فى هذا الجزء الثانى وبما أن الموضوع الذى فى أيديينا هو وصف حال المسلمين عبدة الطاغوت وعلاقته بالطاعة والإتباع، نجد أن الله سبحانه وضح لنا فى القرءآن العظيم ردة الفعل من هؤلاء حين تعرضوا لمبدأ الطاعة و:
وصف حال المسلمين عبدة الطاغوت - ج 2

محمد صادق Ýí 2017-10-27


 

وصف حال المسلمين عبدة الطاغوت - ج 2

بسم الله الرحمن الرحيم

فى هذا الجزء الثانى وبما أن الموضوع الذى فى أيديينا هو وصف حال المسلمين عبدة الطاغوت وعلاقته بالطاعة والإتباع، نجد أن الله سبحانه وضح لنا فى القرءآن العظيم ردة الفعل من هؤلاء حين تعرضوا لمبدأ الطاعة وأوامر الإتباع وأوضح بصورة جلية تكاد تكون مشاهد عملية وردود فعل بكل دقة إلى أن التفاصيل فى هذه الآيات تعبر بشكل جلى عن تعبيرات الوجه والأيدى والنفور عداك عن عنادهم فى الإصرار على الكذب والإفتراء. لذلك لم استعرض موضوع الطاعة والإتباع لغويا وقرءانيا لأن ليس هذا هو الموضوع الأساسى الآن ويمكن إن وفقنى الله ففى المستقبل القريب أنشر بحث منفصل عن الطاعة والإتباع من الناحية اللغوية وكيف إستعملهما الله جل وعلا فى القرءآن العظيم.

قبل الدخول على القرءآن الكريم وتجميع الآيات البينات فى هذا الصدد ، أود أن أنبه القارئ الكريم بأن عليه أن يلاحظ بعض النقاط التى ستسهل عليه متابعة هذا الموضوع بدون صعوبة. النقط التى يجب مراعاتها هى:

الفرق بين الطاعة والإتباع ، الفرق بين الرسول والنبى ، وليس كل مرة يذكر فيها كلمة رسول تعنى الرسول محمد عليه السلام ، وما هى مهمة الرسول وما هى مهمة النبى.

مقدمة مختصرة عن الطاعة والإتباع ودور الرسول النبى:

أن الله فصل بين مفهوم الطاعة والإتباع الملزم علينا تجاه الرسول النبى محمد عليه السلام مما يؤكد على وجود بُعْدَين لدوره الكريم. فالله أمرنا بطاعة الرسول محمد من جهة وإتباع النبي محمد من جهة أخري. أي أن السميع العليم لم يكلفنا بالطاعة لمحمد النبي كما كلفنا بطاعته كرسول. فالرسول  محمد جاء ليبلغ رسالة القرءآن وكذلك ليرسى قواعد أول دول إسلامية مدنية. ومن هذا المنطلق أصبح له دور رسالي ودور قيادي؛ الدور الرسالي خاص بالقرءآن وتبليغه والدور القيادي خاص بإتمام مكارم الأخلاق لإرساء دولة مدنية. الرسالة جاءت عالمية الأبعاد مطلقة الحدود ولهذا وجبت الطاعة للرسول حاملها. أما القيادة النبوية فهي وقتية لتقييد الحلال المطلق زمنيا وطبقا لإحتياجات العصر، وعليه وجب إتباع النبي، المعلم، والقائد العظيم فى نهجه، وذلك بوضع أسس وقوانين طبقا لما يتناسب مع عصر كل أمة لتقييد مطلقها الحلال بما يدير النفع على المجتمع.

والآن نعود إلى كتاب الله تعالى لنستعرض بعض الآيات على سبييل المثال وليس الحصر التى تخدم هذا الوضوع:

الإطاعة: جميع آيات الإطاعة جاءت بكونه رسول يحمل رسالة. فالطاعة المقصود بها الرسالة.أولا:

قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِين } (سورة آل عمران 32)

وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } (سورة المائدة 92

عدم إطاعة الله والرسول لقد إعتبرها رب العباد كفرا. لأن المقصود هنا بالطاعة هى طاعة الرسالة التى حملها الرسول محمد وبلغها للناس فإن تولوا بمعنى رفضوا - تعنى رفض إطاعة الله فى رسالته للناس والتى جاءت لنا على لسان الرسول محمد ، وفى آية المائدة وضحت العلاقة بين الرسول ومهمته البلاغ المبين .... الرسالة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا  } (سورة النساء 59

فإن تنازعتم .... الحل :. الله ورسوله ... الرسالة ... القرءآن العظيم بشرط ...إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ  } (سورة الشورى 10

***نلاحظ فى آية النساء جاء لفظ تنازعتم ... الحل : فردوه إلى الله والرسول... أما فى سورة الشورى جاء لفظ إختلفتم... الحل: فحكمه إلى الله. أترك التدبر فى الفرق بين إختلفتم وتنازعتم وبالتالى الحكم إختلف أيضا للقارئ الكريم.

***حين يُتلى القرءآن الكريم نجد أن الله سبحانه حدد نوعين من العباد الذى تلِى عليهم القرءآن فقال:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) } (فصلت 26 - 28

وعلى النقيض ترى وصف الله سبحانه وتعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " (سورة الأَنْفال 2

أنظر الدقة فى التعبير الذى يكاد يكون صورة حية وهى فى الواقع تجدها حين تريد أن توجه نصيحة لوجه الله تعالى بالعودة إلى آيات الله البينات فقال:

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } (سورة الحج 72

ثانيا: الإتباع:

من بداية الخليقة ومن وقت وجود الإنسان على هذه الأرض، لم يترك الله سبحانه عباده يسيحوا فيها بدون قانون ينظم كل الأحوال والتعايش فيما بينهم وبين مخلوقات الله جل وعلا فقال : { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } (سورة طه 123

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة آل عمران 31)

الاتباع يكون في حسن الأداء وفي طريقـة الأداء فيما أمرنا الله تعالى به أو نهانا عنه.

  *** وجاء تحذير ولايزال قائما إلى يوم القيامة:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُواخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (سورة البقرة 168)

فلنرى كيف وصف الله جل وعلا عُباد الطاغوت بعد هذا التحذير:

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"   (البقرة 170)

وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (سورة الأَنعام 116)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ "( لقمان 21)

إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28 } (سورة محمد 25 - 28

   والآن نجد أن الله سبحانه لخص لنا الإتباع الذى يرتضيه لعباده:

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا } (سورة النساء 125)

{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (سورة الأَنعام 155)

وعن الرسول عليه السلام:

" إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ" الأحقاف 9

فى الختام:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) } (سورة الأَنْفال 2 - 4

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) (الأَنعام 112 - 115

صدق الله العظيم...

اجمالي القراءات 8855

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأربعاء ٠١ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87406]

الأستاذ أبو على محمد على


أخى الكريم الأستاذ أبو على ...السلام على من إتبع الهدى



أشكرك على مرورك بالمقال وكلماتك الطيبة التى تنم عن قوة الإيمان وحسن التدبر.



أخى الحبيب ما كلفتنى به هو أكبر من مستوايا العلمى لأنى ما زلت تليذ فى مدرسة القرءآن العظيم ولكن الموضوع مشوق جدا وسأحاول العمل فيه وإن كانت النتائج مرضية لى شخصيا بشكل عام سوف أنشره تلبيتا لطلب سيادتكم.



كل التقدير والإحترام،



أخوكم محمد صادق



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-10-30
مقالات منشورة : 443
اجمالي القراءات : 7,004,924
تعليقات له : 699
تعليقات عليه : 1,402
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Canada