حرية الرأي والدين والتعبير .. إلي أين ؟

عبدالله عبداللطيف Ýí 2006-11-05


حرية الرأي والدين والتعبير .. إلي أين ؟
عبدالله عبداللطيف المحامي

المادة 19 من أشهر المواد التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كونها تتحدث عن حق هو من أقدس الحقوق اللصيقة بالإنسان ألا وهو الحق في حرية الرأي والتعبير كونه يملك وجدانا وضميرا وعقلا وفكرا.. وجاء العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يؤكد هذا الحق أيضا في المادتين 18 ، 19 منه ، وتوالت الدساتير الوطنية تتسابق إلي التأكيد والنص علي حرية الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه وأفكاره .
لكن .. هل تكفي النصوص الواردة في المواثيق الدولية أو الدساتير الوطنية لكفالة هذا الحق ؟
الواقع مع الأسف ينطق بغير ذلك .. فالأمر ليس محكوما بنصوص قانونية صياغتها جيدة .. لكنها محكومة بواقع معاش له ظروف سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية وأمنية ودينية .. كلها مجتمعة هي التي تتحكم في إقرار هذا الحق أو إهداره وبقلوب باردة ترضي عن إنتهاك هذا الحق المقدس .
والمعلوم أن عالمنا العربي تسوده ما يسمي بجماعات الإسلام السياسي التي إستطاعت أن تفرض نفسها علي المجتمع بقدرات تنظيمية عالية وبسبب فشل أنظمة الحكم الحالية من تلبية مطالب الناس البسيطة في تنمية إجتماعية وإقتصادية تواجه الأزمات التي يمر بها الوطن .. وتحافظ علي كرامة الوطن والمواطن .. فتسللت الطائفية الدينية لتحل محل مفهوم المواطنة .. والبحث عن الدولة الدينية المؤمنة بديلا عن الدولة المدنية الكافرة .. وأصبح التدين المتعصب سدا منيعا أمام الفكر العلماني الحر .
في ظل هذه الظروف ما هي الضمانة ليمارس الإنسان حقه في حرية الرأي والتعبير ؟ وحقه في أن يعتنق ما يشاء من أفكار ؟ وحريته في أن يختار دينا بعينه يقتنع به أو لا يعتنق أي دين علي الإطلاق .
إن التربة الثقافية في المجتمع العربي أصبحت تنبت بذورا وأشجارا للإرهاب الفكري يسنده ميلشيات عنف تمارس الإرهاب الدموي وتحسبه جهادا في سبيل الله يفتح الطريق أمام القاتل إلي جنة الخلد مفروشا بالورود والرياحين .
إن السلفيين يمثلون منظومة كاملة متكاملة تسير بنظام معين والأدوار موزعة فيما بينهم علي أكمل وجه ، فمنهم من يمارس دورا دعائيا ويملكون ميكرفونات منابر المساجد فضلا عمن يفتي منهم ويملؤون القنوات الفضائية فضلا عن دور شرائط الكاسيت والسي دي والمطبوعات الدورية وغير الدورية ، ومنهم من ينفذ الفتاوي بإهدار الدم وتفعيلها في سبيل الله .
وبين هذا وذاك هناك منهم من يستخدم سلاح التقاضي لإرهاب كل من يحاول أن يكتب رأيا أو يبحث بحثا أو يجتهد إجتهادا بحثا عن الحقيقة .
لازلنا نذكر فرج فودة المفكر العلماني التي إغتالته يد البطش بإسم الدين ، والإعتداء علي الأديب نجيب محفوظ ، والتفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته بزعم أنه مرتد ، والكثير من نماذج القهر والبطش من قبل جماعات الإسلام السياسي بإسم الدين .
كيف يفكر الإنسان بحرية في ظل هذا المناخ ؟
كيف يجرؤ الإنسان علي التعبير عن رأيه وهذا هو الحال ؟
كيف نتحدث عن حرية الإعتقاد وهناك من ينتظر لتنفيذ ما يسمي بحد الردة ؟
هل تكفي النصوص القانونية لتكون ضمانة مهمة وقوية لكفالة مثل هذا الحق ؟
أتصور أن الأمر في حاجة إلي إعادة حرث التربة الثقافية من جديد نبذر فيها بذور التسامح بدلا من الكراهية وزهور القبول بالآخر بدلا من الرفض المطلق ونعلي من قيمة الحوار والإختلاف من أجل الوصول إلي الحقيقة .
يا من تزعمون أنكم تملكون الحقيقة المطلقة وأنكم المتحدثون الرسميون بإسم الله .. ما أنتم إلا جناة علي هذا الوطن ..

---
ل
اجمالي القراءات 14124

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-11-03
مقالات منشورة : 20
اجمالي القراءات : 350,310
تعليقات له : 2
تعليقات عليه : 10
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt