ملخص كتاب الميراث للدكتور أحمد صبحي منصور ‏

خالد اللهيب Ýí 2014-02-03


كتاب الميراث للدكتور أحمد صبحي منصور نستطيع أن نقسمه بعد المقدمة الى أربعة محاور ‏أساسية ، المحور الأول وبه إيضاح لبعض المفاهيم كالتقوى والإحسان والقسط والعدل ‏والمعروف وهي ذات صلة وارتباط بالمحور الثاني موضوع الكتاب (الوصية والميراث) ، ‏أما والمحور الثالث فهو حول دور الدولة والفرد في تطبيق الشريعة ، و المحورالرابع يتحدث ‏عن تناقض الفرق الإسلامية ، خاصة أهل السنة مع شريعة القرآن الكريم ، منهيا كتابه ‏بخاتمة الكتاب .‏

المزيد مثل هذا المقال :

المقدمة
أشارالدكتور منصور في مقدمة كتابه إلى سبق القرآن الكريم للحضارة البشرية الراهنة ‏بتشريع الميراث بكل ما فيه من رُقىّ وسُمُوّ . خصوصا عندما نتذكر أن القرآن الكريم خاطب ‏فى البداية عربا صحراويين لا يقيمون وزنا للحقوق ، إلا أن المسلمين ما لبثوا بما يسمى ‏الفتوحات الإسلامية أن أشبهوا الفُرس والروم، وأقاموا إمبراطورية تعتنق السلب والنهب ‏والإسترقاق والظلم كباقي إمبراطوريات ذلك العصر.‏
ففي العصرالعباسي إكتمل التناقض بين الاسلام والمسلمين بتأسيس أديان أرضية ، لا يزال ‏باقيا منها ثلاثة : السُّنة ، والتشيع والتصوف وجاءت هذه تشريعات خاصة السّنة منها لتُلغي ‏تشريعات القرآن الكريم بمزاعم (النسخ) و(إختراع الأحاديث) وتغيير مصطلحات القرآن ، ‏وأساطير (أسباب النزول) وخرافات ما يُعرف بالتفسير .‏
إلا أن تأثير القرآن الكريم في العرب والمسلمين في العصر العباسي كان هائلا ، خاصة في ‏التشريع والتأريخ ، وما تشريعات المسلمون في الميراث إلا شاهد على هذا ، فلم تصل ‏تشريعات الميراث الغربية الى هذه الدقة والتفصيلات التي وصل إليها علم (الفرائض) ‏أو(المواريث) لدى المسلمين ، إلا أن تشريعات المسلمين في الميراث أخذت بعض تشريعات ‏القرآن وحرّفت البعض الآخر على الرغم من أن تشريعات الميراث القرآنية وصلت الذروة ‏في الرقي وتحقيق العدل .‏
المحور الأول ‏
مفاهيم ذات صلة وارتباط بالوصية والميراث :‏
‏1-- التقوى : إن تطبيق الشريعة في واقع المسلمين ضئيل جدا .. لأن التقوى غائبة في قلوب ‏المسلمين ، فقد أضاعتها وحلّ محلها الايمان باساطير كالشفاعة ، فطالما يعتقدون في شفاعة ‏النبي ويضمنون بها الجنة مقدما فإن الظلم هو السائد و بدلا من أن تجد الأخت الحماية ‏والشهامة من أخيها تراه يأكل حقها في الميراث بلا خجل ، بل ويرى المجتمع الفاسد ذلك حقا ‏له، لقد (ورثوا الكتاب) ولكن إتّخذوه مهجورا، ومنها تشريعاته في الميراث. ‏
فالتقوى هي المقصد الأسمى في التشريع القرآني تتجلى أهميتها في تشريع الميراث و شؤون ‏الحكم ، يناضل الإنسان جاهدا للإستحواذ والإحتفاض بالحكم لنفسه دون الآخرين ، كما ‏يناضل في التركة دون ‏الآخرين حتى الموت، فمن الحُمق أن يدخل الفرد منا الجحيم خالدا ‏مخلدا بسبب هذا المتاع الزائل ، وبغياب التقوى لا يمكن تطبيق شريعة الميراث بالعدل ‏والإحسان ‏كما أمر رب العزة . ومن أجل هذا يأتي تشريع الميراث محمّلا بالوعظ بالتقوى ‏والترهيب من ‏النار .‏
‏2-- الإحسان : أوضح د. أحمد منصور أهمية الإحسان والرحمة الى ذوي القربى و واقع ‏المسلمين الذي يتناقض كليا مع الأمرالالهي، إنّ الاحسان إلى ذوي القربى يعني أن تعطيهم ‏حقا لهم من ثروتك الشخصية ودخلك ‏الشهري والسنوي، فربط رب العزة عبادته بالإحسان ‏للوالدين وللآخرين ،( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى ‏وَالْيَتَامَى ‏وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ ‏السَّبِيلِ وَمَا ‏مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )(36) النساء.‏
‏3-- القسط والعدل : إن القسط والعدل هو الهدف الأسمى للرسالات السماوية لكي يقوم الناس ‏بالقسط والعدل فيما بينهم ،( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ ‏النَّاسُ بِالْقِسْطِ )(25) الحديد ، إلا أن تطبيق المساوة المطلقة بحذافيرها ظُلم واضح ، فلا بد ‏من إقتران المساواة بالعدل ، ويأتي التعبير القرآني عن المساواة بين الناس مناديا إياهم ب يا ‏أيها الناس ،(يا أيها الذين آمنوا)، (يا بنى آدم) ... لتشمل الذكور والإناث معا .‏
إن أول آية في تشريع الميراث بدأت بتقرير حق المرأة في الميراث شأن الرجل ، ( لِلرِّجَالِ ‏نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ ‏أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) النساء . ‏
إعتاد العرب على إعتبارالمرأة سلعة يتواثونها ، فالزوج يأكل الصداق الذي دفعه لزوجته ، ‏ومنع هذا رب العزة ، إلا أن يكون برضاها بالتنازل عن بعضه وليس جمعه : ( وَآتُوا النِّسَاءَ ‏صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) النساء .‏
وكان الأب يستفيد من تزويج إبنته بطرق شتى ، فقد كان هناك زواج الشغار أي الزواج بلا ‏مهر، بأن يعطي الرجل إبنته الى رجل آخر مقابل أن يعطي الرجل الآخر إبنته إلى الرجل ‏الأول ، يتزوج كل منهما إبنة الآخر ، وإذا كان للمرأة من مهر يأكله أبوها و يقبضه دونها ‏لينفقه على نفسه  ، كما كانوا يمنعونها من الزواج تبعا لمصلحتهم ، وهو(العضل) .‏  
وقد نزل في المدينة النهي عن هذا كله ،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً ‏وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ‏فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) النساء . هنا الأمر ‏بالمعروف (أي العدل) في معاشرة الزوجة حتى لو كان يكرهها زوجها . ‏
‏4-- المعروف : المعروف هو نقيض المنكر ،( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ ‏بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104) آل عمران .‏
تأتي كلمة المعروف بمعنى العدل والإحسان ، نقيض الفحشاء والمنكر والبغي ،( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ ‏بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ‏‏(90) النحل ، وتشريع الميراث المتضمن هنا يقوم على العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، ‏ومن يخالفه يقع في المنكر والبغي.‏
كما المعروف نقيض الظلم ، ومصطلح (الظلم) ورد كثيرا في القرآن الكريم ، ليؤكد على أن ‏الله جل وعلا لا يريد ظلما للناس ، فيصف جل وعلا من يتعدى حدوده وتشريعاته بالظلم ،( ‏تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (229) البقرة ، والظلم ‏قرين للكفر،( وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ (254) البقرة ، والذي يختار الظلم مصمما عليه لا ‏تأتيه هداية الله جل وعلا. ‏
‏ ولأن تشريعات الرحمن لا تقبل الظلم وأساسها العدل ، فإن من لم يحكم بالعدل ويطبقه يكون ‏كافرا فاسقا ظالما ،( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45) المائدة.‏
ومن العجيب أن شريعة الدين السّني مؤسسة على الظلم ، يزعمون أن شريعتهم (إسلامية) ‏بينما هي في مبناها قائمة على الافتراء على الله جل وعلا وعلى رسوله ، وقد وصم رب ‏العزة من يفتري على الله كذبا ويكذّب بآياته بأنه أظلم الناس ، وأنه لا يفلح أبدا يوم القيامة ،( ‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) الانعام ، وبعد ‏هذا لا يزال الناس غافلين ، يطلقون عليهم (إسلاميين) .‏
وعن الظلم والصلة بالميراث يقول جل وعلا ،( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا ‏يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء.‏
إستفاض د. منصور حول مصطلح المعروف فبين أن المعروف نوعان :‏
الأول المعروف القولي: أوضح إذا لم تُعط السائل صدقة فعلى الأقل قُل له قولا معروفا حسنا ‏، فهذا خير من أن تعطيه ثم تمنّ عليه وتؤذيه ،( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا ‏أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة ، والمعروف القولي له صلة بالميراث ، فأمر رب العزة ‏أن يُقال لأولي القربى قول معروف حين التصدق عليهم إذا حضروا القسمة ،( وَإِذَا حَضَرَ ‏الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ، ‏أي يأخذون الصدقة من التركة مشفوعة بقول معروف ، دون منّ أو أذى ، ونفس الحال مع ‏الوريث السفيه ، يأخذ مرتبا وكسوة من دخل أمواله مع القول الحسن ،( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ ‏أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5) النساء.‏
الثاني (فعل المعروف): أي التصرف بالعدل والخير والإحسان ، مثل معاملة الوالدين ‏بإحسان ، حتى لو صمّما على إضلال الإبن ، فعلى الإبن أن يصاحبهما بالمعروف و ‏الإحسان ، مع تمسكه بالهداية الربانية ،( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ‏فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا ‏كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) لقمان.‏
ومن (فعل المعروف) الأمر بالصدقة والاصلاح بين الناس والأمر بالعدل والحق ، حتى لو ‏كان هذا سرّا أو بالنجوى بين شخصين وأكثر ،( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ ‏بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً ‏عَظِيماً (114) النساء.‏
والله جل وعلا يُلخّص كل أوامر الإسلام في كلمة (المعروف) ، فمن ضمن بنود العهد ‏والمبايعة على إقامة الدولة جاء فيما يخص النساء في الطاعة لأوامرالرحمن ،( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ‏إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ ‏أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ ‏وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) الممتحنة.‏
‏(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) بمعنى أن الطاعة لولي الأمر مقيدة بالأوامرالإلهية (المعروفة) ‏وليست طاعة لشخص النبي عليه الصلاة والسلام ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق جل ‏وعلا ، حتى لو كان هذا المخلوق هو النبي محمدعليه السلام .‏
المعروف من المقاصد الى القواعد والتطبيق : ‏
إن للمعروف دخلا في جانب التشريع النظري لأن التشريعات الاسلامية القرآنية تركت جانبا ‏واسعا للتشريع البشري بشرط أن يخضع لمقاصد التشريع الإلهي وأن يصدر في دولة الشورى ‏الاسلامية وتحقق (المعروف) أي المتعارف على أنه (حق وعدل وتيسير ورحمة وخير ‏وإحسان) ، فالمعروف يدخل فى المجال التطبيقي سواء للتشريعات القرآنية أو في التشريعات ‏البشرية التي تسنّها الدولة الاسلامية في إطار مقاصد وقواعد وتنفيذ الأوامر التشريعية ‏القرآنية.‏
نماذج لتطبيق للمعروف خارج الميراث :‏
‏-- في تشريع الدية بديلا عن القصاص ، يقول جل وعلا ،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ ‏الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ‏فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ ‏عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) البقرة ، هنا لا بد من لائحة تنفيذية تُحدّد مقدار أو مقادير الدية وكيفية ‏أدائها ، ثم سنّ قانون بعقوبة من يعتدي بعد ذلك ، سواء من أهل القتيل بعد أخذ الدية أو من ‏جانب القاتل نفسه بعد دفعه الدية .‏
