القرآن لا يناقش إلا بالبرهان:
الأسلام دين العقل

عبد العزيز أفندي Ýí 2007-07-30


قد يقال عادة أن الدين ضد النظر العقلي وضد المنهج العلمي إذ الدين

مصدر الأوهام و الأساطير والتفكير الخرافي في حين أن العلم و الفلسفة

 هما الطريقان للوصول إلى معرفة منظمة قد تصبح علما يقينيا ثابتا كلما

 توافرت فيها شروط التفكير الصحيح وكلما أكدت التجربة محتوى النظرية .
و هذا الإعتقاد يحتوي على بعض الصواب و بعض الخطأ.


فالصواب يتمثل في و جود عدة أديان تعد بحق مصدراً للاعقل -

 فمصادرها وكتبها تعج بالأ ساطير و المعتقدات الخرافية -  مثل كم

ليس بالقليل من فلسفة اليونان و الأغريق و شطحات أهل العرفان

 الصوفية وجوانب عند الشيعة و أهل السنة وجوانب من الأرث

 الهندي و اللاهوت المسيحي و الكثير من المذاهب العقدية المتضمنة

 بصراحة للأخطاء و الأوهام ذات فهم مقلوب و تفسير غريب للكون

و الأنسان و معظم الظواهر الطبيعية و الأجتماعية و النفسية .بل

هناك جوانب من العلوم ترتكز على الفهم المضاد للعلم في تفسيرها

لبعض الظواهر مثل ما يحصل حاليا من مشاكل خطيرة في علم النفس

و الطب النفسي على مستوى المناهج بل الخطير أن المختصين أصبحوا

سببا مباشرا في تعقيد الحالة الصحية للمريض بدل تحسين حالته.

هناك إذن كم هائل من الأديان بل و النظريات العلمية التي تفسر

آيات الله تعالى إعتمادا على الشعور و وسائل مناقضة للعلم و العقل .
و عليه فإنه من واجبنا أن نعلن بإقتناع و عن يقين رفضنا لكل ما دل

العقل و القرآن و العلم على قبحه و خطأه, رافضين كل الطرق المؤ

دية إلى الإنسداد , سالكين في ذلك إخضاع كل المعارف

 للمحاكمةالعقلية والدراسة التأملية القادرة على الأقناع بالدليل و

البرهان.

أما الخطأ فيتمثل في إصدار حكم شامل لجميع الأديان بدون إعتبار-

للفروق النوعية الموجودة بينها فيما يخص مصدرها و مضامينها و مناهجها

 وأدلتها  !! تلك الأختلافات التي نستخلصها كلما تساءلنا عن قيمتها

 المعرفية .
إذن القول بكون جميع الأديان مصنع للأساطير قول زائف ينم عن

الأستكبار  ودعوى باطلة سنجيب عنها بالمناقشة القائمة على

إستقراء آيات القرآن الكريم , هذا الأخير الذي يشكل إستثناءا إذا

 ما قارناه  بباقي كتب الأديان البشرية من أنساق فلسفية و

نظريات فكرية و شطحات غنوصية و كذلك ذاك الكثير المتناثر هنا و

 هناك في كتب أهل الكتاب .

 
إتهام الإسلام بالخرافة وبكونه ينبذ العقل و يحض على

العمى ...منشؤه الجهل بالقرآن و بالعلم و بنسبية مناهج و نتائج

 

العلوم التي يبقى العديد منهامجرد إحتمالات بل يتطلب تحول نظرية إلى

قانون- إلى عمليات علمية معقدة قد تستلزم ردحا من الزمن .

 
و منشؤه كذلك إنتساب بعض الدجالين الصوفية إلى الإسلام و بعض

الفرق الأسلامية المتمسكة أيضا بكتب ليست من الأسلام في شيء 

الشئ الذي يعطي و يا للأسف الفرصة للبعض بإصدار حكم لاعقلانية

 الأسلام و لا علميته .
غير أن القرآن الكريم - المصدر الوحيد للأسلام  - يؤسس

 للإيمان به قبل كل الشيء على العقل بالذات هذا العقل الأ عدل

قسمة بين البشر كما قال أهل الأعتزال من قبل.

فهو يدعونا - بأسلوب معجز و منهج عظيم يتلائم مع  النفس -

 إلى البدأ به هو ودراسته و البحث عن الإختلاف فيه وعن ما

 يناقض العقل و العلم.


