اليمن والوصاية الخارجية:
عاصفة الحزم شر لابد منه

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2015-03-28


أولاً: تنتشر هذه الأيام من قبل عفافيش الله (أنصار المخلوع والحوثي) عبارات كهذه:

(اليمني الذي يرحب بالضربات الجوية السعودية .. مثل الذي يدعوا الناس لاغتصاب أمه ليغيض أباه .. من يرضى بالعدوان على أرضه يرضى بالعدوان على عرضه).!!.

 

ثانياً: التدخل الخارجي في اليمن مرفوض - رغم إيماننا الكامل بأن الحوثيين والعفاشيين, هم من أوصلونا إلى هذا الحال المؤلم, بتعنتهم واستقوائهم بالسلاح والمبردقين, على بقية المكونات المدنية المسالمة, وقيامهم بسد كل أبواب الحوار, وإهانتهم للدولة ومؤسساتها, واحتكارهم للتحدث باسم الله جل وعلا - باعتبارهم صفوة الخلق - وباسم الشعب الذي لا يوافقهم في كل ما ذهبوا إليه.

 

ثالثاً: على رسلكم يا عفافيش الله, فالأئمة الزيدية هم الذين استنجدوا بآل سعود, عندما ثار الشعب اليمني في (26 / سبتمبر / 1962م), على نظامهم الكهنوتي العنصري الرجعي المتخلف, بيت حميد الدين استلموا الدعم من آل سعود وقاتلوا به الجمهوريين بضع سنين, ومن يومها واليمن تحت الوصاية السعودية, واليوم يتغنون بالقرآنية والوطنية وهم أبعد الناس عما يدعون اليه.. السعودية هي التي أوصلت عفاش إلى الحكم, وهي التي استقبلته للعلاج, واخرجته من ثورة (11 / فبراير / 2011م), بماء الوجه والحصانة..

 

رابعاً: إليكم أبرز المحطات التي استنجد فيها اليمنيون بالخارج:

1- استنجد نصارى اليمن بالإمبراطورية الرومانية, لإنقاذهم من الاضطهاد الذي تعرضوا له, من قبل السلطات اليمنية - اليهودية, في عهد الملك ذو نواس الحميري, فقد عمد الرومان إلى إدخال الدين المسيحي إلى اليمن, ليكون لهم نفوذ سياسي واقتصادي فيها, فأصبحت تجارة الرومان تسير بين الخليج الفارسي والبحر الأحمر مارة باليمن, كما انتشرت الديانة اليهودية في اليمن، على أثر لجوء اليهود الفارين من اضطهاد الرومان سنة (70م) إليها، وعندما اشتد نفوذ اليهود في اليمن, اظهروا روح الانتقام من النصارى الرومان, العابرين بالبضائع من الهند إلى الحبشة ومصر, وكان الفرس يساندون اليهود اليمنيين في موقفهم من النصارى، بينما اعتمد النصارى اليمنيين على مساندة الرومان لهم، واشتد الملك ذو نواس الحميري - والذي كان يعتنق الدين اليهودي - على المسيحيين اليمنيين عندما رفضوا التحول من المسيحية إلى اليهودية، فحفر لهم أخدوداً وأشعل النيران فيهم. ولما بلغ الإمبراطور الروماني ما حدث للمسيحيين في اليمن، حرض نجاشي الحبشة على غزو اليمن، بهدف إعادة السيطرة على الطرق التجارية، والقضاء على منافسيه الفرس, فأقدم الأحباش على غزو اليمن سنة (525م), وتمت لهم  السيطرة عليها سنة (533م)، وهكذا وقعت اليمن تحت الاحتلال الحبشي, طوال القرن السادس الميلادي (525 – 599)م.

 

2- استبدل اليمنيون الاحتلال الحبشي بالاحتلال الفارسي (599-630)م, حيث تنامت روح العداوة عند اليمنيين للوجود الحبشي، بسبب ظلمهم وتعسفهم, فتطلع اليمنيون إلى عون الفرس، للتحرر من الاحتلال الحبشي لبلادهم، ففي هذه المرحلة من مراحل التاريخ في اليمن، ظهر الصراع بين جبهتين تستمد كل منهما العون من الخارج، الجبهة الأولى: هم المسيحيون اليمنيون والأحباش, ويستمدون العون من البيزنطيين، والجبهة الثانية: اليمنيون الوثنيون واليهود، ويستمدون العون من الفرس. واشتدت المقاومة من القبائل اليمنية ضد الأحباش، واستنجد القائد اليمني سيف بن ذي يزن بالفرس, وسار إلى كسرى (أنوشرون) الذي أمدة بجيش كبير, يقوده عدد من نزلاء السجون السياسية, بهدف التخلص من خصومه السياسيين في حال إخفاقهم، وامتداد نفوذ سلطانة إلى اليمن في حال انتصروا على الأحباش، وتمكن سيف بن ذي يزن بمساندة الفرس من طرد الأحباش، إلا أن اليمن في تلك المرحلة من مراحل التاريخ, لم يستقر ولم ينعم بالاستقلال، فقد نصب الفرس سيف بن ذي يزن واليا على اليمن, وأمروه بدفع الجزية، ثم تخلصوا منه ونصبوا حكام من الفرس, لتكون اليمن قد خرجت من الاستعمار الحبشي، إلى الاستعمار الفارسي. وتحكم الفرس في مقدرات البلاد, ينهبون ثرواتها، ويحكمون الناس بالظلم والبطش, وقد كان اهتمام الفرس ينصب في جني الأموال, دون مراعاة تحسين أحوال الناس المعيشية.

 

3- التبعية لقريش, وبعد تاريخ طويل من التبعية للأمويين والعباسيين, استقدم اليمنيون يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي, وهو جد سلالة الرسيين التي حكمت اليمن في فترات متقطعة حتى عام (1962)م. ففي عام (895)م, وصل يحيى بن الحسين إلى اليمن, لكنه اضطر بعد ذلك إلى العودة إلى بلاده (الحجاز), لأنه لم يستقبل الاستقبال الذي كان يأمله (بتقبيل قدمه). وفي عام (896)م, دعاه بعض زعماء القبائل من صعدة وخولان للعودة إلى اليمن, وإنهاء الفتن والحروب المشتعلة في شمال اليمن, والتي كان دعاته سببا في اشعالها. وفي العام التالي (897)م, وصل مرة أخرى إلى صعدة برفقة عمه محمد وعدد من أقاربه. واستقبله الصعديين استقبالا حارا (بتقبيل قدمه), واعتمد المستعمر الجديد مسمى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين. وأخضع نجران والقبائل اليمنية في شمال اليمن, وأولى عناية كبيرة لجمع الضرائب المالية, وضرب النقود, وكان يقرأ خطبة الجمعة ذاكرا اسمه. وبقدوم يحيى بن الحسين, دخلت اليمن في ظلمات الجهل والكهنوت والتخلف والشعوذة, ولا تزال.

 

4- وقد تواصل الأئمة الزيدية (الهادوية) بالأيوبيين الأكراد, وتحالفوا معهم ضد دولة علي بن مهدي الحميري في زبيد, وآل زريع في عدن, وسلاطين آل حاتم الهمدانيين في صنعاء, وهكذا دخلت اليمن تحت الاحتلال الأيوبي (1173-1228 م / 569 هـ - 626ه).. وكان ديدن الأئمة الزيدية هو استقدام قوة خارجية, للقضاء على القوى اليمنية, ثم تبدأ القوى الزيدية بالعمل الوطني والجهادي, لإخراج المستعمر الغاشم الذي انتهى دوره, ليبدأ دورها في حكم اليمن.

 

5- فقد تواصل الأئمة الزيدية (الهادوية) بالعثمانيين, وتحالفوا معهم ضد الدولة الصليحية, التي كانت بدورها تدور في فلك الدولة الفاطمية المصرية, في فترة الاحتلال العثماني الأول لليمن من عام (1539) وحتى (1634)م, وهكذا دخلت اليمن تحت الاحتلال العثماني التركي. ثم تواصلوا وتحالفوا مع العثمانيين مرة أخرى ضد الدولة الطاهرية, خلال فترة الاحتلال العثماني الثاني لليمن, من عام (1872) وحتى عام (1918)م. وكما قلنا كانوا يبادرون بالعمل الجهادي والوطني ضد الغازي المستعمر, بمجرد انتهاء مهمته وهي القضاء على القوى اليمنية المنافسة للرسيين (الهادويين), علما بأن العديد من الأسر التركية والكردية والفارسية الغازية, لفقت لنفسها أنسابا هاشمية بكل سهولة, وذلك الأمر ليس صعبا في تلك العصور المظلمة. وفي نهاية عام (1911 م), أصبح الإمام يحيى حميد الدين - وهو من أصول تركية -  حاكما لليمن باسم الإمبراطورية العثمانية, بموجب صلح دعان, أي أصبح إمام الزيدية عميلا وخادما مطيعا للعثمانيين الغزاة. وخلال تلك الفترة كانت مدينة عدن محتلة من قبل الإمبراطورية البريطانية.

 

6- وفي عام (1962)م, استنجد أئمة الزيدية آل حميد الدين بالسعوديين, ضد الشعب اليمني الثائر على حكمهم الجائر, واستلمت القوة الزيدية الدعم المالي والحربي من آل سعود, وحاربوا به الشعب اليمن الثائر بضع سنين, ومن حينها واليمن تحت الوصاية السعودية, في حين استنجد الثوار بعبدالناصر واستقدموا قوات مصرية لحماية الثورة. وقبل ذلك سلم آل حميد الدين المخلاف السليماني للسعوديين بطريقة غير مباشرة, حيث زحف جيش الإمام بقيادة عبد الله بن أحمد الوزير لحرب الأدارسة في (3 مايو 1924)م, مما حمل (الأدارسة) على توقيع معاهدة حماية مع الملك (عبدالعزيز آل سعود)، وكان ذلك في عام (1345 هـ/ 1925 م). كان محمد بن علي الإدريسي في عسير يود الاتحاد مع الإمام يحيى, وينهي النزاع بينهما على الحديدة, شريطة اعتراف الإمام يحيى بالإدريسي حاكما على عسير, لكن الإمام الزيدي كان متعنتا, ويرغب بإخراج الأدارسة من اليمن كلها بحجة أنهم (دخيلين عليها لأصولهم المغربية) لدرجة أنه شبههم بالإنجليز, مع أنهم من أبناء الحسن بن علي بن أبي طالب, الذي يدعي آل حميد الدين أنه جدهم. فتوجه الأدارسة إلى ابن سعود وعرضوا عليه نفس العرض الذي عرضوه على الإمام يحيى عام (1927)م.

 

7- وكان النظام في الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) تابعا للاتحاد السوفيتي, في حين كان عفاش خير خادم للسعودية وأمريكا, السعودية هي التي أوصلته للحكم, وهي التي دعمته طوال فترة استبداده, وهي التي اجهضت ثورة الشباب السلمية عليه, وارغمت جميع الأطراف على توقيع المبادرة الخليجية, هي التي استقبلته لتلقي العلاج, وهي التي أخرجته من الحكم بماء الوجه والحصانة, ليذهب بعد ذلك قليل الأصل (عفاش), للتحالف مع الحوثيين الذين يمثلون خير خادم لإيران وروسيا, والحوثيين جماعة عنصرية مذهبية متطرفة, تقوم على فكرة الحق الملكي المقدس, وتدعي أن الله جل وعلا اصطفاها على العالمين, تنظر لليمنيين على أساس التمايز العرقي والطبقي, وتعتبرهم بشرا من الدرجة الثانية والثالثة .. وللأمانة هي صادقة في تصنيفها لهذا الشعب, فهو شعب عريق في العمالة, وفتال لا يشق له عبار ..

 

أخيراً: على ماذا نأسف..

     على جيش عائلي بناه المخلوع لأبنائه وقبيلته .. على جيش لم يقدم للشعب شيء .. على جيش لا يجيد سوى العبودية والطبال والزمار والبلطجة .. على جيش بأسه على أبناء الوطن المدنيين المسالمين شديد .. على على على .. اذهب إلى الجحيم أيها الجيش اللعين .. لعنة الله عليك, وعلى أسيادك الفاسدين, وعلى حلفائك الحوثيين..

اجمالي القراءات 6259

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   السبت ٢٨ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[77804]

بورك فيك أيها النوارى


عرض تاريخى موجز وقاسى . 

ودائما فى أوقات الفتن الصعبة تضيع بوصلة الطريق ، فتتغير التحالفات ويصبح حليف الأمس عدو اليوم ، وصديق اليوم عدو الغد .

قلبى على اليمنى البسيط الذى لا ناقة له ولا جمل فى هذا الصراع الذى ــ  لو استمر ــ سيأكل الجميع ، ولن يكسب منه سوى بائع السلاح الأمريكى الغربى الروسى . أخشى أن تستمر هذه الحرب وتتعقد بأطراف خارجية ن ويتأسّس عليها إقتصاد حرب وسوق سلاح كما حدث فى لبنان . 

يبدو أن المحمديين قد دخلوا فى لعنة إهلاك أنفسهم ، يقتلون أنفسهم بأيديهم واموالهم وبنفطهم اللعين.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 961,074
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen