حوار بين الأزهر وداعش (7)

سامح عسكر Ýí 2016-03-29


د عطية: الأزهر قدم الكثير..أخرج العلماء والفقهاء في كل العلوم، حتى في دولتكم الإسلامية من هم خريجي الأزهر، ولولا علوم هذه الجامعة العريقة لتمكن الملحدون والمشركين والفرق الضالة، لكن نحمد الله أن حفظ أزهرنا ولم يلعنه كما تفعل الآن بغير علم..

الشيخ أبو علي الشامي: ها أنت قد فعلت كما فعل سلفك الشيخ عبدالعال..تهورت وعلا صوتك تعصبا وحمية لغير الله..ليس بينكم رجل رشيد..تدافعون عن كيان مبتدع وكأنه الدين.

د عطية: أجبرتني على ذلك بهجومك الحاد على الأزهر، ثم أنا لم أهاجم الدولة الإسلامية وأصر على أن أخاطبك بالحسنى والذين معك، هكذا تعلمنا في هذه المؤسسة العظيمة..

الشيخ أبو علي الشامي: كلا لا تقارن بين الأزهر والدولة الإسلامية، فالرسول لم يأمر باتباع الأزهر بل دولة الخلافة، والأحاديث في ذلك متواترة.. حتى لديكم في الأزهر تدرسوها للطلاب وتفتخرون بها على المنابر..ومع ذلك ترفضون تطبيقها الآن.. وكأن النبي لو بعث بها لاتبعتم الكفر والطغيان..

د عطية: إذا كان النبي لم يأمر باتباع الأزهر إلا أن الأزهر يأمر باتباع النبي، والفارق بيننا وبينكم أن لديكم القاضي والخليفة يفتيان عن الله ورسوله، وهذه كهانة منعها الله في القرآن..قال تعالى.." ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون".. [النحل : 116]..فالأصل في الفتوى أنها اجتهاد وليست تشريع، تبقى تشريعا إذا حصلت على الشروط الثلاث المتفق عليها وهي أن توافق القرآن والسنة والإجماع، وقد اتبعت أكثر فتاويكم وجدتها إما تخالف هدي النبي في السيرة وإما تنكر نصا معلوما من الدين بالضرورة أو تخالف الإجماع أو الجمهور، والأدلة ثابتة عليكم في مسائل كثيرة كالإفراط في القتل والمجازر الجماعية وقتل الأسرى والعُزل من السلاح..ناهيك عن الذبح والحرق والتمثيل بالجثث..وهذه وإن كانت بها نصوص نبوية إلا أنها لم تحصل على شرط الإجماع كي تصبح تشريعا.

ليس هذا فقط..بل باتباعكم الخليفة والقاضي دون اعتراض أو بيان الأدلة أو إمكانية محاسبتهم وقعتم تحت طائلة قوله تعالى.." أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله "..[الشورى : 21]..وفي الأزهر لم نجعل لله شركاء ..حتى مجامع الفقه كدار الإفتاء ومجمع البحوث لم يزعموا أن قولهم يضاهي قول الله..أو هي فتوى باسم الدين..بل نطرح الفتوى مرفقة بالأدلة وعلى المخالف أن يعترض بنفس الأسلوب..وقد نشأنا في الأزهر على هذه الميزة العلمية حتى خرج منا من شهد له العالم الإسلامي قاطبة.

الشيخ أبو علي الشامي: الله هو الذي يُفتي وليس الخليفة.. قال تعالى.." ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشري للمسلمين ".. ( النحل : 89 )..وشريعته حقة..قال تعالى.." صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة "..( البقرة: 138)..نحن نفعل ما يأمرنا به الله في كتابه الواضح، وليس لأحد في الدولة أن يفتي بغير ما أحله الله وأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم.

أما بشأن المزاعم التي قلتها فحذار من الاعتداء على النبي لعدم رضوانك عن فعله، النبي قال لقريش.."لقد جئتكم بالذبح"..والحديث في أعلى درجات الصحة، وقتل النبي جماعة بني قريظة، وقد ثبت أن سيدنا أبي بكر الصديق-رضي الله عنه- أحرق الفجاءة السلمي، أنتم ترون أن هذه الأفعال لا تجوز وفاعليها مجرمون..وهذا سب للنبي وصحابته، بينما نرى أن مجرد فعل النبي والصحابة أو إقرارهم بذلك يعني (الجواز أو الندب) وليس (الوجوب) وهو الفارق الذي لم تنتبه إليه، فنحن لم نجبر وليس لنا أن نجبر الجميع أن يذبح ويحرق، بل إذا رأى القاضي ذلك فله ما عمل، ولو كان وزرا فله وزره ..ووزر من عمل به، ولو كان صالحا فله صلاحه، والجميع في الدولة يحترم القانون ويعمل بالشريعة ولا نرضى بأن يصادر أحدنا حقوق الآخر أو يجاوز مظلمة أحد، والظالم لدينا في بعض الأحيان يُعدم..بينما لديكم في مصر يُكرّم ويُصبح في أعلى عليين..

د عطية: فلنهدئ الحوار قليلا..نحن أخوة في الإسلام ولا أظن أن كلانا يعصي الله عن بصيرة، بل نطيعه قدر ما استطعنا وفهمنا، وواضح أن أدلتكم محكمة..ولبيان سلامة نيتي أوافق على بيانكم الأخير أنكم في الدولة تشعرون أنكم لا تفتون عن الله، وفي حديث أبي سعيد الخدري إَضاءة..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شجرة الثوم.."ياأيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكن هذه شجرة أكره ريحها"..(رواه مسلم) فليس لأحد فينا أن يخالف كلام الله، ونقلد النبي في ذلك، لكن مبعث نقدي لكم هو أن شعوركم بعدم الفُتيا عن الله وإن كان صادقا من جانبكم إلا أنه ليس دليل على صحته وأهليته بالمطلق، فكل ابن آدم خطاء، وكثير منكم يخطئون حتى القُضاه، فلماذا لا نسلم بهذا الأصل ابتداء؟

الشيخ أبو علي الشامي: بل نخطئ ونصيب ..ونحن بشر لسنا آلهة..والحكمة تقول أن الصواب يولد من رحم الخطيئة.. ونحن نجتهد في الدولة ان نغير أنفسنا بشدة وبسرعة ..قال تعالى.." إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".. ( الرعد : 11 ) فمجالس التربية عندنا من أرفع ما يكون ، ويهتم بها الخليفة والهيئة الشرعية بأنفسهم على الدوام، وفي الصلوات والمناسك والشعائر نكون كلنا على قلب رجل واحد، وفي المصائب والشدائد جميعنا أخوة متحابين، ومن يقع في الحيرة والشك أو الضعف لا نطرده، بل نعين له جماعة لتقويمه وإصلاحه على الفور..فما لدينا من قوانين صارمة تجاه الخطأ يجعل الدولة الإسلامية هي القدوة الحسنة والنموذج الأمثل لتطبيق شريعة الله في أرضه.

د عطية: ومع ذلك توجد مساحة للاستنباط أشار إليها الشيخ عبدالعال في حواركم السابق، وأهمية وجود أهل الاستنباط من أهمية الشريعة..فمن هم أهل الاستنباط لديكم؟..وما الشروط التي يجب أن تتوفر فيها جماعة وفرادى؟

الشيخ أبو علي الشامي: أهل الاستنباط هم العلماء وأهل الذكر، وهؤلاء يستنون بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في تبيان وشرح القرآن، قال تعالى.." إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله "..[النساء : 105] وقوله.." وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "..[النحل : 44] وسنة النبي في القياس على تحريم الجمع بين الأختين في تحريمه الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، القياس ضروري ولسنا منكريه كما يتهمنا البعض، بل هو الأصل الرابع لدينا في الدين...وبالنسبة للشروط التي يجب أن تتوفر في أهل الاستنباط.. فيجب أن يكون مسلم بالغ عاقل مشهود له بالصلاح والتقوى وأن يكون من أهل العلم والمساجد ومن ذوي البصيرة وسعة الصدر والرؤية، وفوق ذلك يكون من أهل الجهاد في سبيله وأن لا يخشى في الحق لومة لائم..

أدعوكم ياأزاهرة باسم الإسلام أن تعودوا إلى الله، فكتابنا وكتابكم واحد، ورسولنا واحد، ما أنتم عليه يخالف منهج الإمام الحق الذي أمر النبي به وحض على طاعته، فتنصيب الإمام/ الخليفة واجب على كل أهل زمان ، وأصحاب هذا الزمان تكاسلوا وأخذتهم زينة الحياة الدنيا، بينما الإسلام يشتري الآخرة ، ومن يرد الدنيا عجلنا له فيها، جميعكم آثمون إن لم تتبعوا الإمام وستعاقبون مرتين في الدنيا والآخرة، لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا إلا من اتبع الله بقلب منيب..وأخيرا: إن الفتنة كل الفتنة في عدم اتباعكم جماعة المسلمين، حتى أمر النبي بالاعتزال وقت الفتنة لم تسلكوه وجئتمونا لنعبد الطاغوت..كلا والله لن نبيع آخرتنا بدنيانا..فلسنا طلاب سلطة ..بل نبغي مرضاة الله ولو كره الكافرون..

وإلى رد الدكتور عطية الأزهري في الجزء الثامن من الحوار..

اجمالي القراءات 6366

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,598,363
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 411
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt