أنصفوا أبطالنا لكي يبقى عندنا أمل في إمتنا

خالد اللهيب Ýí 2014-05-30


ليس من شيم أهل القرآن ولا أصحاب الأخلاق الحميدة ، التهجم على الآخرين بلا دليل أو بيّنة تدعم قولهم وادّعائهم ، فنحن أهل القرآن آلينا على أنفسنا أنه حينما نكتب في شؤون الدين الإسلامي مرجعنا القرآن الكريم وإذا ما كتبنا في شؤون الدنيا مرجعنا ،( كغيرنا ممن يبحث عن الحقيقة ) الوثائق والإدلة التي لا يرقى إليها الشك ما أمكننا ذلك.

مردّ ذلك إننا نخاف الله رب العالمين وإحقاقا للحق وعدم الظلم والإفتراء ، والتزاما بقول الله عز وجل ،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة.

1 -- جاءت الآية الكريمة بصيغة الأمر والمبالغة ، لما للأمر من أهمية وخطورة ،( كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ) وبالتالي وجوب الإلتزام التام بالتقوى والعمل وفقا لشريعة الله عز وجل وليس وفقا للأعراف السائدة في مجتمع ظالم أو تحزّب لنهج وفكر معين  أو لحزب وحكم ما.

جاء الأمر بقوله تعالى :( كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ) مرتبطا مباشرة بشهادة الحق والعدل ،(شُهَدَاء بِالْقِسْطِ) ، ذلك أن أول شهادة للحق أن نشهد أن لا إله ولا معبود إلا الله عز وجل وآخر مراتبها شهادة الحق بين الناس إحقاقا للحق والعدل.

2 -- والأية توضح وتأكد على وجوب الإلتزام التام بالعدل حتى يصل الأمر مع من إتّهمنا بالنقيصة ظلما وعدوانا وعيّرنا بما ليس فينا ،( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ) ، فنحن لا نقع تحت صفة الإجرام والإفتراء كردّة فعل على من ظلمنا وافترى علينا ، فلا نردّ الظلم بظلم أكبر ، وإلا كنا والظالمين المفترين سواء. 

3 – وكما كانت بداية الأية بالوجوب والإلتزام التام بتقوى الله عز وجل ، إنتهت مكررة ، الأمر بذلك ،( اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).

4 – وللمرة الرابعة وبنفس الآية ، يأتي الأمر بوجوب التقوى ، إذ لا يتحقق الإيمان إلا بالتقوة وإلإلتزام بشريعة الله عز وجل ،( وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ، ولكي يأكد أمر وأهمية التقوى ، ذكّرعز وجلّ المؤمنين ، (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ، فلا مجال للظلم والإفتراء.     

أتفق مع من يقول أن الديمقراطية الحقة لا يمكن أن تتوافق مع سلطة وفكر كل من السلفين والإخوان كما العسكر في أي بلد كان.

إلا إنني أرى من يترحّم على أيام الحكم الملكي في مصر ، حكم الملك فاروق وأهله السابقين ، كمن يترحم على الفساد المهين لمصر وشعبها الكريم.

1 -- كلنا يعلم أن مصر الحبيبة ، زمن الحكم الملكي ، كانت تحكم من بريطانيا وليس من القاهرة ، فكانت الملكيّة خاصة في آواخر عهدها ما هي إلا إستعمار بريطاني مبطن تحت ظل حكم الملك.

2 -- أرجو أن يغيب عن ذاكرتنا كم عانت مصر ورجالاتها من معاهدة عام 36 م ، المهينة والمكبّلة والمستعمرة لمصر وشعبها ، وما فضيحة الأسلحة الفاسدة في حرب 48 م ببعيدة أو مشرفة للعهد الملكي الغابر.

3 -- ناهيك عن تشكيل الحكومات المصرية وتعين الموالين للإستعمار البريطاني في الجيش والأماكن الحساسة من مفاصل الدولة ، حتى بات الفلاح المصري وهم أغلبية الشعب المصري أشبه بالعبيد لرجال الإقطاع السياسي والإقتصادي.

4 -- وما مقتل مئات الألاف من الفلاحين الغلابة وبالسخرة دون أجر وتحت أشعة الشمس الحارقة عندما حفرت قناة السويس إلا  تنفيذا لمصلحة بريطانيا العظمى في ذلك الوقت ، بهدف إيجاد طريق تجاري مختصر لمستعمراتها في بلاد الهند وشرق أسيا ، لهذا لا يمكن أن نذكر هذا الحكم إلا بالظعف والخنوع والتبعية وبزمن الشؤم الأسود.

أما التهجم على ثورة عام 52 م ، بقيادة عبد الناصر و من بعده السادات بطل العبور ، ففيه الكثير من التجني والبعد عن الحق والعدل ، في إختصار وعجالة أذكر ما حققه عبد الناصر يرحمه الله ربّ العالمين.

1 – أعطى للإنسان العربي كرامة وعزة واحتراما ومهابة ، في جميع دول العالم.

2 – فرض إتاوة على أمريكا خصوصا والغرب عموما ، حتى أن أمريكا كانت تساعد مصر بما يوازي مساعدتها لإسرائيل ، حوالي 3 مليار دولار سنويا.

3 – قام عبد الناصر بالدعم العسكري والسياسي والإعلامي لجميع الدول العربية الطامحة للإستقلال و الخاضعة للإنتداب والإستعمار البريطاني والفرنسي ، مما أنهك الخزينة و الإقتصاد المصري.

4 – أسس عبد الناصر و رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو والرئيس اليوغسلافي تيتو حركة دول عدم الإنحياز في مؤتمر باندوق عام 55م من 29 دولة حتى غدت اليوم تتكون من 118 دولة ، بهدف تكوين قطب ثالث يجابه القطب الأمريكي وقطب الإتحاد السوفياتي في ذلك الوقت ولكي تتجنب دول العالم الثالث الضعيفة الحرب الباردة وآثارها المدمر.

5 – أمم قناة السويس التي كانت تعتبرها بريطانيا جزءا من ترابها الوطني ، كما قام ببناء السد العالي ولولاه لغرقت المحاصيل الزراعية وسكان الأرياف كما كان يحدث سابق كل سنة وربما كانت مصر الأن بلا كهرباء يكفيها.

6 – جابه وانتصر عبد الناصر العدوان الثلاثي في عام 56 م من قبل ،(إسرائيل وبريطانيا وفرنسا) مجتمعين بهدف كسر شوكة مصر والوصول الى قناة السويس، فلم يفلحوا.

7 – إنتبه عبد الناصر الى خطر فكر الإخواني مبكرا على السلم الأهلي وهدفهم للإستيلاء على سلطة الحكم وتبعيتهم للفكر الوهابي السلفي وللإستعمار البريطاني ، عبر كتابات قادتهم من حسن البنا و سيد قطب ، وعبر قتلهم للنقراشي باشا وحرقهم القاهرة وغيرها من مسالك العدوان العملي الفعلي على أرض الواقع، لذلك زجّهم في السجون وحكم على بعضهم بالإعدام شنقا وحمى مصر من هذا الفكر التكفيري مبكرا .

8 – نعم لثورة عام 52 أخطاء قاتلة كثيرة ، كتفتيت الأراضي الزراعية الى قطع صغيرة والتعينات في ملاك الدولة دون حاجة موجبة وعدم بناء دولة القانون والمؤسسات وانتشار المحسوبية وعدم الإستعداد الكامل لحرب عام 67 إلا عبر الزعيق على المنابر وعدم تقدير قوة إسرائيل وما حقيقة دورها و كيانها بالنسبة للغرب مما أفضى الى الهزيمة النكراء عام 67 م ، والدخول في الحرب اليمنية وغيرها الكثير والكثير من الأخطاء التي كان من الممكن تجنبها في ذلك الوقت ، إلا إنه يجب أن لا ننسى كيف هو الوضع السياسي الدولي وما هي موازين القوى العسكرية والإقتصادية لدى دول العالم ، ناهيك عن المؤآمرات والأحلاف السعودية والعراقية والإسرائيلة والغربية التي عملت بكل طاقتها لإفشال الثورة المصرية وتحطيم جمال عبد الناصر كقائد الأمة العربية والإسلامية في ذلك الوقت.

 9 – إن البطل الحقيقي لثورة عام 52 هو بطل العبور والسلام محمد أنور السادات إلا أن الفكر السلفي والإخواني المبطن شاء أن يخدم إسرائيل والغرب كعادته في كل مرة ، فقام بقتل البطل الأشم وعلى الرغم من أخذه بالثأر العربي واسترجاعه لكامل التراب المصري.

10 -- يكفي رجال ثورة 52 م من عبد الناصر والسادات وغيرهم ، أنهم لم يورّثوا الحكم لأبنائهم كما سعى غيرهم مثل حسونة باشا ، فهم خرجوا من الحكم مستورين لا أصحاب ملاين.

11 -- ليس من الحكمة ولا مستحسن التشكيك والرمي برجالات الأمة العظام ، فالتاريخ مكتوب ومتاح للجميع ، فلا يمكن تزيف وقلب الحقيقة خاصة أن كل أمر في عصرنا الحالي موثق بالصوت والصورة ناهيك عن السجلات الرسمية.

12 -- فمن الحكمة والعدل أن ننصف أبطال أمتنا العربية ، أذكر على سبيل المثال لا الحصر : عبد الناصر ، البطل أنور السادات ، سوار الذهب الرئيس السوداني ، الرئيس اللبناني ميشيل سليمان ، رفيق الحريري ، كمال جنبلاط ، رياض الصلح والقافلة طويلة وطويلة ، لكي يبقى عند أمتنا  أمل في الغد تتطلع إليه وقدوة للشباب يحتذي بها.

13 -- رحمة الله على بطلنا الغالي محمد أنور السادات ، إذ كثيرا ما كان يردّد قول الله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (24) الأحزاب ، وعلى هذا بالله نستعين وندعو مخلصين بالرحمة والمغفرة على شهداء مصر وأمتنا العربية وبخير الجزاء والرحمة لعبد الناصر ورفيقه بطل العبور والسلام محمد انور السادات.

أرجو متابعة كل ما أنشره على موقع أهل القرآن.   

اجمالي القراءات 5988

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-12-18
مقالات منشورة : 1
اجمالي القراءات : 4,683
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 110
بلد الميلاد : 0000
بلد الاقامة : 0000