يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ
يعاني أهل القرآن الكثير والكثير من الإحباط والتهم والإستهزاء من أناس خدعوا في دينهم ، فهم لا يعلمون ولا يودّون العلم والمعرفة، أغلقوا عقولهم واكتفوا بما قيل لهم وما توارثوه ، ينطبق عليهم قول الله عز وجل :( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ (32) المطففين.
فكلما أحدنا رفع لواء القرآن ، كلام الله عز وجل دون غيره من كلام البشر ، كلما زاد إجرام الذين أجرموا ، حتى يتساءل أحدنا لما لا أستفيد بما أجازه رب العالمين دون أن أعرض نفسي للضيق والمعانات وظلم الجاهلين المجرمين وقد يصل إجرامهم الى القتل والتهجير خارج رحاب الوطن ، حيث قال عز من قائل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) المائدة.
أمامنا خيارين :
الأول -- علينا هداية أنفسنا دون الإهتمام بغيرنا :
فقد أجاز لنا رب العزة أن نهتم بهداية أنفسنا دون غيرنا :( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) ، بازلين ما في وسعنا للنجاة من النار والفوز بالجنة ، رحمة من رب العالمين فقد كلفنا بأنفسنا دون غيرنا ،(عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ) ، إذ لا ضرر مباشر يصيبنا لا في الدنيا ولا في الآخرة إذا اهتدينا دون الآخرين ، وإذا ما كفر الناس جميعا ، فالله العليم الخبير بما ستؤول اليه الأمور.
وهذ الخطاب قيل لمن هوأعظم منا جميعا وأكثرعلما وقربا من الله عز وجل ، قيل لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو الرسول والنبي ، فلا نأسى على أنفسنا ونحمّلها ما لا تطيق ، ولا يكبرعلى أحدنا إعراض المسلمون عن منهج أهل القرآن الذي نؤمن أنه الأقرب للحق والشرع ، كما كبر على الرسول محمد عليه السلام ، إعراض الناس عن رسالة الله عز وجل في بداية البعثة ، إذ الأمر متروك لمشيئة الله عز وجل و بين يديه ،( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) الأنعام.
إذا لم تكن الآيات الحسية والقرآنية رهن إشارة الرسول محمد عليه السلام ، فمن أين لنا نحن أهل القرآن ذلك إلا ما أنزل عليه؟ وإذا أكبر رب العزة رسوله الكريم من أن يكون من الجاهلين ، فالأولى بنا أن نرحم أنفسنا من جهل الجاهلين وندع أذاهم و سيرهم الى جهنم زمرا داخرين.
الثاني -- علينا الجهاد في سبيل الله عز وجل :
1-- إعلاءا لكلمته وشرعة ، فلا جنة بلا جهاد وصبر ،( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران ، لهذا يخاطب رب العزة المؤمنين قائلا ،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة ، فالفلاح والفوز يتطلب الإلتزام بالتقوى عن كل معصية ، والبحث عن أي وسيلة ترضي الله عز وجل ، سواء أكانت بالصلاة و الزكاة والعدل وكل ما أمر به الله سبحانه وتعالى ، أوالجهاد في سبيله.
2-- فمن وُصف بالإيمان من قِبلِ الله عز وجل لا بد أنه قد جاهد وعمل الصالحات ، على الأقل أنه جاهد نفسه عن هواها ، كما جاهد الشيطان في إغوائه ، لهذا يستحق الجنة ، فالمؤمن حق الإيمان له صفة هجران كل ما نُهي عنه و مجاهدة ونصرة دين الله عز وجل ،( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال.
3-- عظمة وأجر الجهاد كبير وكأنه الفيصل بين الإيمان والكفر ، إذ جعل رب العزة محبة الجهاد مع محبته ومحبة الرسول وكأنّ من لم يحبّ الجهاد كسبيل محبب الى نفسه ، موافق لهواه ، كأنه من القوم الفاسقين الذين لا يهديهم رب العالمين ، فلا يكترث بهم.