يقول تعالى:- أفلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند غير الله

 لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً.  النساء: 82

 

تحدث القرآن الكريم بأسلوب غاية في الكمال متخذا من الحس والعقل

 وسائل هامة جدا لأثبات أن الخلق من الله تعالى و أن الوحي

القرآني منه أيضا , جاعلا جل وعلا من الكون و الوحي مصدرا

الحق والعلم و اليقين , فدعانا إلى إستخدامهما للوصول إلى اليقين

المحض شفاءا للقلق الوجودي..


يقول تعالى:  - أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما

خلق الله من شيء. الأعراف 185 .


 و يقول  :  - قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ

الخلق.العنكبوت 20.   و يقول : وفي الأرض آيات للموقنين

 وفي أنفسكم أفلا تبصرونالذاريات 20، 21.


و يقول سبحانه في إثبات مصدر الوحي: 


 - أم يقولون افتراه؟ قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات، وادعوا

من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم يستجيبوا لك

فاعلم أنما أُنزل بعلم الله، وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون؟هود:

 13-14 .

بل أمدنا بالبراهين والحجج القاطعة في التدليل على

وجوده,وأحديته : - أم خُلقوا من غيرِ شيءٍ أم همُ الخالقون. أم

 خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون [الطور: 35-36]

 
و يقول:
- أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ* لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا

 اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ* لا يُسْأَلُ عَمَّا

 يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ* أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا

 ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ

مُعْرِضُونَ" الأنبياء:21-24


و شمل البرهان العقلي في القرآن كل قضايا العقيدة و ما يحصل من

ظواهر طبيعية و نفسية..وصدق الرسالات السماوية.


لم يكتف القرآن بالحث على إستخدام حواسنا و عقولنا و إحترامها بل

 أعطانا الأدلة اليقينية التي تثبت أننا أثناء التفكير قد نقع في الزلل

نظرا لكون الطبيعة الإنسانية تتجادبها النفس وما أدراك ماهي هذا

الكائن الذي يضلنا رفقة كائن أعتى منها و هو الشيطان وبالتالي يصبح

 تفكيرنا و إستنتاجاتنا عرضة للخطأ و الزيغ عن الحق.

 
بل أكثر من هذا فقد حدد لنا القرآن- أسلوب تأثير الشيطان على

الإنسان لكي نستطيع التفريق بين وساوس النفس و مضامينها ووساوس

 الشيطان و مضامينها وأسلوبه في ذلك بأسلوب دقيق غاية في

الإتقان , وعلمنا جلت قدرته أن نستعيذ منه كلما سمعنا صوتا داخل

النفس يوحي إلينا بما هو مذموم عقلا وشرعا منبها أيانا أنه وحي

الشيطان الذي يتخذ صوت النفس ونبرتها... قناة لإقناعنا بأفكار

 لاعلاقة لنا وللعقل السليم بها. فالشيطان كائن موجود ذو عقل و

 مستوى وجوده يختلف عن مستوى وجود الأنسان يعتمد على كل

أساليب الخطاب لأقناع خصمه بوحيه.


يقول تعالى عن الشيطان:


- فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى...


- إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ

تَعْلَمُونَ  2/169

- وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.


و عن النفس يقول:وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ

أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَاوَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي.

 
كل هذا لماذا ؟ !!


بل ذم القرآن التقليد لأنه قد يكون مصدرا لأرث عقدي وسلوكي

وعادات فكرية سلبية قد تؤثر على وجود ومصير الأنسان تأثيرا كبيرا

يصعب معه قبول الحق وترك الباطل


خصوصا إذا ناقض الحق محتوى العقل المكتسب اي ماوجدنا عليه

اجدادنا فالموروث مع توغل الأنسان في الزمن وغياب الشروط

الأساسية لتعقل مضمونه يصبح بمثابة الغريزة ,فانظر ثم انظر الى

عظمة شروط العقل السليم في القرآن.


و دليل هذا قوله عز و جل :


-  قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا.قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ

آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) هود .


ونظرا لضعف الأنسان و قوة القوى المضلة له فقد أمرنا ربنا بضرورة

التفكر في تاريخ الأمم السابقة التي رفضت اليقين فقط لأنه يناقض

ثوابتها والبحث في علم الآثار و التأمل في خلق الله من أجل اليقين.

