((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ...)).:
يا شجرة النسب الأصيل، هل أنا من بني إسرائيل!؟

ربيعي بوعقال Ýí 2016-02-01


ــ أنا من بني إسرائيل!

قال صاحبي وهو يحاورني: سألت الشجرة الكريمة عن نسبي، فقالت: أنت آدمي من بني إسرائيل؟

قلت: يا ابن مازيغ أبصر ما تقول، ما كان أبوك يعقوبيا، ولا كان امرأ عُرب (أي عربي)، وإني لأعرفك جيدا، وكل العائلة الكريمة  !

قال: عرفت شيئا وغابت عنك أشياء، وتالله لن تزداد علما، ولن أخبرك الخبر حتى تقرأ فاتحة الرابعة  !؟

قلت : تقصد سورة النساء ؟

قال: نعم ! فقرأت : ((بسم الله الرحمن الرحيم

  1. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ))

قال: لمن النداء ؟

قلت : للناس كافة  !

قال: ومن المنادي ؟

قلت: ربنا جل وعلا .. ربنا الذي خلقنا .. ثم قرأت من سورة آل عمران : ((رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ )).

قال: وما التقوى؟ وكيف يؤمر الناس بالتقوى، وأكثرهم ينكر وجود الخالق أصلا ؟؟

قلت: التقوى أن تحس ـ كل حين وأينما كنت ـ أنك لست وحدك، ولذلك جاء في خاتمة الآية قوله جل وعلا : ((... إن الله كان عليكم رقيبا )).

قال: تركت شطر السؤال !

قلت: ما تركته، ولكنك عجول ذو تسآل جزيل، ثم قرأت: ((خلق الإنسان من عجل...))، يا ابن أخي جواب سؤالك في صلة الموصول، وقوله جل وعلا: (( ... رَبَّكُمُ ...الَّذِي ... خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ...))

قال: ومن ضلع أعوج  خرجت  أمنا حواء

قلت: دعك من سخافات الغافلين، بل ٍ من صلصال من حمإ مسنون خرجت امرأة لا أعرف اسمها، ولكنها أمنا التي تسمونها ( حواء)، ولو كان الأمر إلي لسميتها مريم الأولى.

قال:  خالفت القرطبي وكل المفسرين، بل خرقت إجماعا شاملا.. فكل البشر يقولون أن آدم هو أول مخلوق، ولا يجادل في هذا الأمر إلا عبيد الصدفة الأغبياء الملاحيد، المنتسبين لكيمياء الطبيعة الولود.

قلت: إجماعهم لا يخيفني،  ولن يمنعني من إبداء رأيي وما فهمته من قوله جل وعلا : ((خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ...)) وقوله جل وعلا  في سورة آل عمران: ((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ...)).

قال: أما وقد قلت ما قلت، فاعلم يا ابن مريم الأولى، أني كنت وما زلت أقول بمثل قولك، بيد أني كتمت الأمر في نفسي سنين عددا، ليس خشية من الناس، ولكني  كنت ابحث عن برهان قاطع حتى لا أدخل في متاهات الجدال، وتبديد الوقت لأجل قيل وقال.

قلت: وهل اهتديت للبرهان القاطع، هيا عجل به، ولا تكن كالمرابي تعرض الشبهة نقدا، وتجعل الرد نسيئة.

قال: اتهمتني  ـ قبل قليل ـ بالعجلة، ثم أتيتها على عجل .. تمهل فليلا تمهل ، وسر معي صامتا ، لا تقاطعني، ولا تسألني عن شيء حتى أخبرك الخبر.

قلت: أخضر جديدإياك إياك من شطحات الصوفية آكلات الأعشاب، اللابسات أثواب الرياء، فما كلامهم ـ عندي ـ إلا تصدية ومكاء، أو كقطيع نعاج مسه البرد والجوع فراح يبعبع، ويمعمع.

قال: لا شطح ، ولا خضر ، ولا ... واسم الخضر ذاته خرافة من صنع خراف داك القطيع وشطحة من شطحاته .