‏-- في الإحسان للزوجة : إن المعروف مرادف للإحسان ،( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ‏أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) (229) البقرة ، ففي تشريع الطلاق لا بد من إشراف السلطة الاجتماعية ‏، أي لا بد من شاهدي عدل عند بدء الطلاق ، يراقبان معاملة الزوج لمطلقته أثناء إقامتها في ‏بيت الزوجية فترة العدة ، والتأكيد على عدم طردها من بيتها طيلة العدة إلا إذا وقعت في ‏جريمة الزنا وكانت مثبتة عليها ، فإذا تصالحا وقت العدة انتهى موضوع الطلاق.‏
فإذا انتهت العدة بلا صلح بينهما وجاء وقت خروجها من بيتها يحضر الشاهدان ، ليراجعا ‏الزوج فإن إستبقاها بقيت إن رضيت بذلك ، فإذا إتفقا على إعادة الحياة الزوجية الى مجاريها ‏إنتهى موضوع الطلاق وأصبحت زوجته ، ولكن تُحسب عليه طلقة. ‏
وعلى الشاهدين التأكُّد من إنه حين (يُسرحها) بالاتفاق التام بخروجها النهائي من بيته و أن ‏يكون ذلك بالمعروف والإحسان ، أو حين يتمسك بها فلا بد من التأكد انه يُمسكها بمعروف ‏وإحسان وليس للإضرار بها . ‏
والدولة مُمثّلة في السلطة القضائية والاجتماعية المختصة، عليها أن تضع للمعروف قوانين ‏تفصيلية أو مذكرات تفسيرية ، ولا بد من إصدار قانون يمنع الأهل والزوج السابق من ‏‏(عضل المرأة) أي منعها من الزواج ، إذا كانت مطلقة ، تطبيقا لقوله جل وعلا ،( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ ‏النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ ‏يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا ‏تَعْلَمُونَ (232) البقرة.‏
المحور الثاني
الوصية والميراث :‏
أولا الوصية : الشريعة النابعة من الدين الإلهي تتلخّص في شيئين ، إقامة الدين ، وعدم ‏التفرق فيه ، لأن التفرق في الدين تعني تأسيس أديان أرضية وإختراع أحاديث بوحي كاذب ، ‏ونحو ذلك قوله جل وعلا :( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ) ‏النساء 131، فوصية الله رب العالمين تتطلب إقامة الدين .‏
كما للإنسان وصية يعتد بها هي إما وصية وعظية ، كالتوصية بالدين الحقّ ،( وَوَصَّى بِهَا ‏إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) ‏البقرة ، على هذا ، مطلوب من المؤمن عند الإحتضار أن يوصي أهله وأولاده بالتمسك ‏بالاسلام الحق ، وأن يعظهم كما يوصيهم بالتقوى والأخلاق الاسلامية السامية .‏
‏ -- أو وصية مالية مفروضة على المؤمن التقي ، تنفيذا لقوله جل وعلا : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا ‏حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ‏‏(180) البقرة ،وهذا الفرض بالوصية المالية واجب أيضا حين يحتضرالمؤمن في السفر ‏والغُربة بعيدا عن الأهل . وعندها لا بد أن يودع وصيته لدى شاهدين ، يقومان بتوصيل ‏الشهادة للأهل تحت رقابة السلطة الاجتماعية.‏
ولإرتباط الوصية بالميراث فقد تخللت الوصية تشريعات الميراث ، ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ‏لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ )(11) النساء، وقوله جل وعلا ‏،( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ ‏دَيْنٍ...)(12) النساء ، لأهمية تشريع الميراث لم يقل جل وعلا ،( يأمركم الله) بل قال: ( ‏يُوصِيكُمْ اللَّهُ )، و أوجب الله جل وعلا تنفيذ وصية المتوفى قبل توزيع التركة : (مِنْ بَعْدِ ‏وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ).‏
وبصيغة (الوصية) أوجب رب العزة على من يحتضر أن يوصي لزوجته بأن تبقى في البيت ‏عاما بلا إخراج . هذا بالاضافة الى حقها في التركة . فإذا خرجت من البيت قبل العام لأي ‏سبب فلا حرج عليها ،( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى ‏الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ ‏عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) البقرة . ‏
كما الذي يقترب منه الموت وله ذرية من الصغار يخاف عليهم ، فعليه أن يتقي الله جل وعلا ‏ليحفظ الله سبحانه وتعالى ذريته من بعده ،( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً ‏خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (9) النساء . ‏
أما الوصي الذي يأكل ميراث اليتيم ، لن ينجو من الله جل وعلا، الحسيب الرقيب على كل ‏شىء ،( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا ‏تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ‏فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (6) النساء. ‏
وفي تحذير شديد لمن يأكل أموات اليتامى ظلما ، قال رب العزة ،( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ‏الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء ،هذا لمن تعدّى ‏حدود الله جل وعلا وأكل حقوق الورثة ، أي إن أكل حقوق الورثة يعادل الكُفر بالله جل ‏وعلا ، إن كل صلاتك وصيامك ونسكك وحجّك وصدقاتك ستضيع هباءا وستدخل النار ‏خالدا مخلدا فيما لو أكلت حق الورثة . ‏
الميراث : ‏
بيّن د. احمد منصور معنى مصطلح (ورث) ومشتقاته في القرآن و معانيه المختلفة التي ‏يتحكم بها السياق القرآني كعادة القرآن الكريم ، فكلمة ورث جاءت بمعنى :‏
‏1-- وراثة الكتاب : فبنو إسرائيل توارثوا الكتاب ، من خلال الرسالات السماوية التي نزلت ‏في أنبيائهم ،( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) غافر ، ومع هذا ‏تفرقوا وإختلفوا في الكتاب الإلهي أوالعلم الإلهي بسبب العداوة والعدوان. ‏
ينطبق هذا على (أهل الكتاب) كما ينطيق على (أهل القرآن)،( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ ‏اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ‏الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر. ‏
‏2-- وراثة النبوة : نرى هذا في ذرية إبراهيم وبني إسرائيل ، فإبراهيم عليه السلام أنجب ‏إسماعيل وإسحاق ، وإسحاق أنجب يعقوب ، ويعقوب أنجب 12 ولدا كان من بينهم يوسف ، ‏ثم كان موسى وأخوه هارون نبيين.‏
‏3-- كلمة وراثة تأتي بمعنى الإستخلاف في الأرض : فالبشر في هذا الكوكب أمم يخلف ‏بعضهم بعضا ، أي يرث بعضهم بعضا ،( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ )165 الأنعام ، ‏فقد ورث بنو إسرائيل جنات فرعون الطاغية ،( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59 ) ‏الشعراء .‏
كما أورث الله العزيز القدير المسلمين أرض اليهود وأرضا جديدة لم يطؤها من قبل ،( ‏وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (27) ‏الاحزاب.‏
إستخلاف المسلمين في الأرض يتطلب التمسك بالاسلام والله لا يخلف وعده :( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ‏آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ ‏دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ ‏بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) النور .‏
لسنا في الحقيقة أصحاب الثروات التي بين أيدينا ، إنما نحن ورثة مُستخلفون فيها ، ويجب ‏علينا أن ننفق جزءا منها في سبيل الله جل وعلا : ( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ ‏مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) الحديد ، فموارد الدولة يتوارثها ‏السكان جيلا بعد جيل ، والتنمية الحقيقية بالصلاح وليس بالفساد ، فالبترول وهو نعمة أصبح ‏لعنة ، لأن المستبدون يحتكرونه لأنفسهم فيأكلون ويدمرون حقوق الأجيال القادمة ، ( أَلَمْ تَرَى ‏إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) إبراهيم.‏
‏4-- إن ميراث الانسان في هذه الدنيا نوعان ، ميراث مالي مادي ، يرثه من الوالدين ‏والأقربين ، إلا أنه تاركه بالموت عاجلا أوآجلا . وهناك ميراث باق يصاحب الفرد بعد موته ‏، وهو عمله إن كان صالحا أو فاسدا ، هو (الآثار) التي تتعلق بنفس صاحبها يتم تسجلها له ‏أوعليه من قبل ملائكة تسجيل الأعمال ،( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ ‏شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس ، وكل إنسان مؤاخذ بكل ذرة من عمله ، وبكل لفظة ‏ينطق بها لسانه ،( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (80) مريم ، أى ورث ما قال.‏
‏5-- إلا ان الله جل وعلا هو الوارث الحقيقي لكل شيئ ،( إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ‏وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) مريم . وبالتالي فإنّ إرثنا المالي وهمي لأنه محدد للفرد بزمن حياته ، ‏والإرث الخالد الذي سيبقى بلا فناء هو إرث الجنة ، وهي للمتقين ،( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ ‏مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ، فلن يدخل الجنة إلا المؤمن المُفلح التقي.‏
ميراث التركة : ‏
الميراث المالي المستحق للورثة يكون حين (يترك) أحدنا مالا . هذا المال يكون (تركة) ، ‏ومن هنا إرتباط الميراث بكلمة (ترك) ، ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ‏وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ) (7) النساء. ‏
والميراث يرتبط بشكل وثيق بالتوصية : والتوصية هي تأكيد للأمر أو لطلب أو لفرض ، ‏الأوامر الإلهية في كل الرسالات السماوية : تمّ إجمالها وإختصارها في قوله جل وعلا ،( ‏شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ‏وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )(13) الشورى.‏
توريث الرعاية والإهتمام للموالي من (الخدم والأتباع) المرتبطين بالوالدين ،( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا ‏مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ ‏شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء، فبعض الناس يكون له أتباع وخدم وحاشية يكون مسئولا عنهم فى ‏حياته ، وحين يموت فإن مسئوليتهم تنتقل الى الأبناء ، فهم ممّا (ترك الوالدان والأقربون) ‏ولكن ليسوا متاعا وتركة تتوراث ، بل هم مسئولية على الورثة .‏
علينا أن نعلم أن حقوق الورثة تشمل كل قرش وكل درهم وكل ذرة حق ، لا نتحدث هنا عن ‏مقدار التركة ، ولكن عن (حدود الله) أو تشريعات الله جل وعلا ،( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ ‏الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً ‏مَفْرُوضاً (7) النساء .‏
الورثة هم فقط (الأقربون) وليسوا (أولي القربى)‏
يتضح من الآيات القرآنية ، أن الأقربين فقط هم الورثة و أن أولو القربى ليسوا من الورثة ، ‏فالأقارب درجات ، منهم (الأقربون) ثم الذين يلونهم من بقية الأقارب أي ذوي القربى أو أولو ‏القربى وهذا يتفق مع اللسان العربي فالأقرب غير القريب.‏
فالميراث للأقارب أي أقرب الأقربين ، أما (أولو القربى) من عموم الأقارب ، هم كاليتامى ‏والمساكين فليس لهم حق في الميراث ، لهم هبة أوعطية أو صدقة ، تؤخذ من التركة قبل ‏توزيعها على الورثة الأقربين ،( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ‏لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة ، خلافا لأُكذوبة الدين السني ‏القائلة :(لا وصية لوارث) ، وإذا لم يحضروا قبل القسمة فلا نصيب لهم ،( وَإِذَا حَضَرَ ‏الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ‏
والأقربون هم الورثة المتصلون مباشرة بالوالدين ،( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ‏الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ ‏وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ ‏كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ ‏أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) النساء ، هنا الوالدان والأولاد ‏والأخوة .‏
الأب والأم هما أيضا زوجان ، زوج و زوجة وجاءت الآية التالية في ميراثهما ،( وَلَكُمْ ‏نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ ‏وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ‏الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ ‏أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ ‏وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء .‏
جعل الله من هذا التشريع حدودا له جل وعلا وتوعّد من يتعدى حدوده بالخلود فى النار ، ‏كما توعد من يطيعه ورسوله بالخلود في الجنة :( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ ‏جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) النساء.‏
وبذلك يكون مجموع الورثة : الأب ، الأم ، الزوج ، الزوجة ، الإبن والبنت (الأولاد) ، الأخ ‏والأخت (الأخوة) ، وليس معهم أحد آخر ، نحن هنا أمام تشريع إسلامي قرآني جامع مانع ، ‏أحاط الورثة بسور ، منع أن يُضاف اليهم أحد ، أو أن يؤخذ منهم أحد ، وأكّد على أن هذا ‏التشريع هو حدود الله ، من يتعداها فهو خالد في النار .‏
مثال توضيحي : مات وترك :( والدين ، زوجة ، إبنا ، بنتا ، عمّا ، عمّة ، بنت أخ ، خالة ، ‏ابن عم ، ابن خال) لا يرث العم والعمّة ، ولا بنت الأخ ، ولا الخالة ولا إبن العم ولا إبن ‏الخال، فهم من ذوي القربى، وإذا حضروا القسمة فعلى الورثة منحهم شيئا منها قبل القسمة ، ‏شأنهم شأن اليتامى والمساكين أما الورثة فهم الوالدان ، كل منهما السدس ، الزوجة الثمن ، ‏الإبن والبنت لهما الباقي ، للذكر مثل حظ الأنثيين .‏
‏-- أما معنى الحجب فإنه يختلف حسب الحالة ، فالإبن يحجب أخ المتوفى وأخت المتوفى، ‏لأنّ الإبن هنا هو(الأقرب) ويصبح (الأخ) من أولي القربى وليس الأقرب ، والأب يحجب ‏الجد لأن الأب هنا هو الأقرب لإبنه المتوفي ، ويكون الجد ضمن أولي القربى الذين لا يرثون ‏‏.‏
‏-- أما في حالة الكلالة ـ أي عدم وجود الأولاد ـ فإن الأخ يصبح الأقرب ويرث ، وكذلك ‏الأخت ، مثلا : مات بلا ذرية وترك أخا فقط فله السدس ، وإن ترك أختا فقط فلها السدس ، ‏وإن ترك أخا وأختا أو أكثر فهم شركاء في الثلث : (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ ‏أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ )، فعدم ‏وجود الإبن أو البنت يصبح الأخ والأخت الأقربين للمتوفى.‏
مفهوم (الأقرب) ينتج عنه حجب ومنع ذوي القربى من بقية الأقارب كالعمّ والعمة والخال ‏والخالة وأبنائهم . وينتج أيضا عن مفهوم الأقربين أن يحجب الأقرب من هو اقل منه قرابة ‏داخل الورثة ، فالإبن أو إبن الإبن يحجبان الأخ ، والأخ الشقيق يحجب الأخ غير الشقيق ، ‏والأخوة غير الأشقاء متساوون ، ويرثون ولو إنفردوا بالتركة . ‏
ولا يرث إبن الأخ مع وجود الأخ لأن الأخ هو الأقرب للمتوفى . كما إن إبن الإبن لا يرث ‏مع وجود الإبن ، ولا يرث الجد مع وجود الأب لأن الأب هو (الأقرب) . ‏
مثلا : زوج توفى وله : أب + جد + زوجة + أم + أخ شقيق + أخ لأب + أخ لأم . التوزيع ‏‏: للزوجة الربع ، وللأب والأم كل منهما السدس لوجود الأخ الشقيق وله الباقي ، لا يرث ‏الأخوة غير الأشقاء لوجود الأخ الشقيق ، ولا يرث الجد لوجود الأب.‏
‏-- ولكن رب العالمين لم يفرق بين درجتي القرابة (الأقربون وأولو القربى) في محرمات ‏الزواج ، والمباح في النظر لزينة المرأة عموما ، وفي الدخول لبيوت النبي ، إنما التفرقة ‏جاءت في التركة.‏
تطبيق الوصية وسداد الديون :‏
إن تطبيق الأفراد للوصية وتوزيع الميراث يتم تحت إشراف ومراقبة الدولة في الاسلام ، ‏وإن الوصية هي أساس لوالدي المتوفى الأحياء بالتعيين والتحديد (أو للحيّ منهما) ، ولمن ‏يختاره المؤمن في وصيته من بين الورثة فقط.‏
وأن هذه الوصية هي عند الموت ، أي ساعة الإحتضار ، بالقول والكتابة ، وأن من يغيّر ‏الوصية بعد موت المتوفى يكون آثما.‏
أما إن كان في الوصية ظلم فعلى الدولة أن تتدخل بالاصلاح ، يقول جل وعلا :( فَمَنْ خَافَ ‏مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) البقرة . ‏
‏-- الوصية عند الموت في السفر ، إذا كان المؤمن مسافرا وأدركته المنية بعيدا عن أهله ‏وحان وقت الوصية قبل الموت فعليه أن يكتب وصيته أو أن يقولها أمام إثنين من الشهود ‏العدول ، وعليهما إبلاغ السلطة المسؤولة في بلده بهذه الوصية علنا. ‏
ولو كان هناك ريب أو شكّ فيهما فعليهما أن يقسما بالله جل وعلا قائلين ( لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً ‏وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ ). فإن ظهر كذبهما فعلى من يدّعي ‏كذبهما البينة بأن يبرز شاهدين آخرين ليشهدا شهادة تنفي شهادة الشاهدين الأولين ، وأن ‏شهادتهما أحق من هذين السابقين.‏
يقول رب العزة جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ ‏الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ ‏مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ‏ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً ‏فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ ‏شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ ‏يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) ‏المائدة .‏
‏-- هل تجوز الوصية قبل الموت بمدة طويلة ، نعم يجوز، من الممكن أن يكتب المؤمن ‏وصيته ، ويحتفظ بها الى أن يقترب منه الأجل ، فيظهرها ويعطيها للحاضرين عند ‏الاحتضار ، أو أن يتلوها لهم ، ولكن لا يتركها لتُذاع بعد وفاته ، ومن الممكن أن يكتب ‏وصيته ثم يعدّل فيها ، وتكون الوصية المعمول بها هي التي تُقال قبيل موته ، ويحدث أن ‏يكتب وصيته ثم تتغير الظروف كأن يموت قبله الوالدان ، أو أحد الأقربين ممّن شملتهم ‏وصيته ، لذا لا بد أن يغير وصيته لتكون صالحة عند موته .‏
أمثلة عمّن تجب أو تجوز أو تمتنع الوصية له :‏
‏1 ـ زوجة متوفاة (لها مالها الخاص بها) : تركت ( زوج + أب + أم + إبن + بنت + أخ + ‏أخت + ابن إبن + ابن بنت + عمّ + عمة)‏
الوصية للأب والأم وجوبا . وهي جوازا وإختيارا للزوج و للإبن والبنت لبعضهم أو لهم ‏جميعا . وتمتنع الوصية للأخ والأخت وإبن الابن لأنهم قد حجبهم الإبن من الميراث و تمتنع ‏الوصية للعمّ والعمّة وابن البنت لأنهم ليسوا من الورثة أصلا .‏
‏2 ـ زوجة متوفاة لها :( زوج + أب + أم + بنت + أخ + أخت + أبناء إبن + إبن بنت + ‏عمّ + عمة)‏
الوصية للأب والأم وجوبا . وهى جوازا وإختيارا للبنت وابن الابن وللزوج ، لبعضهم أو لهم ‏معا . وتمتنع الوصية للأخ والأخت لأنهم قد حجبهما إبناء الإبن من الميراث .وتمتنع الوصية ‏للعمّ والعمّة وابن البنت لأنهم ليسوا من الورثة أصلا .‏
‏3 ـ زوجة متوفاة لها :( زوج + أم + بنتان + إبن + أخ + أخت + إبن إبن + إبن بنت + ‏عمّ + عمة)‏
الوصية للأم وجوبا ، وهي جوازا وإختيارا للبنتين والإبن وللزوج لبعضهم أو لهم جميعا ، ‏وتمتنع الوصية للأخ والأخت وإبن الإبن لأنهم قد حجبهم الإبن من الميراث وتمتنع الوصية ‏للعمّ والعمّة وإبن البنت لأنهم ليسوا من الورثة أصلا.‏
‏4 ـ زوجة متوفاة لها :( زوج + أب + أم + بنت + أخ + أخت + ابن بنت + عمّ + عمة ) ‏، الوصية للأب والأم وجوبا . وهي جوازا وإختيارا للبنت و للزوج والأخ والأخت لبعضهم ‏أو لهم جميعا . فالأخوة يرثون لعدم وجود الإبن أو إبن الإبن . وتمتنع الوصية للعمّ والعمّة ‏وإبن البنت لأنهم ليسوا من الورثة أصلا .‏
مبررات تفضيل بعض الورثة بالوصية :‏
للوالدين وصية واجبة ، وما عداهما فلصاحب الوصية أن يختار وأن يفضل من يشاء من ‏‏(الورثة) في الوصية ، بالزيادة والنقصان أو بالعطاء والحرمان كلية من الوصية ، ولكن ‏بالعدل أوالمعروف ، فهو هنا يتعامل مع ربه جل وعلا ليراعي العدل ، الذي هو أساس ‏تشريع الوصية ، وبالعدل يمكن علاج بعض الظروف المختلفة للورثة. ‏
ونعطي أمثلة :‏
‏1 ـ له بنت أرملة فقيرة وتعول أطفالا ، فله أن يفضلها بالوصية عن أخوتها الأثرياء ، لأن ‏تطبيق قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين) بلا وصية لها يكون ظُلما لها .‏
‏2 ـ له إبن ثرى وقد أنفق على تعليمه وتزويجه الكثير ، وله أبناء صغار لم يتمتعوا بما تمتع ‏به أخوهم الأكبر ، عليه أن يفضّل أبناءه الصغار على أخيهم الأكبر في الوصية.‏
‏3 ـ له إبن أكبر أسهم في تنمية ثروة أبيه ، وله أبناء آخرون لم يتعبوا في السعي للرزق مع ‏أبيهم ، عليه أن يفضل إبنه الأكبر في الوصية بمقدار إسهامه في تنمية ثروة الأب .‏
‏4 ـ له زوجتان ، إحداهما عانت وعاشت معه أوقات المحن حتى بلغت من الكبر عتيا ، ‏والأخرى تزوجها في أيام العز والثروة التي أسهمت الزوجة الأولى في تنميتها ، العدل ‏يقتضي تفضيل الزوجة الأولى بالوصية دون الأخرى.‏
‏5 ـ له إبن صغير سيكون يتيما بموته ، وأبناء كبار إستقلوا بحياتهم بعد أن أنفق على تعليمهم ‏وزواجهم ، عليه أن يعوّض إبنه الصغير بالوصية.‏
‏6 ـ ليس له إبن ولكن له (أخّ) ساعده في حياته ، ووقف الى جانبه في المحن ، وهذا الأخ ‏يرث لعدم وجود الإبن ، وعليه أن يوصي للأخ بما يساوي ما قدمه في مساعدة أخيه.‏
‏7 ـ له أب ظالم كان قاسيا في معاملته ، ولم يساعده في حياته كأي أب ، الآن هذا الإبن على ‏وشك الموت ، وسيكون هذا الأب من الورثة شرعا ، فهل يوصى له أيضا ؟ نعم الوصية ‏هي للأب بصفته (أبا) ، حتى لو لم يقم بواجبات الأب.‏
‏11 ـ تزوجت أمه بعد طلاقها من أبيه ، وتركته مع أهله وإنقطعت صلتها به فعاش كأنه يتيم ‏الأم مع وجود أمّه على قيد الحياة ، وهو الآن على وشك الموت ، وسيكون من حق هذه الأم ‏أن ترث شرعا ، فهل من حقها الوصية كأي أم طبيعية عانت في تربية إبنها ؟ نعم الوصية ‏للأم بحسب وصفها أُمّا ، وليس بمدى قيامها بواجب الأمومة. ‏
‏-- يحرم أن يترتب على الوصية ضرر:( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) 12 ‏النساء ، قد يتأثر الموصي بالهوى ، وقد يؤثر فيه آخرون فيوصي بما فيه ظلم وضرر وهذا ‏حرام ، أمثلة : ‏
‏1 ـ له بنت وإبن ويريد أن يوصي لابنته دون الإبن ليساويها بأخيها في الميراث ليكسر قاعدة ‏‏(للذكر مثل حظ الأنثيين)، هذا حرام و وصية باطلة.‏
‏2 ـ بنفوذ زوجته أوصى لإبنهما الصغير وفضّله بهذه الوصية عن أخوته من زوجة أخرى ، ‏هذا ظلم ووصية مُحرّمة باطلة.‏
‏3 ـ بنفوذ الزوجة صاحبة الحظوة أوصى لها دون الزوجة الأخرى ، هذه وصية ظالمة ‏مُحرّمة باطلة.‏
سداد الديون مع تنفيذ الوصية قبل قسمة الميراث ‏
هناك ديون عادية تكون على المتوفى الذي مات دون أن يسددها ، ولا بد من سدادها مع تنفيذ ‏الوصية وقبل تقسيم التركة والوصية ، ولكن هناك من أولي القربى ، كإبن الأخ والعم والخال ‏من يكون صاحب حق ولكن لا يرث ، فكيف يتم تعويضه عن حقه ؟ ‏
وهناك من يتم حجبه من الميراث (كالأخ) الذي يحجبه (الإبن) أو(إبن الإبن) الذي يحجبه ‏الإبن ، هؤلاء الذين لا يرثون ولا حق لهم في الوصية يجب تعويضهم عن حقوقهم بإعتبار ‏حقوقهم ضمن الدين الذي يجب سداده مُلحقا بالوصية ، وفي كل الأحوال فإن تنفيذ الوصية ‏وسداد الدين لا بد من القيام به قبل توزيع التركة.‏
نعطي أمثلة :‏
‏1-- الإبن الأكبر الذي أسهم مع أبيه في تكوين الثروة ، مات في حياة أبيه وترك أولادا ، ثم ‏مات أبوه ، أبناء الإبن الأكبر لا يرثون جدهم لأن أبناء جدهم يحجبونهم .‏