4-- فمن ليس عنده غيرة على دين الله عز وجل ويعتصرالألم نفسه ويشعر بالأسى كما كان يشعر النبي محمد عليه السلام ، كما من أحب الأهل ومتاع الدنيا أكثر من حبه لله عز وجل وكتابه ورسوله ، فاليرتقب أمرالله سبحانه وتعالى واليعلم أنه من القوم الفاسقين ،( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة.
5-- ليس المطلوب أي جهاد ، بل حق الجهاد ، الجهاد الكامل الذي به المعانات والبذل إن كان في النفس أوالأموال ، فمن يرد الله عز وجل به الخير والإيمان ، يقربه إليه ويسهل له الفهم والإيمان والجهاد ويهديه سبيل الحق المبين ،( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ... (78) الحج ، و قوله تعالى :( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت.
6-- المؤمنون حقا هم الذين لا يرتابون ولا يدخل الى قلوبهم الشك من بعد إيمانهم فهم الصادقون والمجاهدون ،( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات.
7-- رحمة بنا هدانا الله الرحمن الرحيم واجتبانا إليه ، إذ نجاهد لراحة أنفسنا وقلوبنا وهو الغني عنا وعن جهادنا وعن الخلق جميعا ،( ومَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت.
8-- لو شاء رب العالمين لآمن من في الأرض جميعا ،( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ... (99) يونس ، فلا نمنّ الله عز وجل ولا الرسول عليه السلام ، بإسلامنا و جهادنا وتقوانا ،( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات.
9-- كما لا نستكثر إيماننا وكأننا قد وصلنا الى غاية الإيمان والإلتزام وقد نُهي عن مثل هذا من هو أعظم وخير منا جميعا ، رسول الله عز وجل حينما خاطبه رب العزة وفي بداية البعثة والرسالة ، قائلا :( وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) المدثر.
10-- غايتنا جميعا رضى الله ومحبته وجنته عز وجل وقد أودع فينا الرغبات والشهوات التي لا حدود لها ، ولكن الجنة ليست سواء للمؤمنين ،( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (96) النساء ، لذا أملنا ومرادنا دائما أفضل متع الآخرة وأكثرها كما ونوعا ، و ندعو الله عز وجل راجين الدرجات العلى ، إن كان في القرب من الله الواحد الأحد أو في حشرنا مع الصالحين.
-- أوامر الله عز وجل للنبي في الدعوة :
1-- اُمر النبي عليه الصلاة و السلام بمجاهدة الكفار والمنافقين وبالغلظة عليهم ،، ذلك لأنهم كذبوا وقالوا كلمة الكفر بعد إسلامهم ولم يكتفوا بذلك بل هموا بالعمل المسيئ والمؤذي للإسلام والمسلمين ولكن الله رب العالمين أفشل عملهم ، فلم يمكنهم من تحقيق هدفهم ، لهذا إستحقوا الغلظة بالقول والعمل ،( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ ...(74) التوبة.
2-- كما نُهي النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن يجادل دفاعا عن كل خائن ، فقبل أن يكون خائنا لله عز وجل فهو خائن لنفسه وذاته إذ يوردها التهلكة وسوء المصير ،( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) النساء ، وكان المنافقون يتقولون على الله عز وجل ورسوله بما لا يرضى به من القول ،( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) النساء.
3-- لم يُؤمرُ النبي عليه الصلاة والسلام ، أن يجبر الناس على الإيمان ،( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) يونس ، فلا إكراه في الدين ،( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ...(256) البقرة.
4-- كما لم يؤمر أن يهلك نفسه حسرة على الكافرين ،( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر ، فالله عز وجل يهدي من رغب وشاء وسعى الى الهداية والإستقامة ، كما يضل من سعى الى الضلال فلا يهديه الى سبيل الحق المبين.
5-- مع حرص النبي عليه الصلاة والسلام لهداية الناس جميعا إلا أن أكثر الناس كافرون ،( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف ، لذا نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن طاعة الكافرين ،( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (48) الأحزاب .
6-- أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالدعوة لهداية الناس ،( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) النحل ، أمر لهداية الناس وليس الى قتلهم.
7-- هداية الناس الى دين الله عز وجل بالحكمة التي تتطلب العقل والتعقل واتخاذ القرارات الصائبة ، هداية الناس عبرالموعظة الحسنة ، من استقامة في السلوك و العمل اليومي ورفعة في الأخلاق والعلم ، لهذا النبي محمد عليه الصلاة والسلام لنا أسوة حسنة ،( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الأحزاب.
-- مازال المنافقون يعيثون فسادا في دين الله عز وجل :
1-- هؤلاء المنافقون كانوا ولا يزالوا على عهدهم من الكذب والإفتراء على الدين الإسلامي وعلى النبي عليه الصلاة والسلام ، إذ يتقولون بأحاديث كاذبة لا يرضى بها الله عز وجل ولا نبيه الكريم.
2-- قوم لا يستجيبون لما دعوا إليه من الحق ،( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) ، إذ ،(... لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف ، فهم ( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) النحل.
3-- يأبوا إلا المجادلة دفاعا عن المنافقين والمكذبين ، أسلافهم السابقين ، يقدمون أقوالهم وفصصهم وبما حملت من إفتراء وتدخل في دين الله عز وجل ، يخاطبهم رب العزة قائلا ،( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) النساء.
4-- قوم جل إهتمامهم في الشكل دون المضمون في شؤون الدين ، علما إن الإيمان والعمل الصالح لا يتوقف عند المناسك والمظاهر السطحية للتدين ، وقد خص رب العزة بالإسم عمارة المسجد الحرام تدليلا على أنه ليس هذا هو المطلوب بالذات ،( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة.
5-- وقد أورد رب العزة سلفا في قرآنه المجيد ، أن من يهتم بالمظهر دون الجوهر ، كسقاية الحجيج والتوسعة للحرم وعمارة المباني دون عمارة القلوب ، هم من القوم الظالمين ، فلا بد من الجهاد ومجاهدة النفس عن شهواتها بما أمر الله عز وجل به وإقامة الصلة والقربى على مدار الساعة في اليوم ، ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) التوبة ، آمنوا بكل ما جاء في كتاب الله عز وجل وهجروا كل معصية له و جاهدوا إعلاءا لكلمته وسلطانه.
-- قوم على دين آبائهم وليس على دين الله عز وجل : إن من يؤمن بكتب البشر الموضوعة ، المكتوبة بأيديهم ليجعلونها مساوية أو لاغية لكتاب الله عز وجل أو لأي أية قرآنية بدعوة نسخ الحكم أو التلاوة ، لا شك أنه قد رفض و كفر بالقرآن الكريم و بالأية المستهدفة ، ومن يرفض الجزء فقد رفض الكل ، ( ...أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) البقرة ،(... وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) البقرة.
7-- أليس من الكفر أن نؤمن بالأحاديث التي جاء بها آباؤنا الأولون لتبطل وتلغي عمل آيات القرآن الكريم عبر ما يسمى بالناسخ والمنسوخ ، وقد حذرنا رب العزة من قبل في كتابه الكريم من أن نؤيد ذلك الإيمان الفاسد ولو كان من قبل أبائنا أو إخواننا ،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) التوبة.
8-- أليس سكوتنا عن الكفر المبين والأديان الحزبية الأرضية ، يجعلنا من القوم الظالمين لأنفسنا وللآخرين ، أليس متاع الدنيا قليل ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) التوبة.
رضينا باستهزاء الظالمين ، نصرة لرب العالمين ، عسى أن يكتبنا من الصالحين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اجمالي القراءات
7967
وأحمد الله جل وعلا أن بدأت بك ثمار الاجتهاد القرآنى تتفتّح وتثمر ..
جزاك الله جل وعلا خيرا .