 
يقول تعالى:- أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين

 من قبلهم . الروم 9.
فالأحتراز من كل ماقد يمنعنا من الوصول الى العلم الحق أودعه ربنا في

 القرآن .والتأمل العقلي في القرآن والكون يؤدي مباشرة إلى الإيمان

المتين كلما إحتاط الأنسان من الهوى وباقي المؤثرات المشار إليها أعلاه

و أخرى موجودة في كتاب الله العزيز.

 
والقرآن خطاب الى الأنسان و عليه,وهو خطاب للعقل المنفتح

 المتحرر من كل أشكال الأستبداد والأستعلاء والخوف والجهل.

 
فلماذ كل هذا ؟

بل نجد منهجا عظيما ينظم طرائق التفكير و البحث المؤدي إلى اليقين

المحتوى في الكون و الوحي والوحي تصديق للخلق والخلق تصديق

للوحي.
والقرآن ليس فيه حجر أو تعسف بل العكس من ذلك .


ولقد أكد القرآن بأن الله تعالى زودنا بالسمع والبصر وباقي

الحواس .و الحواس لها إرتباط وثيق بالدماغ المكان المادي للعقل هذا

 الأخير الذي ينظم ويبني ويغير ما يصله من معلومات الحواس.

 
فنحن إذا مأمورين بتعقل ما نسمع وما نرى.

 
يقول تعالى: - أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها

 

أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي

في الصدور.

 
أذ لايمكن التمييز بين الأشياء إعتمادا على الحواس فقط فالتجربة

والملاحظة يحتاجان معا إلى العقل ليبين الأختلاف إن وجد...


بل القرآن لا يناقش إلا بالبرهان:- يقول تعالى: - يَا أَيُّهَا

النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ. النساء:174. ويقول: 

 -وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ

قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. البقرة:111. 


- فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إنَّ ذلك

لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير [الروم: 50]


- وقالوا أإذا كنا عظاماً ورفاتاً أإنا لمبعوثون خلقاً جديداً؟ قل كونوا

حجارة أو حديداً، أو خلقاً مما يكبر في صدوركم. فسيقولون من

يعيدنا؟ قل الذي فطركم أول مرة [الإسراء: 51]


- قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا

 من الأرض أم لهم شرك في السماوات، أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة

منه؟ بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضاً إلا غروراً .فاطر: .40

كل هذا من أجل سعادة الأنسان ..فليحذر الأنسان فالقرآن كتاب

عقلي برهاني و المعتقدات الخرافية هي تلك التي ترجع الخلق الى

الصدفة...

اجمالي القراءات 25351

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   شريف صادق     في   الأربعاء ٠١ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[9689]

نعـــــم بالبرهان ولا شيئا غير البرهان لأن (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )

إقتباس
{بل القرآن لا يناقش إلا بالبرهان}

صدقتكم وصدق الله قبلكم.

2   تعليق بواسطة   عبدالله سعيد     في   الأربعاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[9962]

نعم القرآن يكرم العقل ولكن ..

علينا أن لا نجعل القرآن خاضعاً للعقل المسلم..كما فعل المعتزلة مثلا

فعقل المسلم قد أدرك أن القرآن كلام الله ..
وبالتالي على العقل المسلم أن يخضع للقرآن ..
ودور العقل المسلم أصبح فقط لفهم كلام الله ..
وليس لتحديه وتصحيحه كما كان قبل أن يسلم

أما سبب اتهام الكفرة للمسلمين أنهم أهل خرافات ..
فهذا اتهام صحيح مئة بالمئة
وسبب ذلك أن المسلمين أخضعوا عقولهم لغير القرآن كالحديث ..
ظانين أنه كلام الرسول..
بينما الحديث في الحقيقة ليس كلام الرسول ..
بل كلام نتج عن عقول بشرية لا يحصيها إلا الله
ولكن ليت قومي يعلمون

وإذن بعد أن خضعت عقولنا للمخلوق الذي كذب على الله في الحديث..
لم نعد نختلف عن النصارى واليهود وغيرهم .. الذين أخضعوا عقولهم للأحبار والرهبان والكهنة
فاستحققنا بجدارة أن نكون أهل الخرافة من ألفها إلى يائها

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-05-26
مقالات منشورة : 0
اجمالي القراءات : 0
تعليقات له : 43
تعليقات عليه : 26
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Canada

احدث مقالات عبد العزيز أفندي
more