على قدر الغفلة تكون الصدمة :
فقه تكسير الأصنام : الغفلة والصدمة

آحمد صبحي منصور Ýí 2020-06-13


فقه تكسير الأصنام : الغفلة والصدمة :على قدر الغفلة تكون الصدمة

أولا :

نوعان من الغفلة :

1 ـ غفلة دنيوية ، ينشغل فيها  الشخص بالدنيا تاركا الدين للكهنوت . فوجئ هذا الشخص بما نقول فاستيقظ مصدوما. هنا نتوقع منه الهداية لو بحث عن الحق .

2 ـ غفلة دينية مستحكمة لا مجال فيها للتوبة : هي لدُعاة الأديان الأرضية المكتسبين بالتجارة الدينية ، في دنيا المال والأعمال والطموحات السياسية . هم يملكون دينهم الأرضي. لذا فانتقاد دينهم الأرضى هو انتقاد لهم . ولهم أتباعهم المتدينون بهذا الدين الأرضى حتى النُّخاع . يجمعهم مع أئمتهم الدعوة للإضلال ، الذى يقوم بالإضلال لا فائدة من الحرص على هدايته . كان النبى محمد عليه السلام حريصا على هدايتهم فقال له ربه جل وعلا : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ )(37) النحل  ).

ثانيا :

مثال من قصة مُكسّر إبراهيم عليه السلام :

1 :  في سورة الأنبياء :

1 / 1ـ ( قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ (59) . الملأ الكهنوتى هو الذى قال .

1 / 2 : ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) . الذين قالوا هذا هم الأتباع .

1 / 3  ـ ( قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ (63).

الذين حقّقوا مع إبراهيم كانوا الملأ المالكين ( لآلهتهم ) . أدركوا أنها مجرد حجارة ، واعترفوا بذلك ، فلما أنّبهم ( الفتى إبراهيم ) أخذتهم العزة بالإثم فحكموا بحرق إبراهيم حيا بحجة نصر آلهتهم ، والحقيقة هو ثأر لكرامتهم الجريحة ، إذ أثبت الفتى إبراهيم لهؤلاء  المتكبّرين أنهم حمير .  

2 ـ وقال جل وعلا في سورة الممتحنة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )(4) .  مفهوم هنا أن الفتى إبراهيم أصبح الى جانبه مؤمنون ، تبرءوا من قومهم حتى يؤمنوا بالله جل وعلا وحده. أي كان القوم يؤمنون بالله وبخوازيق جعلوها آلهة ، وأولئك المؤمنون مع إبراهيم قاطعوا قومهم حتى يؤمنوا بالله جل وعلا ( وحده ).

3 ـ قبل ان يقوم إبراهيم بتكسير الأصنام كان وحيدا في مواجهة الملأ الكهنوتى ، وهناك أغلبية صامتة . بعد جهاد إبراهيم تحوّل الى جانبه أُناس من الأغلبية الصامتة . تغيّر الوضع بعد الصدمة التي أحدثها إبراهيم في المياه الراكدة في عصره . أصبح الى جانبه مؤمنون متمسكون مثله بأنه ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ).

ثالثا :

أمثلة للغفلة من النوعين :

ندوة أبوحريز :

1 ـ قرية ( أبو حريز ) هي مسقط رأسى ومستقرّ عائلتى ، عشت فيها الجزء الأول من حياتى حتى استقرّ الأمر بى في القاهرة بدءا من عام 1973 . ولم ينقطع الاتصال بها الى أن منعنى أمن الدولة من زيارتها عام 1997 . في أبوحريز كان هناك واعظ أزهرى مشهور من تلامذة والدى يرحمه الله جل وعلا ، تخرّج في كلية اللغة العربية حين كنتّ في الاعدادى الأزهرى . كان منافقا فصيح اللسان ، خدم العائلة الصوفية في القرية خطيبا في مساجدها ، ثم عندما لم يحقق طموحه عندهم أصبح سلفيا ثم إخوانيا ، وصار له أتباع وأنصار في المنطقة كلها. حين أعلنت تكسير صنمى الشفاعة والبخارى وصلت الأصداء الى ( أبوحريز )، وكان التساؤل عن موقف ذلك الواعظ الذى يؤمن بالبخارى والشفاعة . في زياراتى للقرية حدث بيننا نوع من الاحتكاك الفكرى فتقرّر عقد مناظرة بيننا في ( أبوحريز ). علمت المنطقة كلها بموعد المناظرة ، وقبيل الموعد إعتذر، فقررت الحضور لتكون أول ندوة أتكلم فيها في بلدى . جئت من القاهرة لأبى حريز ، وذهبت الى ( المضيفة ) وفوجئت بالشوارع اليها مكتظة بالناس ، وقيل لى أن أسطح المنازل قد امتلأت بالنساء للاستماع للندوة عبر الميكروفون . تكلمت في إنكار الشفاعة والبخارى ، وفتحت باب المناقشة . المحايدون عبروا عن صدمتهم وتساءلوا في دهشة وإحترام . المنكرون للقرآن سكتوا وبعضهم جادل متسائلا عن الصلاة في القرآن . أجبت أن الصلاة متوارثة من ملة إبراهيم وأن أجدادنا تعلموا الصلاة من الفاتحين العرب قبل مولد البخارى ، وأنه ليس في البخارى تعليم للصلاة بل تحطيم للصلاة . ثم قلت : " الغريب  أنّ الذى سأل عن الصلاة في القرآن لا يصلّى أصلا ، والجميع يعرفون عنى تأدية الصلاة مذ كنت طفلا ".  إنتهت الندوة بنجاح هائل ، وصحبتني أفواج من الناس الى بيتى . أتذكر من بينهم صديق لوالدى ( يرحمهما الله جل وعلا ) اسمه ( عبده أبوحسن الألفى ) إستوقفنى قبل دخول بيتى وقال لى إن ما يؤيد إنكار الشفاعة قول الله جل وعلا : ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) المائدة ). بعدها قال لى بعض شباب من القرية أن هذه الندوة غيّرت حياته، كان معتمدا على الشفاعة فأصبح يراجع نفسه لأنه لن ينجيه إلا عمله الصالح .

2 ـ هنا منكرون من أكابر المجرمين ، ردّوا بالأسوأ ، ولن أحكيه ، ثم هناك محايدون ، اصابتهم الصدمة ، ومنهم من آمن .

ندوة الكنيسة في شبرا

1 ـ في التسعينيات طلب أعمدة الحزب الوطنى في القاهرة عقد إحتفال في كنيسة بشبرا لتأكيد الوحدة الوطنية . ( شبرا ) حىّ شهير في القاهرة يتركز فيه المسيحيون . طلبوا من الأزهر والأوقاف مجىء شيوخ للحديث في الكنيسة ، رفضوا جميعا . اضطروا للاستنجاد بى لإنقاذ الموقف فقد تحدّد الموعد وتمت التجهيزات . وافقت . ذهبت ومعى زوجتى وبعض أولادى ، وفوجئت بالحشود تملأ الشارع المؤدى للكنيسة . كانت من أروع الندوات الى تكلمت فيها . قرأت لهم من بداية سورة ( مريم ) الى قوله جل وعلا : ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36). وقلت لهم نحن مختلفون في العقائد ، ولكن لدينا ما نشترك فيه وهو هذا الوطن المصرى ، والله جل وعلا يدعونا نحن وأنتم الى أن نتسابق في الخير وليس في التعصب ، وقرأت قوله جل وعلا : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) . مما جعل دموعى تغلبنى نظرات الحب في عيون الحاضرين وبعضهم يردّد معى آيات سورة مريم . كوفئت على هذه الندوة ببلاغات ضدى في ( أمن الدولة ).

2 ـ نفس الحال : معتدون كافرون بالقرآن وأغلبية صامتة ممكن أن تهتدى .

رابعا :

أمثلة للغفلة الدينية المستحكمة لدى أكابر المجرمين :

1 ـ هم حققوا بالدين الأرضى الذى يملكونه جاها وثروة ، وليسوا على استعداد للتنازل عنها ، فلا بد لهم أن يستخدموا نفوذهم وقوتهم في الصّدّ عن سبيل الله جل وعلا يبغونها عوجا .

2 ـ يأتي وصفهم ب :

2 / 1 : بالملأ المتمسّكين ب ( الثوابت ) ، وحجتهم في مواجهة الحق القرآنى أنه لم يسمعوا بهذا من قبل . قيل لى في جامعة الأزهر :( وهل كان الأئمة السابقين والناس أجمعون غافلين حتى أتيت أنت لتقول هذا ؟ ولماذا تكون أنت القائل وأنت لا تصل الى مكانتنا ) . وهو نفس ما قاله الملأ القرشى ردا على القرآن الرسول عليه السلام . قال جل وعلا : ( وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (7) أءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ) (8) ص ) . وقبلهم قوم ثمود. قال جل وعلا : ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) القمر )

2 / 2 : بالمترفين . وحجتهم

2 / 2 / 1 : أنهم الأكثر أموالا وأولادا وجاها ، وبأموالهم سيشترون الجنة وينجيهم الكهنوت من النار . قال جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)  سبأ )

2 / 2 / 2 : أنهم عاشوا على ثوابت ( أجمعت عليها الأمّة ) وهم على آثارها مقتدون : (  وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف ). الله جل وعلا جعلها هنا قاعدة في أي مجتمع يسيطر عليه أكابر المجرمين من الحكام ورجال الدين . هم أرسوا مكانتهم بدين أرضى ولا بد لهم في الحفاظ على هذه المكانة من استمرار تقديس خرافات السلف ( الصالح ).

خامسا :

أمثلة واقعية من الذّاكرة

1 ـ في فترة البحث في الدكتوراة قيل لى إن فلانا وكيل وزارة للزراعة على المعاش . إعتنق السلفية وأطلق لحيته، وخصص جزءا من بيته مكتبة للباحثين في التراث. ويتولى مساعدتهم علميا . ذهبت الى مكتبته وانكببتّ على البحث ، كان يلاحظنى ، دخلنا في نقاش جاء فيه إسم السيوطى ، قلت له إن السيوطى كذأب يزعم أنه يرى الرسول في المنام وفى اليقظة ، نسى الرجل نفسه وثار ثورة عارمة جعلتنى أخرج مضطربا . صدمته كانت هائلة على حسب تغلغله في دينه الأرضى .

 2 ـ كان زميل دفعتى في التعيين معيدا ثم مدرسا مساعدا ثم مدرسا . إمتاز بأخلاق رائعة فكنت أُطلق عليه لقب ( الملاك ) . تواجدنا معا في الامتحانات واتسع الوقت للنقاش ، عاتبنى فى موضوع البخارى ، فذكرت له أباطيل البخارى في الطعن في الله جل وعلا ورسوله وكتابه ، توقعت أن يستيقظ ، فوجئت ب ( الملاك ) ينطلق فىّ سبّا وشتما بكلام فظيع ، أعرضت عنه ولم أردّ عليه . جاء بعدها بأيام يعتذر ، لم آبه به ، فقد أقمت في قلبى مأتم عزاء لصداقتنا ، وانتهى بالنسبة لى .

3 ـ كنت مُعجبا بالكاتب ( الاسلامى ) خالد محمد خالد ، وخصوصا موقفه المشهور ضد عبد الناصر في موضوع الديمقراطية ، وظل يكتب في الوفد داعيا مبارك للتحول الديمقراطى . قابلته صدفة في ( الهيئة العامة للكتاب ) وصلينا معا . وعرّفته بنفسى ، ودخلنا في نقاش حول أبى الحسن الشاذلى . وكانت المفاجأة حين ذكرت له أقوال الشاذلى في كتاب ( لطائف المنن ) . كانت صدمة هائلة له . ما سمعته منه بدّد إعجابي به .

4 ـ حين كنت طالبا في جامعة الأزهر كان أستاذ علم النحو يعجبنى بأناقته وظُرفه وفصاحته . مرت السنوات وأصبحت مدرسا في الكلية أجلس مع أساتذتى السابقين ومنهم هذا الأستاذ . في جلسة دار الحديث عن ( إبراهيم الدسوقى ) ، ذكرت الفظائع التي قالها إبراهيم الدسوقى في كتابه ( الجوهرة ) وهو منشور ومشهور ويُباع على رصيف جامعة الأزهر . فقد الأستاذ النحوى أعصابه وانطلق سبّا وشتما دون أن يدرى . نظرت اليه دون كلام وهو يتهاوى .

سادسا :

أصحاب الغفلة الدنيوية :

1 ـ هم أُناس عاشوا على ان الإسلام هو ما يقوله الكهنوت وانهم ليسوا مؤهلين للحديث عنه لان الكهنوت احتكر الكلام فيه . ثم أصبح هذا الإسلام الذى يقوله الكهنوت متهما بالإرهاب والتخلف ، فكان الحل من وجهة نظرهم الابتعاد عنه والانشغال بحياتهم الدنيا ، ومنهم من وصل الى الالحاد والعلمانية الكافرة بالدين واعتباره أفيون الشعوب . ولكن بقية الفطرة في داخلهم توقظهم عند الشدّة والأزمات .

2 ـ هؤلاء صدمتهم حقائق الإسلام التي أذعتها والتي كسّرت أصناما تعودوا على عدم الاقتراب منها. نحن نقدم لهم البديل . نحن نقوم بالهدم والبناء معا ، لا نكتفى بذبح الأصنام بل نقدم البديل بالحقائق القرآنية . بهذا يتحقق قوله جل وعلا : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82)  الاسراء  ). يهتدى من لديه استعداد للهداية ويزداد الظالمون    بالقرآن خسارا .

3 ـ بعضهم تحولت الصدمة عنده الى ناحية إيجابية ، فقد اكتشفوا جهل الكهنوت وخرافات دينهم الأرضى فتابعونا في البحث الدينى بعد أن عبّدنا لهم الطريق ، وذبحنا الأبقار المقدسة وكسّرنا الأصنام والخوازيق المقدسة ، ورأوا أن الآلهة الخرافية لم تُلحق بنا ضررا ، وأن خصومنا لا حُجّة لديهم سوى الافتراءات والأكاذيب والتآمر وفتاوى القتل والاغتيال المعنوى للشخصية ، ليشجعوا أتباعهم من ( الارهابيين ) على الاغتيال الجسدى .

4 ـ مثقفون ليسوا منغمسين في التديّن الأرضى ساروا بعدنا في تكسير الأصنام ، ومستمعون عاديون كانوا يقولون لنا إن ما يسمعونه من الحق القرآنى كانوا يحسُّون به في داخلهم ، ولكن لم يجرءوا على البوح به خوفا من الكهنوت ، ولأنهم يظنون أنفسهم أقل علما من الدخول في معترك الفكر الدينى .

5 ـ الصديق الراحل د فرج فودة أبرز مثل . كان يرفض الجدال مع الشيوخ لأنه لا يريد الدخول في ملعبهم ، قلت له إنهم أجهل مما يتصور ، ونصحته أن يقرأ في كتب التراث ، وتفوّق عليهم في المناظرات في الصحف وفى الندوات .. فقتلوه .

6 ـ دعانى الراحل فرج فودة لجلسة نقاش عن الإسلام في بيت الصديق الراحل الفنان محمد نوح . كان هناك شباب قادم حديثا من أمريكا ، ولديه أسئلة يريد إجابة عنها . استغرقت الجلسة حتى مطلع الفجر ، أجبت فيها على الأسئلة بحقائق القرآن وأباطيل أديان المحمديين.   عادت اليهم ثقتهم في الإسلام وعرفوا التناقض بينه وبين ( المحمديين ) .

7 ـ أوصلنى د فرج فودة الى بيتى بسيارته . كان صامتا في الجلسة ، وظل صامتا وأنا معه في السيارة . ثم تكلم أخيرا فقال : ( تعرف يا دكتور صبحى ، الإسلام الذى قلته انت هو الذى أومن به ).! هذه شهادتى له ، ذكرتها من قبل في مقال ضمن مقالات الهجوم على الغزالى وشهادته في المحكمة ، كان عنوان المقال ( لأنه كفر بهم ). أي لم يكفر بالإسلام وإنما كفر بهم وبدينهم الملّاكى . 

اجمالي القراءات 4191

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (8)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92537]

ذكرياتى عن ندوة الدكتور – منصور –فى أبو حريز -عن الشفاعة .


الأستاذ الدكتور – أحمد صبحى منصور – هو عمى نسبا ( إبن عم والدى يرحمه الله ) وأصبح مسئولا عنى بعد وفاة والدى وأنا فى سن ال 12 سنة ،وأستاذى (حرفيا ) منذ السنة الأولى الإبتدائية عندما كان ناظرا للمعهد الإبتدائى بأبو حريز ثم مُشرفا على تعليم أبناء العائلة وأنا منهم فى المراحل الإعدادية والثانوية ، ثم أستاذى فى مادة التاريخ الإسلامى وأنا فى السنة الثالثة بكلية صيدلة الأزهر .بمعنى أنى كنت فى بيتهم ومعه ومع أعمامى وخاصة شقيقه الدكتور عبدالرزاق  منصور  معظم الوقت اكثر مما كنت فى بيتى ، ثم سكنت وعملت بالقرب منه فى القاهرة ،وهو أستاذى فى الفكر القرءانى  وكنت مُرافقا له فى كثير وكثير من الندوات والمؤتمرات ورواق إبن خلدون وخُطب الجمعة سواء فى المساجد أوبعد ذلك فى منزله ، وشاهدا ومُعاصرا لمعظم المحن والظروف التى مرّ بها فى مصر سواء مع خصومه التراثيين فى الأزهر والمؤسسات والجمعيات الدينية والإخوان والسلفيين  أو مع الدولة المصرية ونظام مبارك .وأقول هذا لسبب أن كثيرا ما تأتينى أسئلة تسألنى عن صلتى بالدكتور – أحمد صبحى منصور – ولأنى سأُدلى بذكرياتى عن ندوته فى  قريتنا (ابو حريز – كفر صقر –شرقية ) فى أوائل الثمانينات عن الشفاعة ..



منذ أن اصبحت أدرك الأمور نوعا ما وأنا فى السنة الأولى الإبتدائية تقريبا وأنا ارى وأُشاهد الشيخ أحمد منصور – عندما كان طالبا فى كلية اللغة العربية و(قبل أن يحصل على الدكتوراة )  يجتمع حوله كثير من العائلة ومن القرية بل وبعض أقاربنا من البلاد الأخرى فى المناسبات ليستفسروا منه عن أمور الدين ،والتاريخ والسياسة . وأحيانا لقاءات أستطيع ان أُطلق عليها درجة أعلى من بعض مثقفى العائلة وأهل القرية  للنقاش حول أمور فلسفية فى الدين وأتذكر منها مثلا (لماذا حُرم الزواج من الأم والأخت بالرضاعة  وماذا فى اللبن ليكون سببا فى تحريم الزواج ، ولماذا حٌرم أكل الخنزير ؟؟؟، وهكذا ،وهكذا ) ،



2   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92538]

2


ثم تطورت الحلقات النقاشية المتخصصة فيما بعد عن التصوف وموقف الإسلام منه ثم تطورت المناقشات للحديث عن معتقدات أخرى وعلى رأسها الشفاعة .فحدث ذات يوم ونحن فى زيارة فى أحد الأعياد للعائلة  أو مناسبة عزاء لا أتذكر تحديدا ،فكنا  أمام منزل  عمى (الحاج محمود الجودهرى يرحمه الله  ) زوج جدتى أخت جدى وعمة الدكتور أحمد صبحى منصور .وكالعادة دار النقاش وبدأت الأسئلة للدكتور –منصور .عن أمور فى الدين وتطرق الحديث للحديث عن الشفاعة ،والدكتور منصور أجاب بنفيها . وكان حاضرا بالصدفىة فى الجلسة الشيخ (ماهر محمد عقل ) وهو شيخ أزهرى ومدرس لغة عربية وله مكانة ووضع اجتماعى بوصفه خطيب  مناسبات القرية فطُلب منه أن يُعطينا رأيه فقال بثبوت  الشفاعة لثبوتها فى الحديث والسنة ،فأصبح الناس فى حيرة هل كلام الدكتور – احمد منصور- هو الصح ،ولا كلام الشيخ ماهر عقل ؟؟  فطلبوا منهما عقد لقاء أو مُناظرة عن الشفاعة  يوم الخميس بعد القادم أمام منزل عمى الحاج –محمود الجوهرى – وتحت رعايته .وإنتشر الخبر فى القرية كلها والقرى المجاورة .وهنا نٌعطى نبذة عن قرية ابو حريز من ناحية التنوع الدينى . قرية ابو حريز كانت كلها تقريبا تؤمن بالتصوف . لماذا؟ لأن بها فرع من الطريقة الخلوتية الأحمدية ولهم مساجد ومقامات وأضرحة  تُشبه اضرحة الحسين والبدوى ولها مزارات ويأتى لها الناس من محافظة الشرقية والمحافظات المجاورة كل يوم جمعة للصلاة فى تلك المساجد للحصول على البركة وأخذ العهد على شيح الطريقة ،وحضور حلقة الذكر (الحضرة ) بعد صلاة الجمعة ،وتقديم النذور . ولوجود فرع للطريقة الرفاعية ايضا وكان هذا الفرع  فى عائلتنا والمسئول عن هذا الفرع يُسمى (الخليفة ) ولهذا تُسمى عائلتنا (بعائلة الخليفة )، وباقى القرية مُتصوفة فى كل الإتجاهات ، إلى أن أنهى الدكتور –أحمد منصور – موضوع التصوف الرفاعى فى عائلتنا وفى قريتنا  . 



3   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92539]

3


فعلم الشيخ (صلاح الدين الأحمدى – يرحمه الله ) شيخ الطريقة الأحمدية فى قريتنا بما دار من نقاش  عن الشفاعة وعن موعد الندوة . وأصبحت القرية كلها تترقب ماذا سيحدث ، وتخوف الشيخ (صلاح الأحمدى –يرحمه الله ) من نتائج الندوة على التصوف فى أبو حريز وما حولها ،او أن يمتد الحديث فى الندوة عن التصوف فى أبو حريز تحديدا .فطلب من صهره (الدكتور – عبدالرحمن إسماعيل – يرحمه الله ) أن يحضر الندوة ليرد مع الشيخ ماهر عقل – على الدكتور – أحمد منصور –فأعتذر ووعد بعقد ندوة أخرى له  بعدها للرد على ما سيقوله الدكتور –أحمد . ثم فوجئنا بإعتذار الشيخ ماهر عقل عن الحضور لأنه إحتراما لمُعلمه الشيخ منصور الخليفة يرحمه الله لا يُريد أن يُناظر إبنه  !!!! فشاعت أخبار بإلغاء المناظرة ، فسافرت من القاهرة بتكليف من عمى الدكتور أحمد منصور –إلى قريتنا لأستقصى عن التجهيزات للندوة وهل ستتم أم لا . فقابلت عمى الحاج محمود الجوهرى ،فقال لى (المناظرة حتتعمل فى ميعادها وكمان حنعملها فى المضيفة بالميكروفونات والشيخ ماهر عايز يجى هو حر ولو مش عايز يجى هو حُر ) .فرجعت للقاهرة وأخبرت عمى بما دار وبأن الندوة فى موعدها ،وسافرنا مرة أخرى لأبو حريز . وفى أبو حريز إتفق شباب العائلة دون علم الدكتور منصور على أن نُحيطه بحماية فى الصف الأول الذى سيجلس فيه أمام الميكروفون والصف المُقابل له حرصا وتخوفا من أن تحدث مُشادات تتحول إلى عراك ومُشاجرة ،وفى هذه الحالة علينا أن نُخرجه سالما ،ثم نخرج من المضيفة دون عراك ودون إشتباك مع أحد لأنهم جميعا أهلنا وكل القرية عبارة عن أُسرة واحدة .(والحمد لله لم يحدث ما كنا نتخوف منه ) . وكانت المضيفة وما حولها مليئة بالناس ، وبدأت الندوة وتحدث الدكتور – عن الحساب يوم القيامة  وعن الشفاعة ونفيها عن النبى عليه السلام ،ونفى كل الروايات التى تتحدث عن الشفاعة لغير الأنبياء أيضا كمن مات له بنتان فسيشفعان له يوم القيامة وشفاعة الشهداء وووو. 



4   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92540]

4


. ثم دارت الأسئلة .وبحث المُدافعون عن الشفاعة عن شيخ أزهرى (لأن المشايخ الكبار تهربوا )يحاور الدكتور منصور –فى الندوة فلم يجدوا سوى طالب فى كلية أصول الدين بالزقازيق  من قرية  كفر حماد المجاورة لقريتنا إسمه إسماعيل وكان زميلى وتلميذ الدكتور أحمد منصور –فى المرحلة الإبتدائية ، فكانوا يقولون له (رد عليه يا شيخ إسماعيل ) والولد غلبان ومعلوماته متواضعة وما تعلمه حتى فى أصول الدين من التراث لا يكفى لأن يحاور الدكتور –منصور – بالتراث عن الشفاعة . وحدثت بعض المشادات بالصوت من بعض الناس من أُسرة (آل هيكل تحديدا – أسرة الطريقة الأحمدية الخلوتية ) ولكن فى حدود الأدب ايضا ،لأنهم كانوا يخافون من أن نفى الشفاعة عن النبى عليه السلام هو أيضا نفى لشفاعتهم يوم القيامة لأتباعهم ولمن أخذ ويأخذ عليهم العهد  . وكان قد أرسل الشيخ صلاح الأحمدى من يُسجل له الندوة ليسمعها ،وقد كان ، وإنتهت الندوة على خير وربح فيها الدكتور احمد صبحى منصور ،والفكر التنويرى ومن أعادوا التفكير فى كثير من معتقداتهم فى الشفاعة  يوم القيامة ، وخسر الشيخ ماهر عقل لهروبه منها وخسر من دافعوا عن مصالحهم الدنيوية ... ثم أمر الشيخ صلاح الدين الأحمدى  الدكتور عبدالرحمن إسماعيل (يرحمهما الله ) بعقد ندوة ترد على ندوة الدكتور أحمد منصور وليطمئن بها اتباع الصوفية والمؤمنين بالشفاعة بشفاعة النبى والصوفيين والشهداء ووو فى أهلهم وأتباعهم . وبالفعل عقد الدكتور – عبدالرحمن إسماعيل الندوة فى المضيفة وحضرتها وكانت عبارة عن قراءة لورقة مكتوبة كلها روايات وتطمينات للناس بأن الشفاعة ثابتة لا جدال فيها ، حتى أنه قال لرجل من أهل القرية تحديدا ( أبشر يا حاج فلان  أخوك الشيخ فلان – وكان هذا الشيخ مات فى حرب اليمن – حيشفع لك يوم القيامة وما تخافش ) ..وفتح باب الأسئلة .فسألته وقلت له عمى  الدكتور أحمد منصور – كان كل كلامه بالقرءان ،لكن انت كل كلامك قصص وحكايات المفروض ترد عليه بالقرءان .فرد وقال حاضر حاجاوبك بالقرءان ولم يُجب . وانتهت الندوة ولم تترك أى أثر علمى ،وكانت عبارة عن (ما تخافوش ومتزعلوش انتوا داخلين الجنة بالشفاعة وببركة مشايحنا وشهدائنا وأطفالنا اللى ماتوا صغارا ومرضانا الذين ماتوا بالمرض  ).  .وبعدها بيومين رآنى الدكتور عبدالرحمن إسماعيل عند بيت عمى الدكتور (ثروت كامل –يرحمه الله ) فجاء يُعاتبنى ، وقال لى يا إبن الشيخ محمد انت مش عارف ان احنا أقارب فقلت له نعم عارف .فقال طيب ليه تقولى ( إنت ) . فقلت له آسف معلش انا لم أقصد التقليل من حضرتك  ، حضرتك دكتور كبير وكلنا بنحترمك وما تزعلش منى .ودار نقاش بيننا عن النباتات الطبية وكيفية زراعتها فى أرضه فى أبو حريز . فهذه ذكرياتى عن معاصرتى لندوة من ندوات  الحق  القرءانى فى الدين والحمد لله كنت مؤمنا ومدافعا عنها ونسأل الله أن يُجازى استاذى الدكتور –أحمد صبحى منصور – عنها  وعن مسيرته ونضاله فى نشر الحق القرءانى خير الجزاء فى الدُنيا والآخرة .



5   تعليق بواسطة   عمر على محمد     في   الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92546]



شكرا دكتور احمد



الحمدلله على تعالى الذي جعلك في طريقي لتكون شمعة تحترق لتضيء لنا الدرب ، من قبل ان نقرأ لك فعلا كنا نحس بالاختلاف بين القرأن والحديث ولكننا لم نكن نجرأ على الكلام . لاننا لم نكن نملك الحجة والبرهان .. انته ملكتتنا  الحجة والبرهان  التي كانت امام اعيننا طل الوقت ولكننا  كنا نقرا القرأن على طريقة اقلب الصفحة  انته حررت عقولنا من عبودية الكهنوت الدنيوي ..



6   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ١٥ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92550]

شكرا ابنى الحبيب د عثمان ، وشكرا استاذ عمر على محمد


1 أ استاذ عمر : مررت بفترة الجاهلية أنا أيضا. والدى رحمه الله جل وعلا قام بتحفيظى القرآن ، وظل مجرد محفوظات فى الذاكرة دون تدبر الى أن بدأت البحث فى الدكتوراة. 

2 ـ إبنى الحبيب د عثمان . جزاك الله جل وعلا خيرا ، وحفظك وأهلك . معظم ما ذكرته لم أكن أعلم به . هو تاريخ ــ ليس تاريخا لعائلتنا فقط ـ  بل أصبح ضمن تفصيلات حركة الجهاد السلمى فى الاصلاح الدينى فى مصر وخارجها ، بدأ فى قرية ( أبوحريز ) ووصل الآن الى العالم. أتمنى أن تكتب ذكرياتك شاهدا على هذا، وقد كنت ــ ولا تزال ـ مشاركا. 

3 ـ اللهم إجمعنا فى رحمتك وفى جنّتك . 

7   تعليق بواسطة   مصطفى اسماعيل حماد     في   الجمعة ٢٦ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92617]

ملاحظة


فى الفقرة13من ثانيا السطر الرابع المالكون والمقصود المالكين



8   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   السبت ٢٧ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92624]

شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ، واقول


تم التصحيح . 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4984
اجمالي القراءات : 53,456,680
تعليقات له : 5,328
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي