الدين العملى لابن عبد الوهاب هو حرب الله جل وعلا ورسوله

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-03-30


الدين العملى لابن عبد الوهاب هو حرب الله جل وعلا ورسوله

كتاب : نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية

الباب الأول : الأرضية التاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية

الفصل السابع : الارهاب الوهابى وقلب المعادلة فى أواخر العصر العثمانى

المزيد مثل هذا المقال :

الدين العملى لابن عبد الوهاب هو حرب الله جل وعلا ورسوله

مقدمة : شريعة الاسلام وشريعة الحرب ضد الله جل وعلا ورسوله

1 ـ  شريعة الاسلام تحصر تشريع القتل فى القصاص فقط مع كون الدية مانعا للقتل قصاصا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) البقرة) .

2 ـ وهو نفس الحال فى القتال الدفاعى فى الاسلام ، قال جل وعلا : (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ).

3 ـ والله جل وعلا جعلها قاعدة تشريعية تكررت ثلاث مرات تؤكد على حُرمة قتل النفس البريئة التى لم تقع فى جريمة القتل . قال جل وعلا ضضمن الوصايا العشر: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الانعام  )وأكّدها ضمن صفات عباد الرحمن  (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (68) الفرقان ) وفى قوله جل وعلا : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً (33) الاسراء  ).

4 ـ رب العزة جل وعلا جعل إستحلال القتل للنفس البريئة قتلا للناس جميعا . لأن هذا الاستحلال يجعل القتل دينا ، أى قابلا للتطبيق على أنه شرع اسلامى بالتزوير . وبالتالى فإن فتاوى ابن تيمية بالقتل للأبرياء هى بمثابة قتل للناس جميعا ، وبالتالى أيضا فإن من يتصدى لهذه الفتاوى بالرد والانتقاد وتبرئة الاسلام منها يكون بمثابة من أحيا الناس جميعا . وما أروع قوله جل وعلا : (  مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )(32) المائدة ). الروعة هنا أن الافتاء بالقتل يعنى تشريع القتل عموما ، وتجعل تنفيذ هذا واجبا دينيا وفريضة على يد كل من يؤمن بهذا التشريع الضّال، وهذه هى جريمة ابن تيمية وابن عبد الوهاب وسائر أئمة المحمديين دُعاة إستحلال الدماء والأموال والأعراض.  

5 ـ الآية التالية تجعل الذين يطبقون هذا الاستحلال عمليا محاربين الله جل وعلا ورسوله ، لأنهم يؤمنون بهذا القتل دينا ، إذ تمت نسبته لرب العزة ولرسوله الكريم فى أحاديث وفتاوى تجعله جهادا دينيا . يقول رب العزة جل وعلا :  ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)  المائدة ).

6 ـ بعيدا عن خطابه المنافق الكاذب فهذا بالضبط هو الدين العملى الواقعى لابن عبد الوهاب. ونعطى بعض التفصيل :  

أولا : ( جهاد ) اهل ( نجد ) فى حرب الله جل وعلا ورسوله :

 1 ـــ عاش ابن تيمية فى بيئة نهرية يحتكر العسكر فيها القوة ، ويتسلطون بها على الشعب الأعزل . وعندما أحس السلطان الناصر محمد بن قلاوون أن صديقه ابن تيمية سيكون مركز قوة ويستميل اليه بعض العسكر بادر بإعتقاله . أى لم يكن ممكنا أن يقيم ابن تيمية دولة مثل التى أقامها الفقيه محمد بن تومرت فى شمال أفريقيا والمغرب ، فابن تومرت كان فى منطقة جبلية صحراوية السكان فيها قبائل مسلحة عربية وأمازيغية . نفس الحال مع شبه الجزيرة العربية ،  خصوصا منطقة نجد .

2 ـ  فى صحراء نجد القاحلة والواسعة عاش الأعراب على قطع الطريق، وكانت تأتيهم الفرصة الكبرى حين تنشأ فيهم أو تنتشر بينهم دعوة دينية تبرر وتبيح لهم القتل والسلب للآخرين على أنه جهاد. ولذلك كان استحلال الأعراب النجديين لدماء المسلمين المسالمين وأموالهم وأعراضهم فى التاريخ الاسلامى مرتبطا بثورات نجد الدينية، تلك الثورات التى تخصصت فى التدمير وسفك الدماء. وما عدا الثورات ومشروعات الدول الدموية فإن تاريخ نجد العادى مجرد غارات داخلية فيما بينهم أو غارات سنوية عادية على قوافل الحجاج , أى مجرد غارات "علمانية" بدون شعارات دينية. ولكن تلك الغارات المعتادة استلزمت أن تسير قوافل الحجاج فى حماية جيش كامل، لحماية الحجاج من غارات أعراب نجد .ولقد تأثر ابن خلدون بتاريخهم الدموى فقرر فى مقدمته الشهيرة أن الأعراب هم أسرع الناس للخراب، وأنهم يحتاجون إلى دعوة دينية يستطيعون من خلالها استحلال الدماء والأموال والأعراض وإسباغ الشرعية على ثوراتهم واعتدائهم( مقدمة ابن خلدون: 125: 127.)

3 ــ فى "نجد" بدأ التطرف مبكراً حين كانت المركز الأساسى لحركة الردة، ففى سهل حنيفة ظهر مسيلمة الكذاب وتحالفت معه سجاح التميمية، ولنتذكر أنه فى نفس سهل حنيفة ولد وعاش محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية فيما بعد. ولقد وصف القرآن الكريم معظم الأعراب بأنهم أشد كفراً ونفاقاً (التوبة: 97) وقد خضع الأعراب لقوة المسلمين وسالموها، مع أن الإسلام لم يدخل قلوبهم بعد (الحجرات: 14) فلما توفى النبى محمد عليه السلام وتولى أبو بكر تمردوا على الدولة فى حركة حربية هادرة مركزها "نجد". وبعد إخماد حركة الردة بصعوبة بالغة رأى أبو بكر أن يتخلص من بأس الأعراب النجديين بتصدير قوتهم الحربية إلى الخارج شمال نجد , فكانت حركة الفتوحات العربية إلى شمال نجد فى العراق أولاً، ثم الشام وإيران . وتكونت جيوش الفتوحات من أغلبية من الأعراب (المرتدين سابقاً) وقيادة من الأمويين القرشيين (المعاندين سابقاً) ذلك أن الأمويين رأوا أن مصلحتهم السياسية والاجتماعية تحتم عليهم الدخول فى الدين الجديد،   وانتهت الفتوحات وقد أصبح الأمويون وحلفاؤهم القرشيون يحكمون الشام والعراق ومصر وشمال أفريقيا باسم الإسلام، وفى خلافة عثمان سيطروا عليه، فاصطدموا بأعراب نجد فكانت الحرب الأهلية بين المسلمين أو ما يعرف بالفتنة الكبرى،  وكانت قضية "السواد" هى بداية الفتنة الكبرى . والسواد هى الأرض الزراعية الواقعة بين نجد والعراق، وكان أعراب نجد يتطلعون إلى امتلاك "السواد" لأنها الأقرب إلى موطنهم وحيث كانوا يغيرون عليه قبل الإسلام ويحلمون بامتلاكه، ولكن الأمويين لم يسمحوا لهم بذلك واعتبروا "السواد" "بستان قريش"، فاشتعلت الثورة، وقتل ثوار نجد عثمان بعد أن حاصروه، ونصبوا "علياً" خليفة، واشتعلت الحروب الأهلية، وفيها كان أعراب نجد هم عماد جيش على، ثم ما لبثوا أن خرجوا عليه وقتلوه وأصبح اسمهم الخوارج.

4 ــ وبهذا تحول الاعراب النجديون من مسلمين في عهد النبي - كيدا فى قريش ـ الي مرتدين عن الاسلام ـ بعد دخول قريش فيه ، ثم مسلمين للمرة الثانية بعد أن هزمتهم قريش ، ثم الي فاتحين فى عصر أبى بكر وعمر تحت امرة قريش، ثم الي ثوريين علي عثمان حين انحاز الى القرشيين الأمويين وفضّلهم فى الأموال على بقية المسلمين ،ثم الي شيعة وأنصار لعلى بن أبى طالب ، ثم الى خارجين علي عليّ بن أبى طالب . كل ذلك التقلب حدث فيما بين موت النبي (11هـ،سنة 632م )الي مقتل علي علي ايديهم (40هـ،661)أي خلال اقل من ثلاثين عاما.

5 ـ  واصطبغت حركتهم بالعنف المرتبط بتفسير ديني، يسري هذا علي قبولهم المتحمس للاسلام في عهد النبي ،ثم خروجهم عليه في حركة الردة تحت زعامة مدعي النبوة ،ثم انغماسهم في الفتوحات علي انها جهاد يغنمون منه النصر والشهادة والغنائم في الدنيا و الاخرة ،ثم حين ثاروا علي عثمان رفعوا لواء العدل ،وحين رفع الامويين المصاحف علي اسنة الرماح في موقعة صفين خداعا ارغموا عليا علي الموافقة علي التحكيم لكتاب الله ،ثم حين ظهر ان التحكيم خدعة خرجوا علي (علي)  لأنه وافق علي التحكيم واتهموه بالكفر ثم قتلوه. بعدها تفرق معظم أعراب نجد تحت اسم الخوارج وأخذوا يرفعون لواء الحاكمية "لا حكم إلا لله" ويقتلون المسلمين المسالمين فى العراق وإيران، فالخوارج استباحوا قتل المسلمين ، يقول الملطى (377 هـ) عن الطائفة الأولى منهم، إنهم كانوا يخرجون بسيوفهم فى الأسواق حين يجتمع الناس على غفلة فينادون "لا حكم إلا لله"، ويقتلون الناس بلا تمييز(الملطى: التنبيه والرد: 47 تحقيق زاهد الكوثرى ) . وهذا شبيه بما يفعله الوهابيون الآن من عمليات انتحارية وهم يهتفون ( الله أكبر ).!

6 ـ هذا القتل والقتال باسم الدين يعنى ( الاستحلال ) ، وهو يختلف عن القتل العادى والقتال العادى . هتلر بكل ما ارتكبه لم يزعم أن الله جل وعلا أمره بهذا . آل كابونى زعيم المافيا الأمريكية المشهور والذى قيل إنه قتل ألف رجل ــ لم يزعم أنه قتل من قتلهم جهادا فى سبيل . أى ليس فيما فعله هتلر أو كابونى إستحلال . ولكن الذى فعله الخلفاء القرشيون بدءا من أبى بكر وعمر ومعه ( صحابة الفتوحات ) هو إستحلال للقتل والقتال والغزو والاحتلال والسلب والنهب على أنه جهاد مفروض ـ  هنا يكون حربهم لرب العزة جل وعلا ورسوله . وتأسست ثقافة أعراب ( نجد ) على هذا الاستحلال فتحولت غاراتهم الى ( جهاد ). لم يتوقف بعد إخماد ثورات الخوارج فى العصر العباسى الأول .

7 ـ فى العصر العباسى الثانى إندلعت بجوار البصرة ثورةالزنج ، وإنضم اليها النوج وأعراب نجد . ثورة الزنج خربت جنوب العراق طوال خمس عشر سنة (255-270) هـ الى أن تم اخمادها بصعوبة بالغة. وفيها قتل الثائرون ثلاثين ألفاً حين استولوا على مدينة الأبلة فى العراق سنة 256 هـ، وفى العام التالى دخل البصرة زعيم الزنج بعد أن أعطى أهلها الأمان، ولكنه نكث بعهده فقتل أهلها وسبى نساءها وأطفالها وأحرق مسجدها الجامع، وكان من بين سباياه نساء من الأشراف، وقد فرقهن على عسكره من الزنوج يغتصبونهن ، وكانت السبايا العلويات تباع الشريفة منهن فى معسكره بدرهمين وثلاثة، وحين استجارت به إحداهن ليعتقها أو ينقذها من ظلم سيدها الزنجى قال لها: "هو مولاك وأولى بك من غيره".( تاريخ الطبرى: 9، 472، 481، والمسعودى: مروج الذهب 4 : 146 ).

8 ــ  ثم ما لبث أعراب نجد أن اشتعلت ثورتهم هادرة تحت اسم القرامطة وهى دعوة يختلط فيها التشيع بغيره، لأن المهم لدى زعماء النجديين وجود أى مبرر دينى يسوغ لهم التدمير وإقامة المذابح باسم الاسلام .امتدت غارات  القرامطة إلى العراق والشام والحدود المصرية، ولم تنج الكعبة من تدميرهم، وقد سبقوا المغول فى سياسة الأرض المحروقة، أو إبادة كل الأحياء فى المدن التى يستولون عليها، وقد شهد المؤرخ الطبرى جانباً من فظائعهم وسجلها فى الجزء العاشر والأخير من تاريخه فيما بين (286-302) هـ واستمرت فظائعهم بعد الطبرى بقرنين تقريباً حتى تغلب عليهم أعراب المنتفق. وكان القرامطة أكثر وحشية فى استباحة الدماء والأعراض، ومن موقع المعاصرة والمشاهدة روى الطبرى بعض أخبار زعيمهم ، منها أنه خصص غلاماً عنده لقتل الأسرى المسلمين، وأنه استأصل أهل حماة ومعرة النعمان وقتل فيهما النساء والأطفال، ثم سار الى بعلبك وقتل عامة أهلها، وسار إلى سلمية وأعطاهم الأمان ففتحوا له الأبواب فقتل من بها من بنى هاشم ( أى الأشراف من ذرية النبى محمد ) ثم اختتم بقتل أهل البلد أجمعين بما فيهم صبيان الكتاتيب، ثم خرج عن المدينة وليس فيها عين تطرف، ونشر الخراب والدماء فى القرى المحيطة. أما ما فعله فى الكعبة وقتل الحجاج فيها وإلقاء الجثث فى زمزم، واقتلاع الحجر الأسود، فذلك ما استفاضت فيه الأخبار، وهذه الوحشية فى قتل الأبرياء كانت تقوم على منهج فكرى أشار إليه النويرى فى حديثه عن التربية الفكرية لشباب القرامطة، كما أشار إليها الطبرى فى قصة واقعية لشاب اقتنع بالدين القرامطى وهجر أمه وأسرته مقتنعاً بالدين الجديد معتقداً استحلال الدماء.  (أخبار القرامطة فى تاريخ الطبرى: 10، 71، 77، 86، 94، 99، 107، 115، 116، 121، 128، 130، 135، 148، وفى نهاية الأرب للنويرى 25، 195: 227 وما بعدها.) .

9 ـ وبعد القرامطة عاد أعراب نجد إلى ما اعتادوه من قطع الطريق على الحجاج والاقتتال فيما بينهم، إلى أن ظهر فيهم محمد بن عبد الوهاب بدعوته الدينية وتحالف مع ابن سعود، وكان أهم بند فى التحالف بينهما (الدم الدم، الهدم الهدم)، وأعطاه ابن عبد الوهاب تشريع الاستحلال بعد أن اتهم كل المسلمين الآخرين بالكفر وجعل ذلك الاتهام مبررا دينياً للغزو والتوسع، وبذلك قامت الدولة السعودية الأولى، ونشرت السلب والنهب وسفك الدماء فى الجزيرة العربية وحول الخليج وفى العراق والشام، إلى أن اضطرت الدولة العثمانية للاستعانة بواليها على مصر "محمد على باشا" فقضى على الدولة السعودية ودمر عاصمتها "الدرعية" سنة 1818 م.

10 ـ ولا تختلف مذابح الخوارج والزنج والقرامطة – وقادتهم من أعراب نجد أساسا- عن المذابح التى قام بها النجديون الوهابيون السعوديون فى تأسيس الدولة السعودية الأولى ، والدولة السعودية الثالثة الحالية، وقد  وصلت تلك المذابح الى العراق والشام والبيت الحرام وسائر مدن الحجاز ، وكان أكثر الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ.

ولا تختلف هذه المدرسة الفكرية التى كان يعدها القرامطة لغسيل مخ الشباب عن الاعداد الفكرى الذى كان فقهاء الوهابية يعدونه لشباب الأعراب النجديين فى العقد الثانى من القرن العشرين والذى يتحول به الشاب الاعرابى الى مقاتل عنيد يرى الجهاد فى استحلال قتل كل من ليس وهابيا، وعن طريق هذا الاعداد الثقافى تكون "الاخوان " جنود عبد العزيز آل سعود الأشداء الذين أسسوا الدولة السعودية الحالية، وكانت سمعتهم فى القتل والتدمير ترعب قرى الشام والعراق، كما لايختلف عن الاعداد الثقافى الذى تقوم به جماعات الاخوان وبقية التنظيمات العلنية والسرية فى تاريخنا المعاصر والذى يجعل الشاب المصرى المسالم يستسهل تفجير الشوارع والمبانى معتقداً أن ذلك جهادا فى سبيل الله.  

ثانيا : لمحة عن تكوين الدولة السعودية الأولى بالجهاد النجدى ( حرب الله جل وعلا ورسوله )

1 ـ التحالف الذى عقده ابن عبد الوهاب مع ابن سعود هو الدليل الأكبر على الجهاد النجدى الذى يعنى حرب الله جل وعلا ورسوله ، بإستحلال الدماء والأعراض والأموال ، والزعم بأن هذا هو دين الاسلام . وهذا التحالف هو أيضا الدليل الأكبر على أن الخطاب الدعائى لابن عبد الوهاب ليس سوى نفاق وأكاذيب .

2 ـ لقد قامت الدولة السعودية الأولى بناء على هذا التحالف بين الشيخ والأمير محمد بن سعود صاحب الدرعية ، وهى مدينة منسية فى صحراء نجد. تم هذا التحالف عام 1158 هجرية ( 1745 )، وبه أعطى ابن عبد الوهاب للأمير السعودى مسوغا شرعيا لغزو البلاد الأخرى واحتلالها وقتل أهلها بعد اتهامهم بالكفر واكراههم على قبول الوهابية ـــ على أنها الاسلام، زاعما ان هذا هو الجهاد الذى كان يفعله النبى محمد عليه السلام .

3 ــ بهذا التحالف قامت الدولة السعودية الأولى، وقتلت مئات الألوف من السكان المسالمين فى الجزيرة العربية والعراق والشام. بدأ السعوديون باحتلال نجد كلها ثم ضم الأحساء وتوسعوا فى غاراتهم لتصل الى قطر والبحرين والكويت وعمان ، ثم ضموا الحجاز ، وحاربوا اليمن ، وتطلعوا لاحتلال العراق والشام. وأدى توسعهم هذا المرتبط بالمذابح والتدمير الى اضطرار الدولة العثمانية للاستعانة بواليها القوى فى مصر ( محمد على باشا) الذى أرسل حملتين الى الحجاز لاستعادته من السعوديين الوهابيين سنة 1811 واستمرت الحرب بينه وبينهم الى أن تم تدمير الدرعية العاصمة السعودية سنة 1818 .

4 ـ ولأن الوهابية ظلت بدون نقاش يؤكد تناقضها مع الاسلام فقد أُقيمت عليها الدولة السعودية الثانية (1818-1891) ، والتى اسقطها النزاع الداخلى بين أبناء سعود . ثم إستطاع عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل تأسيس الدولة السعودية الثالثة الراهنة ، واعطاها إسم أسرته عام 1932. وبالبترول نشرت السعودية دينها الوهابى على أنه هو الاسلام ، ونشرت بالجهاد الوهابى حمامات الدم فى العالم على أنه جهاد إسلامى ، فأصبحت بوهابيتها محور الشّر فى عصرنا .

اجمالي القراءات 8323

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الخميس ٣٠ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85520]

شكرا استاذ محمد حسن وأقول


بعون الله جل وعلا سنتعرض لاصول الدين المحمدى الذى أرسته قريش بفتوحاتها ، والذى نبعت منه الوهابية . وبالتالى سنناقش التناقض بين هذا الدين القرشى ودين الاسلام . 

غير ذلك سبقت تفاصيله فى مؤلفات منفصلة .

2   تعليق بواسطة   محمد يحيى محمد امين     في   الخميس ٣٠ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85521]

مقال في الصميم جزاك الله خير دكتور أحمد


للأسف الشديد لم يتغير تفكير وعادات معظم الناس التي لقبت بالأعراب في القرآن الكريم حتى بعد كل هذه السنين والتطور التكنلوجي لا بل استفادوا من التكنلوجيا لنشر افكارهم العمياء فهم ينظرون لمن دونهم بالدونيه ويتبعون من هم أقوى منهم بالتبعية لا استطاعوا ان يردوا الظلم عن أنفسهم ولا الترحم لمن هم تحت سيطرتهم يشتكون ظلم الحاكم و يظلمون من يحكمونهم لا يوجد عندهم مرجع ديني او علمي مرجعهم الوحيد هي القبلية لديهم ميول للتطرف و العدوانية في كل شيء تجد حتى الملحد منهم متطرف وعدواني حتى في إلحاده يريد الكل يتبعه من غير نقاش تجدهم في كل مكان حول العالم  ولكن النسبة مرتفعة جدا في مناطق اللي بالي بالك و هم المسيطرون حاليا ومسؤلون بشكل مباشر أو غير مباشر في كل الفوضى العارمه بين المسلمين من تخلف و فقر نحن لدينا مهمه كبيرة في اخراج الناس من سيطرة القومية المظلمة الى توحد الناس ورؤية النور بعد عصور من الظلام



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٣١ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85523]

أدعو الله جل وعلا أن يحقق أمانينيا وننتصر عليهم


وليس هذا ببعيد .

فلدينا قوة المعلومات والفكر . ولا ينقصنا سوى الامكانات .

عدونا يجتهد فى التعتيم علينا حتى لا يصل صوتنا الى الملايين ، وبرغم قلة إمكاناتنا فإن صوتنا يصل وينتشر . لو أُتيح لنا ثمن دبابة فقط لنجحنا فى إنقاذ آلاف ،لأن حربنا الفكرية السلمية هى لانقاذ الجميع :المغفلين المخدوعين فى الوهابية الذين يرتكبون الأعمال الارهابية و الضحايا . أعتقد ــ وأتمنى ــ أن يلتفت الينا أحد ممّن يحبّ السلام ويكره سفك الدماء ، ويتعاون معنا بإمكاناته ، وبالاتحاد والتعاون بين الفكر والامكانات ننقذ ملايين الضحايا المفترضين . 

اهلا بك استاذ محمد يحيى كاتبا معنا فى الموقع . ننتظر منك تفاعلا أكبر . 

4   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الجمعة ٣١ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85530]

سؤال خارج لُب المقال !


كالعادة الدكتور أحمد حفظه الله و فوق العادة تلخيص مميز لأحداث غيرت مجرى الحياة و مازالت تغير و يبقى القرآن العظيم شاهدا و حاكما على كل الأفعال !! و من أسف أن ترتكب كل تلك الفظائع باسمه و هو منها برئ .



سؤالي و قد يكون خارج لُب الموضوع و هو عن المصاحف التي رفعت على أسنة السيوف قبل التحكيم و هو كم كان عدد هذه المصاحف ؟ و هل في وقتها يوجد كم هائل من المصاحف بحيث يستأثر به جنود معاوية !! هذا مع العلم أن عثمان بن عفان - كما يقال - أحرق النسخ الماضية و وحدها في مصحف يسمى بالمصحف العثماني و الفترة بين مقتل عثمان و معركة صفين ليست ببعيدة بحيث تنسخ ( تكتب ) مصاحف بهذا الكم الهائل و تكون بيد جيش معاوية و الذي تعداده بالآلاف !! هذا ناهيك عن المصاحف التي يفترض أن تكون موجودة في جيش علي كذلك فلماذا هي موجودة في جيش معاوية حصراً ؟



5   تعليق بواسطة   محمد يحيى محمد امين     في   الجمعة ٣١ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85532]

شكرا سعادة الدكتور أحمد


انشاء الله سأكون إضافة وعند حسن الظن



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4979
اجمالي القراءات : 53,294,737
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي