اليهودية والهادوية:
ارشاد السامع في جواز أخذ مال الشوافع

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2014-12-02


     تأثرت الهادوية الصعدية اليمنية تأثراً بالغا باليهودية, ذلك أن اليمنيين في طريقة تدينهم, أدخلوا موروثاتهم اليهودية القديمة في صورة إسلام, بل إن كثيرا من الأسر اليهودية التي دخلت الإسلام لفقت لنفسها نسبا هاشميا, حافظت به على مكانتها وسموها وعزلتها عن بقية المجتمع اليمني لا تزوجه ولا تتزوج منه, والمضحك أن هناك أسر يهودية انقسمت على نفسها, فجزء منها حافظ على يهوديته والجزء الآخر دخل في الإسلام وحمل النسب الهاشمي, وأسرة النهاري أكبر دليل!!

 

     وهنا نعرض إلى أهم ملمح من ملامح التشابه بين اليهودية والهادوية ألا وهو (استحلال الآخر) أخبرنا الله جل وعلا عن خبث اليهود واجرامهم واستحلالهم لأموال الناس, وذلك في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران : 75] وعلى منهاج الآباء سار الأبناء, ورغم أنهم حملوا اسم الإسلام والنسب الهاشمي زورا وبهتانا, إلا أن أعمالهم الإجرامية والدلائل التاريخية فضحتهم, وقديما قال الحكيم اليماني: إذا غرتك الأصول دلتك الأفاعيل.

 

     في اشهر فتاوي تستبيح نهب أموال الناس بالباطل, وهي للإمام (المتوكل على الله) إسماعيل بن القاسم والذي اصدرها عندما كان إماما لليمن في الفترة ما بين (1054-1087هـ/1644-1676م) وعنوان الفتوى هو ((ارشاد السامع في جواز اخذ مال الشوافع))([1])..!! وهي أول فتوى رسمية تصدر من أكبر مرجعية دينية هادوية آنذاك, إضافة إلى كون قائلها هو الإمام الحاكم المطلق للطائفة الهادوية ولليمن، وقد اصدر تلك الفتوى لتبرير غزو بلاد الشوافع الجنوبية والجنوبية الغربية حينها.

 

     لم يكن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بحاجة لتلك الفتوى لغزو تلك المناطق, لأن معايير تلك الأيام تسمح له بذلك، والتوسع كان أمرا مألوفا للقوي حتى عهد قريب, ولكن بسبب أن عقيدتهم هي عقيدة سياسية عنصرية أصلاً أو بالأصح عقيدة تخلط الدين بالسياسة فتجعل من الدين مطية للحكم, فلا بد من فكرة تستند اليها, وهذه الفكرة لابد ان تكون فتوى شرعية تبيح القتل والنهب (حسب الشريعة الهادوية)!! الظريف أن هذا الإمام المتوكل على النهب والسلب والقتل والاجرام, وبعد أن قام بعدة غارات على تلك المناطق, وبعد أن قتل ودمر ونهب الكثير من الأموال, قال لزنابيله([2]) وبلاطجته: أن الله جل وعلا سيحاسبه على بقية ما تركه للشوافع..

 

     وقد فشلت تلك الحرب التوسعية, واظن ان تلك الفتوى كانت سببا من اسباب فشل الأئمة في حكم الجنوب وبعض مناطق الشوافع, لان تكفيرهم للشوافع ادى الى نفور الناس من حكمهم الجائر المتخلف المغلف بغلاف الدين, فقد ادت تلك السياسة القائمة على التعصب الديني المذهبي والمناطقي والعرقي, الى ثورة من قبل ابناء مشارق اليمن وجنوبه, حتى تم طرد الأئمة من الجنوب والمشرق بعد 25عاما من الغزو لبعض المناطق و38 عام لآخر منطقة كان فيها وجود للأئمة وهي لحج وعدن.

 

     وقد دارت معارك شرسة بين الجانبين في البداية كانت في صالح الائمة بسبب ارتفاع روحهم المعنوية, ذلك انهم كانوا يعتقدون ان أبناء الجنوب والمشرق مثلهم مثل الغزاة الاتراك يمكن هزيمتهم, ولكن بعد وقت ليس بطويل مالت الكفة لصالح الثوار الأحرار, وكانت الهزائم تتوالى على مرتزقة الأئمة وبلاطجتهم, حتى تركوا الجنوب والمشرق واهله واكتفوا بحكم واذلال ابناء المناطق الشمالية والشمالية الغربية الأكثر تخلفا وجهلا.

 

ويمكننا عرض أهم النتائج لتلك الفتوى والسياسة المرتبطة بها :

1. استخدم الائمة العنف والتجهيل المطلق ضد ابناء اليمن عموما والجنوب والشوافع خصوصا, وهي سياسة أنتهجها أول طاغية حكم اليمن (يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي) وعلى نهجه سار باقي الأئمة, والقصد منها هو ان يسلم اليمنيين ارضهم ورقابهم للائمة لحكمهم ونهبهم وتركيعهم, وبسبب سقوط ضحايا كثر من جانب الأئمة والثوار فقد ادى ذلك الى ان يصدر احد علماء اليمن الكبار وهو الحسن بن احمد الجلال فتوى او رأي سماه (براءة الذمة في نصيحة الائمة )([3]) وهذا البيان من الجلال ينتقد الحرب القائمة في الجنوب والمشرق ويفند الاساس الديني التي قامت عليه, وقد اعتبر ذلك العالم ان مقاومة الشوافع لجيوش الأئمة الغازية هو جهاد حسب مذهبهم - والحساب عند الله يوم القيامة .! وطبعا لم يؤبه لذلك الرأي واستمرت الحرب واستعمال تلك الفتوى الجائرة من قبل الإمام المتوكل على الله اسماعيل ومن اتى بعده من أئمة الجور والبهتان.

 

2. اوضحت تلك الفتوى ان تلك الأسر اليهودية - الهادوية لا تقبل بالتعايش مع غيرهم, الا ان يكونوا هم المسيطرون والحاكمون، ومن يعارض حكمهم فدمه وماله وعرضه مباح ..! وبينت تلك الفتوى خبثهم وكراهيتم للغير, وان عقيدتهم هي عقيدة اليهود والاعراب في ايام الجاهلية القائمة على النهب والسلب والغنائم, وانهم يستخدمون الدين فقط واجهة لافكارهم القبلية العنصرية.

 

3. خلفت تلك الفتوى والحروب المترتبة عليها كراهية للهادويين ودينهم الأرضي لا زالت موجودة الى الان, والناس في كل مناطق اليمن عموما والمشرق والجنوب والجنوب الغربي خصوصا لا يحبون هذه الأسر ولا قيمهم ولا تصرفاتهم, وقد تعلموا من تعاملهم معهم انهم لا عهد لهم, وانهم باطنيون يظهرون شيئا ويخفون غيره، وانه لا امان لهم.

 

4. جاءت تلك الفتوى والإمامة في اوج قوتها, اذ انها قد حصلت على الشرعية السياسية بسبب حربها للغزاة الأتراك, وانسحاب الغزاة من اليمن جعل الأئمة القوة الرئيسية في البلاد, وقد اغرتهم قوتهم تلك في اصدار الفتاوى ضد الاخرين, وفي خوض الحروب ضدهم على هذا الاساس, ولم يدُر في خلدهم انه مثلما تدين تدان, وان من يستهتر بالناس وبأرواحهم ويحتقرهم, سيعاملونه بنفس الطريقة والاسلوب.

 

5. تلك الفتوى تعكس واقع الفكر اليهودي - الهادوي والذي هو سياسي عنصري اصلا, ويستخدم الدين لخدمة السياسة الإمامية الرامية إلى اذلال الناس وأكل أموالهم بالباطل, وكم هو بائس ومتخلف ولا قيمة فيه للانسان وحياته وكرامته, اذ انه يقسم الناس تصاعديا الى اخدم ومزاينة ورعية ومشائخ وقضاة والسادة (الأسر اليهودية الهادوية) هم الصفوة فوق الكل, وفي هذا الجو المقيت لا يمكن البقاء الا للغة العنف والاستعباد والاستبداد.

 

6. تلك الفتوى كانت اول فتوى تصدر ضد الشوافع – رسميا ومن اعلى المستويات - وقد اتبعها الائمة اللاحقون حتى عام 1382هـ/ 1962م عندما تم الاطاحة بالإمامة في ثورة سبتمبر المجيدة.

 

     ولكن يبدوا ان مناطق الشمال (صعدة) مقدرا عليها ان تبقى حبيسة لأفكار الائمة وعقائدهم, والتي تبرر احط ما في النفس البشرية من نزعات شريرة, وواقع الحوثيين الذين يسيرون على نفس المنوال, يدلنا على حقيقة من هم ومن يكونون, هؤلاء الدجالون يزعمون أنهم قرآنيون وتحرريون ومدنيون, وأنهم دعاة الحق والعدل والمساوة, بينما هم في الحقيقة والمعتقد: ظالمين, متجبرين, متكبرين, وعنصريين, أنهم وبدون مبالغة (لصوص الله).

     والمؤسف والمضحك معا أن ذلك الزنبيل الذي يدخل في مسيرتهم المذهبية الهادوية الطائفية العرقية, يعتقد أنه مستفيد ببركة أعلامهم وقبور أئمتهم المقدسة، بينما هو في الحقيقة يُهلك نفسه، وهو بذلك مثل ذكر العنكبوت المخدوع، إذ تهيئ له أنثى العنكبوت فراش الزوجية ليلقّحها، فيدخل مخدع الحب فرحا، وبعد أن تنتهي مهمته تفترسه الأنثى.

 

     وهذا المثل ضربه رب العزة للمشركين الذين يتخذون من دون الله أولياء, يعتقدون في قبورهم النفع ويطلبون منها المدد, فيهلكون بأفظع الضرر، وصدق الله العزيز القائل: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت : 41]

 

 

الله أكبر - الموت للطائفية - الموت للمذهبية - اللعنة على السلالية - النصر للقرآن

 



[1]
- ذكرها المؤرخ اليمني الكبير محمد بن على الأكوع في كتابه حياة عالم وأمير الصفحة 46

[2]- الزنبيل هو ذلك القبيلي اليمني الذي لا يحمل النسب الهاشمي الملفق, وهو حيوان مخلوق في صورة آدمية ليكون لائق لخدمة الهادويين – حسب فهمهم, وهذا ملمح آخر من ملامح التشابه بين اليهودية والهادوية

[3]- البيان موجود بنصة كاملا في كتاب تاريخ اليمن الحديث .لحسين عبدالله العمري الصفحة 207-225

اجمالي القراءات 21355

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 961,205
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen