القاموس القرآنى : حسب / حساب ( 2 : 3 ) ( حسب ) بمعنى يكفى

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-02-24


القاموس القرآنى : حسب / حساب ( 2 : 3 )  ( حسب ) بمعنى يكفى

 أولا : للنبى عليه السلام وللمؤمنين  : حسبى الله / حسبنا الله :

1 ـ قالها النبى محمد عليه السلام فى الخطاب للمشركين .

 كان الاعتقاد راسخا فى قدرة الأولياء المقبورين فى ( الأنصاب ) أو ( القبور المقدسة ) على النفع والضرر ، وأن من يعترض على هذا تنتقم منه تلك الأولياء الموتى . وهو نفس ما يحدث اليوم . لذا أمر الله جل وعلا رسوله أن يعلن لكفار قريش وغيرهم أن هذه الأولياء الموتى إنما هم بشر موتى تحولوا الى تراب ،وأنه يتحداهم إذا كانت أولياؤهم الموتى تستطيع أن تضره ، وأن (الولى ) المقدس المعبود هو الله جل وعلا وحده ، يقول جل وعلا ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (197) الاعراف ). وفى تخويفهم للنبى من غضب أوليائهم يؤكد رب العزة أنه جل وعلا يكفى عبده، يقول جل وعلا (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) الزمر ). وفى كل الأحوال كان كفار قريش ـ  مثل المحمديين فى عصرنا البائس ــ  يؤمنون أن الله جل وعلا هو خالق السماوات والأرض ، وهنا تكون الحجة عليهم ( كفار قريش والمحمديين ) : إذن لو أرادنى الله جل وعلا بضرر هل تستطيع أولياؤهم كشف هذا الضرر ؟ ولو أرادنى الله جل وعلا برحمة هل تستطيع منع هذه الرحمة ؟ الإجابة أن الله جل وعلا كاف عبده، أو(حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) . وهذا هو ما أمر به رب العزة رسوله الكريم . يقول جل وعلا : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر :38 ). أولياء قريش كانت أسماؤها اللات والعزى ومناة وهُبل . أولياء ( المحمديين )  أوهام تحت أسماء ( محمد ، الحسين ، البخارى ، الشافعى ، السيد البدوى ..الخ ). تصور نفسك أمام ضريح الحسين تعلن أنه أُكذوبة ولا ينفع ولا يضر . تخيل نفسك أمام الرجس المسمى قبر النبى تعلن أنه رجس من عمل الشيطان . الذى سيفعله المحمديون بك أفظع مما كانت تفعله قريش بالمؤمنين المنتقدين لتقديس البشر والحجر . لذا نفهم معنى ومغزى ( حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون ) .! ولقد قالها النبى محمد عليه السلام فى حواره مع المشركين . فماذا عن حواره بها مع المؤمنين ؟

2 ــ النبى مع المؤمنين  

معظم المؤمنين كانوا مستضعفين مُسالمين يؤثرون السلامة ، لذا كانوا يكرهون الحرب الدفاعية المفروضة عليهم مع انها خير لهم ( البقرة 216 النساء 77 ). ولكن كان حتما أن يدافعوا عن أنفسهم وقريش تهاجمهم،   وكان حتما أن يتحلُّوا بالصبر فى القتال، فكانت مهمة شاقة للنبى أن يجهزهم نفسيا للقتال الدفاعى . وفى هذا السياق قال جل وعلا للنبى :  (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ )الأنفال:)64 )، أى توكل على الله جل وعلا ، وقاتل بمن إتبعك من المؤمنين ، وأمره بتحريض المؤمنين على القتال الدفاعى والصبر : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)الانفال )

وظل هذا التثاقل عن القتال حتى سورة التوبة وهى من أواخر ما نزل من القرآن الكريم . هذا مع كونه عليه السلام رحمة للذين آمنوا وهو بهم رءوف رحيم وأحرص ما يكون عليهم . يقول جل وعلا  للمؤمنين وقتها :( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)التوبة). فإذا تولوا عنه وأعرضوا عنه فحسبه رب العزة يتوكل عليه:( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)التوبة:129 )

3 ـ المؤمنون حسبهم الله جل وعلا ، يكفيهم فى التوكل عليه وحده والاستعانة به وحده .

بعد أن إختطف جيش قريش نصرا سريعا فى موقعة (أُحُد ) سارع بالفرار ، وبرغم الجروح صمّم بعض أبطال المؤمنين على مطاردة الجيش القرشى ، وكالعادة إنبرى البعض يخوفهم ويحذرهم من كمين منصوب لهم ، فما إزداد أولئك الأبطال إلا تصميما ، وسارعوا بمطاردة العدو الهارب وهم يقولون ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) يقول جل وعلا : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)آل عمران:173 ). هى قصة رائعة فى عبرتها لنا ، وجاء سياقها فى قوله جل وعلا : (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)  آل عمران ). تدبر الآية الأخيرة ( 175 ).!! إذا خفت الله جل وعلا فلن تخاف من مخلوق . إذا لم تخف الله جل وعلا أخافك الشيطان من أى مخلوق . حكمة رائعة لا يفقهها المستبد الشرقى ، الذى لا يخاف الله فيظل أسير الهواجس لا يهدأ له بال .

ويقول جل وعلا  فى حُكم عام يسرى فوق الزمان والمكان : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق:3 ). الذى يتقى ربه جل وعلا يجد مخرجا فى أى أزمة ، ويأتيه الرزق من حيث لا يتوقع .

ثانيا : حسب : يكفى : السلفيون والمنافقون ( حسبهم جهنم ) أى يكفيهم عذاب جهنم .

1 ـ إذا كان النبى والمؤمنون حسبهم الله جل وعلا يتوكلون وعليه ويستعينون به ويقولون فى صلاتهم مخلصين ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فإن الكافرين والمنافقين مهما إعترفوا برب العزة خالق السماوات والأرض فهو لا يكفيهم وحده وليا مقدسا . ولأن االله جل وعلا عندهم لا يكفى وليس (حسبهم ) فإن حسبهم جهنم .

2 ـ والسمة العامة للمشركين فى كل زمان ومكان أنهم ( سلفيون ) يتمسكون بالثوابت المتوارثة وما وجدوا عليه أسلافهم،وهذه الثوابت هى (حسبهم)،وليس رب العزة وما أنزل رب العزة . وإذا خالف كتاب الله ثوابتهم ودينهم المتوارث فهم يكفرون بكتاب الله ويرفضون ما أنزل الله لأن حسبهم هو ما وجدوا عليه آباءهم . يقول جل وعلا : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)المائدة:104 ): ( ما أَنزَلَ اللَّهُ ) هو الرسالة أو القرآن أو (الرَّسُولِ). والتمسك بثوابت السلف جاء فى قصص الأمم السابقة ، فابراهيم عليه السلام:( إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54) الانبياء ) (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) الشعراء ). وإتهم فرعون وقومه موسى وهارون بالتشكيك فيما وجدوا عليه آباءهم:( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا (78) يونس ). ورفضت قريش إتباع ما أنزل الله جل وعلا تمسكا بتراث السلف ، يقول جل وعلا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان ). ويقول رب العزة جل وعلا عن السلفيين القرشيين وغيرهم : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) البقرة ) ويشبههم رب العزة بالمواشى التى تتبع قائدها بلا عقل ولا فهم ( أو كالخراف كما يُقال عن السلفيين والاخوان المسلمين ) يقول جل وعلا : ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171) الزخرف). ويذكر رب العزة مقالتهم بتمسكهم بما ( أجمعت عليه الأمة ) وأنهم مهتدون بهذا : ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) الزخرف ) ويجعلها رب العزة قاعدة عامة فى أى مجتمع فاسد تتحكم فيه نُخبةُّ مترفة فاسدة : أنهم يتمسكون بما وجدوا عليه سلفهم ، لأنه بهذا التراث ترسخت سُلطتهم ومكانتهم وتعاظمت ثروتهم ، يقول جل وعلا: ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف ). ويوم القيامة سيقال عن أهل النار : ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات ). وسيقول رب العزة جل وعلا لهم : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)  يس ) .

يبقى أن نؤكد أن السلفيين فى عصرنا يتمسكون بأن حسبهم هو ما وجدوا عليه آباءهم، وأنهم لا يختلفون عن الكفار السابقين لذا فهم إن ماتوا على ما هم عليهم ف ( حسبهم جهنم ). يقول جل وعلا عن الكفار والمنافقين : (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ)التوبة:68 ). حسبهم الخلود فى جهنم واللعنة والعذاب المقيم .

المنافقون حسبهم جهنم :

1 ـ يقول جل وعلا  عن بعض منافقى المدينة : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ)المجادلة:8 ). يقول جل وعلا عنهم : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ),

2 ـ منافقو المدينة كانوا يطمعون فى الفىء مع أنهم أغنياء . والفىء هو ما يفىء أى يرجع أو يؤول الى بيت المال بلا حرب . ومنع رب العزة أن يكون للأغنياء نصيب فى هذا الفىء حتى لا تتركز فيهم الثروة وتتكون منهم أقلية مترفة تتحكم فى الثروة والسلطة . الأفضل أن تتوزع على الفقراء فيدور المال دورة سريعة لأن الفقراء مستهلكون ، وهم الذين يشترون منتجات المزارع والمصانع التى يملكها الأغنياء ، فتستمر وسائل الانتاج فى العمل ويظل العمال فى عملهم ويكسب الأغنياء ويتعيش الفقراء . يقول جل وعلا فى توزيع الفىء : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ) ثم يقول جل وعلا عن توزيع الفىء :( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) الحشر ) أى هو توزيع للفىء وليس المقصود هو ( أكاذيب ) السُّنّة كما يقول الأفاكون. ثم يقول جل وعلا عن مستحقى هذا الفىء فى عصر النبوة فى المدينة : ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر ). وظل المنافقون الى آخر ما نزل من القرآن يطمعون فيما ليس حقا لهم ، فإذا أخذوا منه شيئا رضوا ، وإن لم يأخذوا سخطوا ، يقول جل وعلا : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)التوبة:59 ). المؤمنون يقولون (حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)،أما المنافقون فهم يلمزون النبى فى الصدقات ، يقول جل وعلا عنهم : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة )

3 ـ وملامح النفاق والمنافقين تنطبق أكثر على المحمديين المتدينين بدينهم الأرضى ، وخصوصا كبار الشيوخ والأئمة . وهم إذا (أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ )، وهم دائما فى رقصهم فى موكب السلطان يأخذون مالا يستحقون ، ولا يقتنعون بما يأخذون ويطمعون فى المزيد من السُّحت ، ويتشاجرون ويتخاصمون على حُطام الدنيا ، وجيوب الشيوخ لا قاع لها . وهم كالأحبار والرهبان الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله بل فى سبيل الشيطان والشهوات ، يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة )

4 ـ ومن ملامح النفاق التى تراها فى عصرنا قول الله جل وعلا : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ )البقرة:206 ). قوله جل وعلا : (وَمِنْ النَّاسِ )، أى حيث يوجد ( ناس ) ف ( من الناس ) هؤلاء . وهؤلاء الشيوخ المنافقون يحتلون المنابر ووسائل الاعلام ..ووسائل المواصلات .. ولو قلت لأحدهم ــ وهو يكذب ـ  "إتق الله " أخذته العزة بالإثم ، فحسبه جهنم وبئس المصير.  

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 7541

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأربعاء ٢٤ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80578]

ما أعظم القرآن .


شكرا استاذنا الدكتور منصور -على هذه السلسلة التنويرية التعليمية فى التعريف بمصطلحات القرآن ....



وما أعظم القرآن الكريم كروشتة علاج صادقة للمؤمنين  حين يقول ((وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا))



2   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ٢٤ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80580]

ملامح النفاق لدى الشيوخ والأئمة!


 أستاذنا في حب القرءان يختم المقال ، بإلقاء الضوء على صفات النفاق التي يتحلى بها الشيوخ والأئمة، وأصبحت الملامح الرئيسة في شخصياتهم،  وبهذه الملامح أصبحوا نجوما في سماء الدين المحمدي، يظهرون في وسائل الإعلام، من صحافة وتليفزيون وراديو وانترنت، وغيره!



بل وأصبحوا يملكون قنوات فضائية ودور تشر وجرائد ومحلات، بها يسيطرون على عقول العامة والضعفاء وهم الأغلبية في المجتمع المحمدي السني أو الشيعي أو الصوفي.



وهم بهذا يثرون ثراءا فاحشا" ورزقا سحتا حراما بالتكذيب بالقرءان وتضييع هديه ونور بيانه بأقوال تزاحم القرءان في كل مكان من أبيات شعر وأقوال مأثورة عندهم من السلف الطالح الكالح.



 فنتذكر قوله تعالى،" وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون"  فكلنا يعلم أن البابا شنودة مات وهناك ثروة الكنيسة المصرية في حسابه الخاص يقال أنها أربيعين مليار دولار!؟



وشيخ يعقوب أو حسان ثروته هزيلة أربعة مليارات دولارفقط على قد حاله،



إنهم يكذبون بشرع السماء ويرتزقون بهذا الكذب! ولا يسعنا في النهاية إلا أن نقول " حسبنا الله ونعم الوكيل"



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,342,900
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,622
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي