الأقباط .. محامون فاشلون عن قضايا عادلة

محمد عبد المجيد Ýí 2008-08-14


عندما يقرأ لي قبطي، ثم يشكك في موقفي المبدئي من همومه، فهو إما أن يكون أحمقا لا يستطيع التمييز بين الأصدقاء والأعداء، أو أنه حاقد يعيش على الكراهية ويزايد في الدفاع عن قضايا ليس مقتنعا بها إلا قناعة القطيع في الحماية الجماعية والالتصاق خوفا من عصا لا يهش بها راعيها إلا قليلا.


هموم الأٌقباط هي واجبات وطنية ودينية وإنسانية أحملها كأنها جزء من ثقافتي لا ينفصل أو ينقطع أو يحيد عن مساره تحت أي ظروف.
وقضايا أقباط بلدي، في مجملها ومعظمها إلا ما ندر، عادلة وواضحة وتضع أصابعها في عيون من يجحدها أو يتنكر لها أو يناهضها أو ينفي وجودها.
ليست القضية بالنسبة لي أن أغوص في مباحث الدين للإتيان بشواهد على أهمية العدل والمساواة، أو بقراءة شرعة حقوق الإنسان، أو بالبحث في ثنايا الدستور المصري، أو باستخراج قوانين تشهد مع العدل بالمساواة الكاملة بين أقباط ومسلمي أرض الكنانة.
لكنني أملك ما تعجز عن الإتيان بمثله كل النقاشات والجدال والأدلة والقرائن والتفسيرات وهي قناعاتي اليقينية بأن التمييز بين مواطن وآخر في أدنى الصور ، وفي الشعور واللاشعور، وفي الفكر اليقظ أو الغضب السريع أو بين أربعة جدران ليست لها آذان بأن لحظة واحدة عابرة تشعرني كمسلم بأنني أفضل من أخي القبطي تدخل بدون ريب في دائرة التمييز المقيت والمقزز والعفن.
لا يحتاج الأمر مني إلى الوقوف على منصة الاستجواب أمام مسلم آخر مثلي يحاول أن يقنعني بأن أبناء بلدي الذين سقطوا من بطون أمهاتهم على غير ديني هم أقل مني قيمة، ومأواهم النار، وأنهم أهل ذمة أو أنهم ( الآخرون ) الذين ينبغي أن تكون لهم قوانين مفصّلة على قدر عقائدهم.
هزل لا أجد لدي دقيقة واحدة لمناقشته، ولست على استعداد للوقوف أمام مجموعة من الأقباط والمسلمين، ثم أدعو الله أن يرحم المسلمين فقط، أو أن يفسح في جنة الخلد مكانا لشهداء المسلمين في حروبهم ضد إسرائيل، ثم يرسل الأبطال الوطنيين من أقباطنا .. شركاء الوطن إلى جحيم أبدي.
أنا أرى أن حل المشكلة القبطية دائما في يد صاحب السلطة الأولى في مصر الفرعونية منذ أن تقبط وادي النيل لأكثر من ألف وتسعمئة عام.
إذا صلح الحاكم وكان عادلا وعاشقا لبلده ومؤمنا بقيمة الإنسان بغض النظر عن دينه، فقد صلحت الرعية واكتشف أهل البلد مساحات واسعة من التسامح كانت خافية عليهم.
وإذا وقعت مصر في قبضة طاغية ومجنون ونيرون يحكمها بالحديد والنار والاغتصاب وأجهزة أمن ذئبية، فإن مساحات الخوف تتحول إلى عالم الكراهية، والتطرف ينعكس على الجميع، والأكثر يهضم حقوق الأقل.
مطالب أقباطنا لا تحتاج لنقاش أو إثبات حقوق المساواة، وأن أي منصب في الدولة يجب أن لا يكون حقا إسلاميا فقط، وأن من حق القبطي أن يكون رئيس جهاز المخابرات أو قائدا للجيش أو وزيرا للدفاع أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للجمهورية.
وأن التردد ساعة واحدة في ترميم كنيسة( لغير الأسباب المالية) هو تمييز ضد شركاء الوطن.
وأن استخدام تعبير قتلى لوصف شهداء الكشح هو تمييز، بل وصف غير أخلاقي أو إنساني، وأزعم أن التمييز هنا مناهض لأوامر الله، تعالى، ومن يرى أن رب الكون العظيم سينحاز إليه وحده وإلى قومه فقط وإلى أصحاب دينه أو مذهبه أو طائفته ضد الآخرين فقد دخل دائرة الكراهية البعيدة تماما عن رحمة الله.
في الجانب الآخر فقد سقط أقباطنا في أهم اختبارات المدافعين عن أطهر وأعدل القضايا عندما انحاز كثيرون منهم ضد دين الأغلبية المصرية، وبحثوا، ونقَّبوا في كتب صفراء قديمة عن أحاديث وحكايات واساءات وخرافات ثم أقاموا عليها فهما جديدا لخاتمة الديانات السماوية.
أنا أفهم أن المعركة لو كانت بين المسلمين وبين القوى الاستعمارية أو الغزاة لاختلف الأمر، أما أن تتحول المعركة إلى كثير من أقباطنا في جانب، وديننا الإسلامي في الجانب الآخر فالأديان لا تنهزم .
ايها الأقباط .. شركاء المسلمين في كل شبر من مصر الطاهرة..
لا تشغلوا أنفسكم بمعارك هي من صلب دفاعاتنا، فأحاديث بول الرسول ورضاع الكبير ونجاسة المرأة ومئات وآلاف غيرها مما ضمته كتب تعفرت في المخازن وفوق الرفوف تمثل معركتنا، نحن المسلمين، ضد قوى التطرف والغلو والتشدد والتخلف التي خرجت من أحشائنا، ويعيشون بيننا، ويقومون بتكفيرنا قبل أن يحكموا عليكم بالكفر.
لا تضموننا إليهم، وابحثوا في الاسلام كما فعل مئات الآلاف من المفكرين والمنصفين والعلماء والمؤرخين فعثروا بسهولة ويسر على مساحات من التسامح تكفي لأن تجعلنا جميعا متساويين في كل شيء.
فانساي مونتاي وروجيه جارودي وجوستاف لوبون( محمد أسد ) ومراد هوفمان وتوماس كارليل وول ديورانت وعباقرة التاريخ الأوروبي عثروا في الاسلام على كنوز لا تفنى، فمنهم من اعتنقه، ومنهم من اكتفى باحترامه.
لا تؤذوننا في ديننا، رحمكم الله، فما يتم نشره من الغث والدميم والقبيح نسعى نحن لاستئصاله، ويعمل المتشددون على تثبيته، فلا تقفوا معهم ضدنا، فنحن حاملو همومكم.
معركتكم الحقيقية هي اقناع المسلمين في مصر بأن حقوقكم واجباتهم، وليس اثبات أن دينكم أفضل من دينهم!

محمد عبد المجيد

رئيس تحرير مجلة طائر الشمال

أوسلو  النرويج

Taeralshmal@gmail.com

اجمالي القراءات 11880

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   محمد حسين     في   الخميس ١٤ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25667]

كلنا اقباط

الاستاذ الفاضل محمد عبد المجيد. شكرا على مقالاتك التى دوما تبعث على النفس رائحة زكية من نسائم حب الوطن.



لى ملاحظات سيدى الفاضل اتمنى ان يتسع صدركم لها. اظن انه من الواجب علينا كمصريين ان نبدأ فى تنحية اسم الاقباط عن فئة بعينها لتشمل كل من هو مصرى يعيش على ارضها ، فكلنا اقباط ، وصدقنى ولو للحظة ان تحدثنا من هذا المنطلق فسوف تيسر علينا وتوفر علينا خطوات شاقة. 



المسألة الثانية عندما اشرت ان المناصب المتعددة التى اوردتها حقا "للمصرى عموما" لا يجب ان تكون "حقا اسلاميا". لا يوجد شئ اسمه حق اسلامى يا سيدى الكريم ، لهم ان يطلقوا ما يشاؤن من الفاظ ، ولكننا بدورنا يجب على الاقل ان نوضح فيما نعرضه معارضتنا للمسمى نفسه حتى لا يبدو وكأنهم يدافعون عن اسلاما لا يعرفونه الا كما ورثوه ، ونبدو نحن مجرد هجوميين على الاسلام. وتلك للاسف سقطة مننا يلعبون عليها. الاسلام لم يقل ما يحاولون ابتداعه او ما ابتدعوه ، لذلك فهو ليس حقا اسلاميا من الاساس.


المسألة الثالثة هى وجهة نظر بحتة ، وهى ان ما يفعله المسيحيون "رد فعل" ولا يعنى هذا انه صحيح ، ولكنه يبقى رد فعل لفئة عاشت مضطهدة منذ حوالى 1800 عام ، هذا يذبحهم وهذا يحاول طردهم وهذا يعاملهم معاملة المواطنين من الدرجة الرابعة ان لم تكن اقل. فقبل لومى لهم يجب ان "العن سلسفين" من بدأوا الفعل. وانا فى كلامى احاول ان اتكلم "علينا" بضمير الجمع ، لا هم ونحن ، كلنا يجب ان نحمى بعضنا ، والدخيل هو من يتعامل من منطلق هم ونحن. فلا هناك هم ولا هناك نحن ، فكلنا يعيش فى كنف ارض طيبة تجمعنا كلنا.



فى النهاية سيدى الفاضل ، انا متابع دورى لكل مقالاتك التى اهفو اليها وتؤلمنى وتعجزنى فى بعض الاحيان عن التعليق عليها ، فغالبا ما اشعر مع كلامك انه لا كلام بعد هذا. 



من قبطى يحب بلد الاقباط


محمد حسين


2   تعليق بواسطة   شريف هادي     في   الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25712]

في السيارة

كانوا ثلاثة في السيارة أحدهما مسلم والأخران مسيحيان ، وكان المسلم يقود السيارة ، ومروا في طريقهم بمدافن إخوانه المسيحيين ، فنظر إلي المدافن وقال (بشراكم بالنار يا كفرة) ، لم يقبل أحدهما هذه الإهانة من صديق ، فسأله لماذا؟ فأجابه نحن أصدقاء ، ولكن أمرني رسولي أن أفعل هذا ، فجاؤوا يسألوني ، فقلت للمسلم ، لي سؤالان

أولهما : كيف عرفت أنهم كفار؟ ، والثاني: كيف أمرك رسولك؟ وهل جائك منه أمر مباشر؟

أجابني عرفت بكفرهم لأنهم ليسوا مسلمين ، وأمرني رسولي في الأحاديث التي وردت إلينا ، فقلت له وما قولك في قوله تعالى (إن الذين كفروا من أهل الكتاب) فالله سبحانه وتعالى يقول (من) يعني بعضهم وأنت تقول لا يا ربي (كل) فهل هذا مقبول؟ ، ثم هذه الأحاديث جاءت إليك بالإسناد ، يعني فلان عن فلان فكيف وثقت فيهم كلهم والله سبحانه وتعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنيأ فتبينوا ، أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فكان عليك أن تتأكد وتتبين وتتثبت من شهادة رجال الإسناد فهل يمكن ذلك؟ طبعا المستحيلات الثلاثة زادوا واحد (الغول والعنقاء والخل الوفي والتثبت من رجال الحديث) لأن كلهم تقريبا مجروحين وفقا لعلوم الجرح التي إخترعوها

فقال لي يبدوا أنك كافر مثلهما ، أنت تنكر سنة رسولنا عليه السلام ، ما هذا الكفر يا رجل؟ وقال لي لو مريت يوما على قبرك فسأقول ما قلته على قبور النصارى

فالتمييز الحقيقي أخي محمد ليس ضد أخواننا المسيحيين ولكنه ضد كل من خالف ركامهم الزائف من التراث المعادي للغير والرافض لقبول الغير

الموضوع يحتاج أكثر من مقالة ، الموضوع يحتاج إعادة تعليم الأجيال والإهتمام بالأجيال القادمة حتى لا يكونوا نسخة كربونية من أجيالنا

شكرا لك على مقالة جميلة معبرة ، وأضم صوتي لصوت إبني الأستاذ محمد حسين في إعتراضاته ، ولك الشكر من قبطي مسلم

شريف هادي


3   تعليق بواسطة   عمرو اسماعيل     في   الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25714]

هاأنت توافقني و زهير ..

مرة أخري ..


4   تعليق بواسطة   شريف هادي     في   الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25718]

من قال لك اننا نختلف

أخي الدكتور عمرو


يا أخي نحن لا نختلف في القضايا الكلية والفكرة العامة وإلا ما اجتمعنا في هذا المكان ، فمثلا لو كنت سلفي الفكر لكنت أكتب على مواقع أخرى ، ولو كنت ملحد لا ديني لأخترت ما يناسبني من مواقع ، وأنت كذلك والأستاذ زهير ، يعني بيننا أرضية مشتركة ، أراك صوت المعارضة داخل نفس الحزب لو جاز التعبير ، وهذا ليس عيبا بل مطلوبا وأشكرك على ذلك ، فلا تعدد مرات إتفاقنا فنحن في الأساس متفقون


وشكرا


أخوك / شريف هادي


5   تعليق بواسطة   عابد اسير     في   السبت ١٦ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25746]

العدو الأزلىللإنسان

يقول الله سبحانه وتعالى:



{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام112



نلاحظ عداوة شياطين الإنس لكل الأنبياء وبالتالى ( كل أتباع الأنبياء) وبهذا الوحى يخرجهم من الصرط المستقيم الذى يأمر بالتسامح والعفو والصفح الجميل وإقامة العدل وكل ذلك من شأنة إنهاء أى عداوة بين البشر وقتل أى فتنة فىمهدها

{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }الإسراء53

نلاحظ هنا ( قل لعبادى) ولم تقل الآية ( قل للمؤمنين أو قل لأهل الكتاب) فلفظ عبادى أعم وأشمل ليشمل جميع عباد الله المؤمنين من جميع الديانات ومن أتباع جميع الأنبياء فيأمرهم ربهم بالقول الحسن الذى لا يؤدى الى تعميق العداوة بينهم كأفراد أو جماعات أو ديانات أو حتى حكومات ودول وتبين الآية فى شطرها الأخير أن تلك العداوة هى الهدف الأساسى للشيطان الذى تصقه الآية بأنة كان للإنسان عدوا مبيناأى أن عداوتة تشمل جميع الجنس البشرى من جميع الديانات ويسعى دائما دون كلل لإيقاع العداوة بين جميع البشر بإخراجهم عن الصراط المستقيم الذى أنزله الله فى كتبه على جميع أنبيتئه والذى يدعوهم الى التسامح والإحسان والعدل الذى إذا أقيم بين البشر كان بمثابة الماء الذى يطفىء نار العداوة والبغضاء التى هى هدف ومبتغى العدو الأكبر للجنس البشرى ( الشيطانالرجيم)

{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6

ونلا حظ هنا الأمر بإتخاذ الشيطان عدوا أى الحذر منه حتى لا يتمكن من غوايتنا بتلك العداوة وما يتبعها من تظالم بيننا وإعتداء متبادل فنكون فى النهاية من أصحاب السعير



نسأل الله الهداية الى صراطه المستقيم



وجزاكم الله خير الجزاء أستاذى الفضل / محمد عبد المجيد


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,910,441
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway