مهما أن يتبين عدم جدية فتواه بعد ذلك وعدم صوابها بقدر ما يعرف الناس اسمه ورسمه ، فتجد فتوى تحل فيه أحدي المفتيات جواز مجامعة الرجل زوجته عن طريق الشبكة العنكبوتيه بحجة الحفاظ علي عفة الرجل المتين ثم تعود وترجع عنها بعد وقت قصير فلما التسرع في الفتوى ، ثم فتوى تحرم علي الرجل الشحط زميلته العتيه إن هو رضع منها رضعه ميه ميه ، وفتوي تقول بعدم جواز لمس قرطاس الطعمية حيث أن حروف الكلام عربية ، وغيرها وغيرها من الفتاوى الجهنمية التي تطلق بلا داع ولا أساس وبناء علي مؤهلات شخصية وبدون دراسة وفى أقل من ثواني تطلق الفتوى والأمر كله أصبح تجارة وشطارة رغبة في أن يجمع البرنامج اكبر قدر من النقدية المقدم شويه و الشيخ المفتي شويه يعني حبه ليك وحبة ليه والباقي للراجل صاحب القناة الفضائيه أوالمحطه الارضيه أوحتي الإذاعة المنسيه، وإذا خرجنا من دائرة الفتاوى الغريبة تجد هذا التخبط وهذا الاضطراب في فتاوي لمواضيع استهلك الكلام حولها حتي لقد أضحي مجرد السؤال عنها يمثل عيبا ثقافيا ودينيا خطيرا ، وقد تكرر الكلام والإجابة عليها ألاف المرات ، ولكن ما يثيرك في فتوى هؤلاء النجوم تعمد الإساءة إلي المؤسسات الدينية الرسمية حتي لقد أصبحت بضاعتهم مكدسة وراكدة وعلي الرفوف مرمية وساكنة ، فدكاكين الفتوى قطعت عليها و شوهت مراميها وطعنت في علم القائمين بها ، فأصبحنا نسمع من هؤلاء المفتين أن فتوى الأزهر بخصوص وخصوص لا تستند إلي حجة وإلي برهان وأن هذا لايجوز إتباعه لأنه تبع السلطان ، وان عنده الحجة والدليل علي فساد تلك الفتاوى الصادرة عن تلك المؤسسات مما يشكك الناس في مدي صدقيه أصحاب الفضيلة القائمين عليها ويعرض الناس إلي الشك وعدم الاقتناع في مراميها بعد أن يقوم هؤلاء المفتين ببهدلة العلماء ولا يسمعون من الطرف الثاني ردا ولا جوابا ، والحل في نظري سادتي وسيداتي يكمن في أن يعقد اجتماع عاجل علي مستوي كل الدول الإسلامية ، ويكون هدف هذا المؤتمر وضع وسائل لعلاج هذا الموضوع وإنشاء هيئة إسلامية عالمية تعطي رخصة للمفتي كما هو الشأن في المهن الأخري بحيث من لا يحمل تلك الرخصة لا يكون مؤهلا باستضافته في أي برنامج وإذا حدثت مخالفة فيكون هناك محاسبة شديدة وصارمة لتلك القناة وفقا لعقوبات يتم تحديدها وتطبيقها علي المقدم والقناة والشيخ الضيف غير الحاصل علي ترخيص ، كما يجب أن يتم توحيد الرأي في الفتاوى التي هي محل خلاف منذ زمن بعيد بحيث يستقر الأمر علي رأي موحد بشأنها وتعمم تلك الفتاوى علي جمهور المسلمين والسادة المفتين، وهناك كثير من القضايا التي من الممكن أن تطرح في هذا المؤتمر .
خالد مدينة
Almasry11@hotmail.com

اجمالي القراءات 10467

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   محمود حامد المري     في   الخميس ٢٨ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[39508]

الأرث وعدم العقل

أشكرك أخي نور الدين علي تعقيبك وأتفق معك فيماتناولت وأن غالبية الفتاوي يغلب عليها عدم العقل ونقل الأرث الكاذب وبناء الفتاوي علي ما يسميه الدكتور منصور بالدين الأرضي ونطمع أن تشرق شمس الفكر الحر المستنير من جديد


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-09-21
مقالات منشورة : 33
اجمالي القراءات : 309,616
تعليقات له : 76
تعليقات عليه : 61
بلد الميلاد : Suadi
بلد الاقامة : Lebenon