قلت: سمعا وطاعة، لن أسألك عن شيء حتى تخبرني عن قصدك، وما ترمي إليه.

قال: اقرأ النداء مجددا، فقرأت: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )).

قال:  ها هنا خبر امرأة بكر، كانت كما الطير تسبح بحمد ربها، تسبيح غريزة مغروزة ، وفطرة مركوزة ، وكانت البيئة ـ أيضا ـ بكرا : لا شرعة بها، ولا نهي، ولا أمر، ولا طعام محرم، ولا فعل مجرّم,

قلت: بلغني أنك قلت ـ في درسك البارحة ـ أن اسمها اسرائيل ؟

قال: الم أقل لك ... قلت: بلى، ولكن  إسرائيل  مفردة مركبة من  " أسر "   و " إيل " والتي تعني المتمسك بالله، أو عبد الله، ويبدو أن يعقوب ... فقاطعني قائلا: إما أن تصغي حتى أكمل وإلا فهو الفراق ، فراق بلا تأويل، ولا تفسير لما قيل !

قلت : لك ما تريد، لن أسالك ختى تأذن لي ! فقرأ: ((وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ )) أرى إشارة ـ هنا ـ تقول أن قصة البدء لها صلة بالأرحام، أرى بيئة بكرا، وامرأة بكرا تهز نخل الجنة فيساقط عليها رطبا جنيا، كانت أمنا إسرائيل تألم، وكان مخاضا صعبا، ولم تكن تعرف ما المخاض أصلا، بله أن تعرف (عرف) ابنة عمران الذي جعلها تقول: ((... يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)) .

قلت: واصل على مهلك، وسمها ما شئت، فلن أقاطعك، ولن أسألك ! فقرأ : ((...خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء )) حدث تزاوج، أعقبه بث لرجال كثر كثيرون، ولم يكونوا إخوة ، وكان معهم نساء لا يعرفن هذا المصطلح أصلا، بل كن وكانوا كلهم كالطير تماما يميل يعضهم لبعض غريزة، كانوا على فطرة خالصة لم يخالطها أي إحساس بالحرج أو الإثم، وكانت منافسة بين الرجال، وحدث أن قرب أحدهما هدية فتقبلتها إحداهن، ورفضت هدية أخيه، فثارت ثائرة الرجل، وتملكه الحسد فقتل أخاه ليخلو له وجه أخته ! !

ورأيت صاحبي ساكتا ينظر إلي، كمن يتنظر اعتراضا، فلم أنبس ببنت شفة، فراح يرتل القرآن ترتيلا عجيبا: (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )) (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً))..((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)) ((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)). (( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ )).

قلت: مهلا، تريد أن تقول أن عبارة :((يا بني آدم)) في القرآن الكريم، تقابلها عبارة: ((يا بني إسرائيل))، وأن البشر كلهم لأمهم إسرائيل ينتسبون. قال: نعم، ولكن من يقرأ القرآن الكريم يحس أن هذا الاسم أطلق ـ أيضا ـ على بعض النبيين.. قلت: وجهة نظر محترمة، وفكرة جديرة بالتأمل، والمهم أنك حاولت فهم خبر تلك ( النفس)، وحركت بعض خلايا هذا المخ المتكلس.

شكرا، ودمتم في رعاية الله وحفظه.

اجمالي القراءات 5187

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   ليث عواد     في   الثلاثاء ٠٢ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80285]

مقال جميل و تدبر حسن لكنه غير صائب في نظري


لقد بين الله في أكثر من آية من هو إسرائيل و وضح لنا كيف فضل بني آدم (كما ذكرتم في مقالكم) و كيف فضل بني إسرائيل.



التفضيل (النعمة) الأول، هو نجاتهم من آل فرعون و  التفضيل الثاني، جعل الله في ذريتهم النبوة.



و الله أعلم



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-11-19
مقالات منشورة : 86
اجمالي القراءات : 646,419
تعليقات له : 287
تعليقات عليه : 119
بلد الميلاد : الجزائر
بلد الاقامة : الجزائر