اليمن وهولندا:
العلاقات اليمنية - الهولندية ( 1600 م - 1978 م )

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2014-11-07


قائمة المحتويات

 

1- المقدمة.

2- التمهيد: هولندا والتنافس الدولي على اليمن خلال العصر الحديث والمعاصر.

 

3- الفصل الأول: النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي:

4- المبحث الأول: تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية.

5- المبحث الثاني: نشاط شركة الهند الشرقية  الهولندي في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي.

 

6- الفصل الثاني: أوضاع النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين:

7- المبحث الأول: ضعف النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن الثامن عشر الميلادي.

8- المبحث الثاني: انقطاع النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن التاسع عشر الميلادي.

 

9- الفصل الثالث: العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية خلال القرن العشرين:

10- المبحث الأول: العلاقات اليمنية-الهولندية خلال النصف الأول من القرن العشرين.

11- المبحث الثاني: العلاقات اليمنية-الهولندية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

 

12- الخاتمة.

13- قائمة المصادر والمراجع.

 

المقدمة:

     نظرا لأهمية العلاقات الدولية والتي تهدف إلى التعرف على مدى المتغيرات التي ظهرت في علاقات الدول بعضها مع بعض عبر عصور التاريخ وأبرز السمات المختلفة التي تميز هذه العلاقات وتحديد ملامحها والبحث عن أسبابها ودوافعها, ولما تتسم به العلاقات اليمنية-الهولندية المتميزة والمستمدة زخم قوتها وتطورها من ذلك العمق التاريخي المتواصل لعلاقات البلدين جاء الاختيار للكتابة عن علاقات البلدين تحت عنوان: (العلاقات اليمنية-الهولندية من سنة1600م إلى سنة 1978م ).

     لقد حاولت في أثناء كتابتي لهذا البحث أن أتتبع سير العلاقات الثنائية بين البلدين والتي بدأت منذ مطلع القرن السابع عشر الميلادي للتعرف على جذورها التاريخية وتقديم رؤية متكاملة لهذه العلاقات بأبعادها المختلفة وذلك ما قد يساعد على سد الفجوة الموجودة في الدراسات التاريخية المهتمة بعلاقات اليمن بالدول الأوربية عامة وهولندا خاصة. كما تطرق البحث إلى أحوال هولندا السياسية والاقتصادية طوال هذه الفترة فأحوال هولندا كانت المرتكز الأساس لتطور أو تعثر التواصل التجاري والسياسي والثقافي بين البلدين.

     قسم هذا البحث إلى ثلاثة فصول يحتوي كل فصل على مبحثين مسبوقة بتمهيد بعنوان: هولندا والتنافس الدولي على اليمن خلال العصر الحديث والمعاصر. أوضح التمهيد أهمية الموقع الاستراتيجي لليمن المشرف على أهم طريق بحري في العالم مستعرضا سعي جميع القوى الاستعمارية لاحتلاله والسيطرة عليه. وتناول الفصل الأول: النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي: فأستعرض المبحث الأول: ظروف تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية والهدف من تأسيسها والسياسة التي سارت عليها وما حققته من مكاسب مالية واستيطانية للهولنديين. أما المبحث الثاني فقد تناول: نشاط شركة الهند الشرقية الهولندية في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي ذلك النشاط الذي ارتكز على إنشاء مركز تجاري في اليمن وما أعقب ذلك التأسيس من أحداث.

     وتركز الفصل الثاني على: أوضاع  النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين: فأوضح المبحث الأول: مدى الشهرة العالمية للبن اليمني خلال القرن الثامن عشر في الوقت الذي أصيبت فيه هولندا بالضعف العام وانعكاسه على النشاط التجاري الهولندي في اليمن. أما المبحث الثاني فكان عن: انقطاع النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن التاسع عشر الميلادي.

     وجاء الفصل الثالث ليستعرض: العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية اليمنية-الهولندية خلال القرن العشرين: حيث تركز المبحث الأول على: أسباب عودة الاهتمام الهولندي باليمن خلال فترة حكم ملوك بيت حميد الدين, وسعي هولندا لعقد معاهدة صداقة وتجارة مع اليمن وموقف الملك يحيى  حميد الدين من عقد المعاهدات بشكل عام وما اتسمت به المعاهدة اليمنية-الهولندية بشكل خاص. وتناول المبحث الثاني: طبيعة علاقات البلدين بعد الثورة اليمنية, وموقف هولندا الداعم لترسيخ النظام الجمهوري ودعمه حتى يتمكن من النهوض والتطور وما مثلته معاهدة التعاون الإنمائي بين البلدين الموقعة في الثالث من أكتوبر 1978م حيث كانت منعطفا فعليا في تاريخ علاقات البلدين.

وانتهى البحث بخاتمة: استعرضت أهم النتائج التي تضمنها البحث. هذا والله الموفق وهو الهادي إلى  سواء السبيل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التمهيد: هولندا والتنافس الدولي على اليمن خلال العصر الحديث والمعاصر:

     يقال أن الموقع هو العنصر الدائم في صنع التاريخ, والبحر الأحمر يعتبر من أهم المساحات المائية التي تربط بين العديد من البحار والمحيطات والأقاليم والقارات بل هو أهم أجزاء السلسلة الفقرية في الاستراتيجية البحرية التي تمتد من المحيط الهندي فالخليج الفارسي فالبحر الأحمر فالبحر المتوسط ثم المحيط الأطلسي ولقد كان البحر الأحمر منذ القدم وما يزال همزة الوصل الملاحية بين الشرق والغرب والوسيلة المثلى للنقل التجاري وبجانب الاستفادة من العمليات التجارية والملاحية كانت تلك العمليات مصدرا للثراء عن طريق فرض المكوس الجمركية منذ قديم الزمان.([1])

     ويعد البحر الأحمر إحدى بؤر الصراع الاستراتيجي العالمي, فأمنه يرتبط بأمن المحيط الهندي من جهة وأمن الخليج الفارسي من جهة ثانية وأمن البحر المتوسط من جهة ثالثة, إضافة إلى ارتباط أمنه بمنطقتي الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.([2]) ومن هنا جاءت المحاولات المتكررة للسيطرة عليه وإخضاعه, وكان للفراعنة والبطالمة والسلجوقيين ثم الرومان والبيزنطيين والفرس دورهم العسكري والتجاري والملاحي فيه ولكن بقي البحر الأحمر عربي الهوية والطابع, ولما جاء الإسلام حرصت الدول الإسلامية على إبقائه بحرا إسلاميا بعيدا عن الصراعات والنزاعات الدولية, وكانت استراتيجيتها هي إبعاد البحر الأحمر عن أي تدخل أجنبي كي تبقى المقدسات الإسلامية في الحجاز بمنأى عن أي صراع, ثم أعادت الدول الأوروبية ممثلة بمملكة بيت المقدس اللاتينية المحاولة للسيطرة على البحر الأحمر, ببناء أسطول حربي فيه للتدخل في تجارته وملاحته وتحويل جزء من تجارته إلى موانئها في الساحل الفلسطيني المحتل من قبلها, غير أن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي تمكن من طرد الصليبيين وأعاد للبحر الأحمر سمته العربية الإسلامية.([3])

     ولكن طبيعة الحروب الصليبية نفسها وما تلاها من أحداث كانت تدفع بالشرق إلى التفوق في البر وبالغرب إلى التفوق في البحر, فقد كانت السفن سبيل الصليبيين الأوربيين إلى الشرق فزاد مراس الملاحين الأوروبيين وعرفوا أساليب إعداد الأساطيل والحملات البحرية الطويلة فمرن الغربيون في أساليب الحرب البحرية في حين سكنت رياح الملاحة في الشرق وقلت سفنه وأغلقت ثغوره, وفهم الغرب ضعف الشرق في هذه الناحية فصار يهاجمه من البحار إذا أراد أن يصيب منه مغنما لا يصيبه منه في البر.([4])

     وهذه أوربا كلها تضيق ذرعا بجند العثمانيين الذين يغزون قلب أوربا وهي التي لم تكف يوما عن التفكير في الانتقام والأخذ بثأرها حتى هداها تفكيرها إلى حركة الالتفاف الجنوبي, فبدأت تتجه إلى الغرب للوصول إلى الهند وللجنوب للوصول إلى بلاد الإسلام, وهذه هي خطوات الانتقال الكبرى إلى عصر جديد من عصور التاريخ, عصر البحرية الغربية المتفوقة والتي دفعت الإمبراطورية العثمانية إلى الدخول معها في حروب بحرية أسفرت عن هزيمة ساحقة للأسطول العثماني في معركة (ليبانتو) البحرية سنة 1571م نزعت منها زعامة البحر المتوسط ومنذ ذلك اليوم بدأ ميزان القوى يتغير وبدأت وجهة التاريخ تتبدل.([5]) ففي العصور الحديثة تصارعت كلا من (البرتغال وهولندا وبريطانيا وفرنسا) على السيطرة على طرق الملاحة والتجارة فأسست الشركات الاستعمارية عقب اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح, ثم بدأت تبحث عن مواطئ قدم في المناطق الشرقية لاحتلالها أو إنشاء محطات تجارية فيها.([6])

     ولما وجدت الشركات الأوربية الاستعمارية أن نقل السلع الشرقية والغربية فيما بين أوربا والأقطار الشرقية عن طريق رأس الرجاء الصالح يستغرق وقتا أطول من نقلها عبر البحر الأحمر والخليج الفارسي, الأمر الذي يضاعف أسعارها في أوربا, بالإضافة إلى المصاعب والأخطار التي كانت تواجه السفن وتودي بالكثير منها في ذلك الطريق, لجأت إلى مزاحمة التجار المسلمين وغيرهم في نقل السلع وبيعها في الموانئ الإسلامية لتجار العراق ومصر والشام الذين كانوا يبيعونها بدورهم لتجار البحر المتوسط, وقد أدت هذه المزاحمة الشديدة إلى صراع مرير بين المسلمين وأساطيل الشركات الاستعمارية.([7])

     ورغم المنافسة والصراع بين أساطيل دول أوربا على ثروات الشرق, إلا أنها كانت سرعان ما تتحد في وجه المسلمين, ففي نهاية القرن السابع عشر الميلادي عندما اشتدت مقاومة المسلمين وازدادت هجماتهم على السفن الأوربية اتفقت كلا من: (بريطانيا وفرنسا وهولندا) على القيام بعمل موحد ضد المسلمين, فأخذت فرنسا على عاتقها مهمة القرصنة في الخليج الفارسي, وأخذت هولندا المهمة في البحر الأحمر, وأخذت بريطانيا المهمة في البحار الجنوبية.([8])

     وكان لافتتاح قناة السويس في (17/ نوفمبر/1869) أثره البالغ في تاريخ اليمن ومنطقة البحر الأحمر فقد أدى إلى تسابق وتنافس الدول الأوربية الاستعمارية للحصول على مراكز نفوذ في هذه المنطقة لكي تحمي مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية غير آبهة بادعاءات الإمبراطورية العثمانية في هذه المنطقة.([9]) وما أن كاد الاستعمار ينحسر وتظفر دول البحر الأحمر باستقلالها السياسي وتدبير شؤونها الاقتصادية حتى برزت معضلة إسرائيل, وبدا التنافس بين النفوذ الأمريكي والنفوذ السوفيتي في المنطقة, وما كان ليحصل كل ذلك لو لم يكن لموقع البحر الأحمر كل هذه الأهمية.([10])

     كانت البرتغال في طليعة الدول الأوربية التي اهتمت بالبحث عن طريق بحري يوصها إلى الشرق مدفوعة في ذلك بعاملين هما: العامل الديني, والعامل الاقتصادي. حتى تمكنت في سنة 1497م من الدوران حول رأس الرجاء الصالح والوصول إلى المياه الشرقية, فقاموا بإعمال قرصنة ضد السفن التجارية الإسلامية, ثم قاموا باحتلال جزيرة سقطرى في عام 1506م وبعد أن أدركوا أن عدن هي بوابة البحر الأحمر وانه بالسيطرة عليها يمكن شل حركة التجارة في البحر الأحمر قاموا بحملات عدة للسيطرة عليها في الأعوام (1513-1517-1547)م غير أن عدن كانت منيعة عليهم بسبب التحصينات والحامية العثمانية التي كانت تتمركز فيها, فعادوا خائبين إلى الهند.([11])

     وبعد أن فشلوا في احتكار نقل تجارة الشرق إلى أوربا عن طريق رأس الرجاء الصالح وإغلاق مدخلي البحر الأحمر والخليج الفارسي في وجه السفن التجارية الإسلامية قاموا بأعمال قرصنة في البحر الأحمر وفرضوا الضرائب على المراكب التجارية والزموها بحمل تصاريح بالسفر من إحدى الموانئ المسيطرين عليها بالهند أو هرمز, وكانت سفنهم الحربية تنهب كل مركب لا يحمل هذا التصريح.([12]) لذا قام الطاهريون قبل أن تنهار دولتهم بمحاولة الوقوف أمام المد البرتغالي, فقد أمر السلطان الطاهري بتجهيز حملة بحرية أبحرت من عدن في عام 1507م متجهة إلى الهند لمحاربة البرتغاليين غير أن الحملة كانت تعكس قصور إمكانيات السلطان وعدم علمه بالأسلحة الحديثة, فقد كانت الحملة مكونة من أربع عشرة سفينة صغيرة تحمل ستمائة مقاتل يمني مع بعض من الفقهاء المتطوعين للجهاد مما جعلها فريسة سهلة أمام بطش البرتغاليين.([13])

     ومع اتساع نشاط البرتغاليين في الهند وسيطرتهم على مصادر تجارة التوابل والسلع الشرقية تضاءل وصول هذه المنتجات إلى مصر والشام وكادت تنعدم بعد أن قل عدد مشتريها من التجار الأوربيين لارتفاع ثمنها, مما أصاب الاقتصاد المملوكي بهزة عنيفة الأثر فقد فقدت دولة المماليك المصدر الرئيسي لاقتصادها ونظامها السياسي ولم يكن أمامها غير التصدي لهذا الخطر.([14]) ونتيجة لتهديد البرتغاليين لكل الدول الإسلامية ظهر تعاون عثماني مملوكي بعد أن طلب السلطان (الغوري) سلطان المماليك مساعدة السلطان العثماني (با يزيد الثاني) إلا أن المساعدات المقدمة للمماليك لم تكن تليق بمكانة الإمبراطورية العثمانية والتي لم تكن ترغب في تقديم دعم كبير للمماليك حتى لا يصبحوا قوة يصعب اكتساحها عندما يتجه العثمانيون نحو أراضيها.([15])

     تحرك الأسطول المملوكي المتمركز في جدة وواصل إبحاره في المحيط الهندي وبمعاونة من أساطيل المماليك الهندية المسلمة تمكن من الانتصار على البرتغاليين في معركة (شول) البحرية سنة 1508م غير أن البرتغاليين تمكنوا من إعادة تنظيم قواتهم وفاجئوا الأسطول المملوكي وهزموه في معركة (ديو) البحرية سنة 1509م.([16]) وفي هذه الأثناء اشتد التنافس بين سلاطين المماليك في مصر وبين اليمنيين على تجارة البحر الأحمر, فقد أراد المصريون تحويل التجارة إلى ميناء جدة التابع لسلاطينهم وقد انتهى الأمر باستيلاء السلطان (قنصوه الغوري) على اليمن سنة 1517م,([17]) فقد رأى مماليك مصر ضرورة السيطرة على اليمن, إما لتكون ملجأ لهم في حالة تغلبت قوة العثمانيين عليهم في مصر وإما ليتخذوا منها قاعدة ينطلقون منها لمقاومة وجهاد البرتغاليين.([18])

     وفي سنة 1516م اجتاحت جيوش الإمبراطورية العثمانية شمال الشام وانتصرت على المماليك عقب معركة (مرج دابق) وفي سنة 1517م انتهت الدولة المملوكية وأصبح العثمانيون سادة البلاد, ولا شك في أن الوجود العثماني في البحر الأحمر والمحيط الهندي قد أثار حفيظة القوات الأوربية التي بدأت تتطلع بخوف وحذر إلى القوة العثمانية, وبدا أن الصدام العسكري قد أصبح أمرا محتما فقد تمكن القائد العثماني (سليمان باشا) من هزيمة الأسطول البرتغالي أمام سواحل جدة سنة 1518م فلم يجرؤ البرتغاليون على مواجهة العثمانيين في البحر الأحمر مرة ثانية.([19])

     وقررت الإمبراطورية العثمانية أن تحتل اليمن, فاليمن بحكم موقعه الممتاز يعتبر منطقة دفاع هامة على حدود الإمبراطورية العثمانية من ناحية الجنوب والاستيلاء عليه يضمن لهم سلامة الأماكن المقدسة في الحجاز وأن يتحكموا بالبحرين الأحمر والعربي فضلا عن امتلاك موطئ قدم صالح للوثوب على البحرية البرتغالية في البحار الشرقية, وتطويق الصفويين الشيعة في بلاد فارس من الجنوب وتحقيق أحلام العثمانيين بمد سيطرتهم شرقا إلى أقاصي العالم الإسلامي.([20])

     وفي عام 1538م تمكن العثمانيون من صد البرتغاليين عن احتلال عدن وواصلوا مسيرتهم نحو الهند لتعقب الأسطول البرتغالي غير أن البرتغاليين تربصوا بالعثمانيين والحقوا بهم الهزيمة مجبرين إياهم على التقهقر إلى عدن التي كانوا قد احتلوها وحصنوها,([21]) ثم دخلت الإمبراطورية العثمانية في معارك ضارية مع ابنا اليمن وظلت غارقة في مستنقع المقاومة اليمنية بدلا من محاربة الأوربيين وإبعادهم عن المحيط الهندي, فكانت فرصة ذهبية للبرتغاليين الذين ثبّتوا أقدامهم في المحيط الهندي والخليج الفارسي وأصبح لهم وجود في الساحل الغربي للبحر الأحمر حتى تمكنت  الإمبراطورية العثمانية من طردهم من الحبشة وجعلها ولاية عثمانية سنة 1554م وبذلك تأكدت السيادة العثمانية على البحر الأحمر.([22])

   وقبل نهاية النصف الأول من القرن السادس عشر أصبحت الملاحة في البحر الأحمر مقصورة على السفن الإسلامية, أما السفن الأجنبية فقد أغلق البحر الأحمر أمامها تحت حجة حماية الأماكن المقدسة في الحجاز, فقد كان العثمانيون يخشون من أن يؤدي تدخل الشركات الغربية في تجارة البحر الأحمر إلى تحول التجارة فيه من ميناء جدة إلى ميناء آخر لا يسيطرون عليه وبالتالي يحرمون من دخل هذه التجارة.([23])

     وقد استمر الصراع بين البرتغاليين والعثمانيين حتى القرن السابع عشر عندما فترت الإمبراطورية العثمانية ووهنت قوتها فتركت اليمن سنة 1635م إلا أن العثمانيين ضلوا متمسكين من الناحية النظرية بأنهم أصحاب الحق في اليمن وكانوا يكررون دعواهم هذه كلما استدعى الأمر إلى ذلك.([24]) أما البرتغاليين فقد ضلوا زهاء مائة عام يحتكرون نقل السلع الشرقية إلى أوربا مباشرة عن طريق رأس الرجاء الصالح, وكانت عاصمتهم (لشبونة) سوقا يزخر بمختلف أصناف السلع التي جلبوها من الشرق, ومن لشبونة كانت هذه السلع تنقل إلى أهم الموانئ الأوربية والجزر البريطانية, إلا أن استئثار البرتغال بتجارة الشرق, والاسبان بثروات أمريكا, لم يهن على بقية دول أوربا إذ راحت هذه الدول تعد العدة وتبني الأساطيل للدخول في صراع معهما من اجل مقاسمتهما غنائمهما.([25])

     ولم يقترب القرن السادس عشر الميلادي من نهايته, حتى نجح الهولنديون في عبور رأس الرجاء الصالح, وفي عام 1614م أرسلت هولندا أسطولا تجاريا إلى عدن للحصول على موطئ قدم للتجارة, ونجحوا في إقامة وكالة لهم في (الشحر).([26]) ودخلت انجلترا حلبة المنافسة التجارية الاستعمارية وتحالفت مع هولندا ضد البرتغال, ولكن عندما حصلت شركة الهند الشرقية الهولندية في سنة 1618م على إذن من السلطان العثماني في الموانئ اليمنية, صعب ذلك على الانجليز فاصطدموا مع الهولنديين في معركة بحرية في المياه اليمنية بالبحر الأحمر, إلا أن أساطيل كلا من الدولتين كانت تشترك في الهجوم على الأساطيل البرتغالية حتى تم لهما القضاء على سيادة البرتغال على البحار الشرقية حينما استولى الهولنديون على كثير من سفن البرتغاليين في عام 1622م.([27])

     وفي منتصف القرن السابع عشر الميلادي أدى التنافس التجاري بين هولندا وبريطانيا إلى حرب بينهما في أوربا, ففي سنة 1652م دمر الأسطول الانجليزي الأسطول الهولندي في معركة بحرية في بحر الشمال, وفي سنة 1654م نشبت الحرب بينهما من جديد وكان الانجليز هم المنتصرون فيها أيضا, وفي أواخر ذلك القرن اشتدت وطأة الحرب على هولندا ما بين اشتباكها أولا مع انجلترا ثم مع فرنسا واخذ الوهن يتسرب إلى حركتها التجارية.([28])

     وفي مستهل القرن الثامن عشر الميلادي دخلت فرنسا حلبة الصراع على التجارة في البحر الأحمر فعقدت مع والي المخا الذي كان تابعا للإمام (المهدي) اتفاقية تجارية سنة 1709م وقد أدى دخولها في حلبة الصراع إلى تصالح بريطانيا وهولندا وتحالفهما ضدها, ومنذ أسس الفرنسيون مركزا تجاريا في المخا سار النشاط التجاري الفرنسي قدما في العقدين التاليين, ولكن سرعان ما بدا الخلاف يدب بين الفرنسيين واليمنيين فضرب الأسطول الفرنسي ميناء المخا سنة 1738م واحتلوها بعض الوقت ثم انسحبوا منها بسرعة.([29])

   إلى جانب تنافس هذه الدول في منطقة البحر الأحمر بشكل عام وعلى السواحل اليمنية بشكل خاص, كان هناك نشاط تجاري بسيط لدول أوربية أخرى كالنمسا والدنمرك والسويد, وقد تحالفت حكومات الدول الكبرى (فرنسا وبريطانيا وهولندا) على الرغم من خلافاتها وأجبرت الإمبراطور النمساوي على الحد من تجارة شركة (اوستند) النمساوية الواسعة مع المخا في الفترة من 1719م حتى 1727م أما مملكة الدنمرك التي كان لها معاملات تجارية متقطعة مع المخا خلال القرن السابع عشر وعلى الرغم من العداء الهولندي لها فقد أسهمت كذلك بالمشاركة في فترة ازدهار تجارة المخا بالبعثة العلمية التاريخية الهامة إلى العربية السعيدة في الأعوام (1761-1767)م والتي ارتبط اسمها بالمهندس الألماني (كارستن نيبور) وكان لشركة الهند الشرقية السويدية نشاط تجاري في اليمن خلال القرن الثامن عشر الميلادي.([30])

   بلغت التجارة الأوربية ذروتها في اليمن ما بين عامي (1720 - 1750)م وبعد ذلك بدأت تتدرج في الهبوط على مدى ستين عاما بحيث أصبحت محصورة في الأخير بين البريطانيين والفرنسيين فقط. فلما جاء الغزو الفرنسي لمصر عام 1798م تحولت تلك المنافسة من ميدان التجارة إلى ميدان المواصلات لأن غزو مصر قد بث الذعر لدى الحكومة البريطانية, لاسيما عندما تبين لها أن (نابليون) كان ينوي غزو الهند. فبدأت بريطانيا تبسط نفوذها العسكري في منطقة البحر الأحمر وفرضت على حكام المنطقة عقد اتفاقيات صداقة وتجارة معها, وذلك كغطاء لمشروعاتها العسكرية المستقبلية في المنطقة. وقامت بعقد تحالف عسكري مع الإمبراطورية العثمانية وروسيا القيصرية للإجهاز على الحملة الفرنسية وإخراجها من مصر.([31])

     وقد شكل الصراع الفرنسي-البريطاني في السيطرة على التجارة والمواقع الاستراتيجية في البحر الأحمر بداية فصول الاحتلال للمشرق والمغرب الإسلامي في القرن التاسع عشر وأصبح السباق والتنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا ظاهرة واضحة خلال ذلك القرن, طغت على أية منافسة أخرى.([32])

   ومنذ عام 1835م كانت قوات (محمد علي باشا) والي مصر قد أحكمت السيطرة على موانئ اليمن وساحلها التهامي وعملت على التوسع نحو الداخل بعد أن تمكنت جيوشه من هزيمة الوهابيين في الحجاز ونجد, فخشي البريطانيون أن يتقدم المصريون إلى عدن وبذلك يسيطرون على باب المندب, فأسرع البريطانيون إلى تنفيذ مخططهم واحتلوا عدن صباح يوم19/ يناير/1839م وبطلب من بريطانيا أرغمت الإمبراطورية العثمانية (محمد علي باشا) على سحب قواته من اليمن, وبذلك وضعت بريطانيا حدا للتنافس الاستعماري بين الدول الكبرى على هذه المنطقة التي وجدت فيها الموقع الاستراتيجي الطبيعي.([33])

     وفي القرن العشرين تقاسمت بعض الدول الأوربية مع بريطانيا منطقة البحر الأحمر وأصبح لهذه الدول مراكز نفوذ فيها, وهو ما كان يهدد امن واستقرار بريطانيا في المنطقة, فهذه فرنسا كانت تحتل جيبوتي وتخضع منطقة (الشيخ سعيد) على الساحل الغربي للبحر الأحمر لنفوذها غير الفعلي, ثم أبدت اهتمامها بنشر نفوذها في اليمن فأرسلت في عام1922م بعثة إلى صنعاء عرضت على الملك (يحيى حميد الدين) فتح ميناء المخا للفرنسيين ومنحهم حق احتكر تجارة البن اليمني وبالمقابل وعدته بتوريد أي كمية من الأسلحة الضرورية والمعدات التي يحتاجها.([34])

     كما أخذت ايطاليا والتي كانت تحتل الحبشة تتطلع نحو اليمن, ففي مطلع عام 1924م قامت باتصالات مع الملك (يحيى) لتوقيع اتفاقية صداقة وتجارة بين البلدين حتى تم لها ذلك في الثاني من سبتمبر1926م ومع ذلك كان الايطاليون يعدون حملة عسكرية لغزو اليمن فجعلوا من مينا (عصب) في الساحل الغربي للبحر الأحمر مركزا لتخزين ما يلزم لتلك الحملة من مئونة وسلاح إلا أن هذه المحاولة لم تكلل بالنجاح.([35])

     وكانت المانيا مؤخرا قد نزلت فجئه إلى الميدان الاستعماري وفرضت نفسها على بريطانيا في غرب إفريقيا كما أنها بدأت نشاطا ملموسا في شرق إفريقيا مهددة بذلك المصالح البريطانية في سواحل المحيط الهندي, وكانت هذه المنافسة السبب الأول في الاتفاق الذي تم بين بريطانيا وفرنسا سنة1904م وفي عام 1913م عرضت المانيا على العثمانيين شراء ميناء المخا لتقيم فيه مستودعا للفحم لبواخرها إلا أن هذا العرض لم يكتب له النجاح.([36])

   وفي سنة 1928م أرسل الاتحاد السوفيتي بعثة إلى صنعاء تمكنت من عقد معاهدة ذات أغراض تجارية واقتصادية بحتة, وتم تأسيس مكاتب لتوزيع المنتجات السوفيتية في اليمن, وقد اعتبرت بريطانيا هذه الاتفاقية تمثل خطرا سياسيا وعسكريا وايدلوجيا فعملت على محاربتها بمختلف الوسائل, مثلما عملت للحد من النفوذ الايطالي والفرنسي والألماني فقد رأت بريطانيا أن تلك العلاقات اليمنية-الأوربية بشكل عام تهدد أمنها واستقرارها في جنوب اليمن فأكثروا من تحصين مواقعهم في عدن وغيرها من المناطق.([37])

     أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد تأخر اتصالها التجاري بالموانئ اليمنية حتى مطلع القرن التاسع عشر حيث حصل الأمريكيون على موافقة ملك اليمن في إنشاء مركز تجاري في المخا, لكن سفنا تجارية أمريكية سبق لها قبل ذلك الوصول إلى اليمن وشراء البن ولعل أول صفقة كانت عام 1801م وكانت حكومة الولايات المتحدة تساند التجار الأمريكيين في جهودهم الرامية إلى مشاركة الانجليز بل ومنافستهم في العمليات التجارية بالأسواق الشرقية.([38]) ودامت المنافسة حوالي نصف قرن, وكانت كافية للتأثير على السياسة البريطانية في اليمن حيث أحسوا أنهم يواجهون منافسا خطيرا لمصالحهم مما جعل القنصل البريطاني في مصر(كامبل) يقوم بحث حكومته سنة1837م على فكرة الإسراع باحتلال عدن القادرة على جذب تجارة البن الهامة والمربحة بكاملها من ميناء المخا فتصبح بريطانيا مسيطرة على تلك التجارة وبالتالي تكسر احتكار الأمريكيين لها.([39])

   وبعد الحرب العالمية الثانية تطلعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليمن فعقدت مع الملك يحيى معاهدة تجارية في عام 1946م وكانت الولايات المتحدة تهدف إلى الحصول على امتياز التنقيب على النفط, ونتيجة لعدم وجود بترول بكميات كبيرة فقد اقتصر دور الولايات على إرسال البعثات لتقديم المشورة فيما يتعلق بشق الطرقات وبناء الجسور.([40]) ومع انحسار النفوذ البريطاني في الخليج الفارسي فضلا عن مناطق أخرى في العالم في عملية تصفية للإمبراطورية أواخر القرن العشرون, كان على الولايات المتحدة الحلول محل بريطانيا أينما انحسر نفوذها, وهذا ما يفسر لنا اهتمام الولايات المتحدة المتزايد بشئون اليمن, ليس فقط لكونها تلعب دورا فاعلا في أمن السعودية إقليميا, ولكن لخوفها أيضا من تسرب نفوذ سوفيتي إلى اليمن وقتئذ, مما قد يبطل قيمة القواعد الأمريكية في السعودية.([41])

                                                                                         

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول: النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي:

المبحث الأول: تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية (v.o.c):

   كان البرتغاليون يهدفون من وراء توسعهم الاستعماري في البحار الشرقية إلى القهر العسكري الصليبي واستغلال قوتهم الحربية في الحصول على موارد اقتصادية.([42]) وظل البرتغاليون نحو مائة عام محتكرين للتجارة البحرية بين أوربا والشرق عن طريق رأس الرجاء الصالح, وغدت لشبونة - عاصمة البرتغال - مستودعا ضخما للسلع الشرقية, ومن لشبونة كانت هذه السلع تنقل في المراكب الهولندية والبرتغالية إلى موانئ شمال وغرب أوربا والموانئ البريطانية, وكان ميناء (التورب) البلجيكي أشهر هذه الموانئ.([43])

   وفي عام1580م توفي (هنري) ملك البرتغال فاستولى (فيليب الثاني) ملك اسبانيا على عرش البرتغال نتيجة انقراض الذكور من البيت الملك البرتغالي.([44]) وكانت الأراضي المنخفضة تابعة للتاج الاسباني غير انه في سنة1581م نشبت في (هولندا) التي كانت تتعاطف مع حركة الإصلاح الديني البروتستانتية ثورة عنيفة ضد الملك الاسباني الهبسبورغي الذي كان حكمه المركزي والمطلق والمتعصب لكاثوليكية بهدف جمع المال من هذه الأراضي الغنية وذلك من اجل تمويل طموحاته السياسية الشاملة للعالم كله.([45]) فحرمهم الملك من نقل البضائع التجارية إلى الشمال.([46]) وحرم على البرتغاليين الذين صاروا من رعاياه الاتجار مع الهولنديين.([47])

   ولما ازدادت مضايقات السلطات الاسبانية للتجار الهولنديين بالتعرض لسفنهم التجارية وأسرها وإغراقها وإقفال ميناء لشبونة أمام تجارتهم لم يستطع الهولنديون الوقوف مكتوفي الأيدي إزاء هذه الاستفزازات, وزاد من حنق الهولنديين أن البرتغاليين كانوا يرفعون أسعار السلع الشرقية من حين إلى آخر.([48]) ومنذ أواخر القرن السادس عشر بدا الهولنديون يبحثون عن طرق توصلهم إلى الشرق مباشرة دون الاعتماد على البرتغاليين خاصة وقد تولد لديهم شعور بأن تحدي المستعمرات البرتغالية في الشرق أصبح امرأ يسيرا بعد ظهور عوامل الانحلال في الإمبراطورية البرتغالية والتي اتخذت أقوى الإجراءات للمحافظة على سرية الطريق إلى الهند.([49])

    وقد اعتمد الهولنديون على المعلومات التي كانت تصلهم عن طريق عملائهم الذين يشتغلون مع البرتغاليين, فقد سعى هؤلاء العملاء للوصول إلى الهند برفقة الأساطيل والسفن البرتغالية وكان على رأسهم (لينشوتن) الذي ينتمي إلى أسرة كبيرة في مقاطعة (هارلم) إحدى مقاطعات إقليم اتحاد الأراضي المنخفضة, إذ انتظم في سلك الرهبنة ثم رحل إلى الهند عام 1583م برفقة أسقف (جوا) وعمل أمينا لأسرار كبير الأساقفة, وبحكم منصبه استطاع الحصول على معلومات قيمة عن الهند فيما يخص التجارة وطرق المواصلات والمنتجات الشرقية, وبعد أن عاد إلى هولندا عام1592م نشر أبحاثه ودراساته مع ملحق خاص وضع فيه المعلومات البحرية عن حركة السفن والرياح التجارية والتيارات المائية والموانئ والجزر مع خرائط تفصيلية ورسوم بيانية, فبهر الهولنديين بهذه المعلومات القيمة التي نشرها لنشوتن.([50])

   نجحت الثورة الهولندية وتشكلت جمهورية السبع محافظات المتحدة وتولى (مجلس المندوبين العام) الحكم عام 1588م وكان مقره في (لاهاي) وكانت هذه المحافظات شبه مستقلة وكان صوت أغنى محافظة في المجلس أي محافظة (هولنت) هو الحاسم في معظم الأحيان, وكانت مجالس المحافظات المنفصلة تتألف في غالبها من ممثلي المدن وهي ثماني عشرة أهمها مدينة أمستردام, وكان يحكم هذه المدن(مجلس بلدي) اختير أعضاؤه من مجموعة التجار الأثرياء, وهكذا فإن السلطة الفعلية في الجمهورية كانت مركزة في أيدي الطبقة الحاكمة البلدية التي كانت تزداد عزلتها تدريجيا والتي كان هدفها الأساسي المصلحة التجارية.([51])

   وكانت نشأت الجمهورية السياسية والحربية والبحرية تعود إلى نمو نفوذها التجاري الاقتصادي في مدة قصيرة من الزمن وبلا مثيل وكان صيد السمك والملاحة البحرية التجارية قد ترعرعا قبل قيام الثورة بوقت طويل نتيجة للموقع الجغرافي المتميز على بحر الشمال وعلى مصب نهري (الراين والموز), وشكلت الأراضي المنخفضة ملتقى التجارة ببحر البلطيق والتجارة بالبرتغال وتغلغلت السفن الهولندية في حوض البحر المتوسط في حوالي عام 1590م ونشأت بعد ذلك ببضع سنوات الملاحة التجارية المنظمة الموجهة إلى المشرق, وفي الوقت ذاته شرعت الملاحة التجارية المستقلة الموجهة إلى جزر التوابل الأسيوية وذلك من اجل تجنب سوق الفلفل في لشبونة الذي كان واقعا تحت الرقابة الاسبانية منذ عام 1580م.([52])

   وهكذا وفي غضون وقت قصير تحولت المنطقة التجارية التي كانت مقتصرة على شمال غربي أوربا إلى إمبراطورية تجارية شاسعة الاطراف امتد نفوذها إلى أرجاء العالم وكانت أمستردام مركز هذه الإمبراطورية, إذ أنها كانت تخزن في مستودعاتها وبكميات ضخمة المنتجات المتنوعة من كل أنحاء العالم ومن ثم توزيعها على الدول المختلفة فتجني الربح الهائل, كما استثمرت أموالها الطائلة وثرواتها الواسعة في مشاريع ضخمة.([53])

   وقد تطلبت الملاحة التجارية وصيد السمك سفنا كثيرة ومتنوعة مما أدى إلى ازدهار صناعة السفن بلا نظير له في السابق وظهرت الترسانات في مدن مختلفة كان أهمها في أمستردام ومدلبورخ ومنطقة نهر الراين, كما نتج عن هذا تطور سلسلة من الصناعات المتعلقة ببناء السفن مثل معامل نشر الخشب وفتل الحبال وحياكة الأشرعة وغيرها وبالإضافة إلى هذا أدخلت تحسينات عديدة في فن الملاحة وأدواتها وبدء التدريس الملاحي المنظم وازدهر فن رسم الخرائط الجغرافية خاصة في أمستردام, كما بنيت قوة بحرية جبارة كانت تواكب الأساطيل التجارية عند الحاجة وتهاجم الأساطيل التجارية المنافسة لها وتحمي سواحل الجمهورية من الغزاة.([54]) حتى أصبح الأسطول الهولندي يضم عشرين ألف مركب, وبعد دراسة عميقة انطلقوا نحو البحر وبدأت مزاحمتهم للبرتغاليين.([55]) وفي عام 1594م اجتمع في أمستردام تسعة من تجار شمال هولندا وقرروا تأسيس شركة أطلقوا عليها اسم (شركة الأراضي البعيدة) (company of for land) وأرسلوا أسطولين تجاريين إلى جزر الهند الشرقية لاحتكار تجارة التوابل في الشرق الأقصى.([56])

   تولى قيادة الأسطول الهولندي(كورنيس هوتمان) الذي سبق وان جاء إلى الشرق مرات عديدة وتمكن من جمع معلومات مفيدة حيث كلف في عام1592م من قبل مجموعة من التجار بالذهاب إلى لشبونة لجمع معلومات أكثر قبل بدء تشغيل الأسطول التجاري وقد حقق (هوتمان) نجاحا عظيما من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية فقد عبر طريق رأس الرجاء الصالح وعقد لأول مرة اتفاقية تجارية بين هولندا وملك بنتام, وبذلك فتح أرخبيل جزر الهند للتجارة الهولندية ثم حقق هذا الأسطول أرباحا عظيمة بلغت أكثر من ثمانين ألف فلورن, لكن لسوء حظه لم يرجع إلى ميناء (تاكسل) في اغسطس1597م إلا وقد فقد عدد من بحارته اذ لم يعد سوى ثمانين بحارا من (249) وغرقت أحدى سفنه.([57])

   لقد ثبت الآن انه بوسع الهولنديين القيام بعلاقات تجارية مستقلة بآسيا والتغلب على المنافسة البرتغالية, وكان التجار الأثرياء في مدن (هولنت, وزيلنت) ينظمون شركة منفصلة عن الأولى وذات اسم خاص.([58]) إذ خرجت (22) سفينة في عام1598م ومن هنا تتابعت الأساطيل: ليس اقل من (15) أسطولا حتى عام1602م أي ما لا يقل عن (65) سفينة تجارية.([59])

   وتجنبا للعواقب السلبية نتيجة المنافسة العنيفة بين هذه الشركات الخاصة, فيما يتعلق بالناحية التجارية ومصالح الجمهورية أيضا. عمل (فن اولد نبرنقلت) رئيس جمهورية هولندا على توحيد هذه الشركات.([60]) فأجتمع فريق من التجار في أوائل سنة 1602م, لبحث توحيد المؤسسات التجارية وتكوين شركة قوية لها فعاليتها في مجال التجارة الدولية فاتحدت تلك المؤسسات في شركة واحدة أطلق عليها اسم (شركة الهند الشرقية الهولندية) (v.o.c) برأس مال قدره (6.5) مليون (فلورن).([61]) وذلك وفق مرسوم صدر في 20/3/1602م من مجلس الأمة الهولندي.([62])

    كما أعطى مجلس الأمة الهولندي الشركة الجديدة حق احتكار التجارة الشرقية لمدة واحد وعشرين عام, وخولها سلطات واسعة لعقد المعاهدات والتحالفات مع الدول والممالك في المحيط الهندي وفوضها القيام باحتلال الأراضي وبناء الحصون والقلاع وإعداد الجيوش وإعلان الحرب لتتمكن من منافسة الشركات والقوى الأوربية في الشرق وبذلك أصبحت شركة تجارية استعمارية,([63]) تتعاط التجارة تحت ظل المدفع على غرار شركات الهند الشرقية البريطانية والفرنسية.([64])

   وكان على المستثمرين إيداع رؤوس أموالهم لمدة عشر سنوات لا يحق لهم خلالها طلب استعادتها, وضبطت للشركة القوانين حتى اصغر التفاصيل: قسمت الشركة إلى ست غرف وهي (أمستردام, زيلنت أو مدلبورخ, روتردام, دلفت, هورن, وانكهويزن) وكان عدد متولي الحكم لهذه الغرف على التوالي (20-12-7-7-7-7) وكان هؤلاء قد شغلوا المناصب ذاتها في الشركات السابقة. أما الشواغر التي كانت تظهر في المستقبل فكان يشغلها الأعيان الذين يختارهم رؤساء المدن المعنية.([65])

   أما مجلس الإدارة المركزي فيتكون من (السادة السبعة عشر) وكان يتشكل من ثمانية مندوبين عن أمستردام, وأربعة عن مدلبورخ, وواحد عن كل من المدن الصغيرة, وكان مقر هذا المجلس في أمستردام لمدة ست سنوات وفي مدلبورخ لمدة سنتين بالتناوب أما المستثمرين(المساهمون) فقد جردوا منذ البداية من أي نفوذ في أدارة الشركة وسياستها وتوطدت العلاقات بين متولي الحكم والسلطات البلدية,([66]) فكانت الحكومة الهولندية تشرف على مجلس أدارة الشركة.([67])

   وبينما كان هدف سفن الشركات السابقة تحقيق الربح التجاري فقط فقد تسلمت الأساطيل التي أرسلتها الـ (v.o.c) إلى أرخبيل الهند أوامر عسكرية أيضا تنص على إضرار البرتغال بضرب معاقلهم الأسيوية.([68]) فقد نزلت هولندا ميدان المنافسة مشبعة بالعداء للبرتغاليين, والرغبة في القضاء عليهم في الهند.([69]) ومن هنا بدأت المنافسة حيث اخذ الهولنديون يفرضون نفوذهم على حساب النفوذ البرتغالي وقد اتبع الهولنديون أسلوبا خاصا في التدخل من خلال عقد اتفاقيات مع الولايات المحلية لطرد البرتغاليين من سواحل الهند وهنا يمكن القول انه في الوقت الذي اضمحلت فيه السيطرة البرتغالية ظهرت السيطرة الهولندية.([70])

   كانت خطة الهولنديين في الشرق هي السير في هدوء مع أهل البلاد للحصول على اكبر قدر ممكن من التجارة غير متدخلين في مسائل التبشير بالمسيحية وان كانت أساليبهم قد اعتمدت على القوة فيما بعد.([71])

   قرر(السادة السبعة عشر) تركيز القوة الهولندية في آسيا فعينوا لذلك (حاكما عاما) يساعده مجلس استشاري وكان عليه قيادة عمليات الشركة من ملتقى عام مركزي الموقع يستعمل أيضا كمخزن بضائع وفي عام 1619م تم تأسيس الملتقى العام في مدينة (باتا فيا) على موقع (جاكارته) وذلك للتغلب على الانجليز والجاكرتيين والبنتاميين وما لبث أن شيدت فيها المستودعات وبنيت الترسانات.([72]) ومن ثم توسعت وقامت بالاستيلاء على المراكز الإستراتيجية المهمة التي كانت للبرتغال في المحيط الهندي واستطاعت الشركة في فترة قصيرة أن تنقل التوابل والبهارات على نطاق واسع وحققت أرباحا كبيرة.([73]) وهكذا أصبحت شركة الهند الشرقية الهولندية في منزلة دولة مستقلة في آسيا تعقد الصفقات وتنشئ العلاقات التجارية والسياسية حتى تحولت فيما بعد إلى حكومة استعمارية في اندونيسيا.([74])

   لقد لعبت الشركة دورا رئيسيا في توطد أقدام الاستعمار الهولندي في اندونيسيا, وكانت هذه الشركة من اكبر دعائم تكوين الإمبراطورية الهولندية التي كانت تعتبر ثالثة الإمبراطوريات بعد الإمبراطوريتين الانجليزية والفرنسية.([75]) وقد وسعت الشركة نشاطها في كل مناطق آسيا من اليابان إلى اليمن تارة بالطرق السلمية وتارة باستعمال العنف فأسست عام 1609م محطة تجارية في (هيرادو) في اليابان وأخذت الشركة تفتح (فورموزة) عام1624م وأقامت الشركة في الهند الخلفية مقرات تجارية مؤقتة في (تونكين وباتاني وبيغو واراكان) وغيرها وكانت محطة (هوغلي) التجارية في البنغال ذات أهمية كبرى. وفي ساحل (كوروماندل) أسست سلسلة من المحطات التجارية التي جعلت من محطة بالياكتة المؤسسة الرئيسية وشيدت هناك حصن عام 1613م.([76])

   وفي عام1616م انشأ (بيترفن دن بروكه) محطة تجارية في (سورات) على الجانب الشمالي الغربي لشبه القارة الهندية وكانت محطة المخا تقع ضمن مسئوليته بالإضافة إلى سلسلة من الفروع داخل الهند في احمد اباد, واكرا وغيرهما مثل محطة ضمرون (بندر عباس) في فارس وعندما تم احتلال سيلان في عام1656م تمكنت الشركة من احتكار تجارة القرفة والفلفل في (كوشن) بعد طرد البرتغاليين منها عام 1663م وأخيرا أسست الشركة عام 1652م محطة في رأس الرجاء الصالح من اجل تزويد الأساطيل المبحرة من هولندا إلى الهند الشرقية بالغذاء الطازج والماء للشرب وبأمر من الشركة استكشفت (غينية الجديدة واستراليا ونيوزلندا) وغيرها ولكن لم تستغل الشركة هذه المناطق لاعتبارها خالية من الربح التجاري.([77])

   ومع أن الشركة كانت قد تطورت إلى اكبر قوة بحرية مهابة في القرن السابع عشر وأضخم مؤسسة تجارية في أسيا ومع أنها كانت قد نجحت بتحطيم القوة البحرية البرتغالية تقريبا وبطرد منافستها (شركة الهند الشرقية الانجليزية) من أرخبيل الهند الشرقية وبالتفوق عليها في كل الأماكن الأخرى بالرغم من ذلك كله فقد أخذت شركة الهند الشرقية الهولندية تفقد عنفوانها ونفوذها ومقامها في القرن الثامن عشر تدريجيا.([78]) فبدأت الشركة تتحول من التجارة فقط إلى الزراعة أيضا فأدخلت زراعات جديدة مثل زراعة البن التي أصبحت من أهم مصادر دخل الشركة في الربع الأخير من ذلك القرن.([79])

   تغلغلت الشركة الانجليزية المنافسة وخاصة بعد الحرب الهولندية-الانجليزية الرابعة(1780-1784) بعواقبها الكارثية على هولندا في كل مكان في (كوروماندل والبنغال وملابار) وغيرها ووقعت سيلان التي شكلت قاعدة هامة للـ (v.o.c) في أيدي الانجليز عام1796م أثناء (العصر النابليوني).([80]) ونظر لانهيار تجارة الشركة الهولندية مع الهند بدافع من فرنسا وانجلترا بدأت الشركة تفقد ما لها من سلطان تجاري وتتحول إلى السياسة وإلى الحكم وترتب على هذا الاتجاه الجديد زيادة خسائر الشركة وكثرة ديونها إلى أن انتهت بصفة نهائية في العام1799م وحلت الحكومة الهولندية محل الشركة في تسيير أمور اندونيسيا.([81])

   لم تكن منشات الشركة تتشابه في كل مكان فالمناطق الواقعة تحت سيادة الشركة مثل جزر التوابل, وكوروماندل, وسيلان كان يلي عليها رجل يشغل منصب (الحاكم) أما المنشات المهمة ولكن الخالية من السلطة الحوزية مثل البنغال وسورات فكان يرأسها رجل يحمل رتبة (المدير) والمنشات ذات الأهمية الأقل مثل ملابار فكانت تقع تحت حكم (القائد) أو كان يشرف عليها (الرئيس) أو(الرئيس الأعلى) مثل المخا, وكان هؤلاء الرجال الحاكمون المستحقون الرواتب المختلفة اعتمادا على مناصبهم يترأسون مجلسا خاصا مسئولا عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة التجارية أو العسكرية.([82])

   وكانت مجالس أدارة المحطات التجارية هذه تعكس حكومة الهند العليا في باتافيا والتي شكلها مجلس مؤلف من مستشاري الهند الستة والذي يترأسه الحاكم العام ومع الحاكم العام ومستشاريه كانوا خاضعين نظريا للسادة السبعة عشر في الوطن الأم هولندا إلا أنهم كانوا يسلكون سياسة مستقلة إلى حد بعيد ليس لكونهم مزودين بالمعلومات المفصلة أكثر فحسب بل لأنه كان عليهم اتخاذ إجراءات سريعة فلم يكن بإمكانهم انتظار النصح أو الأوامر من أوربا.([83])

   وكان المستخدمون الهولنديون يختلفون عددا ونوعا من محطة إلى أخرى فالمناطق الممارسة فيها السلطة الحوزية كانت تتطلب العسكريين ذوي المناصب المختلفة وكان هؤلاء يجندون من أفقر سكان المدن الهولندية كما كانت رواتبهم ضئيلة وكان يوجد في كل المحطات الصناع ذوو الحرف المختلفة بالإضافة إلى الجراحين والقسس البروتستانتيين...الخ وكانت زعامة الشركة التجارية هذه بالنسبة للتجارة أو أدارة الأمور مركزية كليا بأيدي نخبة التجار المحدودة وكانت هذه المجموعة مرتبة ترتيبا عموديا: المساعد فالتاجر الأدنى فالتاجر, فالتاجر الأعلى وكانت تجارتهم الشخصية المتغاضى عنها تزودهم بالدخل الإضافي وهكذا عاد الكثير منهم بثروات واسعة بعد إتمام خدمة واحدة أو أكثر وكانت المدة الواحدة تدوم خمس سنوات.([84])

   وقد شكلت التوابل (القرفة وجوز الطيب والبسباس والقرفة والفلفل) أهم المنتجات الآسيوية العديدة التي زودت بها الشركة الأسواق الأوربية وذلك بواسطة المتعهدين حتى عام 1640م والمزايدات العلنية فيما بعد وخاصة في أمستردام ولكن الأقمشة أزاحت الفلفل في نهاية القرن السابع عشر بينما شقت القهوة والشاي طريقها كمنتجات جديدة في القرن الثامن عشر وكان على الشركة شراء معظم المنتجات الآسيوية المذكورة مقابل المعادن الكريمة وكذلك سبائك الفضة وبكميات اقل سبائك الذهب ومن اجل تفادي ازدياد تدفق المعادن الكريمة على آسيا بشكل غير مقبول قررت الشركة أن تنشط في تجارتها بين مناطق آسيا المختلفة فبالمنسوجات مثلا أمكن الحصول على الفلفل وغيره.([85])

   وإذا رأينا مجموع تجارة الشركة طوال الفترة ما بين1602, 1799م بأكملها فسنرى أن الأرباح كانت تفوق النفقات بكثير وان حجم التجارة كان يزداد باستمرار ولكن هذه الأرباح أخذت تضمحل نسبيا خلال القرن الثامن عشر إلى أن هبطت فجأة هبوطا عميقا عام 1780م بعد اندلاع الحرب الهولندية-الانجليزية الرابعة فقد هبطت الأرباح إلى تحت مستوى النفقات إلى حد انه كان من غير الممكن تفادي إفلاس الشركة فأممت الشركة عام 1795م ثم تبع ذلك تصفيتها عام 1799.([86])

   وقبض المساهمون في الشركة أرباحهم السنوية والتي كانت هائلة معظم الأحيان والتي كانت تدفع لهم عينا في البداية ثم أصبحت أسهمهم التي يتراوح سعرها بين 400% إلى 550% أثناء فترة طويلة عديمة القيمة والأسوأ من ذلك أن البحارة والجنود والتجار وعمال الترسانات والآخرين العاملين في الصناعة المتعلقة ببناء السفن أصبحوا عاطلين عن العمل.([87])

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: نشاط شركة الهند الشرقية  الهولندي في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي:

   كان الاهتمام الهولندي باليمن واضحا منذ بدايات القرن السابع عشر وبالرغم من تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية عام1602م إلا انه لم ترسل سفينة هولندية إلى الجزيرة العربية إلا في اغسطس1614م.([88]) لكن لم يكن مقدرا للهولنديين أن ينشئوا مع شبه جزيرة العرب نفسها علاقات كتلك التي أنشاها البرتغاليون وذلك كون الهولنديون من أتباع المذهب البروتستانتي خلافا للبرتغاليين الكاثوليك المتعصبين للمسيحية (الصليبيين).([89]) فلم يوفد الهولنديون مبشرين ولم يبنوا قلاعا بل اكتفوا بارتياد أربعة موانئ هي: ( المخا وعدن والشحر وقشن ) وأحيانا الحديدة مقتنعين بإنشاء وكالتين تجاريتين في المخا والشحر تركوا فيها وكلاء تجاريين للشركة ليس إلا. ذلك أنهم وجهوا جل جهودهم نحو بلاد الهند.([90])

   كان الحاكم الهولندي العام في مقاطعة (بنتام) من أعمال الهند قد قرر إرسال سفينة لاستطلاع الإمكانات التجارية مع شبه جزيرة العرب.([91]) وفي 2 / أغسطس / 1614م وبالقرب من ساحل أفريقيا الشرقي انفصلت السفينة النساو بقيادة (بيتر فن دن بروكه) عن أسطول (خيررت راينست) القاصد (بنتام) لتقوم برحلة استكشافية على طول ساحل الجزيرة العربية الجنوبي والمدن الواقعة عليه وكانت السفينة مزودة بطاقم جيد ومسلحة تسليحا ثقيلا ومحملة بالقليل من البضائع وألقت السفينة مراسيها أمام عدن في 30 / أغسطس.([92])

   وكانت السفينة تحمل علما ابيض وأرسلت رسولا إلى حاكم عدن (علي اغا) لإعلامه بسبب مجيئها وكان تصرف الحاكم مع الهولنديين كريما مؤكدا أن مواطنيه سيستقبلونه بحفاوة وفي اليوم التالي رست السفينة في ميناء عدن وأرسل حاكم عدن احد الضباط لتفتيش السفينة وليدعو (فن دن بروكه) إلى تناول الغداء معه وقد قبل (بروكه) الدعوة وتوجه إلى القصر في احتفال كبير ومر بين صفين من الجنود.([93])

   في ذلك الحين تعرف (بروكه) على احد أخطار البلاد العربية إلا وهو العاصفة الرملية فقد كتب يقول: (عند الظهر اقبل من اليابسة ظلام شديد شبيه بسيل مدرار من المطر تصحبه حمرة شديدة تملكنا منه العجب وأفزعنا النظر إليه ولما زالت العاصفة كانت السفينة قد كسيت بطبقة من الرمل الأحمر وقد اتجهت العاصفة نحو بلاد الحبشة وقد أدت القوات العسكرية لنا كل واجبات التحية والإكرام) لقد كانت هذه الحادثة هي المرة الأولى التي ينكشف فيها لأوربي بصورة غير مباشرة الربع الخالي.([94])

   لقد أكرمهم حاكم عدن بوصفهم من رعايا الأمير(اورانج) ملك هولندا حليف السلطان العثماني.([95]) وهم يحملون تصريحا من الصدر الأعظم يسمح لهم بحرية التجارة في جميع الولايات العثمانية غير أن حاكم عدن أجابهم بأنه مع احتفاظه بالعلاقات الودية بينهما فان عليه أن يعرض الأمر على الوالي العثماني في صنعاء لمعرفة رأيه.([96])

   لقد تمكن (بروكه) بوصفه من رعايا الأمير أورانج حليف السلطان العثماني وصديقه من الإقامة في مسكن مريح بانتظار جواب باشا صنعاء على طلباته وبما أن الجواب ورد سلبا فقد أبحر بروكه نحو ميناء الشحر.([97]) وهو ميناء حضرموت الرئيسي, فاستقبله سلطانها (منصور) الخاضع للعثمانيين استقبالا يليق بحليف السلطان العثماني.([98]) معلنا له أن المنطقة ستكون مفتوحة دائما أمامه كلما قصدها كتاجر محترم.([99]) وذلك في 19/ سبتمبر فاستأجر بروكه منزلا ترك فيه ثلاثة رجال مع القليل من البضائع والنقود وكان من جملة مهامهم تعلم اللغة العربية.([100]) وهكذا شيد فيها وكالة هولندية.([101])

   والجدير بالذكر أن بروكه سجل وصفا لميناء الشحر حيث كان وصف بحار حقيقي ذكر فيه بدقة موقع عرضه بالنسبة لخط الاستواء ومرساها وقلعته الحصينة التي تمثل درعا بارزا في مقاومة أي هجوم والتي لا فائدة منها في حالة قصف الميناء بقنابل المدافع.([102])  وذكر أن ميناء الشحر هو ميناء حضرموت الرئيسي وان مكان أقامت السلطان هو مدينة حضرموت أما عن السكان فقد قال أنهم ذوو استقامة ولطف يحبون مصادقة الغير متواضعون ذوو طبيعة هادئة ومؤمنون إيمانا ثابتا برسالة النبي محمد.([103])

   عاد بروكه إلى بنتام فوصلها في 31 / ديسمبر بعد أن زار قشن في 7 / أكتوبر وفي 22 / سبتمبر 1615م رحل بروكه عن بنتام ليقوم برحلته الثانية إلى المناطق الغربية لجنوب شبه الجزيرة العربية وكانت السفينة الـ (نساو) مزودة هذه المرة بشحنة لا باس بها من التوابل والفلفل والخزف الصيني وفي 8 / يناير / 1616م رسا أمام الشحر ثم تحرك باتجاه المخا فوصل اليها في 25/ يناير / 1616م وفي المخا استقبله حاكمها العثماني السنجق بك (حسن اغا) بلطف ونصّف له المكس ولكنه لم يجرؤ على السماح له بافتتاح محطة تجارية ثابتة بدون إذن رسمي من قبل البكلربك وآلي اليمن في صنعاء لذلك صمم مجلس السفينة على إرسال بروكه إلى بلاط صنعاء كي يحصل على الإذن المطلوب.([104])

   حصل (بروكه) على تصريح من حاكم المخا حسن اغا, لزيارة مدن اليمن المختلفة, وعلى توصية لحكام مناطق اليمن ليحسنوا معاملته.([105]) وفي 21/ ابريل تحرك بروكه نحو صنعاء, مصطحبا معه خمسة هولنديين, ورافقهم مجموعة من الجنود العثمانيين.([106]) وقد مروا في طريقهم بمدن موزع وحاسب ويغروس التي قال بروكه عنها أنها بلدة يتعذر الاستيلاء عليها وعند وصولهم إلى تعز استقبلهم حاكمها استقبالا فخما.([107]) وقد تجولوا فيها  ثم تابعوا طريقهم في الجبال واجتازوا أب ونقيل سماره حتى بلغوا ذمار التي استقبلهم حاكمها استقبالا فخما وعندما اقترب بروكه من صنعاء بعث له الوالي العثماني (جعفر باشا) بخيل محلاة بالذهب والفضة ليدخل بها المدينة يرافقه ثلاثمائة جندي وبالقرب من بوابة المدينة كان الباشا في استقباله شخصيا يرافقه أكثر من مائتين من حاشيته وعليّة القوم.([108])

   صحيح أن جعفر باشا استقبل بروكه بالترحيب الكبير لكنه رفض رفضا قاطعا السماح له بتأسيس محطة تجارية ثابتة وذلك لعدم حيازة الهولنديين على فرمان صريح من السلطان العثماني ومع ذلك أذن لهم بالتجارة في غضون الموسم الجاري وخفض لهم المكوس ولكنه منعهم من العودة إلى اليمن بدون الفرمان المطلوب وغادرت البعثة العاصمة صنعاء في  16/ مايو وعادت إلى المخا في 24 من الشهر ذاته, ورحلت الـ نساو من مرسى المخا في  7/ يوليو بعد أن كانت قد مارست التجارة المربحة واتجهت إلى الشحر وهناك أغلقت المحطة التجارية ذات الأهمية القليلة وعادت إلى بنتام في  18/ نوفمبر.([109]) خلال ذلك كان السادة السبعة عشر قد طلبوا من الحكومة الهولندية أن تبذل قصارى جهدها من اجل الحصول على فرمان من السلطان العثماني لصالح الـ شركة في اليمن وقد نجح سفير هولندا في استانبول في إحراز هذا الأمر الخطي.([110])

   وقد اصدر السلطان العثماني عثمان الثاني (1618-1622) فرمانا لشركة الهند الشرقية الهولندية منحها بموجبه حق المتاجرة في ميناء المخا ومما جاء فيه: ( يسمح للهولنديين بالتجارة بدون مضايقتهم في دينهم وبالبيع لكل التجار الذين يقع الخيار عليهم بدون إعاقة من أي شخص وان يسمحوا للهولنديين ببيع بضائعهم لكل من يريد شراءها.([111]) هذا ما لم يقم الهولنديون بأية عملية مضادة للصداقة.([112]) وبشرط إلا تتقدم السفن الهولندية إلى الموانئ القريبة من مكة المكرمة كميناء ينبع وجدة وألا يتعرضوا للسفن التجارية في البحر الأحمر وشط العرب).([113]) وكان الهولنديون قد تعهدوا للعثمانيين في اليمن بعدم الاعتداء على المراكب العربية وغيرها والتي تسير في الخط الملاحي بين الهند والموانئ اليمنية.([114])

   وفي  16/ يونيو /1620 م تحركت السفينة الـ سخب من جاكرتة بقيادة بروكه متجهة صوب اليمن وكانت هذه السفينة كبيرة وثقيلة ومزودة بطاقم مكون من (140) بحارا وحاملة (40) مدفعا ومشحونة بالكثير من البضائع وكان من ضمن مهامها هذه المرة أيضا الإضرار بقدر الإمكان بالبرتغاليين وحلفائهم وفي 22/ أغسطس رست السفينة أمام عدن وسمح حاكم عدن للهولنديين بان يسكنوا منزلا في المدينة ونصّب بروكة (هرمن فن خل) رئيسا للمحطة التجارية التي أسسها في عدن وترك معه خمسة من المساعدين بالإضافة إلى كمية من البضائع ثم غادر اليمن متوجها إلى سورات التي استقر فيها للتجارة كمدير للتجارة الهولندية في الشرق.([115])

   وفي 26/ سبتمبر رحل (فن خل) عن عدن قاصدا صنعاء التي استقبله فيها حاكمها محمد باشا استقبالا رسميا في بلاطه ومنح الهولنديين مرسوما يعتبر تفصيلا لفرمان السلطان عثمان العائد إلى عام 1918م والذي لم يتغير فيه امتياز المكس الذي كان جعفر باشا قد أعطاه سابقا وخرج (فن خل) من صنعاء في 29 من الشهر ذات وعاد إلى عدن في  11/ نوفمبر وفي 21/ يناير/ 1621م ترك عدن مصطحبا مستخدميه وجالبا البضائع متجها إلى المخا التي وصل أليها في الثامن والعشرين من الشهر ذاته وأسس فيها أول محطة تجارية ثابتة في جنوب الجزيرة العربية.([116])

   إلا أن الهولنديين لم يلتزموا بتعهداتهم إذ استولوا على مجموعة من السفن التجارية الهندية والتي كانت تحمل بضائع تخص تجارا من العرب والبرتغاليين.([117]) ففي 3 / يوليو / 1621م رست سفينتان هولنديتان أمام المخا وخليج عدن وقامتا باغتصاب كل البضائع التي كانت تحملها إحدى السفن الكمبايتية وبعد ذلك بوقت قليل تولى (ولم يكو بسن ده ملده) رئاسة المحطة التجارية في المخا وبما انه كان من الصعب بيع كمية البضائع المخزنة في المحطة التجارية تقرر في اجتماع مجلس السفينتين الهولنديتين المعقود في  13/ أغسطس انه على السفينتين أن تتربصا في مضيق باب المندب للسفن الهندية وان تستولي على بضائعها وقد استند هذا القرار إلى التعليمات الحادة الموجهة ضد البرتغاليين وحلفائهم في  18/ يوليو / 1620م عندها تعرض الهولنديون للفضيحة بسبب عمليات الخطف التي قاموا بها واعتبروا لصوصا بحق فقد جعلوا من موانئ السلطان العثماني موانئ غير حرة وغير آمنة.([118])

   ولم يدرك (ده ملدة) عواقب عمليات الخطف هذه إلا في  19/ فبراير / 1622م عندما وقف وجها لوجه أمام البكلربك الجديد (فضل الله باشا) في الحصن العثماني في زبيد حيث اتهمه فضل الله بمسئولية القيام بالإعمال العدوانية وطالبه بدفع تعويضات كبيرة جدا ولكن (ده ملدة) تصنع جهله بها فسجنه الوالي مع أصحابه وفرض الإقامة الجبرية على مستخدميه الذين كان قد تركهم في المخا وفي 11 / مارس أطلق سراح (ده ملدة) فجاة وتسلم في 20 / مارس المرسوم الممدد من حاكم المخا وعندما دخل ده ملده المخا بعد ذلك بيومين فهم سبب الإفراج عنه إذ كانت ترسو أمام المدينة سفينتان هولنديتان تحت قيادة (فن خور كوم) وكانتا قد انفصلتا عن الأسطول الدفاعي الهولندي-الانجليزي المشترك الذي كان يحاصر غوا وذلك من اجل تزويد محطة الشركة العربية.([119])

   وقد أرسل (خور كوم) (البرت بكر) بصحبة 27 بحارا إلى البر لكي يحاسب السلطات العثمانية في المخا لمعاملتها الفظة للهولنديين ولكن حالما وطئوا البر قبض عليهم وهكذا نجحت حيلة فضل الله الذي أغرى الهولنديين بمرسومه للنزول إلى البر وفي 27/ مارس أرسل البحارة الهولنديين إلى تعز أما مستخدمو المحطة فقد اجبروا على السفر إلى صنعاء في حاشية فضل الله وهناك تجددت المفاوضات الشاقة التي ادعى ده ملده فيها جهله وبراءته بينما طالب الوالي بإرجاع السفن والبضائع والناس وانتهت هذه المفاوضات بابتياع فضل الله لبضائع الهولنديين المخزونة بأكملها متعهدا لهم بالدفع حالما يرجعوا ما كانوا قد سلبوه وسمح البكلربك لـ ده ملدة بالعودة إلى المخا في20 / يوليو.([120])

   وفي هذه الأثناء كانت تجري مفاوضات بين (خور كوم) وحاكم المخا (علي أغا) بضغط من البحارة الهنود والذين كان بودهم الرحيل بسبب مضي الموسم والذين لم يجرؤا على ذلك خوفا من الهولنديين وفي 16 / أغسطس توصل الطرفان إلى اتفاقية تشمل إطلاق سراح بكر وجماعته وإعادة ده ملده إلى منصبه في المحطة التجارية وإعادة تطبيق فرمان السلطان وكان على الهولنديين مقابل هذه الشروط إصدار إجازات الإبحار للسفن الهندية وتقديم هدية للحاكم مكونة من مركب مملوء بالتوابل وفي 19 / أغسطس رفعت السفينتان الهولنديتان الأشرعة قاصدتان سورات ولكن (خور كوم) لم يتمكن من بيع البضائع التي جلبها معه ولا من إخراج أية نقود من المحطة كما انه لم ينجح في الحصول على أي ضمان لسلامة ده ملده.([121]) وهكذا أصبح ده ملده رئيسا لمحطة تجارية خالية من البضائع وقبض على علي أغا ونقل إلى تعز معتقلا لان البكلربك كان ساخطا عليه لإطلاقه سراح الهولنديين.([122]) وهناك تم إعدامه شنقا بسبب تساهله.([123])

   وفي 12 /  مارس / 1623م ظهرت إحدى السفن الهولندية في مرسى المخا تحت قيادة (فرنسوا لمنس) وكان قد عهد إلى السفينة بإحضار النقود من المخا ومن ثم بمتابعة سيرها إلى هرمز كما كان من ضمن مهام لمنس تقديم تقرير شامل عن حالة السوق كما كان عليه التهيئة على نحو سري لإغلاق محطة الشركة في المخا في حالة التوقعات السيئة.([124])

    وقد افتتح الهولنديون المفاوضات مع حاكم المخا الجديد سليمان باشا بأن يفرج عن مستخدمي المحطة التجارية الهولندية ودفع ثمن البضائع المصادرة عليهم مقابل إطلاق سراح الرهائن العثمانيين الذين هم في يد الهولنديين لكن سليمان باشا لم يجرؤ على اتخاذ القرارات المتعلقة بذلك بدون استشارة البكلربك فضل الله فاعتبر مجلس السفينة هذا التصرف حيلة لكسب الوقت وقرر الذهاب إلى مضيق باب المندب والقيام بإعمال القرصنة لكن الهولنديين فشلوا في محاولتهم هذه ولم تتمكن السفينة من الاقتراب من مرسى عدن في 15 / مايو خوفا من طلقات المدافع العثمانية لذلك تابعت رحلتها إلى هرمز.([125])

   وفي 14 / يونيو / 1624م توفي فضل الله وعين خلفا له حيدر باشا الذي اتبع في البداية سياسة فضل الله المتركزة حول عدم إرجاع البضائع المصادرة من الهولنديين وعدم دفع ثمنها وعدم إطلاق سراح الهولنديين إلا انه في يوليو 1625م تقدم بطلب إلى بروكه في سورات يطلب منه منح إجازات الإبحار للربابنة الهنود المبحرين إلى المخا وإعادة الملاحة التجارية الهولندية إلى مينائه المضياف المخا فأرسل بروكه أسطولا مكونا من ثلاث سفن بقيادة هرمن سيوليت وكان الأسطول محملا بالكثير من البضائع.([126]) وفي نهاية يونيو1626 ألقى الأسطول مراسيه أمام المخا.([127])

   وأرسل سيوليت ثلاثة مبعوثين إلى حيدر باشا المقيم في صنعاء مع هدية مكونة من 1000 قطعة ذوات الثمانية ريالات ولكنهم عادوا بخفي حنين ذلك انه لا قوة الأسطول ولا حجم الهدية حمل الوالي على أن يدفع لهم ما كان قد صودر منهم فهو في نظره حق مدعم بالحجج كما رفض الإفراج عن ملده ورفاقه الهولنديين لاقتناعه بأنه بعد إطلاق سراحهم سيعود الهولنديون إلى عمليات النهب وبعد أن مارس الأسطول تجارة التوابل والمنسوجات وغيرهما على نطاق محدود قفل عائدا إلى الهند,([128]) تاركا ملده سجينا في تعز.([129])

   وفي 15 / مايو /1628 م وصل إلى المخا (يوب كرستيانسين خرايب) قائدا لسفينتين هولنديتين,([130]) إلا انه لم يتمكن أثناء مكوثه في المخا من الفترة 15 / مايو إلى 12 / يوليو من التخلص ولو قليلا من شحنة التوابل الضئيلة التي جلبها معه وذلك نتيجة اندلاع ثورة الإمام القاسم ضد العثمانيين ولم يكن باستطاعة ملده الخروج من تعز التي كان يحاصرها الأمير الحسن بن القاسم,([131]) فغادر خرايب المخا في 12 / يوليو ومعه 40 كيسا من البن وقليل من بضائع أخرى.([132])

   وعلى الرغم من أن أيدين باشا الذي كان قد دخل المخا بعد مغادرة خرايب بوقت قصير قد وجه خطابا إلى الديركتور الهولندي في سورات (ين فن هاسل) طالبا منه ممارسة التجارة في مينائه المضياف المخا فان شركة الهند الشرقية الهولندية رأت أن تجارة المخا تعتبر قليلة الأهمية لان جلب البضائع منها سيضر التجارة الهولندية في المشرق حيث لا يمكن للشركة التخلص من بضائعها الأخرى في المخا لذلك فانه من غير المفيد للشركة الحفاظ على محطة تجارية ثابتة في المخا ولكن يسمح لسفينة أو اثنتين بالذهاب إلى هناك متى سنحت الفرصة على شرط أن تمارس التجارة من على ظهر السفن وان لا يترك المستخدمون والنقود على البر وفي النهاية المطلوب بذل كل ما بالوسع من اجل إطلاق سراح ملده ورفاقه.([133])

    وفي سنة 1633م وصل البن اليمني إلى هولندا وانتشر استعماله بعد هذا التاريخ في أوربا,([134]) وبين سنتي 1648-1652م كان الهولنديون يجلبون البن من المخا إلى مراكزهم في شمال غربي الهند وبلاد فارس.([135])

   وفي سنة 1660م نشبت معركة بحرية بين مسلمي المليبار والهولنديين في الطريق بين الهند واليمن بسبب نقل المليباريين السلع البرتغالية إلى المخا انتصر فيها المليباريون واخذوا كثيرا من الهولنديين أسرى وسلموهم لحاكم المخا ثم أطلقوا سراحهم بفدية مقدارها (4000) قطعة من الذهب الأحمر. وفي السنة التالية هاجم الهولنديون سفينة مليبارية بجوار باب المندب واسروا عددا من المليباريين فقدم التجار المليباريين شكوى إلى حاكم المخا مطالبين إياه بعدم السماح للسفن الهولندية والانجليزية بالإقلاع قبل سفن المسلمين فاصدر الحاكم أمرا بمنع المسيحيين من بيع سلعهم قبل أن يبيع المليباريون وغيرهم من المسلمين ما لديهم من البضائع ثم وضع حراسا على لهولنديين في المدينة حشية أن يلحقوا بسفن المليباريين.([136]) فقدم الهولنديون التماس من خلال إرسال وفد منهم إلى الإمام في صنعاء لشرح قضيتهم فسمح لخمسة منهم بالسفر إلى صنعاء وعاد هؤلاء برسالة من الأمير محمد بن الإمام الحسن يأمر فيها حاكم المخا برفع الحراسة عن الهولنديين.([137])

   وفي سنة 1661م بداء بيع البن اليمني في أمستردام لأول مرة وبعد مضي عامين من هذا التاريخ جلب البن اليمني مباشرة من المخا إلى هولندا وظل البن يصل إلى أمستردام في كل عام بكميات مختلفة حتى توقف سنة 1667م وفي سنة 1684م تقرر التوقف عن التجارة مع المخا وتم توجيه طلبات البن إلى مراكز الشركة التجارية في بلاد فارس وسورات إلا أن الهولنديين استمروا يزورون المخا من حين إلى آخر حتى سنة 1696م حين تم إعادة فتح المركز التجاري الهولندي في الميناء تحت إشراف (نيكولس ولتزر)  و (ادريان خان دن هيوفل).([138])

   لقد افتقرت شركة الهند الشرقية الهولندية إلى المعلومات الهامة عن اليمن والتي كانت بأشد الحاجة إليها من اجل تنفيذ سياسة ذكية في اليمن فقد كانت تقارير ده ملده حول اليمن هزيلة وضعيفة فهو لم يدون حفنة الملاحظات التجارية ولم يقدم المعلومات القليلة عن اليمن إلا بعد ما أتاه أمر خاص من قيادة الشركة ولم يخبر الشركة بكفاح الشعب اليمني ضد جيش الاحتلال العثماني على نحو أوسع إلا بعد مكوثه ثمان سنوات في البلاد.([139])

   كما أن الشركة كانت تعتبر سياستها العدوانية ضد البرتغاليين وحلفائهم ليست شرعية فحسب بل ضرورية أيضا من الناحية السياسية التجارية الأمر الذي دفع حكام المخا إلى مصادرة بضائع الهولنديين واخذ مستخدميهم كرهائن كما إن توقعات الأرباح في المخا كانت غير مشجعة وذلك لعدم إمكانية التنبؤ بسوق المخا نتيجة للجلب المتقلب للنقود والبضائع وبسبب اندلاع الثورات ضد العثمانيين وكان الأمل قد ضاع تماما من أن النقود (المعادن الكريمة) المكتسبة مقابل بيع التوابل والفلفل في المخا ستكون كافية لشراء المنسوجات في سورات وغيرها.([140])

 

   من ذلك يتضح أن نشاط شركة الهند الشرقية الهولندية في اليمن خلال القرن السابع عشر الميلادي, كان محدود ومتذبذب تصل به الحالة إلى إغلاق وكالتها التجارية في اليمن, وإلى مصادرة بضائعها وإلقاء القبض على مستخدميها إن لزم الآمر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: أوضاع  النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين:

المبحث الأول: ضعف  النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن الثامن عشر الميلادي:

   في أوائل القرن الثامن عشر كان الهولنديون قد سعوا من جانبهم إلى تنشيط التجارة الهولندية-اليمنية واستمرت تلك المساعي فترة غير قصيرة وكانت تعتمد على محصول البن اليمني.([141]) فقد كانت أوربا مزمعة على أن تتذوق هذا المشروب العربي حتى أصبحت جزيرة العرب في نظر أوربيي القرن الثامن عشر هي بلاد البن قبل أي شيء آخر.([142])

   وكانت الجزيرة العربية طوال عصور عديدة بلد الطيب والعطور وساحل الطريق البحري إلى الهند إلا أنها غدت في هذا القرن ولمدة طويلة بلاد البن. ولا شيء يعطي فكرة عما كانت عليه بلاد العرب آنذاك وما كانت تمثله للأوربيين أفضل من الفكرة التي أعطاها الكتيّب المسمى رحلة إلى العربية السعيدة الذي وضعه (جان دي لاروك) النبيل الفرنسي المشبع بروح التطلع والموضوعية والنقد فقد تمكن من جمع الرسائل والكتب التي خطها بحارة سان مالو الذين كانوا قد قاموا برحلة إلى اليمن خلال سنتي (1710,1708 م) أولا ثم خلال سنتي (1713,1711م) فنشرها بشكل رسائل ولم يكن أولئك الفرنسيين قد ركبوا البحار إلى اليمن إلا سعيا وراء البن الذي كان مبتغاهم الوحيد في تينك الرحلتين.([143])

   وقد دون جان دي لاروك في مذكراته حول شجرة البن وثمرتها وصفا لهذه الشجرة فذكر ارتفاعها واتساع دائرتها ولين أغصانها ولون لحائها وشكل ورقها وأنها في كل فصول السنة تقريبا تحمل الزهر والثمر معا وغير ذلك مما يخص هذه الشجرة.([144]) وصل البن اليمني إلى البندقية في مطلع القرن السابع عشر وقد رأينا أن أمستردام عرفته سنة 1633م ومثلها لندن في الوقت ذاته تقريبا وبعد أن ادخل بعض المسافرين عادة استعمال القهوة في منازل أصدقائهم في مرسيليا اخذ بعض التجار يستوردونها.([145])

   وفي أواخر القرن السابع عشر فكر الفرنسيون في افتتاح قاعات لشرب القهوة فكانت تلك فكرة ممتازة قدرها الباريسيون إذ غدت هذه المقاهي ملتقى الأشراف من الناس وكان قد افتتح في باريس وحدها ما لا يقل عن ثلاثمائة مقهى ومن المعلوم ما أصبح لهذه المقاهي من أهمية في تاريخ الأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر, وهكذا كانت اليمن قد غذت السوق العالمية بمنتج البن.([146])

   وقد وردت إشارات إلى ذلك في كتابات نيبور عن اليمن في عام 1763م فقد ذكر أن البن كان يحتل المرتبة الأولى على رأس المحاصيل الزراعية في اليمن.([147]) وأن مينا المخا يعد أهم موانئ تصدير البن في اليمن واليه نسب أجود أنواع البن في العالم فقد كان يطلق عليه اسم موكا كافيه mucha coffeeأي بن المخا, وان الهولنديون هم أول من قدم وصفا مفصلا للمخا في بداية العصر الحديث فقد ذكروا موقعها ومبانيها وشوارعها ومساجدها ومداخلها وتحصيناتها العسكرية وحكامها وتجارها وأنها تشكل أهم مركز تجاري في البحر الأحمر. لم تكن مدينة المخا ميناء تجاريا فحسب ولكن كانت أيضا سوقا كبيرا حيث كان يتم فيها تبادل السلع التجارية المختلفة إلى جانب البن وقد ازدهرت التجارة في المخا بشكل كبير حتى بلغ حجم التجارة فيها أربعة أضعاف تلك التي في ميناء جدة.([148])

   والحقيقة أن الضعف العام قد أصاب هولندا في القرن الثامن عشر,([149]) وكان من الواضح بصفة عامة انه مع نهاية القرن السابع عشر كان الهولنديون قد بدؤوا يفقدون مركزهم كقوة كبرى واستطاع الانجليز الذين لم يكن لهم حينذاك أكثر من موطئ قدم في الشرق أن يحلوا محلهم ويعزي الكثير نجاح الهولنديين في بادئ الأمر إلى انشغال انجلترا معظم القرن السابع عشر بمشاكلها الدينية والدستورية إلا أن أعباء حروب هولندا مع انجلترا ثم مع فرنسا كانت قد أرهقت هولندا.([150])

   ومن المعروف أن عوامل قيام الحرب بين انجلترا وهولندا هو إصدار انجلترا قانون الملاحة البحرية سنة 1651م في عهد كرومويل (1599-1658م) والذي يحرم على الرعايا الانجليز استخدام السفن الأجنبية في نقل البضائع حيث كان الهدف من ذلك منع الهولنديين من نقل البضائع الانجليزية ثم أن الانجليز كانوا ينظرون إلى الأراضي المنخفضة على أنها وكر للمؤامرات وللخطرين من الفرسان بالإضافة إلى أسباب أخرى منها العداوة والغيرة بين الدولتين ثم التنافس التجاري في الشرق لذلك نشبت الحرب في عام 1653م وتوقفت الحرب في العام التالي 1654م  بموجب صلح ألزم الهولنديين دفع (85) ألف جنيه إسترليني لشركة الهند الشرقية الانجليزية تعويضا عن الخسائر التي لحقت بها بالإضافة إلى مبالغ أخرى لإصلاح السفن التي دمرت أثناء القتال.([151])

   لقد شهد عهد كرومويل انتصارات باهرة على الهولنديين والأسبان,([152]) فقد استولى الانجليز على مدينة دان كرك الهولندية واصطبحت انجلترا ذات مركز وسمعة كبيرة في قارة أوربا وفي المستعمرات.([153]) كما نشبت الحرب من جديد بين انجلترا وهولندا سنة 1665م بسبب إصدار البرلمان الانجليزي قانونا جديدا للملاحة سنة1664م والذي كان يتعارض مع مصالح الهولنديين الذين اضطروا في النهاية إلى الانسحاب من القتال ثم عقد الصلح - صلح برادا - سنة 1667م وبموجبه توقفت الحرب.([154])

   إلا أن انتصارات لويس الرابع عشر ملك فرنسا في الحرب الوراثية في الأراضي المنخفضة (1667-1668م) التابعة لإسبانيا واستيلاء قواته على عدد من المدن على الحدود الاسبانية بدون صعوبة تذكر,([155]) قد أثار ذعر الدول الأوربية وحسدها فأسرعت هولندا بتسوية خلافاتها مع انجلترا وتكوين تحالف ثلاثي تكون من هولندا وانجلترا والسويد لمنع تقدم الفرنسيين وبالفعل أوقف لويس تقدمه,([156]) ولكنه قرر الانتقام من هولندا لأنها كانت صاحبة فكرة هذا التحالف, كما أن هولندا كانت دائما تدعم هيجونت فرنسا,([157]) وكانت ملجئ للمضطهدين الفرنسيين كما أنها طبعت كتبهم التي هاجموا فيها الحكومة الفرنسية والنظام الديني فيها, وعلاوة على ذلك كان لويس يحقد على هولندا بسبب المنافسة التجارية الشديدة بين البلدين.([158])

   نجح لويس الرابع عشر في عقد معاهدة دوفر السرية مع ملك انجلترا شارل الثاني عام 1670م وذلك للتخلص من المنافسة الهولندية في ميدان التجارة والملاحة والقضاء على الجمهورية الهولندية الصغيرة في وقت قصير وفي ربيع عام 1672م كان كل شيء معدا للهجوم ونجحت القوات الفرنسية في الاستيلاء على بعض الولايات والمدن الهولندية.([159]) ولم ينقذ هولندا من الدمار سوى صلح روزبك الذي أنهى الحرب سنة 1697م.([160])

   غير أن هولندا لم تنعم بالهدوء فخاضت مرة ثانية حرب الوراثة الاسبانية من 1702م إلى عام 1713م وأصبحت هولندا حليفة لانجلترا وقد تكبدت هولندا في هذه الحرب خسائر كبيرة فاقت كل خسائرها في الحروب السابقة من الرجال والأموال فكان من نتائج هذه الحرب أن تدهورت حالتها الاقتصادية حتى اضطرت إلى أن تحتمي بانجلترا وانعكس هذا على مستعمراتها الشرقية فأخذت حالتها تسوء يوما بعد يوم وكان هذا في صالح المستعمرات الانجليزية.([161])

   عانت هولندا كثيرا من موقعها بين دول كبيرة متضاربة المصالح,([162]) لذلك لم يحدث أي نشاط تجاري بين هولندا واليمن خلال الأعوام من 1702م وحتى 1712م وبعد هذه السنوات العجاف بلغ النشاط التجاري الهولندي الذروة من الانتعاش في سنة 1720م ففي فبراير / 1719م تم استبدال الممثلين المقيمين في المخا (ابراهام باتنزر) و (جبرائيل شولتن) بـ (جان فان ليوين) و (بيترز يجرز) و (جان فان الدرويريد) الذين وصلوا إلى المخا على متن الباخرتين فريزويك وأمستردام.([163])

   وبحلول السابع والعشرين من يونيو كانت السفينة فريزويك قد شحنت بالبن وفي العام التالي عادت الباخرتان روتردام وبولتبزج بأكبر شحنة من البن يأخذها الهولنديون من المخا حتى ذلك الحين حيث تقدر بما يقرب من مليون كغم من القهوة وقد دفع هذا الوضع البعض إلى التفكير في إنشاء خط بحري تجاري بين هولندا واليمن.([164]) وفي سنة 1721م كان 90% من البن الوارد إلى هولندا يأتي من المخا. وفي سنة 1724م تم حل الممثلية الهولندية في المخا إلا أن التردد على الميناء كان ضروريا لاعتباره منفذا للبضائع الهولندية وكان التبادل التجاري يتم على متن السفن نفسها.([165])

   ويعزى هذا التدهور التجاري إلى توصل الهولنديين إلى طريق آخر بدلا عن المركز التجاري في اليمن فقد تم استنبات البن في المستعمرات الهولندية في جاوة صحيح انه اقل جودة من البن اليمني إلا أن الانحسار في السيولة النقدية للشركة الهولندية جعل الهولنديين يجلبون البن من مستعمراتهم لعجز الشركة عن دفع النقود الفضية ثمنا للبن اليمني.([166]) لذلك ومنذ أوائل القرن الثامن عشر بدأت شركة الهند الشرقية الهولندية تتحول من التجارة فقط إلى الزراعة أيضا فأدخلت زراعات جديدة في مستعمراته مثل زراعة البن التي أصبحت من أهم مصادر دخل الشركة في الربع الأخير من القرن الثامن عشر.([167])

   نقل الهولنديون زراعة هذا المحصول إلى جزر الهند الشرقية وجزر الهند الغربية في سنة 1712م على وجه التقريب وبعد ذلك نقلوا زراعة البن إلى أمريكا الجنوبية مما أدى في النهاية إلى القضاء على احتكار اليمن لإنتاج هذا المحصول الهام وقد نتج عن ذلك قلة دخل اليمن وتدهوره اقتصاديا مما زاد من حدة الاضطرابات الداخلية.([168]) الأمر الذي جعلنا نقول أن استقرار اليمن كان مرتبطا إلى حد كبير بقدراته التجارية وخاصة فيما يتعلق بتصدير البن حتى أن عدن وقعطبة وتعز وأبو عريش أصبحت دويلات منفصلة عن العاصمة وعانا الأئمة من حركات التمرد التي كانت شائعة حينذاك.([169])

   يقول جان دي لاروك في مذكراته حول شجرة البن وثمرتها: أن الهولنديين المشهورين بمهارتهم وعبقريتهم في التجارة قد أتوا بالقهوة العربية إلى باتافيا حيث زرعوها وأنبتوها وتوفقوا في زراعتها في نواحي تلك المدينة الشهيرة إلا أنهم لم ينجحوا كليا حيث أنهم ما زالوا يرسلون مراكبهم وأموالهم إلى العرب عن طريق البحر الأحمر لمواصلة التجارة بالقهوة... وذكر انه قد تم زراعة شجرة البن في حديقة النباتات في أمستردام حيث نجح الهولنديون بإنماء نبتة البن والحصول على بعض الثمار بعد زراعتها بثلاث سنوات وحتى انه توجد حينذاك إحدى تلك النبتات الصغيرة في الحديقة الملكية في باريس ويضيف إلى ذلك أن السادة قضاة أمستردام قد أرسلوا إلى ملك فرنسا شجرة بن بالغة.([170])

   وبحلول سنة 1730م كانت الأسواق الأوربية مكتظة بالبن إلى درجة جعلت الهولنديين لا يجلبون إلا القليل منه من المخا لذلك قررت شركة الهند الشرقية الهولندية في سنة 1738م إغلاق المركز التجاري في المخا للمرة الثانية ومع ذلك فان الهولنديين احتفظوا بمبنى المركز التجاري طوال القرن الثامن عشر رغم انه قد مر عامان أو ثلاثة دون مرور سفينة هولندية بالمخا.([171])

 وبحلول عام 1750م كانت المنافسة الهولندية قد فقدت فاعليتها وانتقل ما كان من المنافسة الانجليزية-الفرنسية في البحر الأحمر من مجال التجارة إلى مجال المواصلات.([172]) وبعد أن غادر الهولنديون اليمن في سنة 1762م وفقدوا كل أمل في استمرار وكالتهم التجارية فيها. مما أفسح المجال أمام البريطانيين للاشتغال بتصدير البن والمنتجات اليمنية إلى بلدان أوربا,([173]) وبسط سيادتهم البحرية ليدعموا مصالحهم الاقتصادية ولينقضوا على كل نفوذ ينافسهم في البحار الشرقية.([174])

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: انقطاع النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن التاسع عشر الميلادي:

   مع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي تدهورت الأوضاع الاقتصادية والتجارية في اليمن وضعفت السيطرة المركزية للعاصمة صنعاء نتيجة نقل الهولنديين زراعة البن اليمني والذي كان يدر أموالا كثيرة لليمن مما سهل ذلك الضعف للانجليز احتلال مدينة عدن عام 1839م والذي استمر حتى 30/ نوفمبر / 1967م.([175])

   ومع مطلع القرن التاسع عشر أيضا كان مبنى المركز التجاري الهولندي قد هجر تماما.([176]) يقول السير هوم بوفام الذي عين سفيرا لانجلترا لدى الدول العربية والذي وصل إلى المخا في منتصف يوليو 1802م: انه لن تكون هناك أية صعوبة في إقامة أية وكالة تجارية انجليزية في المخا وذلك لان الوكالة الهولندية قد تعطل نشاطها منذ عدة سنوات بسبب النزاع المستمر الذي دخل فيه الهولنديون مع حكومة المخا ويبدو أن الوكالة التجارية الهولندية قد ظلت فارغة.([177])

   ومنذ إهمال الهولنديون مركزهم التجاري في المخا في القرن الثامن عشر وإغلاقه في أواخر القرن نفسه لم يكن للهولنديين كبير اتصال باليمن.([178]) ولم يكن للهولنديين أي اتصال باليمن طوال القرن التاسع عشر الميلادي أيضا, وذلك بسبب الحروب والتغيرات التي ادخلها نابليون بونابرت على خريطة أوربا فقد خاض بونابرت سلسلة من الحروب الدامية في أوربا.([179])

   في عام 1795م تمكنت الجيوش الفرنسية من غزو الأراضي الفرنسية وأنشأت فيها جمهورية باتلفيا.([180]) فقد كان نابليون يهدف إلى إنشاء ممالك مرتبطة بفرنسا ارتباطا قويا يعيّن على عروشها ملوكا من البيت النابليوني فاجلس على عرش هولندا شقيقه لويس بونابرت.([181]) وقد لحقت الأضرار بالبلاد الأوربية جراء تنفيذ بونابرت سياسة الحصار القاري فلقد تدهور اقتصاد هولندا تدهورا شديدا حتى أن لويس بونابرت حاول أن يقنع نابليون باستثناء هولندا من قوانين الحصار القاري ولكن دون جدوى حتى لقد فضل لويس أن يترك العرش لأخيه فما كان من نابليون إلا أن ضم هولندا إلى فرنسا وذلك عام 1810م.([182])

   وفي عام 1815م تكونت مملكة الأراضي المنخفضة حيث اتحدت الأراضي الشمالية والجنوبية هولندا الحالية وبلجيكا بقيادة الملك وليم الأول تحت اسم مملكة هولندا.([183]) غير أن أهل بلجيكا لم يرق لهم ذلك بسبب الاختلاف الديني المذهبي بين هولندا وبلجيكا فضلا عن سيطرة الهولنديين عليهم بثرواتهم وبالوظائف فاندلعت في بلجيكا في عام 1830م ثورة مطالبة بالانفصال عن هولندا وأعلنت استقلالها السياسي والاقتصادي تحت اسم بلجيكا.([184])

   بعدها ضلت الحكومة الهولندية مشغولة بالإصلاحات الدستورية في البلاد حتى تم في عام 1848م أهم التغييرات الدستورية والتي جعلت الحكومة وليس الملك مسئولة عن سياسة البلاد وأعطت مجلس النواب صلاحيات واسعة في الرقابة والمسائلة والموافقة على الموازنة والتشريع وهي الحقوق التي آدت إلى الديمقراطية البرلمانية الموجودة اليوم في هولندا ومنذ ذلك التاريخ 1848م أصبح نظام الدولة يعرف رسميا بالملكية الدستورية.([185]) ويبدوا أن الحكومة الهولندية ظلت مشغولة طوال النصف الثاني من القرن التاسع عشر في بناء الدولة وإصلاح ما خربته الحروب الطويلة وما تعرضت له البلاد من تخريب نتيجة الغزو الفرنسي والثورة البلجيكية.

   والواقع انه بالرغم من تراجع القوة الهولندية إجمالا إلا أنها ظلت محافظة على مستعمراتها في جزر الهند الشرقية حتى منتصف القرن العشرين تقريبا وهي مستعمراتها في جزر الهند الشرقية حتى منتصف القرن العشرين تقريبا.([186]) وهي مستعمرات جليلة خصبة كثيرة الموارد والمحاصيل وقد اشتهرت بنوع خاص من ضروب النباتات العطرة والزبد والكافور إلى أشباه هذه النباتات النادرة والتي يحرص عليها الأوربيون.([187])

   ففي أوائل القرن التاسع عشر حلت الحكومة الهولندية محل شركة الهند الشرقية الهولندية في تسيير أمور جزر الهند الشرقية اندونيسيا وكانت اندونيسيا خاضعة مباشرة لسلطة الملك في هولندا دون تدخل من البرلمان ولكن منذ سنة 1848م صار الملك يحكم تلك المستعمرات عن طريق وزير المستعمرات الهولندي وكان كل من حزب الأحرار والمحافظين في هولندا يعتبر أن مهمة اندونيسيا هي العمل على رفاهية الشعب الهولندي أي أن جزاء كبيرا من ميزانية اندونيسيا يجب أن يوجه لهولندا لرفع مستوى حياة الشعب فيها.([188])

   ونظرا لاحتلال نابليون هولندا هاجمت انجلترا الممتلكات الهولندية في اندونيسيا واستولت عليها في عام 1811م حتى لا تقع في يد نابليون وبانهزام نابليون واستقلال هولندا عادت الممتلكات الهولندية في اندونيسيا إلى هولندا مرة ثانية وذلك بمقتضى الاتفاقية التي عقدت بين انجلترا وهولندا في عام 1814م.([189])

   إلا أن القوانين التعسفية التي فرضتها السلطات الهولندية الحاكمة على سكان اندونيسيا بالإضافة إلى امتهانهم لعادات وتقاليد البلاد الإسلامية أثارت الأهالي وعلى رأسهم الأمير (ديبو نيجورو) وهو احد علماء جاوة فقام بينه وبين تلك السلطات الهولندية الحاكمة نزاع تطور إلى حرب طويلة بدأت في منتصف عام 1824م واستمرت حوالي خمس سنوات تكبدت هولندا خلالها خسائر فادحة في الأموال والأرواح حيث يقدر عدد القتلى الهولنديين في تلك الحرب بحوالي خمسة عشر ألف قتيل.([190])

   ويمكننا القول بصفة عامة أن النصف الأول من القرن التاسع عشر كان بالنسبة لهولندا فترة بناء وتشييد ففي خلال هذه الفترة خاضت هولندا حروبا ضد انجلترا وبلجيكا وضد الأمير ديبو نيجورو فارتبكت ماليتها واشتدت حاجتها إلى المال وإلى فرض الضرائب ولهذا اقتصر نشاطها على توطيد نفوذها السياسي والاقتصادي في جزيرة جاوة فلم تهتم كثيرا حتى بالجزر الأخرى إلا إذا سمحت الظروف بذلك.([191])

   أما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر فقد بدأت الأوضاع تستقر بالنسبة للهولنديين في جاوة فبدءوا يتطلعون إلى توسيع نفوذهم إلا أن ذلك قد احدث بينهم وبين مملكة أتشيه في شمالي سومطرة حربا مقدسة بالنسبة للاندونيسيين وقد استمرت هذه الحرب واحد وثلاثين عاما من 1873-1904م تكبدت خلالها هولندا خسائر فادحة في الأموال والأنفس.[192] لهذا كان من الطبيعي أن ينقطع النشاط التجاري الهولندي في اليمن خلال القرن التاسع عشر الميلادي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثالث: العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية خلال القرن العشرين:

المبحث الأول: العلاقات اليمنية-الهولندية خلال النصف الأول من القرن العشرين:

   عاد الاهتمام الهولندي باليمن مجددا بداية القرن العشرين وذلك بتأثير جملة من الأسباب منها: عوامل التواصل بين البلدين والتي دامت لأكثر من قرن بالإضافة لما أملته ظروف استعمار هولندا لإندونيسيا سواء من ناحية حاجة السفن الهولندية إلى الموانئ اليمنية في طريقها إلى مستعمراتها تلك وأهمية ضمان انتظام الأعمال التجارية أو من ناحية تأثير العامل السكاني الاندونيسيين في إطار الكومنولث الهولندي والدور المميز للإندونيسيين من أصول يمنية في إطار المجتمع الاندونيسي.([193])

   وقد نصت معاهدة لوزان المعقودة في 1923م على أن إشراف بريطانيا على جزيرة كمران اليمنية إنما هو لأجل استخدامها كمحجر صحي للحجاج وقد اعترفت انجلترا بان الجزيرة مخصصة لهذا الغرض في معاهدتها مع فرنسا وايطاليا وهولندا حتى عام 1938م.([194]) وهذه المعاهدة توضح لنا مدى اهتمام هولندا باليمن.

   وفي عام 1926م أسست هولندا قنصلية لها في جدة وذلك لرعاية شئون الحجاج الاندونيسيين القادمين إلى مكة المكرمة واختير الدكتور (دانيال فان دي مولين) قنصلا لها وهو الذي اشتهر برحلاته واكتشافاته في حضرموت وزياراته المتكررة لليمن.([195]) حيث قام بثلاث رحلات إلى حضرموت في الأعوام: 1931,1939,1945م ونشر كتبا عن هذه الرحلات وكانت أهداف هذه الرحلات التالي([196]):

1-   اكتشاف البقعة الغامضة من الجزيرة العربية حضرموت يقول فان در ميولين: كانت حضرموت هدفنا وكان يفد منها وما يزال يفد رجال أعمال من العرب الذين لهم مكانة متميزة في مستعمرات هولندا في جزر الهند الشرقية وكانوا يلعبون دورا اقتصاديا هاما فكان من المنطقي أن تكون للهولنديين رغبة لمعرفة بعض الشيء عنها.

2-  جمع بعض العينات النباتية والحشرية والجيولوجية ورسم خرائط للمناطق التي لم ترسم لها خرائط من قبل.

3-   توثيق العلاقات بين الإدارتين الهولندية والبريطانية في المستعمرات فقد دافع دفاعا حارا عن السياسة البريطانية في عدن والمحميات وأشاد بالسياسة الهولندية في مستعمراتها وما وفرته من فرص للحضارمة لتنمية ثرواتهم وتحويل مدخراتهم إلى بلادهم.

4-  تعرض إلى قضايا تثير اهتمام الباحثين كما تثير أيضا جدلا لا يخلوا بعضه من الحدة فتعرض للهجرة الحضرمية وطبيعتها وارجع الظاهرة إلى سببين فقط هما: الفقر والحروب. كما تناول وضع اليهود الموجودين في اليمن وتعرض لقضية الأصالة والتقليد وبشكل خاص الفن المعماري الحضرمي وأشاد ببعض العادات والتقاليد ورأى فيها جوانب مشرقة يفتقدها الغرب.

تغطي ملاحظات فان در ميولين وتعليقاته حقلا واسعا كالآثار الحميرية والفن المعماري الحضرمي الأصيل وتدهوره في سيئون والري ومستقبل الزراعة ومهارة الحضارمة الهندسية وجهود الرحالة الآخرين مستعرضا وضع الرقيق والنساء والبدو وأغانيهم والخطر الذي يهدد سبل معيشتهم من منافسة الحضر في طريق العيش كما دون مطالبة ملك اليمن بمنطقة محمية عدن وعلاقات حضرموت ببريطانيا ومشاعر الحضارمة نحو فلسطين.([197])

   في سنة 1931م. وصل فان در مولين إلى الحديدة ومنها توجه إلى صنعاء وتمت له مقابلة ودية مع الملك يحيى كما قام بزيارة سيف الإسلام احمد في حجة وسيف الإسلام محمد الذي كان حاكما على الحديدة.([198]) لم تشر صحيفة الإيمان إلى هذه الزيارة وعما إذا كانت زيارة تمهيدية لعقد معاهدة مع اليمن حيث كانت أكثر من دولة أجنبية تحاول عقد معاهدة مع اليمن كالمانيا وفرنسا.([199])

   إلا أن الأخبار عن عقد معاهدة يمنية-هولندية قد بدأت تتردد وذلك اعتبارا من أواخر عام 1931م ففي رسالة وزارة الخارجية الالمانية إلى البعثة الالمانية في هاج بهولندا بتاريخ 25/12/1931م ذكرت الخارجية أن القنصل الهولندي في جدة قد فاوض في ربيع ذلك العام حكومة ملك اليمن في صنعاء حول عقد معاهدة تجارية وانه يقال بان المعاهدة قد وقعت بالأحرف الأولى وأن الخارجية يهمها أن تعرف ما إذا كانت السلطة التشريعية الهولندية قد صادقت عليها في هذه الأثناء وهل يتوقع أن يبدأ تنفيذها حالا وهل يمكن الحصول على معلومات عن محتواها وخاصة ما يتعلق بكيفية التعامل مع المواطنين الهولنديين في اليمن من الناحية القانونية وتنهي وزارة الخارجية رسالتها بالتأكيد على أن هذه المعلومات التي طلبتها ذات قيمة كبيرة بالنسبة لها وقد ردت البعثة في 4/1/1932م على تساؤلات الخارجية بان وزارة الخارجية الهولندية قد أفادت بان المعاهدة لم تعقد بعد.([200])

   في عام 1933م عين السيد (كورنليس ادريانة) قنصلا لهولندا في جدة خلفا للدكتور فان دير مولين.([201]) وأوكلت إليه حكومته مهمة عقد معاهدة مع المملكة المتوكلية اليمنية نيابة عن حكومته وتم التوقيع على الأحرف الأولى للمعاهدة اليمنية-الهولندية عند زيارة ادريانة لصنعاء في 12 / مارس / 1933م وفي ابريل من نفس العام وصل ممثل هولندا إلى صنعاء حاملا معه نسخة المعاهدة اليمنية-الهولندية بعد التصديق عليها من قبل ملكة هولندا (ويلهلميان) وعاد بنسخة مماثلة تحمل تصديق الحكومة اليمنية.([202]) جاء في المعاهدة الموقعة بين الطرفين في 2/مارس/1933م المواد التالية([203]):

 

المادة الأولى:

   يسود بين دولة اليمن ودولة هولندا وبين رعايا كلتا الدولتين سلام لا يمس وصداقة خالصة مطلقة.

 

المادة الثانية:

   سيكون من كل الفريقين الساميين المتعاهدين أثناء العلاقات والقنصلية بينهما في الوقت الذي سيقرران تعيينه وعند ذلك يتمتع الممثلون السياسيون والقنصليون من كل منهما في بلاد الدولة الأخرى بالمعاملة المقررة بمبادئ القانون الدولي العامة بشرط أن تكون هذه المعاملة متساوية.([204])

 

المادة الثالثة:

   كل من رعايا الفريقين الساميين المتعاقدين الذين يقصدون التجارة في بلاد الفريق الآخر يكونون تابعين للقوانين والأحكام المحلية ويتمتعون بنفس المعاملة التي يتمتع بها رعايا الدولة الأكثر رعاية من كل الوجوه وكذلك تعامل سفن كل من الفريقين المتعاهدين وشحناتها في موانئ الفريق الأخر بنفس المعاملة التي تعامل بها سفن الدولة الأكثر رعاية وشحناتها من كل الوجوه.([205])

المادة الرابعة:

   حاصلات ارض كل من الفريقين المتعاهدين ومصنوعاتها تعامل في دخولها إلى بلاد الفريق الآخر فيما يتعلق بتعيين مقادير الرسوم والضرائب الجمركية وأخذها بنفس المعاملة التي تعامل بها حاصلات ومصنوعات الدولة الأكثر رعاية وكذلك تأكيدا لهذا تعامل حاصلات الأرض والمصنوعات التي تخرج من بلاد أحد الفريقين غالى بلاد الفريق الآخر فيما يتعلق بتعيين مقادير الرسوم والضرائب الجمركية بنفس المعاملة التي تعامل بها حاصلات الأرض والمصنوعات التي تخرج إلى بلاد الدولة الأكثر رعاية.([206])

 

المادة الخامسة:

   لقد دونت هذه المعاهدة في نسختين أصليتين متساويتين باللغة العربية واللغة الهولندية وإذا نشأت شكوك في تفسير مادة من المواد أو تفسير قسم من أي مادة كانت فالطرفان يعتمدان النص العربي ومن حيث أنها كانت في ملحقات مملكة هولندا في خارج أوربا وبعض قوانينها وأحكامها مخالفة لقوانين وأحكام هولندا في أوربا فقد اتفق الفريقان الساميان المتعاقدان على أن تطبق هذه المعاهدة فيما يخص دولة هولندا سيكون مقتصرا على بلاد مملكة هولندا الأوربية وسيكون إبرامها وتبادل الوثائق بأقرب وقت وتصير نافذة المفعول بمجرد تبادل الوثائق المبرمة.([207])

   وقد اتفق الفريقان المتعاهدان على عقد هذه المعاهدة لمدة خمس سنوات اعتبارا من تاريخ تبادل الوثائق المبرمة على انه إذا أراد احد الفريقين المتعاهدين إلغاء هذه المعاهدة بعد انقضاء مدتها يجب أن يشعر الفريق الآخر بمراده قبل انتهاء المدة بستة أشهر وإلا استمرت هذه المعاهدة ولا تلغى إلا بعد مضي ستة أشهر من حين إشعار احد الفريقين للآخر بإرادته إلغائها وتبيينا لهذا قد صار توقيع هذه المعاهدة من حضرتي مفوضي الفريقين القاضي: محمد راغب بن رفيق عن اليمن, والمسيو: كورنليس ادريانة عن هولندا.([208])

   احتلت المعاهدة اليمنية-الهولندية المرتبة الثالثة في المعاهدات التي عقدتها المملكة المتوكلية اليمنية مع الدول الأجنبية والمرتبة الرابعة من بين المعاهدات التي عقدتها بشكل عام.([209]) وكانت هذه المعاهدة كغيرها معاهدة تقليدية تكاد موادها تتكرر نصا ومضمونا إلا أن هذه المعاهدة تخلوا من نص الاعتراف بالدولة اليمنية إذ يبدو أن أوضاع الملك يحيى قد استقرت وأصبح استقلال اليمن واقعا لم يعد في حاجة إلى النص عليه كما أن هولندا لا تشكل خطرا على أمن اليمن.([210])

   لم تختلف أهداف الملك يحيى في عقد هذه المعاهدة وان أصبح أكثر حذرا فيما يخص مدة المعاهدة أما ما يخص أهداف هولندا فقد كانت تأمل في الحصول على استثمارات اقتصادية وتجارية في اليمن مع حرصها على عدم الاصطدام بمصالح الدول الكبرى وخاصة بريطانيا ولعل أهم ما يميز المعاهدة اليمنية-الهولندية انه لأول مرة تنص على مسألة التمثيل الدبلوماسي بين اليمن ودولة أجنبية.([211])

   كان اعتقاد الملك يحيى الراسخ أن البعد عن المعترك السياسي الدولي غنيمة والتقرب منها كمن يدعو الدب إلى كرمه وانه على كل حال قادر على حكم اليمن وعلى مقاومة ودحر كل من تسول له نفسه الاعتداء عليه وكان يقول: سنصون هذا البلد بدمائنا وسيوفنا اعترفت بنا الدول أم لم تعترف. وفيما بعد وافق الملك يحيى على عقد معاهدات صداقة وتجارة مع هولندا وأثيوبيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا ... الخ كي لا تقتصر علاقاته الخارجية مع بريطانيا التي اعتبرها آنذاك عدوته الكبرى وكانت الخطة التي اتبعتها طيلة مدة حكمه في المراسلات الخارجية وعقد المعاهدات والاتفاقات سواء مع الدول العربية الشقيقة أو الأجنبية هي اللجوء إلى الإيهام في العبارات المستعملة لضمان إمكانية تفسيرها على أكثر من وجه إن دعت الحاجة إلى ذلك.([212])

   والواقع انه بالرغم من أن توقيع معاهدة الصداقة والتجارة بين اليمن وهولندا قد مثل مرحلة جديدة في علاقاتهما وذلك على اعتبار انه كان من المفترض أن تشكل هذه المعاهدة الأساس لإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية كاملة وتطويرها على أساس تاريخها المتواصل الثري إلا أن علاقات البلدين ظلت محدودة جدا لأسباب عديدة أهمها:

1-   الحكم الملكي وما اتسم به آنذاك من توجس وتردد تجاه مسالة الانفتاح على العالم الخارجي.([213]) فقد كان الملك يحيى يرى أن الوسيلة الوحيدة للاحتفاظ باستقلال اليمن تنحصر في إبعاده عن كافة المؤثرات الأجنبية.([214])

2-  أن مملكة هولندا لم تنشئ سفارة أو قنصلية مقيمة في اليمن بل اكتفت باعتماد سفيرها في السعودية ليمثلها في اليمن لعدم وجود ضرورة قصوى لاعتماد ممثلين سياسيين لها في اليمن نظرا لضآلة العلاقات السياسية والتجارية معه ولعدم توفر الأبنية الصالحة للسفارات ولسكن موظفيها آنئذ, وربما لعدم رغبة حكومة جلالة الملك يحيى في إقامة مثل هذه السفارات في اليمن بصورة دائمة فقد كان جلالته يخشى أن تصبح هذه السفارات قواعد للتجسس.([215])

3-  قيام الحرب العالمية الثانية وما خلفته من اضطراب أصاب منظومة العلاقات الدولية بشكل عام وما تعرضت له هولندا خلال تلك الحرب بصفة خاصة.([216]) فقد وقعت هولندا في قبضة الاحتلال الالماني وفرت الملكة ويلهلميان وحكومتها إلى بريطانيا في 10 / يونيو / 1940م وفي 9 / مارس / 1942م خرجت اندونيسيا عن قبضة هولندا لتقع في يد اليابان.([217])

4-  ما أفرزته الحرب العالمية الثانية من تحولات أصابت هيكل النظام الدولي واندلاع الحرب الباردة بين قطبي العالم ومعسكريه الشرقي والغربي.([218]) فقد جعلت هولندا موضعا للضغط من قبل الدول المشتركة معها في حلف شمال الأطلنطي ومعاهدة بروكسل والتي كانت تطالبها بضرورة زيادة نفقاتها على الرجال والعناد وتدعيم البناء الاقتصادي والحربي لدول غرب أوربا في الوقت الذي كانت فيه هولندا تحتفظ بقوات حربية كبيرة في اندونيسيا تبلغ حوالي 120 ألف مقاتل والتي كانت لوحدها قد أثقلت كاهل ميزانية هولندا.([219])

 

 

 

 

المبحث الثاني: العلاقات اليمنية-الهولندية خلال النصف الثاني من القرن العشرين:

   مرت اليمن في العقدين الأولين من النصف الثاني من القرن العشرين بمرحلة شديدة من التدهور الاقتصادي والاجتماعي بسبب سياسة العزلة التي فرضها حكم آل حميد الدين في الشمال.([220]) فضلا عن قيام الثورة اليمنية فيما بعد والحرب الأهلية التي استمرت حتى نهاية الستينات.([221]) حيث شملت هذه الحرب كثير من المناطق اليمنية في الشمال والجنوب تثبيتا لدعائم الحكم الجمهوري من ناحية وحروب قبلية من ناحية أخرى لقد كان اليمن أشبه بدولة أو يمن ألا دولة.([222])

   أما في مطلع السبعينات فقد عمل البلدين على استئناف علاقتهما الثنائية.([223]) ففي عام 1970م تم منح اليمن قرضا بـ7,2 مليون (جلدر) قدمه البنك الهولندي بجدة بفائدة 10% لمدة أربع سنوات واستمر الدعم بشكل قروض ومنح لا ترد وفي عام 1975م بدا التمثيل الدبلوماسي الغير مقيم للبلدين.([224]) وهكذا تعززت وتطورت علاقات البلدين وفي الثالث من أكتوبر عام 1987م توجت هذه العلاقات بالتوقيع على معاهدة التعاون الإنمائي بين مملكة هولندا والجمهورية العربية اليمنية.([225])

   لقد شكلت هذه المعاهدة منعطفا فعليا في تاريخ علاقات البلدين حيث تبعها تراكم حقيقي في بنية الهيكل القانوني والمؤسسي لتلك العلاقات وبدأت تتجلى منذ ذلك التاريخ معالم واضحة للإبعاد السياسية التي تنطلق منها علاقة البلدين وتتمحور حولها كافة أوجهها المختلفة.([226])

   ويمكن القول بصفة عامة أن العلاقات اليمنية-الهولندية ظلت تتمتع بقدر عال من التميز والتطور المتراكم ولعل الخلفية التاريخية لتلك العلاقات قد أسهمت بنصيب مؤثر في ذلك التميز وذلك انطلاقا من تاريخ التواصل القديم المستمر بين البلدين لما يقرب من ثلاثة قرون من الزمان وفي ظل الإعجاب الهولندي المتزايد بالموروث الثقافي والحضاري لليمن وإلى جانب ذلك يمكن الإشارة أيضا إلى تأثير انعكاس المحتوى الثقافي للمجتمع الهولندي على طبيعة نظرة هولندا إلى ثقافة وتجارب الشعوب والدول الأخرى حيث يتميز المجتمع الهولندي بقدر عال من الانفتاح والتسامح إزاء الثقافات والأعراف والأديان الأخرى وعشق للحرية يرقى إلى حد التقديس وبصورة تحفظ لهولندا مكانة متميزة نسبيا في ذات الصدد على المستوى الأوربي عامة.([227])

    وهكذا فقد تزامن تنامي وتيرة الدعم الهولندي لليمن منذ نهاية السبعينات مع توجهات اليمن نحو الدفع بعملية التنمية وتحقيق الاستقرار السياسي والانفتاح على العالم الخارجي فإلى جانب إيمان هولندا بحاجة اليمن إلى المساعدات التنموية في العديد من المجالات التي تشكل أساس البنية التحتية لأي نهوض أو تطور بالنسبة للمجتمع اليمني نجد أن ذلك ترافق مع تشجيع هولندا لكافة الخطوات التي اتخذتها اليمن من اجل تثبيت أسس العمل الحكومي المؤسسي وانتهاج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة فضلا عن التقدير الهولندي للسياسة الخارجية المعتدلة والمحايدة والتي تنتهجها الحكومة اليمنية.([228])

   لم يكن لهولندا تمثيل دبلوماسي في عدن, ولم يكن لهولندا أي علاقات مع الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن, وجاء تحقيق الوحدة اليمنية في 22 / مايو / 1990م ليضيف بعدا أكثر عمقا لتلك النظرة الهولندية لليمن حيث حرصت هولندا على إظهار دعمها ومباركتها للوحدة اليمنية وتشجيعها لزخم الديمقراطية والانفتاح السياسي الذي تصاعد مع تحقيقها وقد ترجمت هولندا مواقفها تلك من خلال مضاعفتها لمساعداتها الإنمائية لليمن ومساهمتها الفعالة خلال عقد التسعينات للتخفيف من المصاعب الاقتصادية التي واجهتها دولة الوحدة.([229])

   وتعد هولندا من أهم الدول الداعمة للعديد من الدول النامية وتخصص ما نسبته 0,8% من دخلها القومي للمساعدات التنموية للدول النامية وتعد هذه النسبة أعلى نسبة تحددها دولة غنية للمساعدات الموجهة للدول الفقيرة وتعتبر علاقات التعاون الثنائية اليمنية-الهولندية من العلاقات المميزة في مجال التعاون التنموي ومنذ السنوات الأولى للتعاون كانت تزيد النفقات على برنامجها الإنمائي طويل المدى في اليمن من (30) مليون جلدر هولندي تقريبا في أواخر السبعينات ليصل إلى سقف مالي (50) مليون جلدر أي ما يعادل (25) مليون دولار أمريكي تقريبا.([230])

   ومن بين المشاريع الإنمائية الهولندية المشهورة في اليمن منذ السنوات الأولى: مشروع إمداد المياه في الريف والحضر ومشروع بذور البطاطس في رداع وذمار بالإضافة لمشاريع الرعاية الصحية التي استفاد منها القطاع الصحي بدرجة كبيرة وبالتحديد في محافظتي ذمار والحديدة كما تم التركيز على برامج دعم المرأة والبيئة والمحافظة على الإرث الحضاري اليمني ويوجه جزء كبير من الدعم الهولندي إلى قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي والزراعة والتربية وعدد من المشاريع والبرامج الصغيرة وتهتم هولندا بالثقافة ومردوداتها ولذلك حرصت على الإسهام في ترميم المتحف الوطني بصنعاء وترميم جامع العامرية في رداع. كما تدعم بصورة خاصة نشاطات المرأة الهادفة إلى تعليم البنات فأسهمت في إنشاء مركز لدراسات المرأة في جامعة صنعاء فضلا عن دعمها للمرأة في المجال الزراعي.([231])

   وخلال عقد التسعينات عامة استمر تزايد الدعم الهولندي للتنمية في اليمن ولم يقتصر ذلك الدعم على ما تقدمه هولندا في إطار برنامج التعاون الإنمائي حيث توسع ذلك الدعم ليطال مسائل تتعلق بتشجيع وتحفيز المجتمع الدولي على دعم اليمن وتبني بعض المبادرات الدولية في ذات الصدد وتشجيع أخرى.([232])

   كما تساهم هولندا على صعيد التعاون عبر المنظمات الدولية في تمويل عدد من المشاريع أهمها مشروع التعليم الأساسي من خلال الدعم السنوي المقدم للصندوق الاجتماعي للتنمية.([233]) وقد عملت اليمن على الاستفادة من مستوى الدعم الهولندي كما نجحت اليمن في إطار المراجعة التي تجريها الحكومة الهولندية لسياسة مساعداتها للدول النامية في أن تضمن بقاءها على لائحة الدول المستفيدة من تلك المساعدات.([234]) وفي إطار إقرار الحكومة الهولندية في أوائل التسعينات لسياسة تنموية جديدة مع مختلف دول العالم النامي ومنها اليمن طبعا تلخصت تلك السياسة في التركيز على المجالات التالية:

1-  الرعاية الصحية الأولية.

2-  المياه والصرف الصحي.

3-  حماية وتحسين البيئة.

4-  مكافحة الفقر وتحسين مستوى المعيشة.

5-  دعم المرأة في مجالات التنمية.([235])

أما المناطق اليمنية التي نفذت فيها المشاريع الهولندية فهي: ذمار وتهامة ورداع وعدن وشبوة هذا وقد اتفق مؤخرا مع الجانب الهولندي على تقديم الدعم في مجال المحافظة والتنقيب على الآثار.([236]) وبالنسبة للعلاقات التجارية بين اليمن وهولندا فيمكننا القول بصفة عامة أنها لم تصل في حقيقة الأمر إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة فإلى جانب تواضع حجم الصادرات الهولندية إلى اليمن والتي لا تكاد تزيد في أحسن التقديرات عن خمسين مليون دولار في السنة فان الميزان التجاري بين البلدين يعاني من خلل شديد لصالح هولندا حيث تحقق قراءات ميزان المدفوعات اليمني إزاء هولندا يحقق متوسط عجز سنوي يساوي (1:30) أي أن ميزان المدفوعات اليمني إزاء هولندا يحقق متوسط عجز سنوي كبير.([237])

   ويمكن القول بصفة عامة أن فرص التنمية والتبادل التجاري بين اليمن وهولندا عالية جدا وهناك العديد من المنافع الاستثمارية الممكنة بين البلدين وبخاصة بالنسبة للجانب اليمني الذي يتمتع بسوق استثمارية واعدة وبإمكانيات وموارد تنافسية وبالذات في مجال التعدين والأسماك.([238]) أما فيما يخص التمثيل الدبلوماسي بين البلدين فكان التمثيل الدبلوماسي في هولندا عندما بدأت العلاقات الدبلوماسي في نهاية السبعينات سفير غير مقيم إذ كانت السفارات اليمنية في (بون) تقوم بمهمة التمثيل لدى هولندا وكان سفير هولندا في السعودية يقوم بأعمال التمثيل الدبلوماسي لدى اليمن.([239])

 

الخاتمة:

   في حين جسد العامل الاقتصادي الأرضية التي تجسد من خلالها بداية الاهتمام الهولندي باليمن وظلت علاقات البلدين على الأجمال خالية من أي مظهر للتنافس أو المواجهة والعداء كان للبعد التاريخي بعدا أصيلا في بنية العلاقات اليمنية-الهولندية حيث فتح ذلك العامل قدرا عاليا من المتانة والتميز والاستمرارية لتلك العلاقات.

   شهدت علاقات البلدين ازدهارا واضمحلالا حسب طبيعة الظروف الدولية والإقليمية وبطبيعة ظروف البلدين السياسية الداخلية من حيث التحرر والاستقلال من قوى الاستعمار ومن حيث استقرار الأنظمة السياسية الوطنية ومدى انفتاحها على العالم الخارجي.

   ولقد كان لمنهج الإصلاح السياسي الذي انتهجه النظام السياسي في اليمن منذ أواخر السبعينات اثر كبير في تدعيم النظرة الهولندية الايجابية تجاه اليمن وقد تعزز الانعكاس الايجابي لتلك الإصلاحات على علاقات البلدين من خلال انسجامها مع منطلقات وقيم وتوجهات النظام السياسي الهولندي وقد ترافق تطور التعاون الإنمائي اليمني-الهولندي مع دخول اليمن مرحلة طويلة من الاستقرار السياسي منذ نهاية عقد السبعينات مثله التصاعد المستمر في معدل المساعدات الهولندية لليمن.

   اتسم الدعم الهولندي لليمن بالسخاء والاستمرارية واحتلت الجوانب الثقافية حيزا واضحا في برنامج الدعم الهولندي لليمن ويأتي ذلك في ظل إعجاب وتقدير هولندي للتراث الثقافي والحضاري لليمن ورغم كل ذلك فان حجم العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين ظل متواضعا بالرغم من عمق علاقاتهما السياسية والتنموية فضلا عن استمرار معدل العجز الكبير في ميزان المدفوعات اليمنية إزاء هولندا.

 

 

 

 

 

 

 

أولا: قائمة المصادر والمراجع:

1-              إبراهيم الولي: مذكرات دبلوماسي عراقي عن اليمن (1962-1964), صنعاء, 2005

2-              أحمد بن شيبان: الوجود المملوكي في اليمن, جامعة عدن, 2002

3-              أحمد عبيد بن دغر: اليمن تحت حكم الإمام أحمد 1948-1962م, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2005

4-              أحمد فخري: اليمن ماضيها وحاضرها, ط2, بيروت, 1988

5-              أحمد قايد الصيادي: العلاقات اليمنية-الألمانية (1927-1940) دراسات وثائقية, صنعاء, 1992

6-              ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ,المادة التاريخية في كتابات (نيبور) عن اليمن, دار الفكر المعاصر, بيروت, 1990, ص29

7-              أحمد محمد بن بريك: اليمن والتنافس الدولي في البحر الأحمر (1869-1981), عدن,2001

8-              إريك ماكرو: واليمن والغرب (1571-1962), تعريب: حسين العمري, د.ت

9-              براور: اليمن في أوائل القرن السابع عشر, شركة أ.ي, بريل للنشر, ليدن, 1988

10-         بلايفير: تاريخ العربية السعيدة أو اليمن, ترجمة: سعيد النوبان وعلي حشوان, عدن, 1999

11-         جاد طه: سياسة بريطانيا في جنوب اليمن, دار الفكر العربي, القاهرة, د.ت

12-         جاكلين بيرين: اكتشاف جزيرة العرب, تعريب: قدري قلعجي, مكتبة مدبولة, القاهرة, 2006

13-         جان دي لاروك: أول رحلة فرنسية إلى العربية السعيدة, ترجمة: منير عريش, المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء, اصدارات وزارة الثقافة والسياحة, 2004

14-         جورج كيرك: موجز تاريخ الشرق الأوسط, ترجمة: عمر الأسكندري, دار الطباعة الحديثة, القاهرة, د.ت

15-         حسن صالح شهاب: أضواء على تاريخ اليمن البحري, دار العودة, ط2, بيروت, 1981

16-         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, عدن فرضة اليمن, مركز الدراسات والبحوث اليمني, صنعاء, 1990

17-         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, فن الملاحة عند العرب, دار العودة, بيروت, د.ت

18-         حسين بن أحمد العرشي, بلوغ المرام في شرح مسك الختام في من تولى ملك اليمن من ملك وإمام, د.م

19-         حسين العمري: تاريخ اليمن الحديث والمعاصر (1516-1918), دار الفكر, ط2, دمشق, 2001

20-         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, فترة الفوضى ودعوة الأتراك إلى صنعاء, دار الفكر, دمشق, 1986

21-         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, يمانيات في التاريخ والثقافة والسياسة (1), دار الفكر المعاصر, بيروت, 1996

22-         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, يمانيات في التاريخ والثقافة والسياسة (2), دار الفكر المعاصر, بيروت, 2000

23-         حسين علي الحبيشي: اليمن والبحر الأحمر, بيروت, 1992

24-         حسين مونس: الشرق الإسلامي في العصر الحديث, مطبعة حجازي, ط/2, القاهرة, 1938

25-         حميد الهاشمي: العرب وهولندا الأحوال الاجتماعية للمهاجرين العرب في هولندا, بيروت, 2008

26-         خديجة الهيصمي: سياسة اليمن في البحر الأحمر, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2002

27-         رأفت الشيخ ومحمد رفعت: أسيا في التاريخ الحديث والمعاصر, عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, ط2, الهرم, مصر, 2001

28-         سامي محمد السياغي: العلاقات اليمنية-الهولندية, بحث ضمن كتاب اليمن والدول الكبرى, ج2, مركز البحوث والمعلومات لوكالة الأنباء اليمنية سبأ, صنعاء, 2004

29-         سلطان ناجي: التاريخ العسكري لليمن (1839-1967), عدن, 1976

30-         سيد مصطفى سالم: تكوين اليمن الحديث, اليمن والإمام يحيى 1904-1948م, ط4, القاهرة, 1993

31-         شارل سان برو: العربية السعيدة, ترجمة: فارس غصوب, بيروت, 1999

32-         شفيقة العراسي: السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها (1937-1945), عدن, 2004

33-         شوقي عطا الله الجمل وعبدالله عبدالرزاق: تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة, المكتب المصري لتوزيع المطبوعات, القاهرة, 2004

34-         صادق محمد الصفواني: الأوضاع السياسية الداخلية لليمن, وزارة الثقافة والسياحة, صنعاء, 2004

35-         صلاح أحمد هريدي وآخرين: تاريخ أوربا الحديث, مكتبة بستان المعرفة, الإسكندرية, 2005

36-         صلاح العقاد: التيارات السياسية في الخليج العربي, مكتبة الانجلو المصرية, د.م, 1983

37-         عبدالحميد البطريق وعبدالعزيز نوار: التاريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة إلى أواخر القرن الثامن عشر, دار الفكر العربي, مصر - مدينة نصر, 1997

38-         عبدالفتاح أبو عليه وإسماعيل ياغي: تاريخ أوربا الحديث والمعاصر, دار المريخ, ط2, الرياض, 2004

39-         عبدالمنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند, ط3, مصر, 1990

40-         عبدالواسع بن يحيى الواسعي اليماني: تاريخ اليمن المسمى فرحة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن, مطبعة حجازي, ط2, القاهرة, 1947

41-         علي عبدالقوي الغفاري: الدبلوماسية اليمنية (1900-2000), صنعاء, 2001

42-         عمر عبدالعزيز عمر: محاضرات في التاريخ الأوربي والأمريكي الحديث, دار المعرفة الجامعية, الإسكندرية, 1998

43-         فاروق عثمان أباظة: دراسات في تاريخ العلاقات الدولية والحضارة الحديثة, دار المعرفة الجامعية, الإسكندرية, 1998

44-         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ, عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر (1839-1918), الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة, د.ت

45-         فان در مولين: رحلة في جنوب شبه الجزيرة العربية, ترجمة: محمد القدال, جامعة عدن, 1999

46-         فيصل سيف المخلافي: لمحات من التطور الاقتصادي في اليمن, بحث ضمن كتاب إضاءات على تطور الدولة اليمنية, تأليف نخبة من الأكاديميين في الجامعات اليمنية, صنعاء, 2006

47-         مجموعة مؤلفين: ثلاث وثائق عربية عن ثورة 1938م, دار العودة, ط2, بيروت, 1985

48-         مجموعة من المؤلفين السوفيت: تاريخ اليمن المعاصر (1917-1982), ترجمة: محمد البحر, مكتبة مدبولي, القاهرة, د.ت

49-         محمد حسن العيدروس: تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر, عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, ط2, الهرم, مصر, 1998

50-         محمد عبدالله زبارة: أئمة اليمن بالقرن الرابع عشر للهجرة, المجلد الثالث, القاهرة, د.ت

51-         محمد عدنان مراد: بريطانيا والعرب, دار طلاس, دمشق, 1989

52-         محمود كامل: اليمن شماله وجنوبه تاريخه وعلاقاته الدولية, بيروت, 1968

53-         مصطفى عقيل الخطيب: التنافس الدولي في الخليج العربي (1622-1763), المكتبة العصرية, بيروت, د.ت

54-         ميلاد المقرحي: تاريخ أوربا الحديث, بنغازي, 1996

55-         نجيب أبو عزالدين: عشرون عاماً في خدمة اليمن, دار الباحث, بيروت, 1990

56-         نزيه مؤيد العظم: رحلة في العربية السعيدة, دار التنوير, ط2, بيروت, 1986

57-         هيفاء عبدالعزيز كريم: التنافس والصراع بين البرتغاليين والتحالف الإنجليزي-الهولندي في الخليج العربي في القرنين (17,16), بحث ضمن كتاب أبحاث ندوة رأس الخيمة التاريخية, رأس الخيمة, 1998

58-         يوسف حسن غوانمة: في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية, دار الفكر, عمان, 2002

ثانيا: الرسائل الجامعية:

1-              أروى أحمد الخطابي: تجارة البن اليمني (ق17م-ق19م) دراسة تاريخية, أطروحة ماجستير غير منشورة, جامعة صنعاء, كلية الآداب, 2004

2-              دولة صالح الورد: العلاقات الخارجية للملكة المتوكلية اليمنية (1918-1962م), رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة صنعاء, كلية الآداب, قسم التاريخ, 2007

ثالثا: الانترنت:

1-              البن اليمني, www.alnamas.net

 

رابعا: البحوث الغير المنشورة:

1-              وزارة الخارجية اليمنية, دائرة أوربا الغربية, تقرير غير منشور بعنوان العلاقات اليمنية-الهولندية

 

 

تم بحمد الله عزوجل

 

 

 



[1]
- حسين علي الحبيشي: اليمن والبحر الأحمر, بيروت, 1992, ص20

[2]- صادق محمد الصفواني: الأوضاع السياسية الداخلية لليمن, وزارة الثقافة والسياحة, صنعاء, 2004, ص146

[3]- يوسف حسن غوانمة: في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية, دار الفكر, عمان, 2002, ص227

[4]- حسين مونس: الشرق الإسلامي في العصر الحديث, مطبعة حجازي, ط/2, القاهرة, 1938, ص42

[5]- نفس المرجع, ص40

[6]- خديجة الهيصمي: سياسة اليمن في البحر الأحمر, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2002, ص58

[7]- حسن صالح شهاب: فن الملاحة عند العرب, دار العودة, بيروت, د.ت, ص50

[8]- حسن صالح شهاب: أضواء على تاريخ اليمن البحري, دار العودة, ط2, بيروت, 1981, ص226

[9]- أحمد محمد بن بريك: اليمن والتنافس الدولي في البحر الأحمر (1869-1981), عدن,2001, ص103

[10]- حسين علي الحبيشي, مرجع سابق, ص20 ؛ خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص58

[11]- حسن صالح شهاب: فن الملاحة, مرجع سابق, ص46

[12]- حسن صالح شهاب: عدن فرضة اليمن, مركز الدراسات والبحوث اليمني, صنعاء, 1990, ص235

[13]- خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص70

[14]- أحمد بن شيبان: الوجود المملوكي في اليمن, جامعة عدن, 2002, ص70

[15]- نفس المرجع, ص71 ؛ يوسف غوانمة, مرجع سابق, ص232

[16]- جورج كيرك: موجز تاريخ الشرق الأوسط, ترجمة: عمر الأسكندري, دار الطباعة الحديثة, القاهرة, د.ت, ص98 ؛ يوسف غوانمة, مرجع سابق, ص233

[17]- أحمد فخري: اليمن ماضيها وحاضرها, ط2, بيروت, 1988, ص203

[18]- حسن صالح شهاب: أضواء, مرجع سابق, ص199

[19]- يوسف غوانمة, مرجع سابق, ص240

[20]- شارل سان برو: العربية السعيدة, ترجمة: فارس غصوب, بيروت, 1999, ص32 ؛ أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص30

[21]- خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص71

[22]- يوسف غوانمة, مرجع سابق, ص243 ؛ أحمد فخري, مرجع سابق, ص205

[23]- خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص71 ؛ حسن صالح شهاب: أضواء, مرجع سابق, ص219

[24]- أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص32 ؛ أحمد فخري, مرجع سابق, ص205

[25]- حسن صالح شهاب: فن الملاحة, مرجع سابق, ص49

[26]- حسين الحبشي, مرجع سابق, ص41

[27]- جاد طه: سياسة بريطانيا في جنوب اليمن, دار الفكر العربي, القاهرة, د.ت, ص25 ؛ حسن صالح شهاب: عدن فرضة اليمن, مرجع سابق, ص236

[28]- جورج كيرك, مرجع سابق, ص104 ؛ حسن صالح الشهاب: أضواء, مرجع سابق, ص226

[29]- حسين العمري: تاريخ اليمن الحديث والمعاصر (1516-1918), دار الفكر, ط2, دمشق, 2001, ص112 ؛ حسن صالح شهاب: عدن فرضة اليمن, مرجع سابق, ص238 ؛ أحمد فخري, مرجع سابق, ص204

[30]- أحمد قايد الصيادي: المادة التاريخية في كتابات (نيبور) عن اليمن, دار الفكر المعاصر, بيروت, 1990, ص29 ؛ حسين العمري: يمانيات في التاريخ والثقافة والسياسة, دار الفكر المعاصر, بيروت, 2000, ص16

[31]- سلطان ناجي: التاريخ العسكري لليمن (1839-1967), عدن, 1976, ص10 ؛ صادق محمد الصفواني, مرجع سابق, ص152

[32]- أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص36 ؛ حسين العمري: تاريخ اليمن, مرجع سابق, ص113

[33]- حسين العمري: فترة الفوضى ودعوة الأتراك إلى صنعاء, دار الفكر, دمشق, 1986, ص8 ؛ خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص72

[34]- مجموعة من المؤلفين السوفيت: تاريخ اليمن المعاصر (1917-1982), ترجمة: محمد البحر, مكتبة مدبولي, القاهرة, د.ت, ص39 ؛ شفيقة العراسي: السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها (1937-1945), عدن, 2004, ص73

[35]- مجموعة من المؤلفين السوفيت, مرجع سابق, ص37 ؛ أحمد فخري, مرجع سابق, ص218

[36]- أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص232 ؛ حسن صالح شهاب: أضواء, مرجع سابق, ص231

[37]- مجموعة مؤلفين: ثلاث وثائق عربية عن ثورة 1938م, دار العودة, ط2, بيروت, 1985, ص208 ؛ شفيقة العراسي, مرجع سابق, ص78

[38]- حسين العمري: يمانيات في التاريخ والثقافة والسياسة, دار الفكر المعاصر, بيروت, 1996, ص53 ؛ خديجة الهيصمي, مرجع سابق, ص78

[39]- أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص43

[40]- أحمد فخري, مرجع سابق, ص218 ؛ شفيقة العراسي, مرجع سابق, ص77

[41]- إبراهيم الولي: مذكرات دبلوماسي عراقي عن اليمن (1962-1964), صنعاء, 2005, ص63

[42]- فاروق عثمان أباظة: عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر (1839-1918), الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة, د.ت, ص58

[43]- حسن صالح شهاب: أضواء, مرجع سابق, ص217

[44]- فاروق أباظة, مرجع سابق, ص59

[45]- براور: اليمن في أوائل القرن السابع عشر, شركة أ.ي, بريل للنشر, ليدن, 1988, ص10

[46]- عبدالمنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند, ط3, مصر, 1990, ص240

[47]- فاروق أباظة, مرجع سابق, ص59

[48]- مصطفى عقيل الخطيب: التنافس الدولي في الخليج العربي (1622-1763), المكتبة العصرية, بيروت, د.ت, ص144

[49]- نفس المرجع, ص144

[50]- مصطفى عقيل الخطيب, مرجع سابق, ص145

[51]- براور, مرجع سابق, ص11

[52]- نفس المرجع, ص11

[53]- نفس المرجع, ص12

[54]- براور, مرجع سابق, ص13

[55]- محمد عدنان مراد: بريطانيا والعرب, دار طلاس, دمشق, 1989, ص31

[56]- مصطفى عقيل الخطيب, مرجع سابق, ص145

[57]- نفس المرجع, ص145

[58]- براور, مرجع سابق, ص14

[59]- مصطفى عقيل الخطيب, مرجع سابق, ص146

[60]- براور, مرجع سابق, ص14

[61]- مصطفى عقيل الخطيب, مرجع سابق, 146

[62]- محمد حسن العيدروس: تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر, عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, ط2, الهرم, مصر, 1998, ص31

[63]- محمد حسن العيدروس, المرجع السابق, ص31

[64]- حسن صالح شهاب, أضواء, مرجع سابق, ص218

[65]- براور, مرجع سابق, ص14

[66]- نفس المرجع, ص14

[67]- أحمد بن بريك, مرجع سابق, ص35 ؛ فاروق أباظة, مرجع سابق, ص59

[68]- براور, مرجع سابق, ص15

[69]- عبدالمنعم النمر, مرجع سابق, ص340

[70]- هيفاء عبدالعزيز كريم: التنافس والصراع بين البرتغاليين والتحالف الإنجليزي-الهولندي في الخليج العربي في القرنين (17,16), بحث ضمن كتاب أبحاث ندوة رأس الخيمة التاريخية, رأس الخيمة, 1998, ص200

[71]- عبدالمنعم النمر, مرجع سابق, ص341

[72]- براور, مرجع سابق, ص63

[73]- محمد العيدروس, مرجع سابق, ص31

[74]- حميد الهاشمي: العرب وهولندا الأحوال الاجتماعية للمهاجرين العرب في هولندا, بيروت, 2008, ص85

[75]- رأفت الشيخ ومحمد رفعت: أسيا في التاريخ الحديث والمعاصر, عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, ط2, الهرم, مصر, 2001, ص63

[76]- براور, مرجع سابق, ص15

[77]- نفس المرجع, ص16

[78]- نفس المرجع, ص16

[79]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص65

[80]- براور, مرجع سابق, ص16

[81]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, 65

[82]- براور, مرجع سابق, ص16

[83]- نفس المرجع, ص17

[84]- نفس المرجع, ص17-18

[85]- براور, مرجع سابق, ص21

[86]- نفس المرجع, ص22

[87]- نفس المرجع, ص22

[88]- سامي محمد السياغي: العلاقات اليمنية-الهولندية, بحث ضمن كتاب اليمن والدول الكبرى, ج2, مركز البحوث والمعلومات لوكالة الأنباء اليمنية سبأ, صنعاء, 2004, ص198

[89]- جاكلين بيرين: اكتشاف جزيرة العرب, تعريب: قدري قلعجي, مكتبة مدبولة, القاهرة, 2006, ص58

[90]- محمود كامل: اليمن شماله وجنوبه تاريخه وعلاقاته الدولية, بيروت, 1968, ص214

[91]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص62

[92]- براور, مرجع سابق, ص22

[93]- بلايفير: تاريخ العربية السعيدة أو اليمن, ترجمة: سعيد النوبان وعلي حشوان, عدن, 1999, ص108

[94]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص62

[95]- محمود كامل, مرجع سابق, ص215

[96]- فاروق أباظة, مرجع سابق, ص58

[97]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص62

[98]- حسن صالح شهاب, أضواء, مرجع سابق, ص220

[99]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص63

[100]- براور, مرجع سابق, ص22

[101]- جاد طه, مرجع سابق, ص27

[102]- محمود كامل, مرجع سابق, ص215

[103]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص63

[104]- براور, مرجع سابق, ص23

[105]- فاروق أباضة, مرجع سابق, ص60 ؛ جاد طه, مرجع سابق, ص27

[106]- براور, مرجع سابق, ص23

[107]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص66

[108]- بلايفير, مرجع سابق, ص109

[109]- براور, مرجع سابق, ص23

[110]- نفس المرجع, ص24

[111]- أروى أحمد الخطابي: تجارة البن اليمني (ق17م-ق19م) دراسة تاريخية, أطروحة ماجستير غير منشورة, جامعة صنعاء, كلية الآداب, 2004, ص64

[112]- براور, مرجع سابق, ص24

[113]- مصطفى عقيل, مرجع سابق, ص147

[114]- حسن صالح شهاب: أضواء, مرجع سابق, ص221

[115]- براور, مرجع سابق, ص25

[116]نفس المرجع, ص25

[117]- مصطفى عقيل, مرجع سابق, ص147

[118]- براور, مرجع سابق, ص25-26

[119]- نفس المرجع, ص26

[120]- براور مرجع, سابق, ص27

[121]- نفس المرجع, ص27

[122]- نفس المرجع, ص 27

[123]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص69

[124]- براور, مرجع سابق, ص27

[125]- نفس المرجع, ص 27-28

[126]- براور, مرجع سابق, ص28

[127]- إريك ماكرو: واليمن والغرب (1571-1962), تعريب: حسين العمري, د.ت, ص33

[128]- براور, مرجع سابق, ص29

[129]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص34

[130]- نفس المرجع, ص34

[131]- براور, مرجع سابق, ص29

[132]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص34

[133]- براور, مرجع سابق, ص29-30

[134]- حسين صالح شهاب: عدن فرضة اليمن, مرجع سابق, ص237

[135]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص34

[136]- حسين صالح شهاب, أضواء, ص223-224

[137]- نفس المرجع, ص224

[138]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص34

[139]- براور, مرجع سابق, ص31

[140]- نفس المرجع, ص 31

[141]- فاروق عثمان أباظة: دراسات في تاريخ العلاقات الدولية والحضارة الحديثة, دار المعرفة الجامعية, الإسكندرية, 1998, ص131

[142]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص70

[143]- نفس المرجع, ص82

[144]- جان دي لاروك: أول رحلة فرنسية إلى العربية السعيدة, ترجمة: منير عريش, المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء, اصدارات وزارة الثقافة والسياحة, 2004, ص157

[145]- جاكلين بيرين, مرجع سابق, ص84

[146]- نفس المرجع, ص85

[147]- البن اليمني, www.alnamas.net

[148]- أروى الخطابي, مرجع سابق, ص61

[149]- صلاح العقاد: التيارات السياسية في الخليج العربي, مكتبة الانجلو المصرية, د.م, 1983, ص33

[150]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص200

[151]- مصطفى عقيل, مرجع سابق, ص164

[152]- ميلاد المقرحي: تاريخ أوربا الحديث, بنغازي, 1996, ص161

[153]- عبدالفتاح أبو عليه وإسماعيل ياغي: تاريخ أوربا الحديث والمعاصر, دار المريخ, ط2, الرياض, 2004, ص154

[154]- مصطفى عقيل, مرجع سابق, ص168

[155]- صلاح أحمد هريدي وآخرين: تاريخ أوربا الحديث, مكتبة بستان المعرفة, الإسكندرية, 2005, ص299

[156]- عمر عبدالعزيز عمر: محاضرات في التاريخ الأوربي والأمريكي الحديث, دار المعرفة الجامعية, الإسكندرية, 1998, ص240

[157]- عبدالفتاح أبو عليه, مرجع سابق, ص184

[158]- عمر عبدالعزيز عمر, مرجع سابق, ص184

[159]- عبدالحميد البطريق وعبدالعزيز نوار: التاريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة إلى أواخر القرن الثامن عشر, دار الفكر العربي, مصر - مدينة نصر, 1997, ص167

[160]- مصطفى عقيل, مرجع سابق, ص181

[161]- نفس المرجع, ص181

[162]- عبدالحميد البطريق, مرجع سابق, ص285

[163]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص34

[164]- البن اليمني, مرجع سابق

[165]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص35

[166]- البن اليمني, مرجع سابع

[167]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص64

[168]- فاروق أباظة, عدن والساسة البريطانية, مرجع سابق, ص61

[169]- فاروق أباظة, دراسات, مرجع سابق, ص132

[170]- جان دي لاروك, مرجع سابق, ص165-166

[171]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص35

[172]- نفس المرجع, ص44

[173]- فاروق أباظة: دراسات, مرجع سابق, ص132

[174]- فاروق أباظة: عدن والساسة البريطانية, ص61

[175]- حسين العمري: يمانيات, مرجع سابق, ص16

[176]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص199

[177]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص55

[178]- نفس المرجع, ص144

[179]- شوقي عطا الله الجمل وعبدالله عبدالرزاق: تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة, المكتب المصري لتوزيع المطبوعات, القاهرة, 2004, ص145

[180]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص200

[181]- شوقي الجمل, المرجع السابق, ص146

[182]- عبدالفتاح أبو عليه, مرجع سابق, ص264

[183]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص200

[184]- عبدالفتاح أبو علية, مرجع سابق, ص285

[185]- وزارة الخارجية اليمنية, دائرة أوربا الغربية, تقرير غير منشور بعنوان العلاقات اليمنية-الهولندية

[186]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص200

[187]- حسين بن أحمد العرشي, بلوغ المرام في شرح مسك الختام في من تولى ملك اليمن من ملك وإمام, د.م, 1939, ص199

[188]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص67

[189]- نفس المرجع, ص67

[190]- نفس المرجع, ص 66

[191]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص66

[192]- نفس المرجع, ص 67

[193]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص200

[194]- أحمد فخري, مرجع سابق, ص223

[195]- دولة صالح الورد: العلاقات الخارجية للملكة المتوكلية اليمنية (1918-1962م), رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة صنعاء, كلية الآداب, قسم التاريخ, 2007, ص110

[196]- فان در مولين: رحلة في جنوب شبه الجزيرة العربية, ترجمة: محمد القدال, جامعة عدن, 1999, ص5-12

[197]- فان در ميولين, المرجع السابق, ص5-12

[198]- إريك ماكرو, مرجع سابق, ص149

[199]- دولة صالح الورد, المرجع السابق, ص110

[200]- أحمد قايد الصيادي: العلاقات اليمنية-الألمانية (1927-1940) دراسات وثائقية, صنعاء, 1992, ص388

[201]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص201

[202]- دولة صالح الورد, مرجع سابق, ص110

[203]- محمد عبدالله زبارة: أئمة اليمن بالقرن الرابع عشر للهجرة, المجلد الثالث, القاهرة, د.ت, ص334

[204]- عبدالواسع بن يحيى الواسعي اليماني: تاريخ اليمن المسمى فرحة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن, مطبعة حجازي, ط2, القاهرة, 1947, ص402

[205]- سيد مصطفى سالم: تكوين اليمن الحديث, اليمن والإمام يحيى 1904-1948م, ط4, القاهرة, 1993, ص560

[206]- نزيه مؤيد العظم: رحلة في العربية السعيدة, دار التنوير, ط2, بيروت, 1986, ص219

[207]- سيد مصطفى سالم, مرجع سابق, ص261

[208]- نفس المرجع, ص261

[209]- دولة صالح الورد, مرجع سابق, 111

[210]أحمد عبيد بن دغر: اليمن تحت حكم الإمام أحمد 1948-1962م, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2005, ص421

[211]- دولة صالح الورد, مرجع سابق, ص111

[212]- نجيب أبو عزالدين: عشرون عاماً في خدمة اليمن, دار الباحث, بيروت, 1990, ص233

[213]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص202

[214]- مجموعة مؤلفين, مرجع سابق, ص209

[215]- نجيب أبو عزالدين, المرجع السابق, ص237

[216]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص202

[217]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص74

[218]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص202

[219]- رأفت الشيخ, مرجع سابق, ص87

[220]- فيصل سيف المخلافي: لمحات من التطور الاقتصادي في اليمن, بحث ضمن كتاب إضاءات على تطور الدولة اليمنية, تأليف نخبة من الأكاديميين في الجامعات اليمنية, صنعاء, 2006, ص240

[221]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص203

[222]- فيصل سيف المخلافي, المرجع السابق, ص241

[223]- علي عبدالقوي الغفاري: الدبلوماسية اليمنية (1900-2000), صنعاء, 2001, ص66

[224]- وزارة الخارجية, مرجع سابق, ص2

[225]- علي عبدالقوي الغفاري, المرجع السابق, ص66

[226]- سامي السياغي, مرجع سابق, 204

[227]- نفس المرجع, ص205

[228]- علي عبدالقوي الغفاري, مرجع سابق, ص67

[229]- سامي السياغي, مرجع سابق205

[230]- نفس المرجع, ص210

[231]- علي عبدالقوي الغفاري, مرجع سابق, ص66-67

[232]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص211

[233]- وزارة الخارجية, مرجع سابق, ص3

[234]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص212

[235]- نفس المرجع, ص211

[236]- وزارة الخارجية, ص3

[237]- سامي السياغي, مرجع سابق, ص117

[238]- نفس المرجع, ص218-219

[239]- نفس المرجع, ص206 ؛ علي عبدالقوي الغفاري, مرجع سابق, ص68

اجمالي القراءات 49806

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 961,903
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen