أمثلة على فتنة الله جل وعلا:
أمثلة على فتنة الله جل وعلا

أسامة قفيشة Ýí 2019-02-01


أمثلة على فتنة الله جل وعلا

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في الكوارث الطبيعية و كيف يتحقق الخير فيها :

ليس من السهل على الإنسان فهم تلك المعادلة , و هي فتنة و ابتلاء , فنحن نطلق على تلك الأمور بأنها كوارث بناءاً على نتائجها الظاهرية و الدمار الذي تحدثه من ضرر و بؤس , و لكنها في حد ذاتها أمور في غاية الأهمية لنظام الكون و استقراره , فالله جل وعلا يعالج الكون بتلك الظواهر من أجل التوازن و الحركة المتزنة و المنضبطة , ففائدتها أكبر من حجم خسائرها , فهي خيرٌ لأنها تحقق الخير الأكبر , و لها فوائد كبيره في هذا الجانب ,

و في نفس الوقت فإن بعض تلك الكوارث تأتي كنتيجةٍ حتميةٍ لما يفعله هذا الإنسان نتيجة إفساده لهذا الكون , و نتيجة المواد التي يصنعها و الدمار الذي يحدثه ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) , فهي مرهونة بالسلوك البشري سواءً السلوك العملي أو السلوك الإيماني فالفساد يشمل الشرك و الكفر أيضاً , فالشرك و الكفر لا يستثنى من هذا الفساد الذي يعجل تلك الكوارث , و تلك الكوارث ليست بشرٍ بل هي خيرٌ على كل الأصعدة , حتى و إن كانت نتيجةً للكفر و الشرك فالهدف منها واضحٌ و صريح , و هو الصلاح و الهداية ( لعلهم يرجعون ) ( لعلهم يتضرعون ) , فهي من أجل الخير للبشر على الصعيد العملي و الإيماني و هذا ليس بشر , فالله جل وعلا لا يفعل الشر أبداً و لا يأمر به ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في الأهل و المال :

يقول جل وعلا مؤكداً على هذا الابتلاء و الاختبار ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ) ,

و يقول ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ,

و يقول ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في الصحة و الجسد :

يقول جل وعلا ( وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين ) ,

و يقول ( واذا مرضت فهو يشفين ) ,

و يقول  (فاصابتكم مصيبة الموت ) ,

و يقول ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في الجمال :

يقول جل وعلا ( انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا ) ,

و يقول (الذي احسن كل شيء خلقه ) ,

و يقول ( لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن ) ,

و يقول ( وصوركم فاحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ) ,

و يقول ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في العلم :

يقول جل وعلا ( الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون ) ,

و يقول ( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون ) ,

و يقول ( ثم اذا خولناه نعمة منا قال انما اوتيته على علم بل هي فتنة ولكن اكثرهم لا يعلمون ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا بالقوة :

يقول جل وعلا ( وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا ) ,

و يقول ( ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا ثم اناب ) ,

و يقول ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير ) ,

و يقول ( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الارض فمن ينصرنا من باس الله ان جاءنا قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد ) .

فتنة الله جل و علا و ابتلائه لنا بالطعام و الشراب :

يقول جل وعلا ( واسالهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون في السبت اذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ) ,

و يقول ( ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون ) ,

و يقول ( يسالونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما ويسالونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون ) ,

و يقول ( انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم ) ,

و هنا نكرر بأن مسألة التحريم في الطعام هي من أجل الفتنة و الابتلاء و الاختبار , و لا يجوز تحريم أي طعام ٍ أو شراب ما لم يحرمه الله جل وعلا , و لكن يجوز لك أن تمتنع عن بعض الطعام أو الشراب إن كانت نفسك لا تستطيبه و لا تستسيغه أو إن كان يشكل لك ضرراً صحياً .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا بالأمن و الاطمئنان :

يقول جل وعلا ( وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) ,

و يقول ( اولم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم افبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ) ,

و في دعاء إبراهيم عليه السلام  حين قال ( رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات ) , ثم قال ( رب اجعل هذا البلد امنا واجنبني وبني ان نعبد الاصنام ) , و هنا عليه السلام نلاحظ أنه قد جمع مفهوم فتنة الله جل وعلا بحديها , فطلب أن يتحقق الأمن بالأرزاق خوفاً من قطعها , ثم طلب بأن يتحقق الأمن باجتناب الشرك و الكفر خوفاً من المصائب و ما ينتج عنها من سوء و ألم و ضرر , و كلاهما ( غياب الأرزاق و حلول المصائب ) يغيبان الأمن و الأمان و الطمأنينة ,   

و يقول ( وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ) .

فتنة الله جل وعلا و ابتلائه لنا في الإيمان :

يقول جل وعلا ( قال فانا قد فتنا قومك من بعدك واضلهم السامري ) ,

و يقول ( انا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر ) ,

و يقول ( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ) ,

و يقول عن القرآن الكريم و الإيمان به ( وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين ) ,

الابتلاء و الاختبار في الإيمان هنا هو من فتن الله جل وعلا , هذه الفتنة تؤدي إلى الضلال , هذا الضلال بفتنته نوعان , النوع الأول هو فتنة الضلال المتمثل في الكفر و الشرك بالله جل وعلا و هو الضلال عن طريقه المستقيم ,

و النوع الثاني هو فتنة الضلال المتمثل بالكبر و الغرور و التعالي المبني على الظن , هذا النوع من الضلال و بشكلٍ تلقائي ينعكس سلباً على صاحبه , فيصبح صاحبه مشروع فتنة بين الناس , و حينها لا يتقبله الناس فيرفضون ما يدعو إليه و هذا واضح في قوله جل وعلا ( فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) و في قوله أيضا ( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك انت العزيز الحكيم ) ,

هذا النوع من فتنة الضلال المتمثل بالكبر و الغرور و التعالي بدافع الإيمان , لا ينبغي أن يكون فيه منناً على أحد أو تكبر أو غرور , بل يستوجب الحمد و الشكر لله جل وعلا وحده , لأنه جل وعلا وحده صاحب هذا الفضل , فلا فضل لنا فيه و لا فضل لنا به على أحد , و لأن الله جل وعلا هو وحده من يفضل خلقه على بعض , حيث يقول جل وعلا ( يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ) , فصدق الإيمان لا يعلمه سوى الله سبحانه و تعالى , لذا لا يجوز من التعالي فيه على البشر .  

و خلاصة فتنة الإيمان نجدها في قوله جل و علا :

( وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون * ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين * وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا اليس الله باعلم بالشاكرين ) ,

كما تأتي مسألة الإيمان بالوحي بتعبير العلم و هو العلم الإلهي الذي أعلمهم به , و كيف ينعكس هذا الإيمان على أصحابه بالفتنة :

فيقول جل وعلا ( فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا ) ,

و يقول ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ) ,

و يقول ( وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم ) ,

و موضوع فتنة الله جل وعلا في جانب الإيمان هو دلاله على تحويل الخير إلى شر و هو من صنيع المخلوق , و هو استغلال لتلك الفتنة و الاختبار بحرفها عن مسارها , باستبدال الخير و تحويله إلى شر , و بتحويل الحق إلى باطل ( يا اهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون ) . 

اجمالي القراءات 3493

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-04-09
مقالات منشورة : 196
اجمالي القراءات : 1,413,613
تعليقات له : 223
تعليقات عليه : 421
بلد الميلاد : فلسطين
بلد الاقامة : فلسطين