هنا يجب على المُوصّى أن يعتبر إسهام إبنه الأكبر المتوفى دينا لا بد من الوفاء به ، و يكتب ‏بهذا دينا يجب سداده من تركته . وقد يكون من الأفضل أن يفعل ذلك قبل موته وهو يسعى ‏في الأرض ، وقد مات إبنه الأكبر تاركا ذرية ضعافا ، فالأفضل أن يبادر بكتابة حقوق الإبن ‏المتوفى لذريته بيعا وشراءا ، وإلا فهو(دين عليه).‏
‏2 -- تزوج ثم طلّق زوجته بعد أن عانت معه الأيام الصعبة ، وبموته مطلقته هذه لا ترث ، ‏وتضيع مُعاناتها معه هباءا ، عليه أن يكتب لها دينا قبل موته يتم سداده لها مع الوصية.‏
‏3 -- عاش يتيما وقد تولاه عمُّه بالرعاية بعد موت أبيه ، وأنفق عليه كإبن من إبنائه ، ثم ‏مات العم وترك ذرية أبناء عمومة ، وقد أشرف هو على الموت ، ويريد الوفاء بجميل عمّه ، ‏وهم ليسوا ورثة ولا حقّ لهم فى تركته ، عليه أن يقيّم مقدار مساعدة عمه له ، وأن يكتب ‏ذلك دينا عليه يتم سداده من تركته مع الوصية.‏
‏4 -- نفس الحال مع الأخ الذي لا يرث بوجود الإبن حاجبا له ، ونفس الحال مع العمة ‏والخالة والعم وإبن العم ، الذين كانت لهم أفضال عليه ، وهو مدين لهم ، فعليه أن يسدد هذه ‏الديون وأن يردّ هذا الفضل بكتابته دينا يتم سداده من التركة .‏
‏5 -- له إبن بنت توفيت من قبل ، وإبن البنت هذا لا يرث وليس له حق في الوصية ، و ‏يشعر الموصي بالعطف عليه ، ويريد الإحسان إليه ، لذا يمكن ان يكتب له هبة مالية بالعدل ‏والإحسان (بالمعروف) ، وفي كل الأحوال لا بد من إشراف السُّلطة الاجتماعية المختصة ‏بالتركات لإقرارالعدل وحفظ الحقوق.‏
‏-- باب الفريضة أو الميراث ‏
باب المواريث يُطلق عليه أيضا (باب الفرائض) بسبب ورود كلمة (فريضة) ومشتقاتها في ‏تشريعات الميراث ، ونفس المصطلح (فريضة) يطلقه رب العزة على المهر أو الصداق ، ‏ويجعله أساس الزواج ، فالفريضة هي دفع المهر وجوبا وفرضا ، ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ‏أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ‏وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) (24) النساء.‏
كما يوجب رب العزة دفع المهر لملك اليمين إذا تزوجها سيدها ، أو غيره ، وهي التي تقبض ‏مهرها ،( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ... ‏‏(25) النساء .‏
ونفس المصطلح (فريضة) يطلقه رب العزة على مؤخر الصداق فى حالة الطلاق ،( وَإِنْ ‏طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ ‏يَعْفُوَ الَّذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) (237) البقرة.‏
تشريعات الإسلام متكاملة ، وتؤخذ جميعا بلا إنتقاء . فالفريضة في الميراث تؤخذ كما تؤخذ ‏الفريضة في المهر وسائر حقوق المرأة في الزواج والطلاق وما يترتب عليه من رضاعة ‏وحضانة .‏
أما لما للذكر مثل حظ الأنثيين ، أولا : نحن نطيع أمر الله عز وجل كما جاء ، إن علمنا ‏مبررات الأمر أو لم نعلم ، ثانيا : المبرر العقلي العادل ، تخيل أن لك إبنا وإبنة ، (إبنك) عليه ‏أن يدفع مهرا ويجهز سكنا وينفق على زوجته وإذا طلقها فعليه كذا وكذا ، أما (بنتك) فعندما ‏تتزوج تقبض المهر وتجد من ينفق عليها ويؤسس لها منزلا ، وإذا طلقها فعليه لها كذا وكذا ، ‏هنا يكون من الظلم أن تتساوى إبنتك في الميراث مع إبنك ، ولهذا فلها نصف أخيها في ‏ميراثها منك .‏
ولكن هذا لا يسري على الوالدين (الأب والأم) في ميراث إبنهما المتوفى ، فقد قاما بدورهما ‏معا في رعاية الأبناء حتى وصلا الى نهاية العمر، فأصبح من حقهما على أبنائهما الرعاية ‏وسائر الحقوق المنصوص عليها في القرآن الكريم، كما أن حقوق الوالدين متساوية ففي كل ‏الآيات يأتي الحديث عنهما معا (بالوالدين) بلا تمييز للأب عن الأم أوالعكس .‏
إن ميراث الأبناء والوالدين وفقا لقاعدة (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) ليست عامة أو مطلقة ‏وضرورة إرتباطها بالمساواة وبالعدل ، ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ ‏كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ‏السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ‏فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً ‏فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) النساء. ‏
أمثلة توضيحية للآية الكريمة ، نعتبر أن التركة 1200 جنيه في جميع الأمثلة :‏
‏-- مات رجل وترك : إبنا وبنتا ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، يأخذ الابن 800 ، البنت 400 .‏
‏-- مات رجل وترك بنتا واحدة فقط : لها النصف 600 .‏
‏-- مات وترك بنتين : لهما ثلثا التركة بالتساوي بينهما ، ترث كل بنت 400 .‏
‏-- مات وترك أربع بنات : لهن جميعا الثلثان بالتساوي ، نصيب كل البنت 200 .‏
‏-- مات وترك (أب + أم + إبن + بنت)، يرث الأب السدس200 ، وترث الأم السدس200 ، ‏والباقي للإبن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين .‏
‏-- مات وترك (أب + أم + بنت) ، الأب له السدس200 ، الأم لها السدس200 ، البنت لها ‏النصف 600 والباقي 200.‏
‏-- مات وترك (أب + أم + بنتين)، الأب السدس200 ، الأم السدس200، البنتان ‏الثلثان800.‏
‏-- مات وترك (أب + أم ، بلا أولاد وبلا أخوة )، لكل من الأب والأم الثلث400 .‏
‏-- مات وترك (أب + أم + وأكثر من أخ وبدون أولاد)، الأب السدس200، والأم ‏السدس200 والباقي للإخوة بالتساوي بينهم .‏
الجمع بين العدل والمساواة في ميراث الزوجين . يقول جل وعلا ،( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ ‏أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا ‏أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ ‏بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء ). ‏
أمثلة توضيحية للآية الكريمة ، أيضا التركة 1200 جنيه : ‏
‏-- زوجة ماتت وتركت (زوج وليس لها أولاد) للزوج النصف600.‏
‏-- زوجة ماتت وتركت (زوج + ولد) للزوج الربع300 والباقي للولد 900 .‏
‏-- زوج مات وترك (زوجة وليس له أولاد)، للزوجة الربع300 .‏
‏-- زوج مات وترك (زوجة وله أولاد)، للزوجة الثمن150.‏
في ميراث الكلالة وهي عدم وجود ذرية من أولاد وبنات ‏
الكلالة نوعان :‏
‏1 ـ كلالة مع وجود الزوج أوالزوجة ،( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ‏فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى ‏بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء ، أمثلة توضيحية والتركة ‏أيضا 1200 جنيه:‏
‏-- مات الزوج وترك (زوجة وأخا أو أختا ولم يترك أولادا)، الزوجة لها الربع 300، الأخ له ‏السدس200 ، والأخت لها السدس200 والباقي 500 .‏
‏-- مات الزوج وترك (زوجة واخوة ذكورا وإناثا )، الزوجة لها الربع 300، والأخوة ‏الذكور والاناث جميعا شركاء في الثلث 400 والباقي 500.‏
‏-- ماتت الزوجة وتركت (زوجا وأخا وأختا)، الزوج له النصف600 ،الأخ له السدس200 ‏والأخت لها السدس200والباقي 200.‏
‏-- ماتت الزوجة وتركت (زوجا وأخوة ذكورا وإناثا)، الزوج له النصف600، الأخوة ذكورا ‏وإناثا جميعا شركاء في الثلث400والباقي 200 .‏
‏2- الكلالة في عدم وجود الزوج أو الزوجة والأولاد أيضا ، أي ينفرد الأخوة أو الأخ أو ‏الأخت بالتركة ،( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا ‏نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا ‏إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ‏‏(176) النساء ، أمثلة توضيحية و التركة 1200 :‏
‏-- مات أو ماتت وليس له أو لها ورثة سوى أخت وحيدة ، الأخت ترث النصف600.‏
‏-- مات أو ماتت وليس له أو لها ورثة سوى أختين أو ثلاث أخوات : لهما أو لهنّ الثلثان800 ‏والباقي 400 .‏
‏-- مات أو ماتت وليس له أو لها ورثة سوى أخ وحيد : يرث التركة كلها 1200.‏
‏-- مات او ماتت وليس له أو لها سوى إخوة ذكورا وإناثا ، يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين .‏
كل هذا بعد قضاء الديون وتنفيذ الوصية ، و كل ما ينطبق على الزوجة الواحدة ينطبق على ‏باقي الزوجات في الميراث.‏
تقسيم الميراث :‏
الميراث حق إنساني وآيات تقسيم الميراث ثلاث فقط ، والتدبر فيها والتمسك بها وحدها ‏يوفرالكثير من (الهجص) الذي وقع فيه فقهاء السُّنة في موضوع الميراث ، وهو هجص ‏إستغرق آلاف الصفحات في الفقه السُّني.‏
يقول جل وعلا: ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ‏فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ ‏كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ ‏وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ‏كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11)النساء. ‏
‏( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ ‏بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ‏الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ ‏أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ ‏وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء. ‏
‏( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ‏وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً ‏وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (167) النساء.‏
تحديد الورثة : ميراث الأب والأم.‏
‏1 ـ قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين) تنطبق على الأولاد ولا تنطبق على الأب والأم ، في ‏السورالمكية والمدنية يأمر رب العزة بالاحسان للوالدين بالمساواة المطلقة بين الأب والأم ، ‏وبالتالي فإن المساواة المطلقة بينهما واجبة في حقوق الميراث. ‏
وآية (للذكر مثل حظّ الأنثيين) مقصورة على الأولاد وليس الوالدين ، يأتي التعبير في نفس ‏الآية عن الأم والأب بلفظ مشترك (آباؤكم)،(ابويه) للتأكيد على مساواة الأم بالأب ، فالأب ‏والأم كلاهما (أب) ، كما أن كليهما (والد) في مصطلح (الوالدين).‏
مع وجود (الولد والأخ والأخت) يكون نصيب الأب السدس ونصيب الأم السدس: (وَلأَبَوَيْهِ ‏لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) . وفي عدم وجودهم ترث الأم الثلث و ‏ذات المفهوم طبقا للمساواة يرث الأب الثلث. ‏
‏-- ( أب + أم + ولد ) : الأب السدس200 ، الأم السدس200 ، الباقي800 للإبن .‏
‏ -- ( أب + أم + اولاد ): الأب السدس ، الأم السدس ، والباقي للاولاد للذكر مثل حظ ‏الأنثيين .‏
‏-- ( أب + أم + بنت ) الأب السدس200، الأم السدس200 ، البنت النصف =600 يبقى ‏‏200 .‏
‏ -- ( اب + أم + بنتان فأكثر ) : الأب السدس200 ، الأم السدس200 ، البنات الثلثان800 -‏‏- (أب + أم + ولد + أخ) لا يرث الأخ فقد حجبه الإبن . الأب السدس والأم السدس ، الإبن ‏الباقي.‏
‏-- (أب + أم ، وبلا ولد ) ، الأم الثلث400 ، الأب الثلث400 والباقي 400 .‏
‏-- (أب + أم + أخ فأكثر) للأم السدس200 والأب السدس 200 والباقي800 للأخوة ‏بالتساوي لعدم وجود الاولاد. ‏
خطأ الفقه السُّنى في ميراث الأب
‏1 ـ أخطأ الفقه السُّنّي في ميراث الأب ، إذ تناسى أنه له فريضة محددة كالأم ، فجعله ‏عصبا مثل الإبن أوالأخ ، ينفرد بباقي التركة بعد أصحاب الفروض ، مثلا : الورثة : أب ، ‏أم ، أخ ،( للأب200 + للأم 200+ للأخ800) ، بينما وفقا للفقة السني للأم الثلث 400 ثم ‏يجعلون الأب يحجب الأخ ويأخذ الباقي800 ، وللأخ لا شىء.‏
هذا خطأ لأن الأب والأم متساويان في الميراث ، وهما معا لا ينفرد أحدهما بالتركة كالإبن ‏والأخ ، لأن للأب فريضة محددة بالثلث وبالسدس وكذلك الأم حسب وجود الإبن والبنت ‏والأخ والأخت .‏
‏2 ـ تطبيق هذا الزعم سينتهي بالخلط في ميراث الأب . ونعطى أمثلة :‏
‏ (أب + أم + زوجة) هنا على زعمهم تأخذ الأم الثلث400 والزوجة الربع300 والباقي ‏الأب500 ، هذا خلط ناتج عن تجاهلهم للحقيقة القرآنية في تساوى الأب والأم في فريضة ‏الميراث .‏
ميراث الأولاد : يقول جل وعلا :( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ ‏نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ).‏
أمثلة ، دائما التركة 1200 للتوضيح :‏
‏ -- الإبن مع الفروض ينفرد بالباقي : أب + أم + زوج + إبن . السدس للأب 200والسدس ‏للأم 200، والربع للزوج 300، والباقي للإبن500 .‏
‏-- الإبن مع البنت يأخذون الباقي بعد الفروض : زوجة + أب + أولاد وبنات : الزوجة الثمن ‏‏150، الأب السدس 200، والباقي 850 للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.‏
‏-- الإبن والبنات ينفردون بالتركة كلها بالحجب وفي عدم وجود أصحاب الفروض : إبن ‏وبنت و إبن ابن وأخ وأخت وعمة وخالة وابن أخ وابن عم . وجود الابن يحجب ابن الابن ‏والأخ والأخت وكل الأقارب ، ويستغرق مع البنت التركة كلها للذكر800 و للبنت 400.‏
‏-- الابن وحده ينفرد بالتركة كلها1200 إذا : لم تكن معه بنت للمتوفى ، ولا وجود لوالدي ‏المتوفى ولا زوجه .‏
‏-- الولد جنين :يتوقف توزيع التركة إذا كانت الزوجة حاملا إنتظارا لقدوم المولود ، و يكون ‏المولود وارثا بمجرد صراخه ، ويعتبر حيا يرث حتى لو مات بعدها بدقيقة واحدة ، كما إذا ‏نزل ميتا لا يتغير شيىء في توزيع التركة .‏
أما إذا إستمرت حياته فإن توزيع التركة يختلف ، فالوالدان يأخذ كل منهما السدس بدلا من ‏الثلث ، والزوجة تأخذ الثمن بدلا من الربع ، إن كان الوليد بنتا ترث النصف ، وإن كان ذكرا ‏يأخذ نصيبه حسب الأحوال ، ولا ينال الأخ شيئا مع وجود الابن .‏
إذا مات الوليد بعد صراخه وثبوت حياته فإن تركته يتم توزيعها ، فتصبح الزوجة هي (الأم) ‏وتأخذ ثلث تركة إبنها الوليد المتوفى إن لم يكن له أخوة ، فإن كان له أخوة فهي ترث السدس. ‏
ميراث الزوج والزوجة : يقول جل وعلا :( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ‏فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا ‏تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ ‏دَيْنٍ ).‏
‏-- للزوج600 نصف تركة زوجته إن لم يكن لها ولد ، فإن كان لها ولد فله الربع 300 . ‏والزوجة ترث ثُمن تركة زوجها 150 إن كان له ولد ، فإن لم يكن له ولد فهي ترث الربع ‏‏300 . ‏
وتحديد الزوجة يعني من تكون في عصمة زوجها حين توفى عنها . و فالزوجة ترث لو ‏كانت مُطلقة في فترة العدة ولم تصل الى مرحلة الانفصال التام (السّراح) التي تفارق فيها ‏بيت الزوجية ، بعد تسريحها تنتفي عنها صفة الزوجة ، وليس لها أن ترث من زوجها ‏السابق. ‏
ميراث الأخ والأخت : ‏
ميراث الأخ والأخت والأخوة مرتبط بالكلالة، أي عدم وجود ذرية للميت ، والكلالة أربعة ‏أحوال :‏
‏1 ـ كلالة مع وجود الوالدين :( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ‏فَلأُمِّهِ السُّدُسُ).‏
ففي عدم وجود الأولاد للمتوفى يأخذ الأب الثلث 400، وتأخذ الأم الثلث 400 . والباقي ‏‏400 للأخ والأخت والأخوة.‏
‏2 ـ كلالة مع وجود الزوج / الزوجة ،( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ‏فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ..(12) النساء ، يرث ‏الأخ السدس 200 ، وترث الأخت السدس 200 ، وإن كانوا أخوة رجالا ونساء فهم شركاء ‏في الثلث 400.‏
‏3 ـ كلالة مع عدم وجود الوالدين والزوج / الزوجة : هنا لا يوجد أولاد ولا والدان ولا زوج ‏‏/ زوجة . يوجد الأقرب الوحيد هو الأخ ، الأخت ، الأخوة . هنا يرث ( الأخ / الأخوة ) كل ‏التركة ،( وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...(167) النساء .‏
أن ترك المتوفى أختا فقط ترث النصف 600 ، إن كانتا أختين فأكثر فلهما ـ أو لهنّ ـ الثلثان ‏‏800 ، وإن تركت المتوفاة أخا فقط يرث كل التركة ، وإن ترك المتوفى / المتوفاة أخوة ‏رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ، هذا مع مراعاة قاعدة الحجب ، أي لا يرث الأخ غير ‏الشقيق مع وجود الشقيق ، ولا يرث إبن الأخ مع وجود الأخ .‏
‏4 ـ كلالة مع وجود (الزوج / الزوجة) والوالدين تكون القسمة حسب الظروف : مثلا : ‏المتوفى ترك ( زوجة + أخ + والدين ) للزوجة الربع 300 ، وللوالدين الثلثان 800 والباقي ‏‏100 للأخ . ‏
أمّا إن تركت المتوفاة زوجا و والدين وأخا : للزوج النصف 600، وللوالدين الثلثان 800 ، ‏ولا شىء للأخ . وفي هذه المسألة (عول).‏
الردّ والعول :‏
توزيع التركة ينتهي الى واحد من ثلاث : إتفاق الفروض مع الأصل الذي هي واحد صحيح ، ‏وليست هنا مشكلة . المشكلة في (الرد) وفي (العول) .‏
إن زادت الفروض على الواحد الصحيح ، فهو (العول) ، وإن نقصت الفروض عن الواحد ‏الصحيح وبقي من التركة جزء ، فهذا هو الرد . ‏
مثلا : الورثة : (أب + أم + بنات) : للاب السدس 200 ، وللأم السدس 200 ، وللبنات ‏الثلثان 800 . المجموع 1200 واحد صحيح أو الورثة (أخ وحيد) يرث التركة كلها 1200. ‏
‏(الرد) أي أن يتبقى جزء من التركة التي1200 . ‏
‏-- (زوجة + بنات) للزوجة الثمن 150 ، وللبنات الثلثان 800 ، يبقى 250 .‏
‏-- (زوجة + أم) : للزوجة الربع 300 ، وللأم الثلث 400 ، يبقى 500 .‏
كيفية التصرف في الرد (بقية التركة) : ‏
الأصل أن الثروة مللك للمجتمع ، وهي للفرد الوارث الذي يُحسن القيام على نصيبه ، فلو ثبت ‏انه سفيه يتم تعيين وصي على تنمية ثروته ، وبالتالي فلو بقي جزء من التركة فهو يعود الى ‏‏(بيت المال) في بند خاص يتم الصرف منه على مستحقي الصدقة الرسمية ، طبقا لقوله جل ‏وعلا :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ ‏وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)(التوبة). ‏
الميراث وتوزيع الصدقات كلاهما فريضة من الله جل وعلا و بالتالي فإن ما يفيض من ‏فريضة الميراث يتم (ردُّه) الى فريضة الصدقات ، وتنفق الدولة من هذا في إنشاء بيوت ‏لإستضافة أبناء السبيل ، وكفالة الأيتام وأطفال الشوارع والأرامل ، والمستشفيات لعلاج غير ‏القادرين ، وفي رعاية للفقراء والمساكين بالدعم العيني في السلع الأساسية أو بمرتبات ..الخ .‏
تفرض بعض الدول ضريبة على التركات ، والأولى أن يكون هذا في حالة (الرد) أي أن يؤل ‏الباقي من الميراث الى خزينة الدولة للإنفاق منها على الرعاية الاجتماعية .‏
العول : العول عكس الرد ، أي زيادة الأنصبة (الفروض) عن الواحد الصحيح ، ويحدث عند ‏إجتماع الوالدين والزوج/ الزوجة والبنات . ‏
‏-- (والدان + زوج + بنت) : للوالدين الثلث 400 ، وللزوج الربع 300، وللبنت النصف ‏‏600 ، المجموع 1300 بينما التركة 1200، الأسهم هنا 12 ، للوالدين 4 ، وللزوج 3 ، ‏وللبنت 6 . والمجموع يزيد على الواحد الصحيح ، أى 13 على 12 . هنا يكون الحل باعتبار ‏الأسهم 13 . ويكون للوالدين 4 ، وللزوج 3 ، وللبنت 6 . ‏
‏-- (والدان + زوج + بنتان) : للوالدين الثلث 400 ، وللزوج الربع 300 ، وللبنتين الثلثان ‏‏800 ، الأسهم 12 ، للوالدين 4 ، وللزوج 3 ، وللبنتين 8 . والمجموع يزيد على الواحد ‏الصحيح ، اى 15 على 12 . الحل بإعتبار الأسهم 15 . للوالدين 4 ، وللزوج 3 ، وللبنتين ‏‏8 .‏
مسائل العول بسيطة ومحددة هنا طبقا للتشريع القرآني في الميراث ، ولكنها في الفقه السّنى ‏متشعبة ومعقّدة لأنهم أدخلوا بين الورثة من ليس منهم ، فإزداد العدد وإزدادت الأنصبة أو ‏الفروض . ونفس الحال فى موضوع الرد لبقية التركة ، عالجوه بالتقسيم على العصبيات التي ‏لا ترث وبغير ذلك من تفصيلات واختلافات شتى .‏
المحور الثالث ‏
دور الدولة والفرد في تطبيق الشريعة :‏
كان للدولة الاسلامية والفرد المسلم دورا بارزا في تطبيق الشريعة الإسلامية ومنه الوصية ‏والميراث فقد نزلت تفصيلات التشريعات في الميراث والأحوال الشخصية في ظل دولة ‏إسلامية تجتهد في تنفيذ التشريع على أرض الواقع . ‏
كما كان الفرد المسلم مسئولا مسئولية مباشرة أمام المجتمع وأمام ربه جل وعلا في تطبيق ‏الشرع ، ولهذا توجّه الخطاب أيضا للفرد المسلم مباشرة بالترغيب والترهيب يعظه ويحثه ‏على التقوى ويخوّفه من عذاب يوم القيامة . ‏
في الخطاب للمجتمع لرعاية المطلقة المُرضعة يقول جل وعلا :( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ ‏مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ ‏حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ ‏أُخْرَى (6) الطلاق .‏
الفرد المُطلّق عليه توفيرالسكن والنفقة الملائمين لللزوجة المطلقة ، وتحقيق ذلك يتطلب ‏إصدار تشريعات قانونية من قبل المجتمع ، لتطبق علي أفراد يختلف وضعهم الاقتصادي ‏والاجتماعي وهذا يتطلب تمحيصا وجلسات لإقراره و التي تغطي كافة الإحوال الإنسانية ، ‏وبذلك يأتمر المجتمع بالمعروف ، ( وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ).‏
‏( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ‏آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7) الطلاق ، الخطاب موجه للفرد مباشرة.‏
وفيما يخص الوصية نجد الخطاب واضحا للمجتمع وسلطته القضائية والاجتماعية ، فطبقا ‏للشريعة الاسلامية فإن المال هو ملك للمجتمع أصلا ، وليس للفرد أن يتصرف في التركة ‏المنقولة اليه إلا إذا أحسن القيام عليها ، وبالتالي فإذا تبين أن الوارث سفيه فإن السلطة تقيم ‏وصيا على الوارث السفيه ليستثمر تركة السفيه لصالح السفيه والمجتمع. ‏
والوارث الطفل لا بد من تعيين وصي عليه يحفظ ماله ، ويستثمره له . وإذا كان هذا الوصى ‏غنيا فالأولى ألا يأخذ مرتبا من مال الوارث القاصر مقابل الوصاية عليه . أما إذا كان فقيرا ‏فله أن يأخذ مرتبا معقولا بالعدل والمعروف .‏
وقد يطمع بعضهم فى مال الوارث القاصر فيزعم أنه سفيه ، لذا فإن من سلطة المجتمع تعيين ‏لجنة تختبرالوارث القاصرحين يبلغ مستوى الانجاب ، كما تختبر مدى كفاءته في إدارة تركته ‏، أما عند الموت فتقوم لجنة لمراقبة الوصية.‏
حدود الله الخاصة بحقوق البشر تحتاج الى سلطة المجتمع في التطبيق :‏
جاءت كلمة "حدود" فى القرآن الكريم (14) مرة وكلها تعني حقوق الله وتشريعاته ، ولا ‏تعني العقوبة كما يدل مصطلح حد الردة أو "حد الزنا" وتطبيق "الحدود" في الشريعة السنية.‏
إن العصر العباسى وفقهاءه قد نحتوا لهم مسميات خاصة لا تتفق وتشريعات القرآن..حيث أن ‏عصر الرسول المرتبط بالقرآن أساساً لم يعرف مدلولاً اسمه "حد السرقة" أو "حد الزنا" ‏وسائر العقوبات المنصوص عليها في القرآن لأن القرآن حين ذكر عقوبة الجلد للزانى لم ‏يستعمل كلمة حد الزنا ، وكذلك حين تحدث عن جريمة السرقة أو القذف أو القتل.. ‏
على الدولة الاسلامية أن تتدخل فى تطبيق التشريعات الخاصة بحقوق البشر فقط كالميراث ‏والوصية والأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونفقة ومتعة وعدّة وما يترتب للمرأة بالذات ‏من حقوق ، وما يكون لليتيم والمساكين من حقوق ، وما نسميه اليوم بحقوق الانسان ، ولا ‏دخل للدولة ومجتمعها في تطبيق حدود الله جل وعلا في العبادات كالصلاة والصوم لأنها ‏حقوق الله جل وعلا ، وموعد الحساب عليها مؤجل ليوم الحساب . ولكن للمجتمع دخل فى ‏تطبيق الزكاة المالية لأنه وإن كانت عبادة إلا إن المستفيد منها جزء من المجتمع . ‏

المحور الرابع
تناقض التشريع السني مع التشريع الإسلامي في الميراث :‏
يتناقض التشريع السُّني في الميراث مع التشريع الاسلامي في تحديد الورثة ، وهو تناقض ‏بالاضافة والحذف ، يضيفون الى الورثة ما ليس منهم مثل توريث صاحب الولاء من التابعين ‏له واخترعوا لذلك حديثا يزعم أن الولاء لُحمةُّ كلُحمة النسب ، وتوريث ذوي القربى غير ‏المذكورين في القرآن الكريم من العصبية في النسب كالعم و إبن العم و إبن الأخ.‏
كذلك يحذفون الورثة الأُصلاء كالإبن والبنت للأب والأم ، بزعم الإختلاف في الوطن ‏والإختلاف في الحرية والعبودية والإختلاف في الدين تبعا لقاعدة مفتراة تقول :( لا يرث ‏الكافر المسلم ولا يرث المسلم الكافر) .‏
كما يقولون بأن المرتد والقاتل لا يرث ، طبقا لمنهجهم الذى بدأه الإمام مالك في (الموطأ) ‏وتوسع فيه كما فصّله الشافعي في كتابه (الأم) ، وهذا المنهج يعتمد على إخضاع القرآن ‏الكريم لما يسمونه بالسنة ، وهي ثقافة عصرهم وقد صاغوا هذه الثقافة التي تنتمي للعصور ‏الوسطى في أحاديث مفتراة وأحكام فقهية ، وذلك لعدم قدرتهم على التفرقة بين (الأقربين) ‏و(أولي القربى) فيما يخص الميراث ،وهذا التشريع يتم تطبيقه حتى الآن ، ومن أجله نهجر ‏تشريع الرحمن !.‏
أضاف السنيون مستحقين للميراث خارج حدود الله جل وعلا . مثل إبن الأخ والعم وإبن العم ‏،جعلوا توريثهم بالعصبية ، أو النسب للأب فقط ، طبقا لنظام القرابة العربية القائمة على ‏العصبية الأبوية . وهم يرثون في حالة عدم وجود من يحجبهم ممّن يكون أقرب منهم للمتوفى ‏‏. ‏
مثلا : لو مات وترك إبنا فإن الإبن يحجب أخ المتوفى و إبن أخ المتوفى وعمّ المتوفى ، أمّا ‏إذا مات وترك بنتا وزوجة وعمّا و إبن عم ، بزعمهم ، للبنت النصف وللزوجة الثمن ، و ‏الباقي يكون من حق العمّ الذي يحجب إبن العم لأن العمّ أقرب .‏
كما و وقع السنيون في مشكلة توريث الجدّ ، فهل يرث الجد مع وجود الأب أم لا ؟ ووقعوا ‏في مشاكل أخرى إختلفوا كالعادة في حُكمها ، هذا هجص يناقض الاسلام :‏
‏1 ـ لأنه يناقض مقصدين من مقاصد أساسين في تشريع الاسلام ، هما العدل والحرية المطلقة ‏في الدين. ‏
‏2 ـ حين دعا ابراهيم عليه السلام ربه أن يرزق أهل مكة الأمن والثمرات فقد قصر دعوته ‏على المؤمنين منهم دون الكافرين ، وجاء الرد من رب العزة بأنه جل وعلا سيرزق الجميع ‏من مؤمن وكافر ، ولكن الذي يموت كافرا سيُعذّب يوم القيامة بعد أن يتمتّع في الدنيا : ( وَإِذْ ‏قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ‏قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة ، فالرزق ‏للجميع ، وقد تكفل ربّ العزة برزق كل دابة :( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ‏وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)هود ‏
‏3 ـ نفس الحال في الحقوق والصدقة والزكاة المالية ، فقوله جل وعلا عن صفات المتقين :( ‏وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات ، يعني أن المتقي إذا سأله سائل للصدقة ‏يُبادر بإعطائه الصدقة دون أن يسأله عن دينه ومذهبه ، وإذا رأى محروما بادر بإعطائه دون ‏أن يقيم له محكمة تفتيش يستجوبه عن عقيدته ، فالمستحق للصدقة هنا مُحِدّد بالصفة وهي ‏‏(السؤال) و(الحرمان) ، ليس مهما إن كان صالحا أو فاسقا ،مؤمنا أو كافرا ، ولا أهمية لدينه ‏وجنسه ووطنه ، يكفي كونه فقيرا أو مسكينا أو إبن سبيل ليأخذ (حقّه) من الصدقات في ‏الدولة الاسلامية. ‏
وفى الصدقة الفردية يقول رب العزة جل وعلا : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ‏فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ‏‏(215) البقرة ، الصفات هنا هى المُعوّل عليه ، يكفي كونه من ذوي القربى والأقربين ‏واليتامى والمساكين وإبن السبيل ليأخذ حقه .‏
أما هدايته وعلاقته بربه جل وعلا فلا دخل لأحد بها ، وليس علينا هدايته لأن هدايته أو ‏ضلاله هى مسئوليته الشخصية ، ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ ‏خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ‏‏(272) البقرة. ‏
‏4 ـ إذا كان هذا في (حق الصدقة) فهو أولي في حقوق الوصية والميراث ، لقد تكرّر النّص ‏على (حق) ذي القربى كقوله جل وعلا :( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا ‏تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) الاسراء ، هنا (حق) واجب لأناس محددين بالوصف وهم ذوالقربى. ‏
‏5 ـ لا دخل على الاطلاق لاختلاف الدين في الميراث ، فالمسلم يرث الكافر، والكافر يرث ‏المسلم ، واليهودي يرث المسلم ويرث النصراني المسلم ،والعكس ، والمرتد عن دينه يرث ‏ويوُرّث دون أي إعتبار على الاطلاق لموضوع الدين في الميراث ، فمن (هجص) الدين ‏السُّنّى أنه منع التوارث عند إختلاف الدين .‏
‏-- هجص مالك في الموطأ :(لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)‏
‏-- (1086 – حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ ..... أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لاَ ‏يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) هنا يروى يحيى الذي كتب الموطأ سمعا من مالك وأن مالكا روى له هذا ‏الحديث ، يزعم أنه سمعه من (إبن هشام ) الزهري ، بينما ثبت لنا أن مالكك لم يسمع لإبن ‏شهاب الزهري ولم يره أصلا، وهو تشريع ظالم يعبرعن تعصب ديني يجعل الجنسية في ‏الدين و يؤسس التفرقة بين الناس على أساس إنتمائهم الديني. ‏
جاء فى صحيح البخاري :( وقال عمر بن عبد العزيز: أجز وصية الأسير وعتاقه، وما صنع ‏في ماله ، ما لم يتغيِّر عن دينه ، فإنما هو ماله يصنع فيه ما يشاء)، وجاء في صحيح مسلم ‏‏:( 4225- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى .... عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ‏لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ) ، وقد كرر الشافعي في كتابه (الأم) ما رواه ‏مالك.‏
‏-- ولأن الأديان الأرضية مؤسسّة على الإختلاف والشقاق فإن الاختلاف قائم في هذه ‏المسألة ، فهم يقومون بتشريع يخالف شرع الله جل وعلا ، وفي النهاية هو تشويش على ‏الشريعة الاسلامية الحقيقية البسيطة الواضحة في القرآن الكريم . ‏
الهجص السني أسوأ أنواع الهجص:‏
هناك هجص صوفي ولكنه هجص مُسالم ، بينما الهجص السُّنى الظالم السّام هو جوهر الدين ‏السّنّي وأساس شريعته ، ومنها شريعته في الميراث، يرى أئمة الفقه السلفي المعاصر أن ‏الزنديق هو من يؤمن بالكتاب والسنة ولكنه يعترض على متن أو إسناد بعض الأحاديث ، ‏ويرون أن حكمه هو القتل بلا محاكمة وعند العثورعليه ، وأنه يُقتل حتى لو تاب ، هذا ‏التطرف قال به من قبل إبن تيمية في العصر المملوكي في القرن الثامن الهجري.‏
‏ وفي عصرنا نقل أئمة التشريع السلفي السّني الوهابي ما ردّده فقهاء السّنة في العصور ‏الوسطى في موانع الإرث ، وقد إتّفقوا على (إختلاف الدين) وأضافوا أسبابا أخرى وآخرين ‏الى قائمة الضحايا ، مع إزدياد الإختلاف بينهم .‏
ونقول :‏
‏1-- ليس في عقوبة القاتل بالخطأ أو العمد حرمان للقاتل من الميراث إذا كان القتيل أباه أو ‏أمه أو أخاه أو زوجه وذلك لعدم ورودها في القرآن الكريم ، فلم يقل رب العزة أن القاتل لا ‏يرث القتيل. ‏
‏2-- القاعدة العامة في التشريع السّني في التعامل مع إبن الزنا هي حرمانه وعقابه كما لو كان ‏مسئولا عن إجرام أبويه . وهذا يخالف تشريع الإسلام والقاعدة الأساس فيه وھي ( أﻻ تزر ‏وازرة وزر أخرى ) أي ﻻ ﯾتحمل برىء مسؤولية ذنب لم ﯾقع فيه ، وبالتالي فليس في ‏الاسلام حرمان لإبن الزنا من ميراث أبيه طالما كان أبوه معروفا ، ويمكن الآن تحديد أب ‏الطفل باختبار الحمض النووي ، فإذا ثبت النسب فلا عبرة إن كان الولد قد جاء بالزواج ‏الشرعي أو بغيره . ‏
‏ حرمان الرقيق وملك اليمين من الميراث :‏
تشريعات الاسلام في موضوع ملك اليمين كانت بالعلاج الجذري للمشكلة، بمنع الاسترقاق ‏إبتداءا ، وأن الوارث يأخذ حقه سواء كان حُرّا أو رقيقا، وإن إعطاء الرقيق حقه في الإرث ‏يساعده على التحرر، كما أن للرقيق ذمّة مالية مستقلة عن مالكه ، فالمرأة المملوكة لا ‏يضاجعها مالكها إلا بعقد زواج ، ولا يعقد عليها إلا بمهر يدفعه لها هي ،( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ‏مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ‏بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )(25)النساء. ‏
وإذا طلب المملوك الحرية بثمن يدفعه كوتب على ذلك ، و وجب إعطاؤه مالا لمساعدته ، ‏جاء هذا فى حِزمة من التشريعات تحثّ على الزواج وتزويج ملك اليمين بالتساوى مع ‏الأحرار ،( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ ‏مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ‏وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ ‏الَّذِي آتَاكُمْ )(33) النور. ‏
اكثر من هذا ، فالمملوك شريك بالمساواة فى مال سيده ، مهما بلغ التفاضل بينهما في الرزق ‏،( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ ‏أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) النحل.‏
روعة التشريع الاسلامي هذه في ظلام العصور الوسطى دمرها الخلفاء الراشدون والأمويون ‏القرشيون بالفتوحات ، حيث تحول الإسترقاق الفردي الى إسترقاق لشعوب وأمم بأكملها ‏وإعتبار سكانها (موالي) وسبي نسائهم وذرياتهم وسلب أموالهم . ‏
وفي هذا الظلم المركب تمت صياغة الدين السُّنّى ليسوّغه بأحاديث مفتراة وبتجاهل ‏التشريعات الاسلامية في القرآن ، منها ما يخص موضوعنا : حرمان الوريث إذا وقع ضحية ‏في الإسترقاق ، أي بدلا من تحريره نمنعه حقه في إرث أبيه ..‏
‏ فقهاء السلفية الوهابية في عصرنا ترفض الاسترقاق ومع ذلك يجترّ أئمة الفقه السلفي اليوم ‏ما قاله سلفهم غير الصالح من قرون مضت ، فالشيخ سيد سابق يجعل الرق أول موانع ‏الإرث الأربعة ، والتويجري السعودي يتابعه فيجعل الرق أول موانع الارث الثلاثة عنده ‏ويكرر ذلك في موضوع الحجب فيقول :( هو أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث، ‏وهو الرق، أو القتل، أو إختلاف الدين ، وهو يدخل على جميع الورثة ، فمن اتصف بأحد ‏هذه الأوصاف لم يرث ، ووجوده كعدمه). ‏
هجص توريث من لا يستحق ، وهذا الهجص له أنواع :‏
هجص بسبب إعتبارهم ذي القربى من الورثة : يتجلى هذا في إضافة أقارب العصب من ‏ناحية الأب كالعم وإبن العم ، وقد قلنا تبعا لما جاء في آيتى الميراث أن الأقربين الورثة هم ‏الوالدان و الأولاد و الأخ و الاخوة و الزوج و الزوجة ، وبعد الأخ الأقرب بالعصبية لا حق ‏لمن بعده كالعم وإبن العم ، ولكن أئمة السُّنة يجعلون العم ثم إبن العم من الورثة في عدم وجود ‏الوالد و الأولاد و الأخ و إبن الأخ ، بل ينفرد أقربهم بكل التركة.‏
هجص بسبب عدم فهمهم للتساوي بين الأب والأم في الميراث : وقد تعرضنا لهذه المساواة ‏بين الأب والأم في الميراث والوصية وسائر الحقوق ، والتي جهلها أئمة السنيين ، وضربنا ‏مثلا لأثر هذا الجهل في تغيير ميراث الأب بأن يصير أحيانا أقل من الأم. ‏
ولكن نشير هنا الى خطئ افدح مترتب على هذه التفرقة بين الأب والأم في الميراث ، وهو ‏أنهم يجعلون الأخ لأم وارثا ، دون الأخ الشقيق المولود من نفس الأم في حالة موت الأخ. ‏وهذه كوميديا هزلية لأنهم جميعا من أم واحدة ، ولكن للشقيق الأقرب فقط حق الإرث من ‏الأخ المتوفى ، فكيف للأخ من الأم أن يحجب الأخ الشقيق في حالة موت الأخ ؟ ‏
هجص بسبب تأثرهم بثقافة الإستعباد في العصور الوسطى (إعتبار سكان البلاد الأصليين ‏موالي) :طبقا لتشريع رب العزة في الميراث فإن المتوفى له (تركتان) ، فهو (يترك) ثروة ‏يرثها الوالدان والأقربون ، و(يترك) أيضا مسئولية يتحملها الورثة ، فهناك (موالي) أي أتباع ‏من الأقارب الفقراء والضعاف والخدم كانوا محل رعاية المتوفى ، وبعد أن (يتركهم) يجب ‏أن يتحمل الورثة رعايتهم ، وهذا معنى قوله جل وعلا ،( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ‏الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ‏‏(33) النساء.‏
بالفتوحات التي إرتدّ بها الخلفاء الراشدون عن الاسلام أصبح أصحاب البلاد المفتوحة في ‏درجة أقل من العرب ، بين الإسترقاق الصريح والحرية المقيدة ، وجاء التعبير عن هذا ‏بوصفهم (موالي) أي أتباعا وخدما وأشياء من (سقط المتاع) وكان هذا عاما لكافة الشعوب ‏التي خضغت للإحتلال العربي.‏
وتفضّل العرب على من يعتنق الإسلام على يد شخص عربي بأن يكون (مولى) له ويحمل ‏‏(الولاء) لقبيلة هذا العربي وقد إستمر هذا من عصر الخلفاء الراشدين الى أواخر القرن الثالث ‏الهجري ، مثلا إبن برزويه (البخاري) يحمل ولاءا عربيا هو (الجعفي) إذ أسلم جده ‏المجوسي على يدي اليمان الجعفي والي بخارى ، فحمل الولاء للجعفي هو وذريته.‏
وكذلك الامام مسلم القشيري وهو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ ‏القشيري النيسابوري ، فهو من نيسابور، يحمل ولاء قبيلة قشير العربية.‏
مقابل هذا الولاء صاغ أئمة الفقه السُّني حقا للعربي صاحب الولاء على المولى الذي ينتسب ‏إليه بالتبعية ، وهذا الحق هو أن يرث العربي مال المولى ، أي يكون (الولاء) من عوامل ‏الآرث مع نسب (الوالدان والأولاد) و(الزواج).‏
صنعوا في ذلك حديثا يقول (الولاء لحمة كلحمة النسب) وطبعا هو حق لطرف واحد ، هو ‏العربي فقط على المولى ، وليس على العربي أي حق ، فلا يرث المولى سيده العربي . وهنا ‏يتحقق الاتناقض التام بين تشريع القرآن وبين هجص أئمة السّنّة في (الولاء) ،( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا ‏مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ ‏شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء.‏
نماذج من هجص السُّنّة : يطول الحديث لو تعرضنا لهجص مالك في(الموطأ) وهجص ‏الشافعي في(الأم)، نكتفي بفقهاء الوهابية في عصرنا البائس وهم ينقلون هذا الهجص ، وهم ‏يحسبون أنهم يُحسنون صنعا ، نذكر بعض ما ذكره سيد سابق في(فقه السُّنّة) والتويجري ‏في(موسوعة الفقه) . يقولون :‏
‏1 ـ أسباب الإرث ثلاثة : النسب الحقيقي والنسب الحكمي وهو الولاء والزواج الصحيح . ‏
‏2 ـ وأصحاب الفروض اثنا عشر : أربعة من الذكور وهم الاب والجد الصحيح وإن علا ‏والاخ لأم والزوج . وثمان من الإناث وهن الزوجة والبنت والأخت الشقيقة والأخت لأم الأبن ‏و الأم و الجدة الصحيحة و إن علت ، هنا يجعلون الأخ لأم مميزا ومن اصحاب الفروض.‏
‏3 ـ معلوم أن اصحاب العصبية الذين يأخذون كل التركة إذا إنفردوا بها أو يأخذون الباقي ‏كالإبن والأخ ، ولكن قسموهم ـ خلافا للقرآن ـ الى : ‏
عصبة بالنفس ، وقالوا إن(جهات التعصيب) ، هي :( البنوة. ثم الأبوة. ثم الإخوة وبنوهم ثم ‏الأعمام وبنوهم ثم الولاء) ، وقالوا إن جهات التعصيب بعضها أقرب من بعض وهي خمس ‏على الترتيب : البنوة ثم الأبوة ثم الإخوة وبنوهم ثم الأعمام وبنوهم ثم الولاء ، فإذا وُجدت ‏جهة البنوة أخذت المال ، فإن لم توجد انتقلت التركة إلى جهة الأبوة ، فإن لم توجد جهة ‏الأبوة انتقلت التركة إلى الإخوة ، فإن لم توجد انتقلت إلى العمومة ، فإن لم توجد انتقلت إلى ‏الولاء. ‏
وقالوا إن عدد الوارثين من الرجال 15 ، وعمّن يرث بالفرض سبعة : الزوج ، والزوجة، ‏والأم، والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والأخ لأم، والأخت لأم ). هكذا تلاعبوا ‏فى مستحقى الميراث فأضافوا لهم من جهة العصبية العم وابن العم ، ومن جهة الفروض الأخ ‏لأم ، وجعلوا الولاء ـ أو العتق ـ سببا للإرث .‏
‏4 ـ المضحك هنا أن مالك والشافعي والشيباني وإبن حنبل كانوا يعبرون عن ظاهرة إجتماعية ‏سياسية موجودة وهي (الولاء) و قد إندثرت هذه الظاهرة بالتدريج منذ القرن الرابع الهجري ، ‏وأنمحت تماما منذ القرن السابع الهجري ولم يكن لها وجود في العصر المملوكي ، وبالتالي ‏أصبحت مقطوعة الصلة تماما في عصرنا الراهن.‏
فإذا كانت هجصا فى عصرها فكيف يكتبها أئمة السلفية المعاصرون في التشريع السّني ‏لعصرنا ؟ هل يوجد الآن مصريون يدينون بالولاء لأفراد في الجزيرة العربية ؟ وهل قام أحد ‏الأعراب بعتق شخص من إيران فيستحق أن يرثه ؟ ‏
هذا يوضح أن ائمة السلفية في عصرنا غائبون تماما عن عصرنا وعاجزون تماما عن ‏الإجتهاد بما يوافق عصرنا ، هم فقط يجترُّون المكتوب في العصر العباسي بحذافيره ‏وبأحاديثه وبأكاذيبه ، ويرفعون لواء تطبيقه علينا .‏
هجص ترتب على هجص :‏
‏1 ـ بكثرة المُضافين للورثة تكاثرت حالات (العول).‏
‏2 ـ و بكثرة المُضافين للورثة إزداد الخلاف في الردّ ، أي ما يتبقى من التركة ، فجعلوه للعم ‏و إبن العم و لبيت المال ، وهم على إختلاف شديد فيما بينهم ، وكان السهل والأكثر عدلا ‏التمسك بشرع الله جل وعلا في الميراث.‏
خاتمة الكتاب ‏
تشريع الميراث الإسلامي صمام أمن للمجتمع :‏
الفرد هو أساس المجتمع الغربي حيث يحرص التشريع الغربي على حق الفرد في تحقيق ‏سعادته مهما تعارضت مع سعادة الآخرين، لذا تضمحل الأسرة وتنهار، ليجد الفرد الغربي ‏نفسه وحيدا . يفتقد الدفء والحنان، على نقيضها المجتمع (الشرقي العربي) حيث (الأسرة) ‏هي الأساس الصلب الذي ينتمي إليه الفرد وتكاد تنمحى شخصيته لصالح الأكبر سِنّا الذي ليس ‏هو بالضرورة الأعقل أو الأعلم ، وتسود قيمة (الأب) و (الأخ الأكبر) وقيم المجتمع الذكوري ‏من إستبداد وإضطهاد للمرأة وتخلف وتغييب لدور العقل والإبداع لصالح ما وجدنا عليه آباءنا ‏‏.‏
في الاسلام توازن رائع بين (الفرد) و (الأسرة) لصالح المجتمع الذى تمثله سُلطة تخدم هذا ‏المجتمع ولا تحكمه . من ملامح هذا التوازن مسئولية الفرد الشخصية عن دينه يوم القيامة ، ‏ومسئوليته عن مشاركته في مجتمع متفاعل بالخير، ويتجلى هذا التوازن في تشريعات الاسلام ‏الاقتصادية ، وتشريع الميراث .‏
فالرسول لا يسأل أجرا سوى المودة لذوي القربى :( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي ‏الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى ).‏
في التشريع الإسلامي هنالك إرتباط وثيق بين العطاء المادي والمودة والإحسان في تعامل ‏الفرد مع والديه وأقاربه ، ليشمل محيطه من الفقراء والمساكين واليتامى وإبن السبيل ‏والسائلين والجيران والأصحاب . كما ليشمل تعامله مع الدولة في الصدقات الرسمية وفي ‏الدخل الذي يضيفه الى خزينة الدولة . هذه الدوائر تتداخل وتتسع لتشمل المجتمع كله ، ‏بمختلف طوائفه.‏
في التطبيق العملي ، نتصور مجتمعا أفراده يُعطون حقوق ذوي القربى والآخرين و كل ‏محتاج ، أي لدينا أغلبية من السكان تقوم مع الدولة على رعاية المستضعفين والمحتاجين ، ‏حتى الغرباء (ابناء السبيل) حقوقهم في الرعاية والكفالة الاجتماعية ، مجتمع مترابط متماسك ‏متكافل كهذا لا خوف عليه لا من الإنفجار الداخلي ولا من السقوط أمام عدو خارجي معتدي ‏، في هذا المجتمع يأمن الأب والأم في شيخوختهما ، ويأمن الطفل اليتيم على حقوقه ، ويأمن ‏الناس جميعا . ‏

اجمالي القراءات 23826

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠٤ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[73748]

شكرا جزيلا أخى الحبيب خالد اللهيب


موجز رائع . 

وقع خطأ بسيط هو تكرار المقال مرتين . أرجو إصلاح الخطأ . 

خالص محبتى .

أحمد

2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠٤ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[73757]

شكرا مُكررا استاذ خالد ، واقول


ليتك سألت هذا السؤال من قبل لأضيفه الى البحث . وأنا محتاج لعقلك الرائع ليفتح أمامى مجالات لأفكر فيها وأكتب عنها. 

أقول : طالما أن السلطة الاجتماعية المختصة تراقب الوصية وتنفيذها بالعدل والاحسان أو المعروف فلا يُسمح أبدا بأن تجور الوصية ظلما على حقوق بقية الورثة . وهذه السلطة هى التى تقدر الأحق بالوفاء ( الديون أو الوصية ) ، وقد تكون الديون حقوقا نقدية إستدانها المتوفى فيجب البدء بسدادها ، وقد تكون تبرعا منه لبعض الأقارب ، وهنا يمكن التقليل أو الالغاء حسب الحال . ولو إستغرقت الديون كل التركة فلا بد من السداد لأن سداد الحقوق لأصحاب المال الغرباء مقدم على حقوق الورثة الأقرباء . بل إذا لم يترك الميت تركة مالية وترك ديونا فعلى ورثته سداد ما إقترضه . فطالما لهم التركة المالية فعليهم أيضا سداد الديون لو ترك عليهم ديونا .. 

 

 

 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-12-18
مقالات منشورة : 1
اجمالي القراءات : 4,706
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 110
بلد الميلاد : 0000
بلد الاقامة : 0000